فشل الاحتلال الإسرائيلي بكافة أساليبه في الوصول إلى أهدافه، والتي تتمثل في إيجاد موطئ قدم له داخل الأراضي السورية، وتوسيع نفوذه في هضبة الجولان المحتلة، وإيقاف تمدد حزب الله في المنطقة، وتحجيم الدور الإيراني في سوريا، لكن يبدو أن الاحتلال على الرغم من فشل كافة خياراته وسقوط رهاناته، اتخذ قرارًا بعدم الوقوف مكتوف الأيدي أمام انهيار مخططه، حيث يبحث حاليًّا الدخول إلى سوريا وتوسيع نفوذه فيها، من خلال قطاع التعليم وتحت مظلة رجال أعمال؛ ليزرع الكراهية للدولة السورية، ويروج للفكر التطبيعي مع الاحتلال. عام دراسي جديد يبدأ في سوريا، لكنه مختلف تمامًا في بعض المناطق عن سابقه، حيث يحاول الاحتلال إعطاءه النكهة الصهيونية، من خلال إقامة مدارس جديدة في محافظة إدلب والجنوب السوري، تحت مظلة منظمات إنسانية تعمل في الحقيقة لحساب العدو الصهيوني، فقد أعلنت منظمة "عماليا" الإسرائيلية لإغاثة اللاجئين السوريين، برئاسة رجل الأعمال الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأمريكية، موتي كاهانا، إقامة مدرسة جديدة في محافظة إدلب، تستوعب 90 طفلًا سوريًّا و15 معلمًا. في ذات الإطار أشارت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إلى أن منظمة "عماليا"، هي منظمة إسرائيلية يصفها الاحتلال ب"الإنسانية"، وتُعد إحدى الأدوات غير المباشرة للتدخل الإسرائيلي في الساحة السورية، وتهدف بشكل معلن إلى "مساعدة وتعزيز الجسور القائمة بين إسرائيل والشعب السوري والثورة السورية"، وتحديدًا ما تصفه "معاريف" بالجهات الصديقة لإسرائيل، مثل الجيش الحر وجبهة النصرة، وأشارت إلى أن المساعدات التي تتلقاها هذه الجهات تتعلق بالمعونة الطبية والغذائية وحتى أيضًا الذخائر الحربية، مع الإشارة إلى أنّه ليس هناك لفتات إنسانية دون توقّع شيء في المقابل، حسب معاريف. في الوقت نفسه أشار رئيس المنظمة رجل الأعمال الإسرائيلي – الأمريكي، موتي كاهانا، في حديث لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن "دخول سوريا بالنسبة لي هو كالدخول إلى تل أبيب"، في إشارة منه إلى سهولة التواصل والوجود المادي والتجوال في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، وكشف كاهانا أنّه "تبرّع بمائة ألف دولار من أمواله الخاصة للجيش الحر، وأن الأموال التي يجبيها من تبرّعات لرجال أعمال إسرائيليين، وأيضًا من تبرعات خاصة يتلقاها من منظمات يهودية أمريكية وإسرائيلية وأماكن العبادة اليهودية في الولاياتالمتحدة، مخصّصة لمساعدة الثورة السورية"، مضيفًا: "أنا مكلف بنقل هذه التبرعات إلى جهات ليبرالية في سوريا، من الخيّرين والأصدقاء". وكشف موقع "إن آر جي" الإخباري العبري أن مدرسة إدلب لن تكون الوحيدة التي تنفذ المخطط الإسرائيلي، حيث أشار الموقع نقلًا عن "كاهانا"، إلى أنه ستتم إقامة مدرستين إضافيتين في المنطقة الآمنة في جنوبسوريا خلال العام الحالي، قريبتين من الحدود. وفي السياق ذاته أرفق الموقع العبري صورًا خاصة لعدد من تلاميذ وصفوف المدرسة في إدلب، مع تصريحات للعاملين فيها، حيث قال أحد العاملين للموقع إن المنهج الدراسي الذي يتلقّاه التلاميذ مغاير لما عرفوه في السابق، إذ لا يتعلق الأمر بمنهج تابع للنظام السوري الذي يعلّم الكراهية لإسرائيل، بل نعمل هنا على ضمان مستقبل آخر للأطفال. من جانبه لفت رئيس منظمة "عماليا" إلى أنّ الهدف الأساسي من المدرسة الحالية في إدلب والمدرستين المنويّ إنشاؤهما في الجنوب السوري هو تطبيعي، قائلًا إن الهدف من كل ذلك هو إدخال أكبر عدد من الأطفال السوريين في أطر تعليمية مغايرة لتلك التي تعودوا عليها، وهي عملية تضاف إلى أنشطة أخرى، مع اطمئنان إلى أنها ستؤدي إلى تغيير شامل في نظرة وتعامل الشعب السوري تجاه إسرائيل. يأتي الحديث عن منظمة "عماليا" الداعمة للجيش الحر والمعارضة المسلحة والجماعات الإرهابية في سوريا، ليؤكد الأنباء التي خرجت قبل أيام، وتحدثت عن الدعم العسكري المقدم من جيش الاحتلال إلى المسلحين السوريين في العام الحالي، والذي يقدر بأكثر من 115 مليون شيكل، مما يوازي أكثر من 32 مليون دولار، وذلك من خلال هيئة "جيرة حسنة" التي أنشأتها إسرائيل والمعنية بدعم المسلحين في سوريا، ويؤكد أيضًا صحة الأنباء التي تحدثت قبل سنوات عن تبادل شخصيات سورية معارضة وأخرى صهيونية الزيارات والتنسيق العسكري، خاصة في الجنوب السوري، وتبنِّي إسرائيل تقديم كافة أشكال الدعم لهذه المعارضة، سواء عسكريًّا أو ماديًّا أو استخباراتيًّا، الأمر الذي يعني أن إسرائيل تسعى من خلال "جيرة حسنة" و"عماليا" وغيرهما من المنظمات والهيئات التي بقيت طي الكتمان والسرية، إلى زرع أحقادها داخل الدولة السورية وتمزيق وحدتها العربية والإسلامية.