تحاول الحكومة المغربية الخروج من أزمة الجمود في منطقة "الريف"، إلا أن ما قدمته يبدو غير مريح، ورغم أن الاحتجاجات تراجعت في الشوارع، وخرج بعض الناشطين السياسيين من السجن بعفو ملكي انتقائي، لكن مازال القادة الرئيسيين لحراك الريف في السجن، وبالتالي، تبقى بذور الغضب العام قائمة، وربما تتفاقم بسبب وفاة ناشط. ما يحدث في المغرب تحديدا في هذا الوقت غير مريح، خاصة داخل مؤسسات الدولة العميقة والنهج الأمني التقليدي للبلاد، كما أن أدوار السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية مهمشة في المغرب. يختفي السياسيون المنتخبون خلف مبادرات شبه مؤسسية تجعل حضورهم أمرا غير ضروري، ويبذلون جهودا في غير محلها؛ لذلك يبدو أن الحلول التي يقدمونها تفتقر إلى الشرعية المؤسسية. يعد استخدام العفو الملكي تقويضا للعملية القضائية، ورغم الترحيب به، لم يطلق سراح جميع الناشطين، كما أن هذا العفو يصور المحاكم على أنها خاضعة للظروف السياسية. أفرجت السلطات عن الناشط، المرتضى لامرشين؛ لحضور جنازة والده، على الرغم من تهامه بنشر دعايا للإرهاب، ومن ثم أطلق سراح شخصين آخرين قبل عيد يوم العرش، لكن قادة الحراك مازالوا محتجزين. لم تكن التحقيقات مع الناشطين كافية، كما أن التحقيقات في مقتل الناشط، عماد العتابي، يبدو أنها تختفي، وعلاوة على ذلك، لايزال ناشط مثل عبد الرحم العزيزي، في الحجز. تتمثل الخطوة الأكثر ديمقراطية في تعزيز سلطة السلطة القضائية بتحريرها من التدخل السياسي؛ لأن داعيات خضوع القضاة للسياسة تنتشر أكثر من الركود السياسي. على الرغم من لعبها دور الوسيط المحوري، تعرضت الأحزاب السياسية لهجوم شديد في الخطب الملكية، وهم متهمين بعدم القدرة على التعامل مع التطلعات والمخاوف الحقيقية للمغاربة، وبالتالي أصبحت الصورة المعروفة عن السياسيين هي الانتهازية، حيث يحتفلون فقط بنجاحهم، وحين يفشلون، يلقون باللوم على المواطنين. تنشئ الدولة العديد من الأحزاب، فخلال فترة ما بعد الاستعمار وحتى الآن، أنشئت الأحزاب السياسة لتحل محل القوى الصاعدة أو للتأثير في الشعب، وكان آخرها حزب الأصالة والحداثة الذي أسسه فؤاد علي الحمة، زميل الملك السابق ومستشاره الحالي، من أجل تقويض الإسلاميين. انتقد الملك محمد السادس الأحزاب السياسية بسبب الاضطرابات في الريف، إلا أنه لم يقدم حلولا واضحة المعالم للمشاكل التي يعيشها سكان المنطقة، حيث قال: إذا أصبح ملك المغرب غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟ تتحكم وزارة الداخلية في مشاريع البنية التحتية، حيث تعتمد على موافقتها، في حين تلقي وسائل الإعلام باللوم على وزارة البناء والنقل، لكن السياسيين يعرفون أن وزارة الداخلية منعت جميع مشاريع البنية التحتية على الصعيد الوطني قبل ستة أشهر من انتخابات عام 2016، ومن ثم أيدتها وزارة المالية، وبالتالي، إن كان يتعين مساءلة الأطراف عن التنمية المحلية، يجب إزالة هذه العقبات الإدارية. وضعت جميع الأطراف في سلة واحدة على الرغم من الاخلافات الكبيرة في مستويات الفساد، تحترم بعض الأحزاب النتائج الانتخابية، بينما يغفل بعضها العملية الديمقراطية تماما، ويقنع بعض الناخبين، بينما لا يحصل الآخرون على مقاعد برلمانية إلا بالوسائل الاحتيالية، فالبعض لديه اتصالات مستدامة مع المواطنين بينما يختفي آخرون بعد فوزهم في الانتخابات. تعزيز ثقافة المؤسسات يتطلب تسليط الضوء على هذه الاختلافات، خاصة أن الأطراف يمكن أن تشارك في التقييم الذاتي، ويمكن للمجتمع المدني أن يسهم في مراقبة سياسات الأحزاب. ومن الممكن أن تفسر هذه التطورات الدعوات الأخيرة بإجراء تعديلات دستورية جديدة لجعل المسؤولية السياسية أكثر دقة، وبخلاف ذلك، فإن إضعاف مؤسسات الدولة سيواصل ببساطة جعل عملية الحزم السياسي في المملكة أسوأ. المصدر