أزمة كبيرة يعيشها آلاف المزارعين بالمحافظات المختلفة، عقب وقوعهم في خسائر متعاقبة في موسم زراعة وحصاد محصول البصل، في ظل وجود كميات كبيرة بالأسواق، واستمرار غلق أبواب التصدير للخارج، ما تسبب في انخفاض أسعار المحصول لمبالغ تقل عن تكلفة إنتاجه، وحطم آمال العاملين في زراعته لأشهر طويلة. وأكد العديد ممن يزرعون البصل حاليًّا وقوعهم في مأزق كبدهم خسائر فادحة، بعد أن أعلنت الحكومة منذ عدة أشهر اقتراب بدء فتح باب التصدير للمحصول مرة أخرى، مما جعلهم يقبلون على زراعته بكميات كبيرة، إلا أن ذلك لم يحدث، وانتهى بهم المطاف إلى طرح المحصول في الأسواق، التي لم تجد لها حلاًّ للتصريف إلا بتخفيض أسعار المحصول، والتي وصلت لأول مرة منذ سنوات طويلة إلى 70 قرشًا للكيلو بإجمالي 700 جنيه للطن الواحد، بعد أن كان الطن يحقق مكاسب ضعف ذلك المبلغ خمس مرات للمزارع. وقال محمد حسنين، أحد أبناء محافظة أسيوط، إن زراعة البصل تستغرق ما يزيد على 5 أشهر، بحسب التربة التي يُزرع فيها، سواء كانت طينية أو صفراء، وطوال تلك الأشهر نتكبد الكثير من المصاريف بين العمالة اليومية التي تصل ل 100 جنيه للعامل الواحد، وكميات كبيرة من الأسمدة تبلغ 3 آلاف جنيه للطن، والذي يكفي فدانًا ونصفًا على الأٌكثر، وكذلك 3 إردبات تقاوي بسعر 550 جنيهًا للإردب الواحد، والري عدة مرات، وغيرها من تكاليف السولار والنقل والحصاد، بإجمالي تكلفة إنتاج 12 ألف جنيه تقريبًا للفدان، الأمر الذي ينتهي بخسارة الفلاح. وأضاف حسنين أن إنتاجية الفدان من البصل لا تتجاوز 15 طنًّا، مما يعني أن الفلاح سيجني في ظل الأوضاع الحالية مبالغ لا تزيد على 10 آلاف جنيه لكل فدان، ويحقق خسارة قدرها ألفا جنيه على أقل تقدير، معربًا عن استياء آلاف المزراعين من تهميش الحكومة لهم، وعدم فتح أبواب التصدير وعدم خلق أسواق بالخارج، في ظل الظروف الصعبة للفلاحين، مشيرًا إلى أنه واحد من الكثيرين الذي سيتوقفون عن زراعة البصل العام المقبل؛ حتى لا يقع في خسارة جديدة. ويرى عادل الشريف، نقيب المزراعين بسوهاج، أن مزارعي البصل ظُلموا بشكل كبير هذا العام، ووقعوا في أزمة وصفها بالكارثية، بعد أن وصلت الأسعار إلى مستوى مُتدنٍّ، متهمًا المسؤولين بالمشاركة في الأزمة؛ لعدم تحديد الأسعار بالأسواق. وأضاف الشريف أنه رغم الصعوبات التي تواجه المزراعين دائمًا، إلا أنهم كانوا يحاولون خلق منافذ لتحقيق هامش ربح مقبول، وذلك من خلال التوريد لمصنع البصل بسوهاج، والذي كان قلعة صناعية كبيرة على مستوى الصعيد، ولكنه توقف منذ 10 سنوات تقريبًا، وكان بمثابة ضربة موجعة للفلاحين، حيث كان يتم تصدير منتجاتهم للدول الأوروبية بكميات كبيرة، من خلال ذلك المصنع، وعقب ذلك ظلت الأزمة مستمرة، حتى توقفت عملية التصدير بشكل كامل، وأصبح السوق المحلي هو المنفذ الوحيد للمحصول؛ ما انعكس في النهاية على مزارعيه بمزيد من الخسائر وإتلاف كميات كبيرة بالمخازن. وطالب نقيب مزارعي سوهاج بسرعة تطبيق سياسة الزراعة التعاقدية؛ لإنقاذ المحصول ذي الأهمية الكبيرة؛ لدخوله في الكثير من الصناعات الأخرى، وكذلك فرض وتحديد أسعار بكافة الأسواق، وتطبيق الدورة الزراعية، والعمل على فك حظر التصدير للخارج، حتى يعود المنتج لمكانته محليًّا وخارجيًّا، ويتم إنقاذ المزارعين من الخسائر. معاطي محمد، أحد أصحاب حقول البصل بقرية دلجا جنوبالمنيا، قال إن محصول البصل كان بالنسبة للمزارعين الورقة الرابحة لسنوات طويلة، إذ حقق في بعض المواسم مكاسب تزيد على 15 ألف جنيه للفدان الواحد، قبل الغلاء الكبير الذي تشهده مستلزمات الزراعة، وأثناء رواج عملية البيع والتصدير للدول المختلفة، وكان حينها سعر الكيلو لا يقل عن جنيهين، ويصل لأربعة جنيهات، إلا أن ذلك تراجع عامًا تلو الآخر في ظل غياب الوعي الحكومي بمدى الأزمة، وانعكس ذلك بالسلب على الفلاحين، خاصة المستأجرين ممن يدفعون 8 آلاف جنيه للفدان سنويًّا، مطالبًا بسرعة الاستماع لمطالبهم، بعد أن أبكى الموسم الحالي الجميع.