يتصاعد التوتر في كينيا بعد اتخاذ المعارضة مواقف متشددة بشأن تعديل القوانين التي ستحكم انتخابات العام المقبل، حيث قررت الحكومة مؤخرًا تعديل قانون الانتخابات بعد تحالف أعضاء البرلمان، حيث تم عقد جلسة خاصة لمناقشة قرار التعديل. وجاء في القرار أن هناك صعوبة حالية في إجراء انتخابات؛ لأن الدولة تطمح إلى نقل النتائج إلكترونيًّا من مراكز الاقتراع إلى مركز الدائرة الانتخابية؛ لفرز الأصوات، كما ينص القانون على أن اللجنة الانتخابية والحدود المستقلة ستنفذ عملية التحقق من الناخبين في جميع مراكز الاقتراع باستخدام البيانات البيومترية لمدة 30 يومًا. وهذا ينبغي القيام به قبل 900 يوم من الانتخابات. وخلال الانتخابات الرئاسية، وبعد فرز الأصوات والتحقق منها، سيتعين نشر النتائج على البوابة العامة بموقعها على الإنترنت. ويجب شراء هذه التكنولوجيا اللازمة قبل الانتخابات بثمانية أشهر على الأقل؛ لاختبارها والتحقق منها ونشرها قبل الانتخابات بستين يومًا على الأقل. وقال موقع ذى إيست أفريكان إن الحكومة الكينية ألصقت سبب تأجيل الانتخابات في أنه كان مقتصرًا على التكنولوجيا المستخدمة لعملية تسجيل الناخبين، وتحديد هوية الناخبين ونتائج الإرسال. وزعمت المعارضة أن تلك التعديلات الدستورية تضعف القوانين الانتخابية لإفساح المجال للتزوير، وادعى موسى ويتانجولا، زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، أن المعارضة حريصة على السماح باستخدام السجلات اليدوية أثناء التصويت؛ لأن بعض الأشخاص المسجلين هم دون السن الإلزامية (18 عامًا)، وبالتالي يمكن الحصول عليها من قبل أدوات التسجيل ببصمات الناخبين. وأضاف أنه ليس سرًا أن هناك أكثر من 1.2 مليون شخص في سجل الانتخابات التي يريد النظام استخدامها لتزوير الانتخابات، ونحن لن نسمح لأن تصبح كينيا مثالًا للتزوير وخرق القانون وبلدًا مخالفًا لروح الديمقراطية. وقال "نحن نأمل أن تلغي المحكمة تلك التعديلات، خاصة وأن أدوات النقل الإلكترونية المستخدمة في الانتخابات والتي استخدمتها بعض جزر فيرجن البريطانية في عام 2013 فشلت، مما اضطرهم الى اللجوء إلى النظام اليدوي". والجدير بالذكر أن كينيا تعاني منذ شهور عديدة من الاحتجاجات الشعبية ضد قرار تأجيل الانتخابات والتلاعب بالدستور، حتى إن الحكومة الكينية فرضت في يونيو الماضي حظر تجوال، والذي تحدته المعارضة والمحتجون، وقاموا بالنزول في الشوارع؛ مما سبب أعمال عنف دامية، فردت الحكومة الكينية على تلك الاحتجاجات بأنها لن تجري الانتخابات القادمة حتى أغسطس 2017. ولكن الاشتباكات أصبحت كثيرة بين قوات الأمن وزعماء المعارضة وأنصارهم، الذين قالوا إن كبار المسؤولين في المفوضية العليا للانتخابات والحدود المستقلة يعملون لصالح الرئيس أوهورو كينياتا. الحالة الكينية لم تولد من العدم التحول في المسار الكيني ليس قادمًا من العدم، فهو ليس تحولًا بقدر ما هو استمرارية لخطاب سياسي لساسة القارة المتشبثين بمراكز النفوذ التقليدية. فالأحزاب السياسية التي تولد في المشهد الإفريقي بصفة عامة تنطلق من الإصرار على إبقاء الموروث القبلي الإثني كثقافة سياسية بدل الانتماء للوطن. إن ممارسة زعيم الحزب لا تختلف عن ممارسة زعيم القبيلة التقليدي، فهو زعيم القبيلة والمنطقة والجهة التي ينتمي إليها، وهو الذي يرعى بأمانة مصالح كبراء ووجهاء القوم؛ لذا فالحالة الكينية لم تولد من عدم، فهي نتيجة لممارسة وخطاب سياسي تلتقي فيه شخصنة زعامة الحزب بالقبلية، فالسياسي له انتماء حزبي دعائي وولاء قبلي مسكوت عنه، يمارس كمرجعية في حالة الأزمة الداخلية على مستوى الحزب أو الوطن. ولم يكن في المسألة ما يدفع إلى استعمال مصطلح التحول لغرابته عن قارتنا، لأن الاستمرارية هي أفضل ما يمكن أن نسمي به ما هو قائم في كينيا حاليًّا، حيث إن الخطاب السياسي وممارسة الساسة تقومان على أسس الحزب القبلية؛ لذا أصبح الشعب سياسيًّا فئويًّا إثنيًّا؛ مما جعل الاضطرابات والمعارضة في كينيا وغيرها من الدول الإفريقية عادة ما تنتهي بحرب أهلية.