"نصير الغلابة والمظلومين".. هكذا أطلق على "أحمد سيف الإسلام" المحامى والحقوقي والناشط اليساري، الذى شارك في تأسيس مركز هشام مبارك للقانون وتولى إدارته منذ إنشائه وجعله قبلة للمظلومين والمقهورين من ظلم وبطش النظام منذ عام 1999. اعتقالاته: تعرض "سيف الإسلام" للاعتقال 4 مرات فى مشواره النضالى، أولها لمدة يومين سنة 1972 إثر مظاهرات الطلبة من أجل تحرير سيناء، وكان آخر اعتقال أيضًا ليومين سنة 2011 وقت موقعة الجمل في 3 فبراير، حيث اقتحمت قوات الأمن مركز هشام مبارك واعتقلت أحمد سيف ومن كانوا معه من الحقوقيين والمراسلين والصحفيين وأفرج عنه بعد يومين، وبينهما كان اعتقاله سنة 1973 بعد مشاركته في الاحتجاجات على خطاب السادات وتأخره في اتخاذ قرار بالحرب مع إسرائيل، وأفرج عنه مع زملائه قبل حرب أكتوبر بأيام، بعد أن قضى 8 أشهر في السجن. أما أطول فترات اعتقال أحمد سيف فكانت سنة 1983، حيث قضى خمس سنوات في سجن القلعة الذي وصفه عقب خروجه بأنه كان أبشع بكثير من سجن طرة في التعذيب، حيث وجهت له تهمة " الانتماء إلى تنظيم يساري"، فيما تعرض سيف أثناء هذه الفترة للضرب والتعذيب بالكهرباء والعصي وكسرت قدمه وذراعه، وتقدم وقتها ببلاغ للتحقيق في تلك الواقعة ولكن لم يحقق أحد. مشواره النضالى بين الحقوقى والسياسى: تخرج "أحمد سيف" في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة سنة 1977، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة سنة 1989 أثناء قضائه لفترة الاعتقال لخمس سنوات في قضية رأي فى عهد السادات. شارك سيف الإسلام في قيادة الحركة الطلابية في السبعينيات، وأثناء وجوده بالمعتقل عام 89 حصل على ليسانس الحقوق وشارك بعد خروجه متطوعًا للدفاع عن المتهمين من مختلف التيارات في قضايا الرأي، ومنها قضية "الاشتراكيون الثوريون" و"حزب التحرير الإسلامى" عامي 2003 و2004، وله أيضًا إسهامات في العديد من القضايا أمام المحكمة الدستورية العليا. كما كان أحمد سيف عضوًا في فريق المحامين الذي دافع سنة 2008 عن 49 شخصاً حوكموا أمام محكمة أمن الدولة العليا (طوارئ) في طنطا، شمالي القاهرة، بتهمة الاشتراك في الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في 6 إبريل 2008 تضامناً مع التحرك العمالي في مدينة المحلة، الذي نظمّه عمال النسيج. وفي أعقاب ثورة 25 يناير صار أحمد سيف سنة 2012 عضو بلجنة حماية الحرية الشخصية، وهي لجنة شكلت بالقرار الجمهوري رقم 5 لسنة 2012 بشأن بحث حالة جميع المدنيين الذين صدرت ضدهم أحكام عسكرية منذ 25 يناير 2011 حتى تاريخ تسليم السلطة في 30 يونيو 2012، وبحث حالة كافة المعتقلين من قبل وزارة الداخلية أو غيرها، وبحث حالة الثوار الذين صدرت ضدهم أحكام من القضاء العادي. أسرة تناضل من أجل الحياة والحرية: تزوج "أحمد سيف" من الدكتورة "ليلى سويف" أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وأنجب منها ثلاثة أبناء: الحقوقية منى سيف، والناشط السياسى والمدون علاء عبد الفتاح "معتقل كل العصور" والذى ما زال محبوسًا احتياطيًّا حتى الآن على ذمة قضية مجلس الشورى والذى أضرب عن الطعام منذ أيام اعتراضاَ على حبسه الذى طال متمنياً أن يقف بجانب عائلته فى هذه الظروف العصيبة بعد أن رقد "سيف الإسلام" بالمشفى بسبب تدهور حالته الصحية، أما ابنته الأخيرة فهي سناء سيف والمعتقلة من شهر يونيه الماضى على خلفية أحداث مسيرة الاتحادية. حتى حفيده الأول خالد، استقبله أحمد سيف فى ديسمبر 2011، أثناء حبس علاء فى سجن طرة بعد إحالته للمحاكمة العسكرية بتهمة سرقة مدرعة على خلفية مذبحة ماسبيرو. أبناء فى السجون وزوجة وبنت كبرى تصارع مع النظام والحياة مطالبين بالحرية والحياة لهم ولغيرهم، ثلاث سنوات قضتها عائلة سيف فى دراما لم تنتهِ حتى الآن، فما بين عودة نجله علاء عبد الفتاح من جنوب إفريقيا بعد أن قدم استقالته من عمله للمشاركة فى الثورة، وبين الحكم عليه بالسجن 15 سنة بتهمة التظاهر بدون تصريح وسرقة لاسلكى والاعتداء على ضابط، عشرات المواقف المحبطة، ومواقف أخرى تتلقفها العائلة لشحن مزيد من طاقات الأمل التى تمكنها من مواصلة النضال. مات المناضل المثال: وعقب الحكم على علاء عبد الفتاح قبل إعادة الإجراءات الخاصة بأحداث مجلس الشورى والذى حكم عليه وقتها ب 15 عاماً، وبعدها تم القبض على ابنته الصغرى سناء فى أحداث قصر الاتحادية، تدهورت صحة المناضل وأجرى عملية "قلب مفتوح" بقصر العينى، حاول بعدها أن يستعيد قوته ليقف على قدميه مرة أخرى ويدافع عن الحق كما تعود وعود من أحبوه، ولكن حالته الصحية سرعان ما تدهورت وكأن عمره قرر أن يتوقف عند هذا الحد وليكتفى قلبه بما رأه وذاقه من مرارة ما مر به. وداعاً أيها المناضل الذى رحل عن عالمنا هذا وترك الثائرين السائرين على دربه يبحثون عن مناصر له من بعده ومن بعد المحامى سيد فتحى، ولكن ومع الأسف فالكثير يلتف حول السلطة بينما القليل يدفع عمره وحياته ثمن لمناصرة "المستضعفين والمقهورين" فى دولة غابت عنها العدالة بكل معانيها.