تعيش كينيا علي مدي الشهور الأخيرة ترتيبات انعقاد الانتخابات الرئاسية في الرابع من مارس القادم,وسط مخاوف من تكرار الصراع القبلي الذي شهدته الانتخابات السابقة في عام2007 وأفضي إلي مصرع1200 شخص. وتشريد ما يقارب250 ألفا آخرين, وذلك قبل التوصل لاتفاق لتقاسم السلطة بين موي كيباكي ورايلا أودينجا ينص علي بقاء الأول في منصب الرئيس رغم الاتهامات التي وجهت إليه بالتزوير, علي أن يتولي الثاني رئاسة الحكومة. ولا يقتصر التوتر علي الساحة السياسية وحدها بل يمتد ليشمل كل مجالات النشاط الانساني في البلاد, فرجال الأعمال قد تعلموا فيما يبدو من تجربة عام2007 التي أدت لانهيار الكثير من الأعمال بسبب عدم الاستقرار والعنف وعمليات السلب والنهب التي عمت البلاد, فسارعوا للتأمين علي أعمالهم التجارية والاقتصادية. وزاد الطلب علي خدمات شركات التأمين ضد العنف والنهب قد بنسبة100%, وتجري الانتخابات في ظل تعهد زعماء القبائل في منطقة دلتا نهر تانا التي تشهد نزاعات متواصلة بتوحيد قبيلتي بوكومو وأورما ووضع حد للاشتباكات القبلية المتقطعة التي تقع منذ أشهر طويلة والتي أدت إلي مقتل أكثر من150 شخصا منذ أغسطس2012, هذا بالاضافة إلي تلقي رئيس المحكمة العليا لتهديدات من انصار المرشح أوهورو كينياتا المتهم بارتكاب جرائم في احداث انتخابات2007. وعقب اعمال العنف في عامي2007-2008 حرصت كينيا علي إجراء تطورات دستورية وسياسية مهمة للغاية حيث أجيز دستور جديد في أغسطس2010 ونظام انتخابي متطور لتفادي تكرار مثل هذه الأحداث, وشملت الاصلاحات كذلك تقوية دور البرلمان وتقليص السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية ومنح المزيد من السلطات للجنة الانتخابات المستقلة والقضاء والشرطة لضمان إجراء الانتخابات في أجواء آمنة تنأي بها عن الانزلاق نحو العنف مرة أخري. فقد تناول الدستور الجديد للبلاد معالجة كثير من المشكلات التي أدت إلي انفجار الصراع والعنف اثناء وبعد انتخابات عام2007, وكان أحد عوامل العنف هو اعتقاد المواطنين أن الفائز في السباق الرئاسي' سرق الانتخابات', وان هناك تزوير في عملية التصزيت, ولذلك تم انشاء اللجنة المستقلة للانتخابات والحدود(IEBC) في نوفمبر2011 لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات, ومن أهم الوسائل التي اعتمدت عليها اللجنة هو اعادة تسجيل جميع الناخبين الكينيين مع اخذ بصماتهم وصورهم لاستخدمها في التحقق من شخصية الناخب, مع اعداد دورات توعية للناخبين وتثقيفهم. وتترقبب دول العالم فاعليات الانتخابات الرئاسية الكينية وما ستسفر عنه وخاصة أن بعض المشاركين في السباق الرئاسي من المتهمين بارتكاب جرائم والتحريض علي العنف امام المحكمة الجنائية الدولية. ويتنافس علي الفوز في الانتخابات الرئاسية الكينية ثمانية مرشحين, من بينهم أمراة, حيث يعد رئيس الوزراء الحالي رايلا أودينجا ونائبه أوهورو كينياتا وزير المالية سابق وابن أول رئيس لكينيا من أبرز المرشحين, وقد أظهرت استطلاعات الرأي العام في كينيا, أن هناك تقاربا كبيرا بين نسب التأييد لكل من رئيس الوزراء ونائبه, حيث اجريت ثلاث استطلاعات للرأي حصل خلالها رايلا أودينجا علي نسبة45.1% من نسب التأييد, وحصل اهورو كينياتا علي43.7%, وحصل مودافادي علي نسبة5.8%. واستنادا لأحكام الدستور الجديد, ستقام جولة ثانية للانتخابات إذا لم يفز أي مرشح للرئاسة بالغالبية البسيطة علي صعيد البلاد وبنسبة25 في المائة من الأصوات في معظم مقاطعات كينيا البالغ عددها47 مقاطعة., وبدأ المرشحون في تقديم طالباتهم للمشاركة في الانتخابات في24 يناير الماضي هذا إلي جانب تقديمهم لتوقيعات2000 من مؤيديهم في أكثر من نصف عدد المقاطعات, وبدات المناظرات التليفزيونية التي بثها التليفزيون الكيني في11 فبراير حيث تركز النقاش حول العديد من القضايا أهمها قضية وجود مرشحين لرئاسة الدولة متهمين بارتكاب جرائم ضد المواطنين, هذا إلي جانب قضية' القبلية' واستمرار تأثيرها في الحياة السياسية واشار أحد المرشحين وهو بيتر كينيث إلي خطورة التأثيرات القبلية في ظل عدم تمكن الدولة من معالجة المشكلات التي تفجرت نتيجة لاعمال العنف في انتخابات2007 واشار في هذا الصدد إلي استمرار وجود مخيمات للمشردين داخليا بعد مرور خمس سنوات علي الانتخابات السابقة, كما أثار رئيس الوزراء رايلا أودينجا خلال حملته الانتخابية قضية' الارض' مؤكدا ان منافسه اهورو كينياتا كان من بين هؤلاء الذين استولوا علي مساحات واسعة من الاراضي. ووسط كل هذه الاستعدادات يترقب الجميع نتائج الانتخابات وما ستحمله من آثار ايجابية او سلبية علي الاستقرار والتنمية في كينيا.