دفعت المرحومة نوال علي، وعبير العسكري، وشيماء أبو الخير، وإيمان طه، وغيرهن من مناضلات مصر الأقوياء ، الثمن غاليًا ولم تستسلم في وقوفها ضد الظلم والطغيان. تلك الأسماء التي يتعرف عليها البعض بصعوية ما، لم تستسلم عندما تلوثت يد النظام وامتدت أيديهم للاعتداء على الصحفيات بأقذر أنواع العنف، من ضرب واعتداء جنسي. ففى مثل هذا اليوم من عام 2005، تم سحل وضرب نساء مصر على سلالم نقابة الصحفيين، من قبل بلطجية الحزب الوطني، بمباركة الأمن، أثناء وقفة احتجاجية تندد بالتعديلات الدستورية التي كانت تمهد لتوريث الحكم.وبعد ثماني سنوات خذلهن القضاء المصري، ونصفتهن اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب التابعة للاتحاد الأفريقى في مارس الجاري، بإدانة الحكومة المصرية ومطالبتها بإعادة فتح التحقيقات ومحاكمة المتهمين. رصدت "البديل" ذكريات أصدقاء المرحومة "نوال علي"، والدور الذي يجب أن تقوم به المنظمات النسوية والحقوقية في الفترة المقبلة، حول تنفيذ القرارات الأفريقية، ودور المجلس القومى للمرأة ونقابة الصحفيين. قالت عبير السعدي، الكاتية الصحفية، وكيل نقابة الصحفيين، في حزن شديد، إن المرحومة كانت صديقتها، وقضت معها الفترة الأخيرة من أيام حياتها أثناء مرضها بسرطان الدم، ورافقتها في هذه الفترة العصيبة، معربة عن تمنيها أن تعيش "نوال" حتى ترى هذه اللحظات من الانتصار والفرح بثمرة كفاحها مع زميلاتها الأخريات المناضلات، سواء شيماء أبو الخير أوعبير العسكري أو إيمان طه، وأنهن لم يستسلمن وقتها لكافة الضغوط، ولم يتنازلوا عن حقهن في الدفاع عن حرياتهن، والمطالبة بمعاقبة الجناة والمجرمين، الذين ارتكبوا هذا الاعتداء الوحشي عليهن. وأضافت السعدي، أنها تواجدت في اليوم المعروف إعلاميا بالأربعاء الأسود أمام نقابة الصحفيين، في وقفة لحركة كفاية للتنديد بالتعديلات الفوق دستورية، التي فصلها "ترزية" قوانين مبارك آن ذاك، ورفض مشروع التوريث، وكانت المرحومة، قادمة للنقابة للحصول على دورة تدريبة في اللغة الإنجليزية. واستكملت "فوجئنا وقتها بكردون أمني كثيف وعناصر من الأمن في زي مدني وبلطجية، ثم حدث هذا الهجوم الوحشي على الصحفيات على سلالم نقابة الصحفيين، فضلًا عن التجرش والاعتداء الجنسي الصارخ، وكانت نوال إحدى هؤلاء الصحفيات التي سحلت وتعرضت للتحرش والضرب". كما أضافت "إن المرحومة نوال كان لديها إصرار شديد على تصعيد القضية، وملاحقة الجناة وعقابهم، وولكنها دفعت الثمن غاليًا، فواجهتها عدة عثرات في حياتها الشخصية آخرها كان مرضها بالسرطان، وإغلاق جريدتها "الجيل" للضغط عليها، ومع ذلك ورغم مرضها لم تيأس، وكان لديها يقين أنها سوف تنتصر وتكسب الصحفيات قضيتهن أمام المحكمة الأفريقية بعد أن خذلهن القضاء المصري، وحفظ النائب العام التحقيق في البلاغ، بحجة عدم الاستدلال على الفاعل". وقالت السعدي "الأهم من صدور الحكم هو ألا يضيع حق نوال وزميلاتها، اللاتي تقدمن الصفوف ودفعن الأثمان غالية، ويتحقق ذلك من خلال عدم تكرار حدوث هذه الاعتداءات الحقيرة على الصحفيات والناشطات، وألا تستسلم أى فتاة لأي انتهاك تتعرض له، من باب "مفيش فايدة"، فاليأس خيانة، وعلى الشعب المصري وليس الصحفيين التمسك بحقوقه من أجل تحقيق أهداف ثورته وحريته". ورأت الدكتورة مزن حسن، مدير نظرة للدراسات النسوية، أن الضغط على الحكومة المصرية من أجل تنفيذ قرارات اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، بخصوص الاعتداءات الجسدية والجنسية التي تعرض لها عدد من الصحفيات والناشطات السياسيات، في أحداث "الأربعاء الأسود"، أثناء