كثيرًا ما لعبت الصدفة تغيرًا جذريًا في حياة البشر، فهل لنا أن ننسى سقوط تفاحة نيوتن، ليس بالضروة أن تلعب الصدفة دورًا تكنولوجيًا أو تدفعنا لاكتشاف اختراع جديد، فربما تغير الصدفة طعم الحياة لمجموعة أشخاص حُرموا من أبسط حقوقهم، لذا وجب علينا السؤال هل من صدفة تنتشل ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر من القاع الذي يقبعون فيه؟ نجد الإجابة على هذا السؤال عند الشاعر حسام جويلي، الذي دفعته صدفة للدخول في هذا العالم الخاص لذوي الاحتياجات الخاصة. وفي حواره مع «البديل» كشف «جويلي» عن هذه الصدفة قائلًا: عندما حدث عطلًا فنيًا بالتلفاز الخاص بي أصبح يعرض صورة فقط دون صوت فشعرت بالإنزعاج؛ حيث أنني كنت في ذلك الوقت أتابع أحد البرامج الحوارية، فحاولت أن أفهم ما يُقال بواسطة حركة الشفاة لكني فشلت، وما زاد شعوري بالغضب هو وجود سيدة أسفل الشاشة تتحدث بلغة الإشارة، لكني أيضًا فشلت في استيعاب ما تقوله وانتابني شعور بالجهل، مر يومين على هذا الموقف لأشاهد أحد الإعلامين يتحدث مع شخص من ذوي الاحتياجات مباشرة دون وجود مترجم بينهم ويستوعب هذا الشخص ما يقوله الاعلامى لاتقانه قراءة (حركة الشفاة)، فشعرت بحالة من الانبهار وبدأت أوجه لنفسي الأسئلة: ماذا سيفعل شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة (الصم والبكم) إن كان محبًا للشعر، هل سيكون في مقدوره الذهاب إلى أمسية شعرية والاستمتاع بها؟ بالطبع مستحيل، من هنا بدأت أشعر بمعاناتهم وبدأت أفكر في مشروع «شاور شعر». تابع «جويلي»: منذ هذا الموقف صممت على تعلم لغة الإشارة وأن ألقي بها شعري دون التفوه بكلمة واحدة، لذا سأقوم بعقد أمسية شعرية يحضرها مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة (الصم والبكم) مع مجموعة أخرى تتمتع بكامل حواسها، وسأقوم بإلقاء الشعر بلغة الإشارة فقط كي تشعر الأخيرة بالعجز والمعاناة التي يلاقيها ذوي الاحتياجات الخاصة. أضاف صاحب ديوان «بعد الأنا برسول»: ذوي الاحتياجات الخاصة أنُاس لهم الحق في الحياة، لكننا على الصعيد الفني والثقافي في مصر لا أتذكرأن هناك فنان أو شاعر ذهب إليهم وتعرف على مشاكلهم، وبصفتي شاعر قررت أن أذهب إليهم بشعري وأقيم لهم أمسيات ثقافية دون وسيط بيننا "مترجم إشارة" وبذلك نستطيع أن نكسر هذا الباب الذي يفصلنا عنهم. وعن مشروعه «شاور شعر»، قال «جويلي»: ينقسم المشروع إلى قسمين؛ الأول يتضمن طباعة ديوان مرفق به CDمصور لكل قصيدة، ألقيها بلغة الإشارة، وسوف أقوم بتصويره في موقع خاص باختيار سينوغرافيا تساعد المتلقي من ذوي الاحتياجات على التواصل مع القصيدة واستيعابها بشكل أسهل، فيما يتضمن الشق الثاني من «شاور شعر» إقامة ورش تدريبية في كتابة الشعر، قائلاً «عمرنا ما سمعنا أن في ورشة للكتابة لذوي الاحتياجات الخاصة، لذا اخترت أن يكون الشق الثاني هو عمل ورشة كتابة لهم لأبراز مواهبهم الأدبية على أن يكون نتاج هذه الورشة هو ديوان مطبوع ومرفق به CDليكون منهم إليهم مباشرة». تابع «جويلي»: نظرًا لأن المشروع يحتاج لتمويل كبير لإقامة الأمسيات الشعرية وحجز الأماكن وتصوير فيديوهات علاوة على عقد الورش التدرييبة، تقدمت بالمشروع لأكثر من جهه لأحصل على منحة، كي تتكفل بطباعة الديوان وال CDلأني لا أريد بيعه، بل أرغب في أن أترك بكل دار لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة على مستوى الجمهورية أكثر من CD، إذ أني لا أريد أي ربح مادي من المشروع، كما أنني تواصلت مع أحد الجمعيات الخاصة بذوي الاحتياجات ورحبوا بالفكرة جدًا، مؤكدين أنها ستكون السابقة الأولى من نوعها في العالم، وقريبًا سيكون بيننا تعاون لكن لابد من وجود جهة رعاية للمشروع، وهو ما أتمنى تحقيقة خلال الفترة المقبلة.