قال موقع أوول أفريكا إن منظمة العفو الدولية اتهمت قوات الأمن النيجيرية الخميس الماضي بقتل حوالي 150 من المؤيدين لانفصال بيافرا عن البلاد خلال الفترة من أغسطس 2015 إلى أغسطس 2016، حيث أطلق الجيش ذخيرة حية دون سابق إنذار أو بعد إنذار عابر. وأضاف الموقع أن بيان منظمة العفو يعد الأحدث في سلسلة الاتهامات التي وجهت إلى الجيش النيجيري خلال العام الجاري، واعتمدت المنظمة في تقريرها الواقع في 60 صفحة على مقابلات مع 193 شخصا وعلى 87 تسجيلا مصورا و122 صورة فوتوغرافية خلال الفترة المذكورة. واشتدت النزعة الانفصالية في جنوب شرق نيجيريا منذ أدخلت حركة بيافرا الانفصالية البلاد في حرب أهلية منذ عام 1967 إلى 1970، وقتل فيها ما يقدر بمليون شخص، وزادت هذه النزعة العام الماضي بعد احتجاز نامدي كانو، زعيم جماعة أبناء بيافرا الأصليين، بتهمة التدبير الإجرامي والانتماء لجمعية غير قانونية، ما دفع مؤيديه لاحتجاجات، تم تفريقها بالذخيرة الحية. وعلى الجانب الآخر، قال المتحدث باسم الجيش، ساني عثمان، إن سلوك انفصاليي بيافرا اتسم بالعنف؛ إذ قتلوا خمسة من رجال الشرطة خلال احتجاج في مايو الماضي، وهاجموا سيارات تابعة للجيش والشرطة، في حين تحلى الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى بأقصى درجات ضبط النفس رغم تزايد وتيرة العنف الاستفزازي. وبيافرا هي جمهورية انفصالية سابقة دامت من 30 مايو 1967 حتى 15 يناير 1970، ونشأت عندما حاول سكان الإقليم الانفصال عن نيجيريا وتكوين دولة مستقلة خاصة بعرقية الإيبو في فترة الحرب الأهلية النيجيرية، وحصلت الجمهورية الانفصالية على اعتراف عدد قليل من الدول، مثل هايتي والجابون وساحل العاج وتنزانيا وزامبيا. ودعمت إسرائيل الانفصاليين بإمدادهم بالأسلحة سوفيتية الصنع التي استولت عليها من العرب، كما دعمتهم أيضا دولة البرتغال نكاية في نيجيريا الداعمة لاستقلال المستعمرات البرتغالية في إفريقيا، وكانت جزيرتي ساوتومي وبرينسيب البرتغاليتين قاعدتان للإمدادت الإنسانية للدولة وكانت معظم مكاتب التمثيل الخارجي لجمهورية بيافرا توجد في لشبونة، وتم طبع العملة المحلية لبيافرا أيضا في لشبونة. الجدير بالذكر أن حرب بيافرا أو الحرب الأهلية النيجيرية التي اندلعت في 1967 واستمرت حتى عام 1970، كانت صدمة قوية للوحدة الوطنية لنيجيريا، خاصة أنها حدثت بعد انقلاب سنة 1966 الذي قاده الجنرال ياكوبي جوون، على إثره، تم اغتيال الرئيس جونسون آغيلي إرونسي، أحد أبناء قبائل الإيبو، ليتم انفصال الإقليم الجنوبي الشرقي وتشكيل جمهورية بيافرا المستقلة، التي حضيت باعتراف دولي معلن مع مطلع سنة 1968 من قبل هايتي والجابون وكوت ديفوار وتنزانيا وزامبيا، واعتراف غير معلن من قبل إسرائيل والبرتغال وفرنسا. أسباب الحرب يعتبر التمايز والاختلاف العقائدي بين قبائل الإيبو وبقية المجموعات الإثنية على الساحة النيجرية، وكذا الشحن القبلي بين أبناء المجموعات