مخيم الإبداع يحتفل بثورة يناير على طريقته تتواصل فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب رغم الظروف والأحداث التى تمر بها مصر وضمن البرنامج الثقافى لمخيم إبداع والذي يشمل ثلاث فقرات تهتم بالإبداع والمبدعين عقدت ندوة لمناقشة ديوان شعر بعنوان «على ذمة التحرير» للشاعرة فاطمة المرسى شارك فيها عدد كبير من النقاد والأدباء والمبدعين إلى جانب جمهور المخيم. فى بداية الندوة أشارت الكاتبة سامية أبو زيد إلى دور الشعر فى إذكاء روح المقاومة لدى الجماهير لاسيما شعر العامية لقربه من بسطاء الناس وذكرت أن هذا الديوان هو العمل الشعرى الثالث للشاعرة فاطمة المرسي حيث صدر لها من قبل ديوانين الأول عنوانه «مولد السيدة مصر» والثانى بعنوان «انتباه يا مصر» ولعلنا نلحظ من خلال عناوين الأعمال الشعرية للشاعرة فاطمة المرسي أن هناك ملمح عام ينتظم مشروعها الشعرى وهو الانتماء للوطن وحب مصر.. وقالت: يكون ذلك انطلاقاً من لغة سهلة وعذبة وأسلوب سلس وبناء رصين محكم ومتماسك يقدم لنا رؤى مموسقة لواقعنا ومستقبلنا بحس وطنى عال ورؤية متكاملة ووعي مدهش بأحوال الوطن. أيضاً أكد الشاعر محمود الشاذلى على مجموعة من الملامح التى تسم قصائد الديوان التى جاءت مضمغة برؤى ممتلئة بالانبهار ولعل مرجع ذلك هو مقارنتها الدائمة بين بلد الغربة أمريكا والمجتمع الذى تنتمى إليه، كذلك تبدى جيداً مفهوم الغربة فى معظم مفردات الديوان فى غنائيات ترش الملح على جراح الذات والوطن، حتى جاء الديوان فى مجمله كسيمفونية طويلة من اللحن الشجى الذى يحفر عميقاً فى سراديب الروح ويقدم لنا رؤية متعمقة لأوضاعنا وأحوالنا، ولكن بالرغم من اهتمام الشاعرة بالغنائيات إلا أنها تخلت عن غنائيتها أحياناً لتنتج لنا حوارية قوامها لغة عذبة وتصوير شعرى أخاذ ودلالات عميقة ومتعددة فهى بالرغم من أنها كتبت قصيدة عن القاهرة ولكن القارئ لها بتمعن يدرك أنها لم تقصد مدينة القاهرة تحديداً حيث لم تحدد صفة أو خصيصة معينة لها تجعلها مغايرة لأى مدينة مصرية أخرى وبالتالى فالقاهرة لديها هى مصر. واللافت للنظر كما قال محمود الشاذلى أن الشاعرة تنقلب على غنائيتها ويبلغ غضبها مداه حينما ترى أوضاعاً سيئة أو أمور شاذة تشد انتباهها وترفع معدلات الرفض لديها فالشاعرة تواقة إلى التحرر والانعتاق من كل ما يكبل الإنسان ويحول بينه وبين التقدم والازدهار وهذا واضح فى العديد من قصائد الديوان لذلك جاءت قصائد الديوان فى مجملها بمثابة رؤية شعرية حافلة بإضافات كيفية لأعمالها السابقة إلى جانب احتفائها بالثورة. وأضاف الناقد د. شريف الجيار نحن اليوم بصدد الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة يناير وأشكر القائمين على المخيم لاختيار مناقشة هذا الديوان فى هذا اليوم تحديداً خاصة وأن عنوانه «على ذمة التحرير» وهذا الديوان يحمل سؤالاً حتمياً مؤداه هل الثورة انتهت وحققت أهدافها أم أنها لازالت مستمرة؟، ولم يقف الديوان على هذه العتبة النصية المتمثلة فى العنوان بل نجد أن الإهداء أيضاً قد هدى للمخلصين من أبناء هذا الوطن، وبالتالى حينما نتوغل نقدياً فى قصائد الديوان نجده ديوان حالة، خاصة وأن ذات الشاعرة على مدار القصائد تبحث عن الأم الوطن فقيمة الأم تحيط نصوص الديوان مما يعكس انتماءً ملحوظاً لدى الشعرة فاطمة المرسى لوطنها، والديوان بريقه هو البحث عن مصر فهناك قصيدة بعنوان البقاء لله وهى تعد مرثاة لكل شىء جميل غاب عن وجد مصر فالشخصية المصرية لدى فاطمة المرسي فى شجن دائم. كذلك يؤكد الديوان والكلام للجيار على دور شعراء العامية فى إذكاء جذوة الثورة خاصة وأن لغتهم قريبة من لغة السواد الأعظم من الشعب أيضاً هناك ملمح مهم يسم قصائد الديوان وهى الحوادث النصية فى معظم القصائد فقصائد الديوان تتكئ علي مشاكل المجتمع المصرى فهى ترسل لنا آلام الوطن عبر مقارنتها بالأحوال فى أمريكا باعتبارها مغتربة بالولايات المتحدةالأمريكية منذ ثلاثين عاماً. كذلك تلامس الشاعرة فاطمة المرسي أشجان المتلقى وتقذف ألحانها العذبة على آلامه المستعصية التى لا ذنب له فيها، وكل ذلك من خلال رؤى نقدية بناء تستنهض الهمم وتشحذ العقول من أجل النهوض والتقدم. كما احتفت الشاعرة كثيراً بالبسطاء والمهمشين وتبدى