على الرغم من تواجد الزراعة المائية في مصر منذ 25 عامًا، إلا أنها لم تدرج رسميًّا ضمن النظم الحديثة للزراعة إلا اليوم، بعد موافقة الدكتور عبد المنعم البنا وزير الزراعة واستصلاح الأراضي على تبني فكرة التوسع في تطبيقات نظم الزراعة المائية الرأسية والأفقية بالصوب الزراعية، حيث سيتم التنسيق لتطبيق هذا النظام على 10 صوب زراعية، وتساهم نظم الزراعة المائية "الهيدروبونيك" في إنتاج المحاصيل المختلفة من الخضر والفاكهة بشكل كبير في ترشيد استخدامات مياه الري، بما يتماشى مع خطة الدولة لترشيد استخدامات واستهلاك المياه. تعتبر التربة مهمة في بقاء النباتات ونموها، فهي الوسط الذي يحمل المواد والعناصر المغذية للنباتات، بالإضافة إلى أنها حافظة للماء، ولكن من الممكن الاستغناء عنها في حال إيجاد وسط بديل يقوم بما تقوم به التربة، وهذا ما توصل إليه العلماء والمختصون بالزراعة، وهو ما يطلق عليه اسم الزراعة المائية أو الزراعة بدون تربة، والتي يمكن تعريفها بأنها مجموعة نظم لإنتاج المحاصيل الزراعية باستخدام محاليل معدنية تغذيها فقط عوضا عن التربة. ومن جانبه أكد الدكتور أحمد محمد رفعت، الخبير الزراعي، على أن الزراعة بدون تربة تكنولوجيا ليست جديدة، لكنها لا تزال غير منتشرة على مستوي العالم، وقد بدأ العمل بها في مصر خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن على مساحات صغيرة، سواء علي الأسطح أو في الصوبات الصغيرة، كما تعد من الطرق المثالية في إنتاج كافة الأنواع الزراعية, فى حالة عدم صلاحية التربة في زراعة كافة المحاصيل، كما أنها توفر 85% من المياه التي تحتاجها الزراعة في التربة العادية التي تعتمد علي توفير مكونات وعناصر غذائية للزرع، كما أنها لا تحتاج إلى عمالة كثيفة، حيث إنها لا تحتاج إلى عمليات تحضير للتربة كما في الزراعة التقليدية، وتتميز بالسهولة في عملية الري وتعقيم البيئة الزراعية، والزيادة في إنتاجية النبات، من خلال القدرة على تحسين عمليات التغذية، والري والتهوية للجذور. وأوضح رفعت أن الزراعة المائية يتم فيها استبدال محلول مياه به كافة العناصر الغذائية وبكميات مضبوطة دون أي عشوائية مكان التربة، وبالتالي لا يحدث فقد في المياه، وتتوفر للزرع كافة احتياجاته، فينمو بطريقة أسرع وبكفاءة أعلى، لافتًا إلى أن هناك طريقتين رئيسيتين للزراعة المائية: الأولى تعتمد علي تحضير محلول مياه في أحواض، تضم كل العناصر الكيميائية اللازمة للزرع. أما الطريقة الثانية فهي تعتمد على تربية الأسماك، حيث نقوم من خلال بكتيريا معينة بمعالجة الأمونيا الخارجة من فضلات الأسماك، وتحولها إلى نترات تكون هي عنصر الغذاء الرئيسي للزرع، ثم نستكمل أي نقص في المواد التي يحتاجها الزرع. وتتميز هذه الطريقة بأنها توفر تكلفة تحضير عناصر الزراعة؛ لأنها تعتمد على علف الأسماك لاستخراج تلك العناصر، وبذلك يمكننا تربية الأسماك وزراعة الخضراوات في نفس الوقت وبتكلفة واحدة، كما تمتاز بكونها تعد دائرة مغلقة متكاملة، حيث تمر المياه على نوعين من الفلاتر: أحدهما لإزالة الفضلات الصلبة، والآخر لتحويل هذه الفضلات إلى غذاء للزرع، الذي يكون هو الآخر بمثابة فلتر إضافي، يقوم بسحب حاجته من المياه، التي تمر في النهاية على نقطة تعقيم، تعود بعدها إلى حالتها الأولى؛ ليتم الاستفاد بها مرة أخرى. ويشير الخبير الزراعي إلى أن المزروعات تكون في بيئة مغلقة، حيث توضع في صوبة، وبذلك نمنع عنها الأمراض بشكل كبير، ونوفر لها الظروف المثالية، من خلال تبريدها في الصيف وتدفئتها في الشتاء، فتنمو بشكل جيد وسريع وفي أي موسم على مدار العام، وأهم ما يميز تلك الزراعات خلوها من الكيماويات، لكنها ليس زراعات عضوية، فهذه الطريقة مصنع للغذاء الآمن أكثر منها زراعة، لافتًا إلى أنه يمكن استغلال مساحة الأرض مرتين فى الوقت ذاته, الأولى من خلال المواسير التي تحمل النباتات المعلقة فوق الأرض بدون تربة, والثانية عن طريق زراعة التربة نفسها بالأسلوب التقليدي, لإنتاج بعض النباتات غير المعمرة سريعة الحركة، مثل السبانخ والبقدونس, ومن هنا يتحقق الاستغلال الأمثل للأرض. وأوضح الدكتور أحمد أنه رغم تعدد مميزات تلك التقنية في الزراعة، إلا أنها يشوبها عيوب يمكن أن تعوق التوسع فيها، كارتفاع تكاليف إنشائها مقارنة بالزراعات التقليدية المعروفة، ولكن من الممكن تعويض هذه التكاليف بواسطة زيادة كميات الإنتاج، كما أنها تحتاج لخبرات وتقنيات معينة لإدارة هذه الزراعة، حيث إن العاملين فيها يحتاجون لمعرفة تقنية وفنية جيدة من أجل إدارتها بالشكل المطلوب والناجح، بالإضافة إلى خطورة العدوى المرضية، حيث إن أي عدوى تصيب الماء المستخدم في الزراعة ستنتقل إلى جميع النباتات المزروعة بشكل كبير وسريع، قد لا يمكن السيطرة عليه.