مظاهرات الاحتجاج على تعديل الدستور في 25 مايو 2005، يحتاج إلى تكاتف العديد من المؤسسات وضغط من كل القوى سواء من الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، خاصة أن هذه القرارات فيها إدانة للحكومة نفسها، وتتهمها بانتهاك مواد خاصة بالحقوق والحريات في الميثاق الأفريقى لحقوق الانسان، كانتهاك الحق فى حرية التعبير، ومواد خاصة بشأن الحماية من التمييز على أساس الجنس والرأي السياسي، ومواد بشأن منع التمييز ضد المرأة، وحماية الحق في الصحة الجسدية النفسية. وأضافت أنها تتوقع صعوبة فى تنفيذ هذه القرارات، التى تطالب باعادة فتح التحقيقات وتعويض الصحفيات المعتدى عليهن، خاصة ان الدولة المصرية تعانى الان من ازمة فى تنفيذ القوانين، او الالتزام بالاتفاقيات التى وقعت عليها. وأشارت ان انتهاك الحريات والاعتداء على المرأة بشكل عام، أصبح أشد ضراوة وخطوة بعد الثورة عما قبل، مضيفه أن ما حدث للصحفيات، لم يخرج عن إطار الواقعة الواحدة، ولكن ماتتعرض له النساء الآن أكثر فجاجة وعنف، بدليل تلك الأرقام المخيفة من الحالات التى رصدتها المنظمات الحقوقية فى الذكرى الثانية لثورة يناير من عنف جنسى ممنهج، وارهاب للنساء ومحاولة ابعادهن عن المشاركة والنزول الى الميادين بل منازلهن بشكل عام. كما أضافت "طالما لم يوجد حتى الان اى محاسبة قانونية وعقاب رادع لمرتكب اى جريمة تمثل شكل من اشكال العنف ضد المرأة بشكل عام، فضلا عن غياب هيكلة جهاز العدالة والشرطة، فمثل هذه الممارسات الخطيرة ستظل مستمرة فى الشواع المصرى ،خصوصا فى ظل نظام حاكم يبارك هذه الممارسات ولديه خطاب عدائى مع المرأة وحرية الاعلام بشكل عام فى حالة الصحفيات والناشطات". وبسؤالها عن كيفية ضغط المنظمات النسوية فى الفترة القادمة بشكل دولى من اجل تنفيذ قرارات المحكمة الافريقية، قالت مزن "مشكلة اللجوء للقضاء الدولى انها ترتبط بضرورة استنفاذ كل الاليات الخاصة بالتقاضى المحلية نتيجة فشل نظام العدالة القائم، ومع ذلك لم نستنفذ بعد هذه الاجراءات المحلية، ولكن يمكن اللجوء الى منظمات تقوم على مناصرة القضية دوليا من خلال الترويج لها، مثل تقديم مجموعة من الشكاوى للمقررة الخاصة لمناهضة العنف ضد المرأة بالاممالمتحدة من اجل تقديم ضغط دولى لاقامة محاكمة عادلة ومنصفة بشأن قضية الصحفيات". ومن جانبه، أكد محمد عبد السلام، المتحدث الرسمي للمجلس القومي للمرأة أن صدور حكم من المحكمة الأفريقية يعتبر فى حد ذاته انتصار للصحفيات اللائي تم الاعتداء عليهن على سلالم النقابة ،وانه رغم مرور ثمانى اعوام على قضيتهن الا النتيجة وقرارات المحكمة تؤكد مدى الجريمة الوحشية التى تعرضن لها من ضرب وتحرش جنسى. أما عن دور المجلس باعتباره الآلية الوطنية للدفاع عن حقوق المرأة فى مصر، بشأن الضغط على الحكومة المصرية من اجل تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الأفريقية، أكد عبد السلام ان المجلس لديه ادارة قانونية ومكتب للشكاوى وسوف يبحث من خلالها بحث القضية فى حالة رغبة الصحفيات اللجوء للقضاء المصرى ،ومطالبتهن بفتح التحقيق فى القضية ،مشيرا ان المجلس وقتها لن يتأخر عن تقديم الدعم القانونى لهن. بالإضافة أن المجلس سوف يرسل خطابا للجهات التنفيذية لحثها على تنفيذ قرارات المحكمة الافريقية سواء راسة مجلس الوزارء اوالجهات القضائية كالنائب العام ،من اجل تقديم التعويضات للصحفيات على ماتعرض له من اضرار نفسية وجسدية ،وتقديم الجناه للعدالة حتى لاتتكرر هذه الحوادث مرة اخرى. وقالت ايفون مسعد، عضو الجبهة الوطنية لنساء مصر "إننا نعيش فى مسلسل اسود منذ ايام حكم