ب«تكريم 300 من الرواد».. «عمومية أطباء القاهرة» تعتمد ميزانية 2023 (تفاصيل)    تفاصيل جولة السيسي في الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية (فيديو)    وزير التعليم العالي يتفقد الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا.. صور    ممثلو وحدة الدعم الفني بالإسكان يتابعون موقف مشروعات المنصورة الجديدة    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسيوط اليوم السبت    توريد 27717 طن قمح لشون وصوامع البحيرة    بني عبيد في الدقهلية تنضم لحملة "خليها تعفن"    توريد 189271 ألف طن قمح للشون والصوامع بالشرقية    حصيلة جديدة لشهداء وجرحى غزة بعد 204 أيام على الحرب    الاحتلال يقصف منشآت تابعة ل"حزب الله" جنوبى لبنان    مستشار الرئيس الفلسطيني: نحن أمام كارثة ومأساة متفاقمة تزداد يوما بعد آخر    كلوب: «سلوت» سيدرب أفضل نادي في العالم    ظهور عمر مرموش| موعد مباراة بايرن ميونخ وفرانكفورت.. المعلق والقنوات الناقلة    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    لخلافات مالية.. عاطل يقتل تاجر خردة في الدقهلية    بعد مقتل طفل شبرا.. ما هي العقوبة القانونية التي تنتظر القاتل والمحرض؟    خبير: دخول عالم الويب دارك خطير بنسبة تصل إلى 100%    «الداخلية»: القبض على 7 متهمين في حملات مكافحة المخدرات بالقاهرة    ضبط صاحب شركة حاول غسل 35 مليون جنيه حصيلة اتجار بالآثار والنقد الأجنبى    خططت لاغتيال أحمد موسى.. المؤبد والمشدد 15 و5 سنوات لخلية تنظيم القاعدة بكفر الشيخ    حملات مكثفة لضبط الأسواق وضبط مرتكبي التلاعب بأسعار الخبز    بعد تصدرها التريند حول انفصالها من أحمد السقا .. مها الصغير تكشف سبب الشائعات (القصة الكاملة)    وزيرة التضامن من الإسكندرية للفيلم القصير : فخورة بتقديم برنامج سينما المكفوفين    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    عمرو دياب يشعل أجواء حفله بالبحرين    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 جولة مرورية على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة منظومة صرف الألبان    طلب إحاطة لوزير الصحة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    قبل مواجهة الترجي.. ماذا يفعل الأهلي في نهائي أفريقيا أمام الأندية العربية؟    دار الإفتاء: 6 أنواع لحسن الخلق في الإسلام    انطلاق دورة مهارات استلام بنود الأعمال طبقا للكود المصري بمركز سقارة.. غدا    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة بتسيس قضايا حقوق الإنسان    محافظ أسيوط يتابع استعدادات مديرية الشباب والرياضة للفعاليات والأنشطة الصيفية    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    «اللتعبئة والإحصاء»: 192 ألفا و675 "توك توك" مرخص في مصر بنهاية عام 2023    «الزراعة» تنفي انتشار بطيخ مسرطن بمختلف أسواق الجمهورية    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    كيف أدَّى حديث عالم أزهري إلى انهيار الإعلامية ميار الببلاوي؟.. القصة كاملة    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    هيئة كبار العلماء: الالتزام بتصريح الحج شرعي وواجب    بعد بقاء تشافي.. نجم برشلونة يطلب الرحيل    نظام امتحانات الثانوية العامة في المدارس الثانوية غير المتصلة بالإنترنت    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية الخطارة بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حاتم حافظ : 7 مهددات للثورة .. من العسكر للفاشية الدينية
نشر في البديل يوم 15 - 11 - 2011

تسعة شهور هي عمر الثورة المصرية. تسعة شهور كانت كافية لإجهاض الثورة لو لم يكن المصريون مصرين على المضي قدما في طريق الدولة المدنية الديمقراطية التي حلموا وما زالوا يحلمون بها. تسعة شهور كافية لمعرفة أن مهددات الثورة أكثر من عوامل مساندتها. الفقرات التالية أسرد فيها ما أحسب أنه يهدد الثورة، وما علينا العمل على مجابهته في السنوات القادمة للعبور بالثورة إلى الأفق البعيد الذي رآه الثوار كنبوءة طوال الثمانية عشر يوما التي سبقت التنحي.
