في غفلة من الزمن والمسئولين، دخل التنين الصيني بجرائه منطقة شق الثعبان الشهيرة بتصنيع الرخام، وسيطر على الجبل والمحجر، ومنهما إلى المصنع ثم التصدير والاستيراد. “شق الثعبان" تحتل المركز الرابع عالميًا في تصنيع الرخام، وتضم ألف وثلاثمائة مصنع وورشة لصناعات الرخام التكميلية، ورغم ذلك أهملتها الدولة متمثلة في وزارة الصناعة، وتركتها لنقص السولار وارتفاع سعر الدولار. سُميت بذلك الاسم لجغرافية المنطقة التي تأخذ شكل الثعبان المنحني، وكانت عبارة عن أحواشٍ لمحاجر الجرانيت، أسسها أهالي البساتين. استغل الصينيون الاتفاقية التي وقعوها مع يوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق، وغزو “شق الثعبان" بكم هائل من العمالة، واشتروا خام الرخام “بولكات"، من محاجر تملكوها بأسماء مصريين؛ لأن القانون المصري يمنعهم من تملك المحاجر والمصانع . ولم يقف الأمر عند هذا الحد، وأراد الصينيون أن يسيطروا على المصانع، فاستغلوا حالة الركود الاقتصادي الذي تمر به البلاد، واستأجروا 30% من مصانع المنطقة، وأمدوها بمعدات متطورة وتكنولوجيًا، مما أدى لتشريد آلاف العمال المصريين طالب أحمد علي –صاحب إحدى مصانع الرخام- الرئيس محمد مرسي، بإيجاد حل لحماية صناعة الرخام المصرية من التوغل الصيني، مشيرًا إلى نجاح الصينيين في إجبار عدد كبير من المصانع على الإغلاق، من خلال بيع متر الرخام بسعر منخفض، موضحًا أنهم يهدفون إلى التحكم في السوق المحلي والعالمي بلا منافس. وأرجع “علي" السبب وراء تأجير المصانع للصينيين، إلى تخلي الحكومة ووزارة الصناعة عن تقديم الدعم لأصحاب المصانع، في الوقت الذي دعمت فيه الصين أكثر من 300 ورشة ومصنع. وروى جمال البنان –صاحب أكبر مصنع لتصنيع الرخام في الشرق الأوسط-، أنه أوشك على الإفلاس؛ لعدم قدرته على منافسة الصينيين في التصدير، لافتًا إلى أنهم يبيعون متر الجرانيت بسبعين جنيه لسعر المصنع، رغم أن تكلفته الحقيقية تسعون جنيهًا. وقال هشام خالد –صاحب محجر الجلالة- إنه يفضل التعامل مع الصينيين الذين يشترون “البلوكات" بسعر أعلى من المصريين، موضحًا أن معظم خامات الدرجة الأولى من الرخام تذهب إليهم، ولا يتبقى للمصريين سوى خامات من الدرجة الثانية والثالثة. وطالب “خالد" حكومة هشام قنديل بتوفير التأمين الكامل للمحاجر التي تتعرض للسرقات ومخاطر الانفلات الأمني، بجانب توفير السولار للشاحنات. وفيما يتعلق بأزمة نقص السولار بالنسبة لمصانع شق الثعبان، قال مصطفى محمد، صاحب محاجر ومصانع للجرانيت، إنه أغلق خمسة محاجر من أصل سبعة؛ لعدم توافر السولار الكافي؛ لنقل الطعام للعاملين في الجبال وشحن الخامات، مضيفًا أن سائقي الشاحنات يتعرضون لمخاطر قطع الطريق، بجانب المخالفات المرورية الباهظة التي يدفعونها يوميًا. أما التأمينات الوظيفية للعاملين في شق الثعبان، فهي غائبة تمامًا، هذا ما أكده علي مصطفى، أحد العاملين في ورش شق الثعبان، قائلًا: “مخاطر المهنة كثيرة، وأحيانا تصل بنا إلى الموت، ورغم ذلك لا توجد أية تأمينات اجتماعية". وأضاف “مصطفى" الذي يعمل في تلك الصناعة منذ 20 عامًا، أنهم يعملون لثماني ساعات يوميًا، ويتقاضون أجور زهيدة لا تتناسب مع حجم الجهد المبذول، رغم مراعاتهم للضائقة المالية التي يمر بها أصحاب الورش والمصانع والمحاجر. وأوضح أن صناعة الرخام تنهار على يد الصينيين الذين يشردون العمالة المصرية، ويستبدلونها بالتكنولوجيا الحديثة والعمالة الصينية الرخيصة.