حاولت إسرائيل على مدار سنوات الأزمة السورية، رسم نفسها في صورة "المشفق" و"الحزين" على ضحايا قصف النظام السوري، لكن تاريخ الاحتلال يكشف زيف الواقع الأليم التي عانت منه الدول العربية منذ منتصف القرن الماضي من مذابح وحروب وانتهاكات. اليوم.. عنون موقع "المصدر" الإخباري الإسرائيلي تقريرًا له في نفس هذا المسار ب"شباب إسرائيليين يجمعون آلاف الدولارات من أجل اللاجئين السوريين"، مدعيًا أن الشباب الذين لم يصبحوا في عمر 18 عامًا بعد، يجمعون آلاف الدولارات وأطنان من المعدات من أجل الشعب السوري، وأن هؤلاء الشباب لا يمكن أن تصيبهم اللامبالاة إزاء ضائقة جيرانهم. وأضاف "الموقع" لقد تبرع الإسرائيليون حتّى الآن بأكثر من نصف مليون دولار لمساعدة اللاجئين في سوريا واليونان ودول أوروبا، ونُقِلت كميات هائلة من المعدات إلى سوريا والأردن، كما ظهر عدد كبير من مبادرات مدنية في إسرائيل في السنوات الماضية لمساعدة السوريين، من بينها مبادرة المنظمة الإسرائيلية (السوريون جيراننا.. الجار للجار)". ونقل عما أسمته أحد الشباب الذين يجمعون الأموال من أجل لاجئي سوريا قوله: "شاهدت صور السوريين الفظيعة، وكرست حياتي لجمع التبرعات والمعدات من أجل الأطفال الذين وراء الحدود، ذُهلنا جميعًا عند مشاهدة الصور الواردة من دمشق، شعرنا أنه لا يمكننا الجلوس مكتوفي الأيدي، تبرع والدي بسيارتنا العائلية من أجل السفريات، وأصبح منزلنا مخزنًا للمعدات التي نجمعها، لقد جمعنا نحو 2500 دولار". خان شيخون قبل أسبوع، علَّق بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي على الهجوم الكيميائي الذي وقع بمنطقة خان شيخون السورية بقوله: "الصور التي تصل إلينا تهز كيان كل إنسان وتجعله يبكي"، مضيفًا "لقد رأينا جميعًا خروج زُبد من أفواه الأطفال وعيون تتسع من الاختناق"، مطالبًا المجتمع الدولي بالوفاء بالتزامه تجاه نزع الأسلحة الكيميائية من سوريا. وأضاف إن لم يكن هناك التزامًا، فلا داعي إذًا إلى الالتزام بالاتفاقيات الدولية - فالحرب الوحشية المشتعلة قرب حدودنا منذ أكثر من 6 سنوات تبرز ضرورة اتخاذ إسرائيل كافة السبل للدفاع عن نفسها". 100 يتيم سوري و في أواخر يناير الماضي، قرر نتنياهو و وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي، الموافقة على استيعاب 100 يتيم سوري، ووفقًا لصحيفة يسرائيل هايوم العبرية "سيتم استيعاب الأطفال في مدارس داخلية، وسيكونون برعاية عائلات عربية، وسيتم بذل الجهود من أجل تحديد أماكن عائلاتهم"، لكن الصحيفة لم توضح الآلية التي سيتم من خلالها جلب الأيتام لإسرائيل، وكيفية كفالتهم من قبل العائلات، ولم توضح موعد البدء بهذا الإجراء. أما يونيو 2015، وبذريعة "القلق" على مصير الدروز في سوريا، قال الرئيس الإسرائيلي رؤبين ريفلين خلال لقائه بمارتن ديمبسي رئيس الأركان الأمريكي: إنه "قلق على مصير هذه الأقلية المتمركزة في منطقة جبل العرب بجنوبسوريا"، لافتًا