أعلن المشير عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، الأسبوع الماضي، عن تحويل نسبة 10% من من جملة الإيرادات الشهرية للحسابات والصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص إلى الموازنة العامة للدولة، كأحد الخطوات للتغلب على مشكلة الفجوة التمويلية وزيادة الإيرادات، رغم وجود قرار وزاري بتحويل 20% من إيراداتها السنوية لصالح الخزانة العامة، لتظل الرقابة غائبة عن تلك الصناديق، حتى وإن كان جزءًا منها يدعم الموازنة العامة بشكل غير رسمي، وبقاءها مرتعًا للفساد والمحسوبيات خاصة لرؤساء مجالس الإدارة المسئولين عن تلك الحسابات والصناديق الخاصة، والتي تنفق مواردها في الهدايا أو زيادات الأجور لكبار الموظفين وغيرها، دون وجود قدرة وإرادة سياسية حقيقية للتخلص من تلك السياسات وضم الصناديق كافة في حساب واحد ودمجها للموازنة للقضاء على الفساد ومنع اهدار المال العام للدولة وزيادة موارد الدولة. أنشئت تلك الحسابات والصناديق الخاصة بالقانون رقم53 لسنة 1973، لدعم الجهة الحكومية التابع لها، ولإحكام الرقابة عليها صدر قانون برقم 127 لسنة 1981 وتعديلاته، بحيث أعطى الحق لوزارة المالية سلطة الإشراف والرقابة على تلك الصناديق والجهاز المركزي للمحاسبات بعد عمليات الصرف، ليصدر قانون آخر برقم 193 لسنة 2006 بإنشاء حساب في الخزانة الموحد بالبنك المركزي ليشمل حسابات تلك الصناديق، اعتبارًا من العام المالي 2005/2006، وصدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2070 لسنة 2008، بحظر إنشاء صناديق أو حسابات خاصة، ولعدم وجود إرادة سياسية ومصالح لدى المسئولين بتلك الصناديق، تم إغفال ما صدر من قوانين وقرارات في رقابة وحصر أو حتى توافر المعلومات لصناع القرار، لإحكام الرقابة على تلك الصناديق أو توزيع مواردها بشكل عادل على العاملين التابعين لها، أو إنفاقها في الأغراض المخصصة لها، وليستمر الفساد تربعًا. وقال مصدر بوزارة المالية، رفض ذكر اسمه: الوزارة ليس لديها أي حصر دقيق بتلك الصناديق بالوحدات الحكومية المختلفة، رغم إسهامها بجانب من الإيرادات، مشيرًا إلى أن «المالية»، سبق وأصدرت قرارًا بتحويل تلك الحسابات لحساب موحد بالبنك المركزي لحصرها، بجانب قرار وزير المالية الأسبق ممتاز السعيد، بتحويل 20% من إيراداتها سنويًّا، مؤكدًا أن هناك حسابات وصناديق مفتوحة بالبنوك التجارية، بدون حصر بالحساب الموحد، مطالبًا بتشكيل لجنة وزارية من المراقبين الماليين بالوزارة، مع إعطائهم صلاحيات لحصر تلك الحسابات. وقالت الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية: إن تصريح جهات رسمية بالدولة، بخصوص عدم وجود حصر دقيق أو معرفة الرصيد الحقيقي للحسابات والصناديق الخاصة، غير مقبول، مشيرة إلى أننا في دولة، وهناك حسابات مدون بها حجم المبالغ المنفقة والواردة لحساباتها، فكيف يتم التذرع بتلك التصريحات الاستفزازية، مطالبة بإيداع إيرادات الصناديق الخاصة التابعة للجهات الحكومية والقطاع العام في خزانة الدولة والموازنة العامة لتقليل الفساد، مؤكدة أن المسئولين بالدولة ليس لديهم رغبة حاليًا في إعادة النظر في الأمر أو اتخاذ القرار المناسب بشأنه. وأوضحت أن رصيد الحسابات الخاصة يقدر بنحو تريليون جنيه، تكفي لسداد الفجوة التمويلية، رغم تصريحات الحكومة بأنه يصل ل48 مليار جنيه، مؤكدة أن ذلك المبلغ ليس بقليل، بالإضافة إلى ضرورة إحكام الرقابة لتقليل الفساد بها، مؤكدة أن ما يحدث حاليًا لا يعبر عن اندلاع ثورتين في مصر، لمحاربة الفساد والاعتراض على القرارات المهمة في الدولة، بما في ذلك رفض البنوك والبترول تطبيق الحد الأقصي للأجور عليهما، مشددة على ضرورة تطبيقه على الدخل وليس الأجر؛ لأن الموظف من الممكن أن يكون له أجر ثابت ولكن له دخول متعددة بأكثر من جهة تصل أحيانًا لملايين الجنيهات كما لبعض المسئولين الكبار بالدولة. وعلى نفس السياق كشفت دراسة أعدها الدكتور عبد الخالق فاروق، رئيس مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتجية، عن أن حجم الصناديق والحسابات الخاصة بلغ نحو 8 آلاف صندوق وحساب خاص، بحجم إيرادات ومصروفات قيمتها 325 مليار جنيه بفائض مالي قدره 97 مليار جنيه، مشيرًا إلى عدم وجود إرادة سياسية حقيقية للكشف عن تلك الحسابات وفحصها؛ لما سببه نظام مبارك بوجود موازنتين للدولة إحداهما رسمية والتي تقر بقانون والأخرى عبر تلك الصناديق. وأشار فاروق إلى أنه على الرغم من خضوع تلك الصناديق لرقابة الأجهزة الرقابة بما فيها الجهاز المركزي للمحاسبات، إلَّا أنه لا توجد كوادر مؤهلة لتغطية تلك الحسابات، موضحًا أنه تم صدور صناديق بقرارات وزارية بالبنوك الخاصة ولا يعلم عنها الجهاز أي شيء، مطالبًا بضرورة تشكيل لجنة مختصة من الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية ووزارة المالية والبنك المركزي؛ لفحص تلك الصناديق وحصرها بالقطاعات المختلفة؛ سواء الجهات الحكومية أو البنوك والهيئات الاقتصادية، والعمل على تصفيتها ودمجها بالموازنة العامة، لزيادة الإيرادات وسد الفجوة التمويلية بالموازنة.