المختلفة سببا مباشرا للحرب، التي ضربت جذورها في تاريخ العلاقات التي حكمت القبائل الكبرى جنوب الصحراء، ولم تكن فترة الاستعمار البريطاني إلا محطة لزيادة حدة التصادم وخلق العوامل المؤدية إليه، وتجاوزها في فترة الاستعمار لأن هدف بريطانيا لم يكن أبدا توحيد نيجيريا، بقدر ما كان تشتيتها وفق مبدأ فرق تسد، وهكذا بدأت الحرب عقب إعلان الكولونيل أودوموجوو إيميكا اوجوكوو، الحاكم العسكري للإقليم الشرقي، استقلال الإقليم وتأسيس دولة بيافرا في 30 مايو 1967، بقرار أغلبية ساحقة من المجلس الاستشاري للإقليم. ولم ينتظر الحكام العسكريون وقادة الانقلاب طويلا حتى أعلنوا حالة الطوارئ، وتحولت الإجراءات الأمنية إلى مشهد حرب أهلية حقيقية، أقحمت فيها الحكومة الفيدرالية أكثر من 250 ألف عسكري، وجاء التصويت على الانفصال من قبل ممثلي إقليم بيافرا، كرد فعل على المرسوم رقم 24 الذي أصدره الحاكم العسكري بتاريخ 24 مايو 1966، الذي ينص على إنهاء الفيدرالية وتحويل نيجيريا إلى دولة موحدة بسيطة التركيب، مع تحويل الأقاليم إلى مديريات، وانفراد الحكومة العسكرية بالتشريع، ووضع كل مرافق الدولة تحت إشراف لجنة المرافق العامة، ومباشرة التحقيق مع السياسيين القدامى، وإجراء تعداد للسكان، وحل جميع الأحزاب السياسية البالغة آنذاك 81 حزبا والجمعيات والاتحادات القبلية. النتائج تذكر بعض المصادر غير الرسمية أن ضحايا الحرب في بيافرا بلغ مابين خمسة إلى عشرة ملايين قتيل، بينما توضح مصادر أخرى رقم مغايرا تماما؛ إذ تقدر عدد النازحين بأكثر من ثلاثة ملايين لاجئ من قبيلة الإيبو ومئات الآلاف من الموتى جراء الجوع وتفشي الأوبئة، وتقدر عدد القتلى بما يقارب مليونين، بينما تقدرها مصادر أخرى بمليون قتيل، وتحطيم البنية التحتية للإقليم الذي يضم 80 % من احتياطي النفط، وانتهت الحرب الأهلية في نيجيريا بهزيمة الانفصاليين وعودة الإقليم إلى حضن الدولة النيجيرية بعد الاستيلاء على العاصمة أوبري ومطار أولي في جانفي 1970، وتمت تصفية التمرد نهائيا. استراتيجية حل أزمة بيافرا تم حل أزمة بيافرا وقضي على الحركة الانفصالية عن طريق القوة العسكرية من طرف الحكومة الفيدرالية، بينما لم تجد منظمة الوحدة الإفريقية آنداك، سبيلا إلى دور فاعل نظرا لانقسام الدول الإفريقية بين مؤيد ومعترف بالانفصاليين وبين من يعتبر القضية داخلية ولا يجب التدخل فيها وفق المادة الثالثة من ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية، التي تنص على احترام الوحدة الترابية للدول الأعضاء، واعتبرت نيجيريا أي تدخل خارجي سواء من منظمة الوحدة الإفريقية، أو من منظمة الأممالمتحدة، بمثابة خرق لسيادتها، لكن هذا الموقف لم يمنعها من قبول مناقشة القضية في المؤتمر الرابع لمنظمة الوحدة الإفريقية التي عقدت في كينشاسا خلال الفترة بين 11 إلى 14 سبتمبر 1967، الذي انتهى إلى تبني قرار يدين الانفصاليين ويشدد على الوحدة الترابية لنيجيريا.