يحملون السعف ويرددون الترانيم.. احتفالات الأقباط فى الدقهلية بأحد الشعانين- صور    رئيس جامعة بنى سويف الأهلية يناقش الخطة المستقبلية للعام المقبل    100 ألف دولار سنويًّا.. كيفية الالتحاق بتخصصات البرمجة التي تحدث عنها السيسي    مؤتمر بغداد للمياه.. سويلم: تحركات إثيوبيا الأحادية خرق للقانون الدولي وخطر وجودي على المصريين    الحصاد الأسبوعي لأنشطة وزارة البيئة خلال الفترة من 20- 28 أبريل الجاري    الكرتونة ب 95 جنيهًا، رد صادم من شعبة الثروة الداجنة على اتحاد المنتجين بشأن أسعار البيض    ألمانيا: دويتشه بان تعتزم استثمار أكثر من 16 مليار يورو في شبكتها هذا العام    استعدادا لشم النسيم.. الزراعة: طرح رنجة وفسيج بالمنافذ بتخفيضات تتراوح بين 20 و30%    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    الأولى منذ الحرب.. وصول وزير الخارجية البحريني في زيارة إلى دمشق    إعلام إسرائيلي: بايدن سيناقش مع نتنياهو اجتياح رفح اليوم    اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانها حول التطورات في غزة    عاجل| وزير الخارجية يبحث مع منسق السياسة الخارجية الأوروبي مستجدات الأوضاع في غزة    "يتم التجهيز".. الأهلي يكشف ل مصراوي موعد حفل تأبين العامري فاروق    "هل حضرتك زعلان؟".. شوبير يكشف مفاجأة بشأن انتماء مخرج مباراة مازيمبي ويوجه رسالة نارية    إنتر يواصل احتفالاته بلقب الدوري الإيطالي بثنائية أمام تورينو    حسام غالي يكشف مفاجأة لأول مرة عن لاعبي الأهلي أثناء توقف النشاط الرياضي    ل 30 مايو.. تأجيل محاكمة المتهم بقتل نجل لاعب الزمالك السابق    حملته سفاحا، تأجيل محاكمة ربة منزل قتلت ابنها في الوراق    تأجيل محاكمة المتهمين في عملية استبدال أحد أحراز قضية    رفض والدها زواجه من ابنته فقتله.. الإعدام شنقًا لميكانيكي في أسيوط    بعد زواج ابنته في 10 أيام، صبحي خليل ل فيتو: أحمد راجل، وقف جنبها في أصعب ظروفها    طلقها 11 مرة وحبسته.. من هو زوج ميار الببلاوي؟    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لمليون مواطن فوق سن 65 عامًا    أستاذ جهاز هضمي: الدولة قامت بصناعة وتوفير علاج فيروس سي محليا (فيديو)    تفاصيل لقاء هيئة مكتب نقابة الأطباء ووفد منظمة الصحة العالمية    زعيم المعارضة الإسرائيلية: حكومة نتنياهو في حالة اضطراب كامل وليس لديها رؤية    مدير تعليم الدقهلية يناقش استعدادات امتحانات الفصل الدراسي الثاني    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    الرئيس السيسي: «متلومنيش أنا بس.. أنا برضوا ألومكم معايا»    فيلم «أسود ملون» ل بيومي فؤاد يحقق المركز الرابع في شباك التذاكر    بحضور محافظ مطروح.. «قصور الثقافة» تختتم ملتقى «أهل مصر» للفتيات والمرأة بالمحافظات الحدودية    الكرملين: مصادرة الأصول الروسية ستدق «مسمارا كبيرا» فى نعش المنظومة الاقتصادية الغربية    إجازة بالقطاع الخاص يومى 5 و6 مايو بمناسبة عيد العمال وشم النسيم    خبير سياحى لبرنامج "صباح الخير يا مصر" : المقومات السياحية المصرية متنوعة .. وهذه أسباب الإشادات العالمية    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية في قرية جبل الطير بسمالوط غدا    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس المتوقعة اليوم وحتى الجمعة 3 مايو 2024    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    أهم الأيام في التاريخ القبطي.. الكنيسة تحتفل بأحد السعف وسط فرحة عارمة وإقبال كبير|شاهد    أجمل دعاء للوالدين بطول العمر والصحة والعافية    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    إدارة الأهلي تتعجل الحصول على تكاليف إصابة محمد الشناوي وإمام عاشور من «فيفا»    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    تفاصيل مشاركة رئيس الوزراء في المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    أول تعليق من مها الصغير على أنباء طلاقها من أحمد السقا    اليويفا يكشف النقاب عن حكم مباراة ريال مدريد وبايرن ميونخ في ذهاب نصف نهائي تشامبيونزليج    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    بنك QNB الأهلي وصناع الخير يقدمان منح دراسية للمتفوقين بالجامعات التكنولوجية    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    سيد رجب: بدأت حياتى الفنية من مسرح الشارع.. ولا أحب لقب نجم    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكري يكتب: بعد استباحة القضاء.. خطة 'الإخوان' لتفكيك الشرطة
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 13 - 03 - 2013

شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيدا غير مسبوق في مواجهة الشرطة، إنها خطة ممنهجة، تستهدف تحقيق خطوات محددة، عبرها ومن خلالها يجري وضع الشرطة وجهاً لوجه في مواجهة الشعب، إنه استعادة لسيناريو أحداث 28 يناير، تصعيد إعلامي، تحريض سافر، استفزاز، رفض الانصياع للحلول السياسية، وفي النهاية صدام متوقع، بين شعب غاضب، وشرطة مهمتها حفظ الأمن والاستقرار.