1 العسكر: كشفت الشهور التسعة الماضية عن أن المجلس العسكري قد ضحى بمبارك من أجل الحفاظ على نظام مبارك نفسه، وهو النظام الذي لم يصنعه مبارك قطعا وإنما ورثه عن سابقيه، وأعني به نظام الحكم العسكري الذي تم تدشينه في يوليو 1952. وكل ما تلى التنحي من إجراءات تبدو كأنها محاولات لترميم نظام مبارك وتجميله بما يذكرنا بالصورة الانتخابية لمبارك المعالجة بالفوتوشوب في انتخابات الرئاسة 2005. حكم العسكر يهدد الثورة واستمرارها لأن النظام الذي امتد قرابة الستين عاما والذي حافظ للعسكر على امتيازات لا حصر لها لن يتخلى عن مكتسباته بسهولة، ومن ثم فإن استبدادية نظامه الأبوية سوف تظل مهددة للثورة زمنا طويلا.
2 القوى السياسية التقليدية: لم تتجاوز القوى السياسية طرقها التقليدية في صناعة الاختلاف ولا طرقها في الاستجابة لهذا الاختلاف، ولم تتمكن من مغالبة انتهازيتها وصرعتها للحصول على مكاسب مضمونة من أجل المصلحة الأكبر للوطن. وكشفت التحالفات الانتخابية عن تلون مواقف غير مسبوق، وهو تلون يزيد من حدة الارتباك لدى المواطن الذي يفاجأ مثلا بتحالفات بين تيارات إسلامية قديمة وبين أحزاب علمانية أقدم. هذه القوى التقليدية والتي تقع في المركز منها جماعة الإخوان المسلمين تهدد الثورة لأنها توقفت منذ استفتاء مارس عن مساندة قيم الثورة من أجل حفنة مقاعد في البرلمان، ومنذ ذلك الحين فإن صراعاتها كلها تتمركز حول معركتها الانتخابية صامتة في كل الأحيان عن الجرائم التي ترتكب في حق الثورة والثوار، ففي الوقت الذي تدعو فيه للنزول مجددا للميادين بسبب وثيقة السلمي فإنها تصمت عن المحاكمات العسكرية للثوار رغم معاناتها هي نفسها زمنا طويلا من قهر هذه المحاكمات.
3 القوى والتحالفات الثورية الجديدة: إثر الانتهاء من طي صفحة “الدستور أولا” تم تشكيل عدد من الأحزاب والتحالفات الثورية التي للأسف سمحت لنفسها بأن تُجر إلى معارك كثيرة وعلى جبهات متعددة، وبأن تندفع لتبني مواقف متسرعة وغير مدروسة مما أفقدها تواصلها مع الشارع. كثرة هذه التحالفات والكيانات والاتحادات أيضا لوّح بعدم وجود قيادة ولا رؤية مشتركة، الأمر الذي دفع الشارع للبحث عن القيادات والقوى التقليدية التي يحفظ وجوهها جيدا. هذا التشتيت والانفراط يهدد الثورة ما لم يتم توحيد الصفوف الثورية كافة، والبحث عن (أو اكتشاف) عرّاب وفيلسوف يستطيعان بلورة الثورة وقيمها وفلسفتها.
