قارئ يغرد بتلاوته للقرآن الكريم، صوته عشقه الملايين من المسلمين وغير المسلمين، حب الناس لتلاوته حثهم على سماع كتاب الله وتدبُّره، فخشعت قلوب كل من استمع لهذه الحنجرة الذهبية التي منَّ الله بها على الشيخ عبد الباسط عبد الصمد. لقب ب "الحنجرة الذهبية"، وقيل عنه "صوت من الجنة"، وحصل على العديد من الأوسمة، وسافر إلى معظم دول العالم؛ لكى يغرد بتلاوته للقرآن، وتم تكريمه فى معظم دول العالم من الرؤساء والملوك. ولد الشيخ عبد الباسط في قرية "المراعزة" التابعة لمدينة "أرمنت" بمحافظة "قنا" عام 1927، وعندما شارف على سن السادسة، دفع به والده إلى مركز لتحفيظ القرآن في قريته، وفي هذا الكتَّاب انكشفت مواهبه، وبدأت الأنظار تلتفت إليه وترنو نحوه، وبالفعل أتم حفظ القرآن كاملاً في هذا المركز، وكان همه الأكبر هو جمع قراءات القرآن، ولم يتوانَ عن ذلك حتى حقق حلمه. وبعد أن اشتد عود الشيخ عبد الباسط، وانتشر صوته وصيته، مضافاً إلى كل ذلك تزكية شيخه محمد سليم، بدأت الدعوات المحلية تنهال عليه من العديد من المدن والقرى المصرية، فكان الشيخ لا يألو جهداً في تلبية تلك الدعوات، حيث كان يقرأ فيها ما تيسر من القرآن بصوت تخشع له القلوب، وتقشعر له الأبدان. انضم إلى الإذاعة المصرية في عام 1951، وكان عمره 20 عامًا تقريبًا، وذلك بعد أن درس فنون التلاوة وأحكامها، وفي عام 1985 عين قارئًا للمسجد الحسيني خلفًا للشيخ محمود علي البنا، وكان له الفضل بعد الله في إنشاء نقابة لمحفظي القرآن الكريم، وانتخب كأول نقيب للقراء عام 1984حتى وفاته عام 1988. زار الشيخ عبدالباسط الكثير من البلاد العربية والإسلامية، كما زار أغلب دول أوروبا والأمريكتين، ورتل القرآن الكريم في مساجد باريس ولندن، وكانت أول زيارة له بعد التحاقه بالإذاعة عام 1951 لأداء فريضة الحج ومعه والده، فطلب منه السعوديون أن يسجل عدة تسجيلات للمملكة تذاع عبر موجات الإذاعة، ولم يتردد، وقام بتسجيل عدة تلاوات للمملكة العربية السعودية أشهرها التي سجلت بالحرم المكي والمسجد النبوي الشريف، لقب بعدها ب "صوت مكة"، ثم تعددت الزيارات ما بين دعوات رسمية وبعثات وزيارات لحج بيت الله الحرام. وكان لزيارات الشيخ عبد الباسط إلى العديد من دول العالم أثر كبير على الإسلام والمسلمين، حيث بلَّغ رسالة القرآن خير تبليغ، وتأثر الكثير ممن استمع لصوت الشيخ وهو يقرأ القرآن بصوته النديِّ وأدائه القوي، فكان سبباً في هداية كثير من القلوب القاسية، واهتدى بتلاوته كثير من الحائرين. وفوق ذلك كان الشيخ عبد الباسط سبباً في توطيد العلاقات بين كثير من شعوب دول العالم، حيث جمع الله بجهده وصوته شيئاً مما تفرق. أخيراً فقد سئل الشيخ الشعراوي عن رأيه في عدد من قراء القرآن المرموقين، وكان ممن سُئِلَ عن رأيه فيهم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، فكان جوابه "إن أردنا حلاوة الصوت فهو عبد الباسط عبد الصمد". توفي الشيخ العظيم عبد الباسط عبد الصمد يوم الأربعاء 30 نوفمبر عام 1988م، وحضر جنازته كثير من سفراء دول العالم نيابة عن شعوبهم؛ تقديراً له ولدوره في الدعوة الإسلامية.