مبارك، والغريب انه يتكرر بعد الثورة التى جأت مطالبة بالحريات والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية، لكن ماوقع مع الصحفيات على سلالم النقابة من اعتداء وتحرش جنسى كان بروفة اولية لما حدث فى عهد جماعة الاخوان المسلمين، وباستخدام نفس الطريقة لارهاب النساء ومحاوة اقصائهن عن المشاركة فى الحياة السياسية وهو مارصدته المنظمات الحقوقية المختلفة من شهادات الفتيات اللائى تعرضن للتحرش الجنسى الممنهج فى ميدان التحرير مع الذكرى الثانية لثورة يناير. وأضافت ايفون أن الثورة قامت حتى لا تشهد أربعاء أسود آخر مماثل كما حدث مع الصحفيات المناضلات فى مايو 2005، وأنها قامت من اجل وقف كافقة اشكال العنف ضد المرأة، سواء الذى يمارس ويوجه الى المستويات الثقافية الى ادناها، ولكن ماحدث فهو العكس حيث مازال يعانى المجتمع بأكمله والصحفين خاصة من قمعلحرية الرأى والتعبيروالتمييز ضد المرأة ولكن بغطاء دينى فى هذا العهد ،وشهدنا فى الفترة الماضية مدى الترصد للصحفيين والاعلاميين وعدد البلاغات التى قدمتها جماعة الاخوان المسلمين وتيارات الاسلام السياسى ضد الصحفيين ومقدمى البرامج ،كم منعت اقلام من الكتابة ،بل قتلت ارواح كالحسينى ابو ضيف. وأشارت أن الاحتفال بذكرى الاربعاء الاسود، لن يقتصر على مشاهد العنف التى تعرضت لها الصحفيات انذاك، بل سيكون تنديدا لاكثر من اربعاء اسود شهدته الناشطات والصحفيات بعد قيام الثورة، مؤكده انها لا تتوقع تنفيذ الحكومة المصرية لتلك القرارات التى صدرت من اللجنة الافريقية لحقوق الانسان. وتابعت "اين اعادة فتح التحقيقات التى نفذت بعد قيام الثورة ،اين نتائج فتح التحقيقات فيمن قتل الثوار وارتكب مذبحة بورسعيد ،ودهس المتظاهرين فى ماسبيرو،فكل الدعوات الخاصة بفتح التحقيقات فى حادثة ما ماهى الا مسكنات تالفة وصلاحيتها منتهية ،والذى سيبقى فقط هو نضال الشعب ودفاعه عن حقوقه باستمرار". وتتفق معها نور الهدى زكى، الصحفية والناشطة السياسية، انها متؤكدة من عدم تنفيذ الحكومة المصرية لقرارات اللجنة الافريقية ،حتى لو كانت هذه القررارات القادمة من الاممالمتحدة نفسها فهو نظام لا يسمع الا صوت نفسهة فقط ،ولديه عداء شديد مع المختلفين معه فى الراى وخاصة الاعلام ،فنظام جماعة الاخوان المسلمين هم اول من هدموا القانون ،فهم يرفضوا تنفيذ احكام القضاء الادارى بعودة القطاع العام للعمال. وتابعت نور الهدى، قائلة "نحن نعيش الان فى ظل النسخة الردئية من نظام مبارك، فالاعتداءت التى وقعت فى عهد محمد مرسى ضد المرأة ،فاقت وتجاوزت الانتهاكات التى وقعت فى عهد مبارك ،فنرى فى الفترة الاخيرة استهداف واضح وصريح للناشطات والصحفيات من حالات تحرش جماعى ممنهج ومنظم ،وكان الاعتداء على الصحفيات فى العهد السابق كان يمثل استثناء وليس قاعدة كما نرى الان. وأكدت زكى أن النقابة الصحفيين فى الفترة القادمة ستتجه نحو الضغط على الحكومة لتنفيذ قرارات المحكمة الافريقية من خلال المواجهة القضائية القانونية، والضغط نحو فتح التحقيقات فى القضية من جديد ،بالاضافة الى المواجهة السياسية والمهنية من خلال الكلمة الحرة التى لامحال ستنتصر فى النهاية. الجبهة الوطنية لنساء مصر: ذكرى الأربعاء الأسود بروفة أولى لما يحدث في عهد الإخوان القومى للمرأة: المجلس سيطالب رئاسة الوزارء والنائب العام بإعادة فتح التحقيقات نور الهدى زكى: نحن نعيش الآن "النسخة الرديئة" لحكم مبارك مزن حسن: لا أتوقع تنفيذ قرارات المحكمة الأفريقية في ظل عدم هيكلة جهازي العدالة والشرطة عبير السعدي: أتمنى لو عاشت "نوال علي" لتحتفل بانتصار كفاحها ضد الظلم