ذلك جيداً من نصوص الديوان ففى قصيدة "مقابلة صحفية مع فلاحة مصرية تقول": صباح الفل يا خالة أنا جاية عشان أشرب معاكى الشاى ونتكلم عن حال البلد حبة وحال الحالة والعيشة يادوب هسأل سؤال سؤالين على الأكثر وأقولك باى أيضاً وحدت الشعرة بين المواطن المصري والمواطنة المصرية فى الحقوق والواجبات انطلاقاً من نصوص إنسانية تهدف إلى استشراف المستقبل من خلال رؤية تؤمن بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. وعقب الندوة نظم المخيم أمسية شعرية مفتوحة أدارها الشاعر محمد عباس محفوظ وشارك فيها عدد كبير من شعراء المحافظات وهو ما يحرض الشعراء من جميع أقاليم مصر علي التواجد والحضور والمشاركة الفعالة لاسيما فى مخيم الإبداع حيث يجدون فرصة للكشف عن مواهبهم وإبراز طاقاتهم المبدعة من خلال ندوات وأمسيات المخيم.. وقد قدم العديد من شعراء الأقاليم مجموعة كبير من القصائد تراوحت بين العامية والفصحى وتغنت جميعها بالثورة وبالثوار وغطت جميع ربوع مصر.. وعقب الأمسية استطلعنا آراء بعض الشعراء حيث يقول الشاعر شريف اليتيم الشرقية أن مخيم إبداع يعد بوتقة لصهر تجارب الشعراء ومعملاً لتفريخ شباب المبدعين خاصة وأنه يمنحنا الفرصة للاحتكاك بغيرنا من شعراء المحافظات بما يعطينا زاداً معرفياً وخبرات شعرية واسعة فالانفتاح على تجارب الآخرين يصقل الموهبة وينمى الجانب الإبداعى لدى الشعر خاصة وإن كان جديد عهد على محافل الشعر ومجتمعات المثقفين ناهيك عن الاستماع إلى فنون الأداء والإلقاء بطريقة بانورامية تغطى جميع اللهجات المصرية من النوبة جنوباً حتى السلوم شمالاً وهذا لا يحدث إلا من خلال أنشطة معرض القاهرة الدولى للكتاب لذلك أحرص من جانبى على التواجد بمخيم الإبداع بصفة شبه يومية مهما كلفنى الأمر. ويضيف الشاعر محمد عباس محفوظ أن آلية العمل بمخيم إبداع وطريقة إدارته فى حد ذاتها تعد وسيلة عملية لتعليم الديمقراطية وقبول الآخر خاصة وأن إلقاء الشعر يتم من خلال أنساق مفتوحة تسمح لكل الشعراء بالإلقاء دونما تمييز أو إقصاء وبالتالى تعتبر الأمسيات الشعرية التى يقيمها المخيم بمثابة أداة فعالة تتعدى الشعر وتنسحب على جميع مناحى الحياة لهذا يحرص جميع شعراء المحافظات على التردد اليومى على المخيم باعتباره فرصة عظيمة للكشف عن مواهبهم. ويشير الشاعر معتز العبد البحيرة إلى أن مخيم إبداع بأمسياته وندواته الشعرية يعد بمثابة فرصة عظيمة للتعرف على التيارات الشعرية الحديثة والمدارس الفنية فى كتابة الشعر المختلفة خاصة وأن المنصة لا تحجر على فكر أو أداء يخص الشعر بل تسير الأمور فى اتجاه الاحتفال وتبادل الخبرات والأفكار، كل ذلك من خلال رؤية مفتوحة تعطى فرص متساوية لجميع الألوان الشعرية لذلك يكون المخيم بأمسياته ونداته بمثابة مؤشراً مهماً لأهم المستجدات التقنية فى مضمار الشعر على جميع أشكاله. ويرى الشاعر مصطفى سالم من البحيرة أن مخيم إبداع لا يقتصر على الشعراء فقط بل يتواجد به كوكبة كبيرة من النقاد وهذا مدعاة للتعرف على آراء النقاد فى أعمالنا وبالتالى نتعرف من خلال هؤلاء النقاد على الجوانب الإيجابية فى قصائدنا وندعمها ونتعرف على الجوانب السلبية أيضاً ونحاول تلاشيها والتغلب عليها فوجود النقاد بالمخيم فرصة كبيرة لتقديم إضاءات حول قصائدنا لمعرفة أين نقف تحديداً. أما الشاعر محمد شحاتة العمدة فيرى أن مخيم إبداع وما به من فعاليات يعد فرصة لتكوين التجمعات والروابط الأدبية التى تسهم فى دفع عجلة التنمية الثقافية وخلق نوع من الحراك الثقافى على مستوى جميع أقاليم مصر فكثيراً من التجمعات والروابط الأدبية تشكلت بين أدباء وشعراء التقوا بين جنبات المخيم وهذا يعتبر ثمرة عظيمة من ثمار مخيم الإبداع الذى يعد رافداً مهماً للثقافة المصرية بل والعربية أيضاً، كذلك يأتى مخيم إبداع بفعالياته وعلى رأسها فقرة شعراء المحافظات على رأس قائمة الأولويات أثناء وجودى بمعرض القاهرة الدولى للكتاب. ويضيف الشاعر برهان غنيم الغربية إلى ملمح آخر مهم يتعلق بإلقاء الضوء على شعراء الأقاليم من خلال مخيم الإبداع حيث يتواجد به الصحفيين والإعلاميين مما يجعل من المخيم بأنشطته فرصة لإلقاء مزيد من الضوء حول هؤلاء الشعراء القابضين على جمر الكتابة بعيداً عن الأضواء.