يسعى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان جاهدا لاستكمال مخططاته التوسعية من خلال إعادة إحياء جبهة الإسلام السياسى بالاعتماد على إخوان المنطقة والعالم الإسلامي، فبعد فشل مشروع الإخوان المسلمين فى السيطرة على الحكم بمباركة أمريكا والغرب إبان أحداث ثورات الربيع العربى وفشل مخططهم بالمنطقة على يد مصر، ومن ثم فشل المشروع الاخوانى الأردوغانى الأمريكى الغربى فى العراق، ومن ثم فى سوريا بعد التدخل الروسى وصمود الجيش العربى السورى واستعادته لمعظم الأراضى السورية ، ها هو اردوغان الخارج على الأعراف والقوانين الدولية يسعى الآن ولو بالتحالف مع الشيطان لإعادة إشعال الحرائق الكبرى بالمنطقة من خلال توظيف لعبته القذرة شمال سوريا واحتلاله وتدخله السافر فى أراضيها واستنزاف ثرواتها وإطالة أمد خرابها، ثم استثماره وتوظيفه الآن للعناصر الإرهابية من المرتزقة ومن داعش والنصرة وغيرها لإرسالهم إلى ليبيا والعمل على إعادة إحياء المشروع الاخوانى التوسعى بهدف إحياء مشروع الخلافة العثمانية من خلال السيطرة على ليبيا وثرواتها،ومن ثم على المنطقة المغاربية ومن ثم ضرب الأمن القومى لمصر. ولقد انكشف مستور اردوغان بعد أن حققت مصر مكانتها فى شرق المتوسط وترسيم حدودها المائية مع اليونان وقبرص وعلو شأنها فى إنتاج البترول والغاز،لم يجد اردوغان أمامه غير التحالف مع حكومة فايز السراج وترسيمه الحدود مع ليبيا ومن ثم التوقيع على مذكرة تفاهم بحرية وأمنية تسمح لتركيا بنقل قواتها إلى ليبيا لمساعدة حكومة السراج المتآمرة مع الميلشيات الإرهابية لضرب الجيش الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر والسيطرة على مقدرات ليبيا، واستهداف بلدان المغرب العربى ومن ثم استهداف مصر من خلال حدودها الغربية الطويلة مع ليبيا، ولهذا تأتى زيارته الأخيرة لتونس كمؤشر خطر لبلدان المنطقة الأمر الذى جعل الجزائريين ينددون من مغبة ومخاطر تلك الزيارة،فقد استنكر الحزب الوطنى الجزائرى هذا التدخل العسكرى التركى ومن تحركات اردوغان فى المنطقة وفى بلدان أفريقيا ونقله للإرهابيين من سوريا الى ليبيا وانعكاسات وخطورة ذلك على أمن واستقرار المنطقة وسلامة وأمن الأراضى الليبية واستباحة دماء أبنائها بإشعاله الحروب والفتنة فيما بينهم وإدخال ليبيا بذلك وعلى غرار سوريا إلى مستنقع الموت الذى رسمته قوى الشر للمنطقة. إن الخطر كبير وداهم ولا يجب أن نقلل من مخاطره، بل ولا يجب مطلقا أن نعتمد على ما تصرح به أمريكا وبما يعلنه الغرب عن مواقفهم ومصالحهم مع تركيا، أو حتى بالتعويل على الأممالمتحدة ومجلس الأمن ومقدرتهما فى إمكانية تحجيم وإيقاف نقل تركيا لتنظيماتها الإرهابية ومرتزقاتها إلى ليبيا، وبخاصة بعد نجاح اردوغان فى شرعنة احتلاله وغزوه للشمال السورى بحجة محاربة الأكراد، وفعل ما يحلو له من تغيير ديموغرافى داخل المنطقة الآمنة بشمال وشرق سوريا دون عقاب، ولا يجب أن نطمئن لما يردده بعض المراقبين والمحللين من عدم رضا أمريكا والغرب أو حلف الأطلنطى تجاه ممارسات تركيا على المستوى الإقليمى والدولي،ودليل ذلك هو أن حلف الناتو نفسه هو الذى دمر ليبيا خلال ثورتها وأوصلها إلى هذا الخراب والاقتتال الذى لا تزال عليه الآن، ولهذا لا يمكن أن نصدق أبدا أن اردوغان يقدم على خطوة نقل قواته إلى ليبيا وتوقيعه اتفاقية أمنية مع فايز السراج إلا من خلال مباركة أمريكية وغربية وبمباركة من الناتو لاستكمال المخطط فى ليبيا والمنطقة . ولاستفحال وخطورة العدوان التركى المتجرئ على استهداف وشرعنة التدخل فى بلداننا كانت مصر من أوائل الدول التى دعت إلى اجتماع على مستوى الأعضاء الدائمين بجامعة الدول العربية يوم الثلاثاء الماضى الموافق 31 من شهر ديسمبر الماضى لاستشعارها خطر المؤامرة وسرعة تحرك اردوغان وحصوله على موافقة البرلمان التركى لإرسال القوات التركية لدعم السراج وميليشياته، وتهديد المنطقة المغاربية وإشعالها وتهديد الأمن القومى المصرى والعربى بإعادة تاريخ الغزو العثماني، فهل يستيقظ الليبين ويغلبون مصلحة الوطن الليبي؟ هل يعملون سريعا للعمل معا من اجل المصالحة الوطنية ونبذ العنف وفض النزاعات عبر الحوار والطرق السلمية وغلق الأبواب أمام قوى الشر الغاشمة للنجاة من هذا الفخ ؟، وهل تستيقظ منظمة الاتحاد الأفريقى للعمل صفا واحدا لإيقاف هذا المخطط ؟،هل تستفيق جامعة الدول العربية وبلدانها وتسرع فى تشكيل قوى عسكرية عربية مشتركة للوقوف فى وجه المعتدين بعيدا عن الاستنكار والشجب ؟، هل يستيقظ ضمير ووجدان الأممالمتحدة ومجلس الأمن للحفاظ على سلامة وامن الدول بعيدا عن المجاملات والشبهات بالثار لكل الشعوب الحرة وبعدم السماح بتدخل الدول الغاشمة فى شئونها ؟ أم يبقى قانون الغاب الغازى والاستعمارى المتبجح مسيطرا ومهيمنا على العالم ونحن نعيش خلال القرن ال21؟ .