في الرابع من ديسمبر من العام الماضي زحف أكثر من 750 ألف مواطن إلي قصر الاتحادية، أعلنوا بشكل سلمي رفضهم للإعلان الدستوري الصادم، والصادر في 21 نوفمبر، لم يسعوا إلي الصدام، ولا العنف ولا التخريب، ومع ذلك طلب الرئيس من وزير الداخلية حينذاك اللواء أحمد جمال الدين مواجهة المظاهرات، والقبض علي قادتها، رفض الوزير وطلب قراراً مكتوباً، حمل المتظاهرون ضباط الشرطة علي أكتافهم، وهتفوا الشعب والشرطة إيد واحدة، لكن الجماعة كانت تضمر شيئاً آخر.
في اليوم التالي 5 ديسمبر زحفت ميليشيات الإخوان أحرقوا خيام المعتصمين أمام قصر الاتحادية، ثم اشتعل الموقف، فكانت النتيجة سقوط عشرة شهداء ومئات الجرحي.
لقد اعترض وزير الداخلية علي قيام قيادات من الجماعة بالتحريض علي أحداث العنف، وكذلك قيام ميليشيات الإخوان بالقبض علي بعض المتظاهرين وتعذيبهم داخل القصر الرئاسي بعلم كبار المسئولين بالقصر، الذين مارسوا ضغوطاً علي النيابة العامة لتحويلهم من ضحايا إلي متهمين.
منذ هذا الوقت بدأت الساحة تشهد متغيراً حقيقياً في علاقة الشرطة بالشعب، إنه أول اختبار عملي، بعد فترة من التأزم، أثبتت فيه الشرطة أنها تقف مع الشعب علي أرضية واحدة، وأنهم لا يريدون إعادة إنتاج الصورة الكريهة، التي شهدتها الأحداث السابقة.
كان طبيعياً وأخال كذلك أن تتم الإطاحة باللواء أحمد جمال الدين، وأن يتم الإتيان بوزير آخر، أكثر استعداداً لتنفيذ التعليمات، والقبول بشروط الرئيس، والتي هي شروط الجماعة، بضمان استمراره في منصبه!!
جاء الوزير محمد إبراهيم في ظروف بالغة التعقيد، الشائعات سبقته، هناك من قال إن خيرت الشاطر هو الذي جاء به، وهناك من قال إن ميول الرجل تتفق مع نهج الإخوان، حاول إنكار ذلك، إلا أن تداعيات الأحداث التي كانت الوزارة طرفاً فيها رسخت لدي الكثيرين مفهوم أن الرجل قد جاء لمهمة محددة.
كانت ساعة الصفر، هي السادس والعشرين من يناير الماضي، إنه تاريخ صدور الحكم في مذبحة بورسعيد، بدأ الصدام، سالت الدماء، كانت هناك رصاصات تطلق لا أحد يعرف مصدرها سقط العشرات من أبناء بورسعيد، انضموا إلي موكب شهداء آخرين سقطوا في السويس والمحلة وطنطا والمنصورة والقاهرة والإسكندرية وغيرها.
سالت الدماء من جديد في الشوارع انطلقت التصريحات تدين الشرطة، وتحملها المسئولية كاملة، الأبواق الإعلامية راحت تحرض، وتستفز الجميع، تحول الأمر من رفض لنهج الإخوان وسياستهم إلي معركة ضد الشرطة ورجالها.. وكان مشهد سحل متظاهر أمام قصر الاتحادية هو بداية عودة الصورة الكريهة من جديد!!
هنا بدأ المخطط يؤتي ثماره، بعد استباحة القضاء وإشعال الحرب بداخل ساحته، جاء الدور الآن علي جهاز الشرطة، هناك ثأر قديم لا يمكن نسيانه، وهناك أجندة تستهدف تصفية ما يسمي بمؤسسات الدولة العميقة التي يراد لها أن تسقط، والشرطة هي واحدة من أهم مفاصل هذه الدولة، إنهم يعتبرونها شرطة 'مبارك' بالضبط 'كقضاء مبارك'.. وجيش 'مبارك' أيضاً.
كان الهدف الخفي هو دفع الأمور إلي مزيد من الاحتقان، إنهم يعيشون أزمة خانقة مع الشعب، وقد جاء الوقت المناسب لإشعال الحرب بين ما يسمونه بمؤسسات الدولة العميقة والشعب بجميع فئاته ونخبه السياسية والاجتماعية، ليبقوا هم في مقعد المحرضين والمتفرجين.