4 الفاشية الدينية: ما زلت مصرا على أن ثورة يناير لم تكن ثورة جيلي حتى ولو سلمنا بأن جهودنا في التسعينيات لم تضع سدى فهي ثورة شباب لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاما بعد، ينتمي أغلبهم إلى الطبقة الوسطى ممن استطاعوا أخذ حصة تعليم أفضل من مجايليهم، وهم في مجموعهم يدركون أن ثورتهم هي بالأساس ثورة ضد النظام الأبوي الذي رسخه حكم العسكريين بمساندة من الخطاب الديني المحافظ. لهذا السبب الأخير فإن أكثرهم اتصالا بالتيارات الدينية لن يكون في مقدوره قبول استبدال الفاشية الدينية بالاستبداد السياسي لنظام مبارك. التيارات الدينية المتشددة ترغب في فرض وصايتها على الجميع بمن فيهم الثوار، مغالية في شعورها بالقوة لثقتها في أنها لا تتحدث باسم الإسلام فحسب بل باسم الله أيضا. مشكلة هذه التيارات في ترجمتها للخلاف السياسي بينها وبين غيرها من القوى السياسية إلى حرب مقدسة بين الخير والشر، بين الحق والضلال، بين الله والشيطان. وعلى الرغم مما يبدو أنه تطور في مسار هذه التيارات على الأقل في قبولها بممارسة العمل السياسي بعد سنوات من تكفير ممارسيه فإنها حتى الآن لم تستوعب أن الحرية السياسية التي قبلت بها على مضض لا يمكن اجتزاؤها من حزمة الحريات، كحرية التفكير وحرية التعبير وحرية الاعتقاد وحتى حرية الإنسان في أن يمارس حقه الإلهي في أن يخطئ.
5 الأمية: تبعا لبعض الإحصاءات الرسمية فإن أكثر من 40% من المصريين لا يعرفون القراءة والكتابة (أكثر من 50% من النساء)، المشكلة الأكبر أن هذه الأمية مصحوبة عادة بتدني مستويات المعيشة، ما يرشح هؤلاء لأن يكونوا فريسة محتملة للقوى السياسية المختلفة. هؤلاء الذين أفقدهم جهلهم الوعي بمسئوليتهم كمواطنين والذين سمح لهم النظام السابق بتدبر أمر معيشتهم كيفما تسمح لهم الظروف عرضة أكثر من غيرهم لبيع أصواتهم إما من أجل الخبز وإما من أجل الحصول على مقعد في الجنة بضمانة أحد المشايخ. هؤلاء في الأغلب إما يذهبون لصناديق الاقتراع بسبب الفقر ومن ثم فإنهم يمنحون صوتهم لمن يدفع أكثر ومن ثم مزيدا من الفلول وبقايا الحزب الوطني وإما بدافع من تدينهم وغيرتهم على دينهم وللمشاركة في الحرب المقدسة التي يشعلها المشايخ المتشددون ضد الكفار العلمانيين اليساريين الليبراليين القوميين الذين لا يريدون أن يحكم شرع الله في أرض الله.
6 حزب الكنبة: حزب الكنبة لقب أطلقه بعض الثوار على هؤلاء الذين يتعاطفون مع الثورة ولكنهم لا يبرحون بيوتهم أبدا من أجل دعمها، وأيضا ينتظرون بفارغ الصبر استقبال المغانم عبر خدمة التوصيل للمنازل. هؤلاء قد يقتلون الثورة إما بسبب سلبيتهم، وإما بسبب انتهازيتهم الشديدة، وإما بسبب تصدير الإحباط الذي يعانونه بين الحين والآخر بسبب تأخر وصول المغانم إلى من حولهم. بعض هؤلاء يتحدثون طوال الوقت عن خوفهم من التيار الديني المتشدد لكنهم لن يغادروا بيوتهم لمنح أصواتهم لأي من القوى المدنية ثم سوف يتبجحون في النهاية بالقول إن الثورة أسلمت البلاد للحكم الفاشي مجددا.
7 الإعلام: منذ سنوات قليلة كتبت قائلا إن كل هذا الصخب الذي يملأ الصحف والقنوات أضر بقضية الحرية أكثر مما أفادها، فقد اعتاد الكثيرون على أن هناك من يحمل صليبهم بدلا عنهم، وأن هناك من يصرخ بدلا عنهم، وأنه هناك إذا اقتضت الحاجة من يُسجن بدلا عنهم. ومن ثم أكدت على ضرورة أن يتوجه الإعلام إلى تنوير العقل سياسيا بديلا عن حشده عاطفيا ذلك أن توالي الاحتشاد العاطفي مع ثبات الصورة يوّلد على المدى البعيد حالة من حالات اليأس التي تعوق العقل عن ممارسة حريته فينتهي إلى الانغلاق أيديولوجيا أو دينيا وهو الانغلاق الذي يضر بالقضية الأهم.. قضية تحرير الإنسان بإزاء نفسه، وهي القضية التي أحسب أنها في مركز فلسفة الثورة، أو هكذا يجب أن تكون.

كاتب مصري
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.