إلى أن ما يجري في الوقت الحالي ترهيب وتهديد لوجود نصف مليون درزي في جبل الدروز القريب جدًا من الحدود الإسرائيلية". ووصل الأمر بدعوات لإسرائيل من أجل التدخل عسكريا في سوريا "لإنقاذ الدروز"؛ وكان على رأسهم يوسي ميلمان -الصحفي المقرب من دوائر الاستخبارات بتل أبيب، والذي قال في تقرير له بصحيفة معاريف: إن "إسرائيل لن تسكت عن تعرض الدروز في سوريا لخطر وجودي"، مشددًا على "العلاقات التاريخية التي تربط تل أبيب بالدروز منذ عشرينيات القرن الماضي". تدخل عسكري إسرائيلي ونقل ميلمان عن يجآال ألون - أحد القادة العسكريين الإسرائيليين السابقين، قوله: "زرت السويداء عدة مرات وحلمت بالجمهورية الدرزية التي تقع في جنوبسوريا، بما في ذلك الجولان، في حلف عسكري مع إسرائيل، كما بنيت الكثير على الطائفة الدرزية في البلاد، التي كانت منظمة في الجيش الإسرائيلي في أن يُشكِّلوا جسرًا بيننا وبين الدروز الآخرين". ودعا الكسندر بلي - رئيس مركز أبحاث الشرق الأوسط بجامعة أرييل الإسرائيلية - تل أبيب إلى التدخل العسكري في سوريا لمساعدة الدروز، قائلًا في تصريحات له: "على إسرائيل أن تبدأ إنزال مواد أساسية من الجو، وإذا اقتضت الحاجة أن تُصعِّد تدخلها ليشمل خطوات عسكرية؛ ليس سرًا أن تل أبيب ساعدت الأكراد العراقيين في ظروف مشابهه"، مضيفًا أن المواطنين الإسرائيليين الدروز مرتبطون بإخوانهم الموجودين عبر الحدود ومهمتنا هي مساعدة هؤلاء المواطنين. بينما قال ألون بن ديفيد - خبير الشؤون العسكرية بالقناة العاشرة العبرية وقتها: إن "هناك تركيزًا كبيرًا على قرية (حضر) الدرزية، وأن إسرائيل تخشى أن تنجح تنظيمات المعارضة في السيطرة عليها، واحتمال إقدامهم على ارتكاب مذابح فيها ضد الدروز"، مضيفًا "سوف يهرع الدروز في الجانب الإسرائيلي من الجولان لنجدة أبناء جلدتهم في الجانب السوري، وهو ما سوف يؤدي حال حدوثه إلى تدخل إسرائيلي مباشر، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا قبل سنوات". نتنياهو والنصرة "جبهة النصرة" كان ذريعة أخرى للتدخل الإسرائيلي في سوريا، وفي سبتمبر الماضي أجرى السياسي الألماني يورجين تودنهوفر، مقابلة مع أحد قادة التنظيم الإرهابي الذي يقاتل النظام السوري، وقال القيادي المدعو "أبو العز" في مقابلة مع تودنهوفر نشرتها صحيفة "كولنر شتات انتسايفر" الألمانية: إن"إسرائيل تقدم العون لجبهة النصرة، والمصالح تقاطعت بين تل أبيب والجبهة نظرًا لوجود عداء بينها وبين سوريا وحزب الله". ولفت إلى أن ضباطًا أتراك وسعوديين وقطريين وإسرائيليين وأمريكيين ساعدونا، و قدموا لنا استشارات عسكرية"، مبينًا أن السعودية قدمت لنا نصف مليار دولار، فيما قدمت الكويت أكثر من 5 ملايين دولار"، مؤكدًا أن جماعته لا تعترف بالهدنة وستشن هجمات حتى إسقاط النظام السوري، وفي نوفمبر 2015 اعترف نتنياهو أن تل أبيب تقيم علاقات مع النصرة وأن الأمر يتعلق بضمان أمن إسرائيل.