قام أحد المحامين التونسيين يدعى حاتم فرحات برفع دعوة قضائية ضد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية بزعم أن تصريحاته الأخيرة "خطيرة تهدد الانتقال الديمقراطي في البلاد، وتمس من مدنية الدولة، ولها تأثير كبير على السلم والأمن الاجتماعيين". وكان مقطع فيديو سرب عبر شبكات التواصل الاجتماعي واليوتيوب، ظهر فيه الغنوشي يحاور أحد السلفيين ويدعوهم إلى التريث حتى تتمكن "النهضة" من السيطرة على مفاصل الدولة والإعلام والاقتصاد، وتنوعت تلك الردود بين غاضب ومنتقد لموقف الغنوشي، ومدافع كما فعلت "الشروق" التونسية بنشرها فيديو زعمت أنه تكملة تم حذفها، دعا فيها الغنوشي السلفيين إلى الاعتدال. وذكر فرحات في حيثيات الدعوى أن تصريحات الغنوشي بأن "قوات الأمن الداخلي ومؤسسة الجيش غير مضمونين" تعتبر مسا بهيبة المؤسسة العسكرية. من جهة أخرى جاء في بيان نشره الهاشمي الحامدي مؤسس "العريضة الشعبية"، أحد التيارات المشكلة للمجلس الوطني التأسيسي ومنافس لحزب النهضة، اعتبر فيه بقاء حركة النهضة الإسلامية في الحكم، سيترتب عليه قيام ما وصفه ب"ديكتاتورية جديدة أسوأ مما عرفته تونس منذ الاستقلال"، وحذر الحامدي اليوم الخميس في بيانه من تصريحات راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ومفكر وباحث إسلامي، المسربة على وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب، واصفا إياها ب"الخطيرة". ودعا الحامدي إلى إسقاط الحكومة فورا، واعتبر تصريحات الغنوشي تهدد استقرار المجتمع والتحول الديمقراطي في تونس، ودعا حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي، شركاء النهضة في الحكومة الحالية، باستبدال الحكومة بأخرى ذات كفاءات وطنية تدعمها أغلبية نيابية في المجلس، وتكون حكومة تسيير أعمال إلى حين إجراء انتخابات. واعتبر الباجي قايد السبسي رئيس الوزراء السابق والذي يتزعم حركة "نداء تونس"، والتي تضم شخصيات بارزة من نظام بن علي، أن مرجعيات زعيم حركة النهضة الفكرية هي التي تعكس تصريحاته في شريط الفيديو المسرب، وأضاف في تصريحات تليفزيونية على قناة "حنبعل"نقلتها "الشروق" التونسية، أن السلفية هي امتداد لحركة النهضة. وقال محمد بنور الناطق الرسمي باسم حزب التكتل من أجل العمل والحريات أن تصريحات الغنوشي صدمة، واعتبره موقف بعيد عن مواقف التكتل المدافع عن الحرية ومدنية الدولة. وفي بيان نشرته حركة النهضة اليوم، ووضعه الغنوشي على حسابه الخاص في الفيس بوك، ذكرت فيه أن شريط الفيديو "تضمن فقرات متقطعة ومركبة من كلام رئيس الحركة" وقالت الحركة الإسلامية أن مضمون الشريط يتعلق بمداخلة للشيخ راشد أمام مجموعة من الشباب السلفي، "خلال المناقشات الدائرة حول الفصل الأول من الدستور، وتركز حول محاولة إقناع الجميع بالتزام العمل القانوني.. وتجنب الاستقطاب". وأكدت "النهضة" في بيانها ثقتها في مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، ودعت إلى مزيد من "تطويرها"، ودعت النهضة إلى تجنب اعتماد أساليب النظام القديم من جاسوسية و"تركيب موروث" من النظام السابق، وذلك وفقا لبيان صادر عن عامر العريض، عضو المجلس التأسيسي وقيادي في النهضة. وتأتي سلسلة ردود الأفعال هذه على خلفية تسريب شريط فيديو للغنوشي مجتمعا بأحد السلفيين دعا فيه السلفيين و "أنصار الإسلام"، إلى تأسيس الجمعيات الإسلامية والمدارس القرآنية حتى ينتشر الإسلام، ورأت فيه صحف ومواقع إخبارية وفضائيات تونسية ودولية أن حديث الغنوشي يظهر تصور النهضة للدولة، وأن حديث قياداتها عن مدنية الدولة والديمقراطية ما هو إلا كلام وتسويق للغرب، إضافة إلى تلك العلاقة التي وصفتها إحدى الصحف، على خلفية فيديو الغنوشي، ب"العضوية" بين حركة النهضة والسلفيين، على النقيض مما تحب حركة النهضة أن تظهره، على أنها بعيدة عن تلك التيارات المتشددة، كما تبرأت منها في تصريحات كثيرة حول أعمال عنف قام بها سلفيون متشددون. Comment *