كتب - خالد أحمد المطعني: علي الرغم من مرور نحو أربع وعشرين سنة علي رحيله فإن الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد لا يزال نجما ساطعا في سماء تلاوة القرآن الكريم ترتيلا وتجويدا, وقد ولد الشيخ عبد الباسط عبدالصمد رحمه الله في قرية المراعزة بمركز أرمنت التابع لمحافظة الأقصر بصعيد مصر سنة1927 ميلادية, حفظ القرآن الكريم صغيرا وأتمه دون العاشرة من عمره علي يد الشيخ محمد سليم بقرية المطاعنة بمركز إسنا. ثم تلقي علي يديه القراءات السبع وكان الشيخ معجبا به فآثره بحبه ومودته, حيث وجد فيه نبوغا مبكرا فعمل علي إبرازه وتنميته, وكان يصحبه إلي الحفلات التي يدعي لإحيائها, ويدعوه للقراءة والتلاوة وكان هذا مرانا لصوته وتدريبا لأدائه. وقد بدأت شهرة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد في الصعيد خلال إحياء ليالي شهر رمضان, حيث تعقد سرادقات في الشهر الكريم تقيمها الأسر الكبيرة ويتلي فيها القرآن الكريم والدروس الدينية والتواشيح وكان الناس يتنافسون لإحياء ليالي الشهر الكريم.. وقدم الشيخ عبد الباسط عبدالصمد رحمه الله إلي القاهرة سنة1950 ميلادية, وكان علي موعد مع الشهرة وذيوع الصيت, حيث التحق بالاذاعة المصرية لتلاوة كتاب الله تعالي عام1951 ميلادية. وأصبح من أعلام القراء الممتازين وصار له وقت محدد كل يوم سبت تذاع قراءته علي مستمعيه ومحبيه. وفي عام1952ميلادية تم اختيار الشيخ عبدالباسط قارئا للسورة في مسجد الإمام الشافعي ثم قارئا لمسجد الإمام الحسين, وساهم في إنشاء نقابة لمحفظي القرآن الكريم, وتم انتخابه نقيبا للقراء عام1984ميلادية. واكد الدكتور احمد عيسي المعصراوي, شيخ عموم المقارئ المصرية ان الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد رحمه الله- تميز بين زملائه من القراء بأنه كان ذا خلق كريم وعفيف اللسان طاهر القلب متواضعا,كانت معاملته مع الآخرين يسودها الود والحب والاحترام والكرم, هذا من ناحية أخلاقه, أما عن آدائه في تلاوة القرآن الكريم فكان صوته فريدا بين أصوات القراء الآخرين, من أصحاب الأصوات العذبة والنغمات الخلابة وطار اسمه شرقا وغربا واحتفي به الناس في أي مكان نزل فيه, وليس أدل علي ذلك من ان صوته في الأذان لا يزال يصدح في المراكز الإسلامية في أوروبا والدول الإسلامية غير الناطقة باللغة العربية, بالإضافة إلي براعته في قراءة قصار السور تجويدا, والتي لم يضاهيه فيها احد ولم يكن له مثيل في الأداء. وسجل القرآن الكريم ترتيلا وتجويدا بمختلف القراءات السبع ولا يزال يذاع في إذاعة القرآن الكريم بمصر المصحف المرتل الذي سجله بصوته العذب وأدائه الجميل بتلاوة حفص عن عاصم وأيضا بقراءة ورش عن نافع, وقد استقبل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها هذه التسجيلات للقرآن الكريم بالإعجاب والثناء, وقد جاء الشيخ عبدالباسط عبدالصمد بمدرسة فريدة من نوعها في التلاوة لم يسبقه فيها أحد, ليجعل كل من يستمعه يصغي إليه قلبه قبل سمعه, وشاء الله تعالي لهذه المدرسة أن تستمر حيث ينهل منها القراء والعلماء أمثال أولاد الشيخ عبدالباسط عبدالصمد العميد طارق وياسر والشيخ محمدي بحيري ولها فروع في الدول الإسلامية مثل إندونيسيا وماليزيا وإيران والمغرب. وظل الشيخ عبدالباسط عبدالصمد موضع عناية واهتمام في كل مكان ينزل به خاصة من ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية الذين منحوه الأوسمة والنياشين تكريما له وإحسانا إلي أنفسهم قبل أن يحسنوا اليه, وفي يوم الأربعاء الموافق21 من ربيع الآخرة1409 هجرية و30 نوفمبر1988ميلادية رحل عن دنيانا الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بجسده ولكن لا تزال ذكري أخلاقه وصوته محفورة في قلوب محبيه ومستمعيه.