العنوان موضع بحث سياسي ويحتاج إلى دراسة عميقة في تطور العلاقات الإسرائيلية – الإفريقية، لكن على قدر المستطاع سنحاول في هذه المقالة توضيح بعض أسباب التغلغل الدبلوماسي الإسرائيلي في القارة الإفريقية ومسلسل المد والجرز بينهما وصولاً إلى حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قمة المجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية (إكواس)، وزيارة رئيس توغو، فاورا غناسينغبا، إلى تل أبيب كما أنه من المقرر أن تستضيف لومي عاصمة توغو، في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، "مؤتمر إسرائيل أفريقيا"، والذي سيشارك فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى جانب 20 – 25 من قادة الدول الأفريقية. هذا الهدف الاستراتيجي الذي وضعته دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ إعلان كيانها، وهو الزحف نحو القارة الإفريقية، لأسباب لا تشبه علاقتها مع قوى الاتحاد السوفيتي سابقاً، والولاياتالمتحدة، وفرنسا، وبريطانيا بهدف كسب غطاء دولي وشرعنة احتلالها للأراضي الفلسطينية إبان فترة الإعلان وحرب 1948، لكن السبب الأهم في العلاقة بين إفريقيا وإسرائيل هو إدراك الأخيرة لحجم وثقل الأصوات الإفريقية في الأممالمتحدة، وهذا ما يعطي إسرائيل أملاً في رفض أي مشروع مناهض لها في الجمعية العمومية الخاصة بالأممالمتحدة والضغط في مجلس الأمن، خصوصاً بعد الصفعة الأخيرة التي تلقتها إسرائيل في مجلس الأمن بعد تقديم السنغال لمشروع قانون مجرم للاستيطان وسحبته مصر ليصادق عليه المجلس وتمتنع الولاياتالمتحدة عن استخدام (الفيتو) نهاية عهد باراك أوباما، مما يجعل اسرائيل بحاجة لإحياء علاقات دبلوماسية استراتيجية على المستوى الرسمي وغير الرسمي مع الدول الإفريقية. هذه الصداقة التي تبدو شبه دافئة جاءت بعد الفراغ أو الإهمال العربي لهذه القارة، وأيضا المشكلات المفتعلة الآن في عالمنا العربي، وهي فرصة لتقوم إسرائيل بتحسين علاقاتها من دول القارة الأكثر حاجة للدعم التقني والتكنولوجي والمالي والعسكري وحتى التنموي لقارة شبه معدومة، وهذا ما يفتح الباب على مصراعيه أمام علاقة مبنية على المصلحة. تاريخ العلاقات الإفريقية الإسرائيلية مؤتمر باندونج عام 1955 عقد في أندونيسيا وحضرته وفود 29 دولة أفريقية وآسيوية، وكان النواةَ الأولى لنشأة حركة عدم الانحياز، إذ لم توجه الدعوة إلى إسرائيل لحضور هذا الحدث التاريخي الهام، بل ولم يقف الأمر عند هذا الحد حيث أدان المؤتمر في بيانه الختامي احتلال إسرائيل للأراضي العربية. عام 1957 بدأ التغلغل الفعلي لإسرائيل داخل افريقيا حيث كانت إسرائيل أول دولة أجنبية تفتح سفارة لها في أكرا بعد أقل من شهر واحد من حصول غانا على استقلالها. وفي ستينيات القرن الماضي بدأت عدة دول الأفريقية في الحصول على استقلالها، وأدى ذلك إلى زيادة المقدرة التصويتية لأفريقيا في الأممالمتحدة حيث كان الصراع العربي الإسرائيلي من أبرز القضايا التي تطرح للتصويت. ومن ثم جاء إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 والذي وضع تحدياً أمام إسرائيل حيث إنها لا تتمتع بالعضوية في هذا التجمع التى يضم دولاً عربية. عام 1966 حظيت إسرائيل بتمثيل دبلوماسي في كافة الدول الأفريقية جنوب الصحراء باستثناء كل من الصومال وموريتانيا، ومع ذلك فإن أفريقيا كانت بمثابة ساحة للتنافس والاستقطاب العربي الإسرائيلي. وقبل حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 كانت إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية مع 