تتضارب الأرقام وتغيب الشفافية وأموال مهدرة ومشادات وخلافات تحت قبة مجلس الشورى بين أعضاء المجلس وممثلي الهيئات الاقتصادية حول الأرقام الحقيقية لأعداد الصناديق الخاصة وحجم أرصدتها والمبالغ التي يرصدها الجهاز المركزي للمحاسبات كمكافآت لكبار العاملين بالهيئات الاقتصادية من أموال الصناديق الخاصة. مصيلحي عليوة وكيل أول وزارة بالجهاز المركزي للمحاسبات أكد في حواره ل"البديل" أن المرض والعلة الأساسية تكمن في غياب الرقابة المجدية من قبل الدولة على هذه الصناديق معلنا تحديه لأية جهة في الدولة تستطيع أن تعلن عن الرقم الحقيقي لأعداد الصناديق الخاصة أو حجم أرصدتها. عليوة أكد ان هذه الصناديق يمكنها سد العجز في الموازنة العامة للدولة دون اللجوء إلى القروض عن طريق قيام البنك المركزي بجمع هذه الحسابات كافة في حساب واحد وأن بإمكان البنك المركزي حصر كافة الحسابات الخاصة بالبنوك التجارية ولكن...!! وإلى نص الحوار: في البداية متى ظهرت الصناديق الخاصة ؟ بدايات الصناديق الخاصة كانت بصندوق النظافة المنشئ بقانون رقم 38 لسنة 1967 بواقع 2% من القيمة الإيجارية يخصص لأغراض النظاف العامة ثم بدأ بعد ذلك إنشاء صندوق الخدمات والتنمية المحلية بقرار وزير الحكم المحلي رقم 8 لسنة 1976 لفرض رسوم على بعض الأوعية لتخصص حصيلة للإنفاق على التنمية المحلية في المحافظات والمراكز والقرى ثم إنشئ حساب صندوق الإسكان الاقتصادي للمساهمة في حل الإسكان لإنشاء وحدات اسكان اقتصادي لمتوسطي الدخل وتوالى بعد ذلك إنشاء الحسابات الأخرى سواء بقوانين أو بلوائح تنفيذية أو بقرارات محافظين أو رؤساء جامعات إلى أن اصبحت اعداداها متزايدة وبالعملات الأجنبية والمحلية إلى أن تضخمت اعدادها بشكل مبالغ فيه وهو ما نعاني منه اليوم. منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير وكثر الحديث عن الصناديق الخاصة وتم النظر إليها باعتبار أنها طوق النجاة الذي سينقذ مصر من الأزمة المالية الطاحنة التي تعيشها وتبع ذلك تقارير تم نشرها لجهات منها الجهاز المركزي للمحاسبات تقول إن أموال الصناديق الخاصة بلغت تريليون 72 مليار جنيه إلى أن فاجئنا الجهاز في أخر فحص له معلن بإن أموال الصناديق الخاصة هي 32 مليار جنيه حتى بعد الثورة مباشرة أعلن وزير المالية الأسبق سمير رضوان حين تم فتح هذا الملف أن أموال الصناديق 47 مليار جنيه برأيك لماذا حالة التضارب والارتباك في الأرقام المعلنة بشأن هذه الصناديق؟ السبب في تضارب الأرقام أنه لا يوجد رقم حقيقي في الصناديق الخاصة من حيث العدد والأرصدة للصناديق الخاصة على مستوى الدولة لسبب بسيط أنه لا يوجد قواعد بيانات لإظهار العدد الإجمالي للصناديق الخاصة كما أن الصناديق الخاصة في 3 جهات " البنك المركزي حيث الحساب الموحد – البنوك التجارية – الحسابات الدائنة بالموازنة العامة للدولة " ولا يوجد حصر لها فلو كان هناك قواعد بيانات لتم إعلان أرصدة هذه الصناديق وأعدادها في سطر واحد فقط. النائب أشرف بدر الدين عضو مجلس الشورى قال إن الجهاز المركزي للمحاسبات أشار في تقرير له إلى أن هذه الأرصدة بلغت تريليوناً و 72 مليار جنيه. هذه الأرقام غير حقيقية على سبيل الحصر لأنه حتى يتم عمل حسابات خاصة في شيء اسمه رصيد أول المدة الدفتري أي البيانات المسجلة في دفاتر الجهة ورصيد أول المدة البنكي الموجود بكشوف حساب البنك سواء في أول المدة أو أخر المدة والفرق بينهما يمثل قيمة شيكات لم يتم سحبها من البنك أو إيداعها في الحسابات بالبنك، وفيه إيرادات وإيداعا وفيه مصروفات وفيه مسحوبات وفيه رصيد اخر كمدة دفترية ورصيد أخر مدة بنكي وفيه فائض عام والعجز العام وفيه ودائع لأجل كل هذه أرقام يتضمنها الحساب الواحد هذا الخلل الكبير الذي نراه في حصر أعداد الصناديق والأرصدة التي بها ما هي أسبابه؟ اسلوب الرقابة في الدولة غير مجدي في الدولة لأنه يعتمد على الرقابة اللاحقة فقط وهي أسوأ أنواع الرقابة وذلك لأن المخالفة تعد وقعت وانتهت ولذلك الدول المتقدمة في استراتيجيتها تصل إلى مرحلة الرقابة قبل التنفيذ وبعد التنفيذ وهي رقابة سابقة مانعة لوقوع الأخطاء وهي ما تسمى بالرقابة الوقائية. هل يمكننا الآن الاعتماد على أرصدة الصناديق الخاصة كبديل عن اللجوء للقروض لسد العجز في الموازنة العامة للدولة؟ في الأساس تم إنشاء الحسابات الخاصة عموما لسد العجز في الموازنة العامة للدولة وذلك اعتمادا على مبدأ شمولية الموازنة حيث لا يخصص إيراد معين لمصروف معين ومن ثم لجأ المشرع لإيجاد وسيلة خارج الموازنة العامة للالتفاف على أوجه الصرف التي تعجز الموازنة عن تغطيتها وأوجد لها موارد خارج موارد الموازنة العامة للدولة ومن ثم أصبح الأنفاق من الحسابات الخاصة في أوجه غير مخصصة لها أصلا فضلا عن التوسع في صرف المكافآت من هذه الحسابات وبذلك بعدت عن الغرض المخصص من أجله. الجهاز المركزي للمحاسبات يسلم كل نهاية عام مالي تقاريره عن الصناديق الخاصة ماهي أبرز الملاحظات التي يوردها بعد الانتهاء من عمليات الفحص؟ ابرز الملاحظات هي استحواذ كبار العاملين في الأجهزة الحكومية بالقدرالأكبر من الأرصدة في صورة مكافآت بالإضافة إلى انفاق الحصيلة في غير الأغراض المخصصة لها والملاحظ أن المكافآت هي المهيمنة على الجانب الأكبر من حصيلة الحسابات الخاصة لدرجة بلغت 60 إلى 70 % من أموال هذه الصناديق. هل هناك وقائع بعينها يمكن أن تسردها في هذا الصدد؟ في محافظة الإسماعيلية بالذات يوجد حساب باسم التخطيط العمراني هذا الحساب حصيلته هو بيع الأراضي المعدة للبناء إلا أنه يتم الإنفاق منه في غير الأغراض المخصصة تماما لأن حصيلة بيعه الأراضي المعدة للبناء هي مورد أساسي وفق القانون لحساب صندوق الإسكان الاقتصادي الأمر الذي يجعل صندوق الإسكان الاقتصادي يعتمد في موارده على القروض ذات الفوائد المرتفعة وفقا لسعر البنك المركزي. كما أن القانون رقم 3 لسنة 1980 المنشئ للجنة التخطيط العمراني لم يقرر إيرادات لحساب هذه اللجنة إلا أن محافظة الإسماعلية قامت منذ فترة طويلة بإنشاء هذا الحساب وضمنته مبالغ طائلة من حصيلة بيع الأراضي المعدة للبناء التي هي في الأصل مورد أساسي لصندوق الإسكان الاقتصادي ويؤثر ذلك بالسلب على أنشطة مشروعات الإسكان الاقتصادية ويجعله عاجزا عن سداد مستحقات المقاولين الذين يقومون بالإنشاءات. هناك حساب اخر وهو استصلاح وبيع الأراضي هذا الحساب منشئ بالقانون رقم 43 لسنة 1979 الخاص بالإدارة المحلية لاستصلاح الأرضي وإعدادها للزراعة وبيعها للشباب لزراعتها وهذا الغرض لم يتحقق مطلقا منذ إنشاء هذا الحساب حتى الآن لأن الأراضي " أراضي الدولة" يتم بيعها لواضعي اليد عليها دون أية تدخل من هذا الحساب في شأن استصلاحها أو إعداداها للزراعة والأدهى من ذلك والأمر أن يتم تحميل واضعي اليد بقيمة إيجارية مفروضة للعديد من السنوات السابقة قد تصل للثمانينيات او التسعينات الأهم منذ ذلك أن أرصدة الصندوق تذهب كمكافآت لكبار العاملين! هل تحولت الصناديق الخاصة إلى أداة لنهب المال العام في صورة مكافآت وغير ذلك؟ يجب أن نعرف أن هناك حسابات أو صناديق خاصة بقوانين وحسابات طفيلية الغرض منها صرف مكافآت لكبار العاملين ومن بين الحسابات الرئيسية المنشئة بقوانين هي النظافة وخدمات التنمية الملية والإسكان الاقتصادي. كيف ترى دور البنك المركزي في هذا الأمر؟ البنك المركزي يستطيع أن يلزم البنوك التجارية باعتباره رقيباً عليها إلزامها بضم جميع الحسابات الخاصة والمفتوحة بهذه البنوك ولكن ...!! بالإضافة إلى أن هناك حسابات صفرية ولا يحدث فيها أية حركة يتم ضمها لأعداد الحسابات ونقول في النهاية أننا حصرنا أعداد معينة من الصناديق. كيف ترى قرار وزارة المالية بخصم 20% من أموال هذه الصناديق لتؤول لموازنة الدولة؟ قرار وزارة المالية سيجعل اموال كثيرة من الحسابات الخاصة تهرب من البنك المركزي إلى البنوك التجارية لأن الجهة تخاف من سحب هذه الأرصدة التي كانت تعتمد عليها في النفقات ثم تجد وزارة المالية فيما بعد لا تسدد لها ما كان يسده الصندوق. "البديل" تنشر أحدث تقرير لأعداد الصناديق الخاصة في الدولة الدولة تمارس أسوأ أنواع الرقابة على المال العام قرار المالية بخصم 20% من أموال الصناديق الخاصة سيجعل أموالها تهرب للبنوك التجارية 60% من أموال كل صندوق وحساب خاص تذهب لصالح كبار العاملين في صورة مكافآت أموال الصناديق الخاصة تستطيع أن تسد عجز الموازنة