25 دولة أفريقية، تقلص هذا العدد في الفاتح من يناير عام 1974 ليصل إلى خمس دول فقط هي: جنوب أفريقيا، وليسوتو، ومالاوي، وسوازيلاند، وموريشيوس( وتعود الأسباب لدعم الدول العربية وخصوصاً مصر في حربها لاستراجاع اراضيها المحتل عام 1967، وأيضا حاجة الدول الافريقية الي الدعم والمساندة من الدول العربية وخصوصا الدول النفطية). عام 1982 أعلنت دولة أفريقية واحدة هي زائير عودة علاقاتها مع إسرائيل. إلا أنَّ الدول الأفريقية الأخرى والتي حافظت على علاقات غير رسمية وثيقة مع إسرائيل لم تنهج المسلك دولة زائير وقد كانت دوافع موقف دولة زائير هي الحاجة الماسة للمساعدات العسكرية الإسرائيلية كما أن متغيرات البيئة الداخلية في زائير في ظل محاولات الانفصال في جنوب البلد وتحديدا أقيلم شابا الغني بالمعادن ساهمت في هذا التحول. عام 1991 دخلت الدول الإفريقية في مرحلة بتاريخ العلاقة مع اسرائيل توصف بالتطبيع حيث شهدت هذه المرحلة إعادة تأسيس وترسيخ العلاقات بين إسرائيل وإفريقيا مرة أخرى، ويعزى ذلك إلى التغيرات في النظام الدولي وانعكاساته الإقليمية. سقوط النظم الشعبوية والماركسية اللينينية في أفريقيا. الدخول في العملية التفاوضية بين العرب وإسرائيل منذ مؤتمر مدريد. "حاججت بعض هذه الدول أنها أعادت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بغية المساهمة في عملية السلام الشرق أوسطية" وقد تسارعت عودة العلاقات الإسرائيلية الأفريقية حتى إنه في عام 1992 قامت ثماني دول أفريقية بإعادة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وتسعى إسرائيل إلى تعزيز سياساتها الإفريقية بدرجة تفوق طموحاتها خلال عقد الستينيات وأوائل السبعينيات. وطبقا للبيانات الإسرائيلية فإن عدد الدول الإفريقية التي أعادت علاقاتها الدبلوماسية أو أسستها مع إسرائيل منذ مؤتمر مدريد في أكتوبر 1991 قد بلغ ثلاثين دولة وفي عام 1997 بلغ عدد الدول الأفريقية التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل 48 دولة. الخلاصة اختصار الصراع العربي الاسرائيلي في أنه صراع إسرائيلي فلسطيني، وذلك عقب توقيع اتفاق كامب ديفيد وما لحقه من اتفاقيات تخص دول الجوار، وهذه كانت نقطة تحول أو إحدى محددات السياسة المتبعة من اسرائيل للدول الإفريقية، أضف إلى ذلك أنَّ دولة الاحتلال لم تنجح كثيراً في تسويق نفسها كنموذج ديمقراطي متقدم في الدول الآسيوية ذلك لسبب قرب هذه الدول من المنطقة العربية وتعاطفها الديني والقومي مع القضية الفلسطينية، أيضاً هذه الدول قطعت شوطاً كبيراً في مجالات التنمية والاقتصاد وكانت معظمها دول تتبع القطب الشرقي (الاتحاد السوفيتي)، وإذا لم يكن بالتطبيق الفعلي والإداري فكان ذلك بالفكرة، أما القارة الأوروبية الآن ونظراً للدور المؤسساتي الناشط لحقوق الانسان والداعم لتوعية الشعوب، فينظر البعض لإسرائيل على أنها دولة احتلال ويتعامل مع البضاعة الاسرائيلية المنتجة من المستوطنات على أنها منتوجات احتلال، لذلك غزو إسرائيل لأفريقية جاء لأسباب أهمها: اولاً: ثقل حجم هذه الدول على الصعيد السياسي داخل المنظمات الدولية. ثانياً: سوق استهلاكي كبير للمنتجات الصهيونية. ثالثاً: بيئة خصبة للاستقطاب وتنازع للمصلحة العائدة على الدول الإفريقية. رابعاً: أمام الدول الإفريقية شوط طويل حتى تصبح نموذجاً يحتذى به في المجالات الإنسانية والتطبيقية. خامساً: نظرة بعض الدول الافريقية لإسرائيل على أنها الأكثر تقدما في الشرق الأوسط وأكثر ديمقراطية من البلدان المجاورة لها والتعامل معها على أنها (نموذج متقدم).