قبل وصول الجماعة إلي السلطة شهد الرأي العام علي الهواء مباشرة، هذه الحرب الضروس التي شنها عدد من نواب جماعة الإخوان تحت قبة البرلمان ضد الشرطة ووزير داخليتها السابق اللواء محمد إبراهيم عقب مذبحة بورسعيد مباشرة، لقد تركوا مذبحة بورسعيد جانباً وراحوا يطالبون بتطهير الداخلية وإعادة هيكلتها ويشككون في ولاء أبنائها.
جاءوا بالوزير أكثر من مرة أمام البرلمان، وراحوا ينفثون سمومهم ضد الجهاز بأسره، كأنه جهاز دولة معادية.[Image_2]
كان الهدف هو ممارسة المزيد من الضغوط، ذهب وفد منهم لمقابلة الوزير، وطالبوا بأن يكون البرلمان 'برلمانهم' طرفاً في إعادة الهيكلة والتطهير، رفض الوزير هذه المفاهيم، وقال إن الجهاز يطهر نفسه أولاً بأول، والهيكلة هي شأن داخلي، وإنه لن يسمح باختراق الوزارة تحت أي مسمي.
في هذه المرة نجح المخطط، استطاعوا بالفعل إعادة إنتاج الصورة الكريهة من جديد، في البداية راحوا يساندون الشرطة في التصدي للمتظاهرين، دافعوا عنها، وقالوا إنها تستخدم حق الدفاع الشرعي ضد البلطجية، وتناسوا أنهم اتهموها قبل ذلك بأنها متواطئة، حدث ذلك أثناء أحداث مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، وورد ذلك أيضاً علي لسان المرشد العام للجماعة الذي اتهم الشرطة بالتقصير لأنها لم تستطع حماية مقرات الجماعة وراح هو والعديد من قيادات الجماعة يحملون الوزير أحمد جمال الدين المسئولية عن ذلك.
في الآونة الأخيرة وحتي ما قبل الإعلان الدستوري الصادر في 21 نوفمبر من العام الماضي، كان رجال الشرطة قد نجحوا في إحداث نقلة نوعية علي صعيد الأداء الأمني، واستعادة الأمن والاستقرار إلي حد ما، عبر مطاردة البلطجية ومواجهة الجريمة قبل وقوعها، بدأت الأمور تأخذ طريقها، أصبح هناك تعاون ملموس بين الشرطة والشعب، سقط نحو 181 ضابطاً وفرداً من الشرطة في هذه المواجهات وأصيب نحو سبعة آلاف بجروح، إنه ثمن باهظ، لكن رجال الشرطة تقبلوه، انطلاقاً من إحساسهم بمسئوليتهم تجاه الوطن.
فجأة انقلب الحال رأساً علي عقب، ماكينة إعلامية ترصد التجاوزات، شهداء يسقطون، عمليات اختطاف للنشطاء وتعذيبهم وقتلهم، وإلقاء جثثهم علي نواصي الطرق، تزوير في تقارير الطب الشرعي، لا أحد يعرف من وراء كل هذه الجرائم دفعة واحدة، لكن العنوان الرئيسي حمّل الشرطة مسئولية ما حدث.
عندما تغلق الشرطة أبوابها وتترك الشعب فريسة للبلطجية ولا يتحرك رئيس الجمهورية.. فأنت أمام 'خطة مكتملة الأركان'
عادت الصورة الذهنية السابقة من جديد، أصبحت المنصورة وطنطا والمحلة ساحات حرب حقيقية، لتلحق بالسويس وبورسعيد وغيرهما، حصار لمديريات الأمن وأقسام الشرطة، عمليات اختطاف من كلا الجانبين، غير أن أخطر الأحداث وقعت في المنصورة، عندما راحت عناصر من جماعة الإخوان ترافق رجال الشرطة في مواجهة الجماهير الغاضبة، ساعتها أدرك الجميع أن مخطط الأخونة أصبح أمراً واقعاً، حمّلوا الوزير المسئولية وانتفض رجال الشرطة قبل الآخرين.
تجمعت عناصر من الضباط والجنود، تركوا الأقسام والمراكز الأمنية، تجمهروا وأعلنوا الاعتصام، انتقلت العدوي سريعاً إلي معسكر الأمن المركزي في الإسماعيلية والعديد من المعسكرات الأخري، وفي ساعات معدودة، راحت العشرات من أقسام الشرطة تغلق أبوابها وتحدد مطالبها في ثلاثة مطالب أساسية.
إقالة وزير الداخلية الذي اتهموه بأنه ينفذ سياسة الإخوان.
رفض المواجهة والصدام مع الجماهير الغاضبة.
المطالبة بتسليحهم لمواجهة أعمال البلطجة الجنائية.
خرج ممثلون عن الضباط والأفراد المضربين، أعلنوا عن مطالبهم أكثر من مرة، إلا أن التصريحات التي صدرت عن مسئولين كبار بالدولة، راحت تقول إن المضربين قلة لا تتجاوز ال 5٪، وإن مطالبهم فئوية.
ازداد الموقف اشتعالاً أغلق المزيد من الأقسام والمراكز الأمنية أبوابها، مديريات بأكملها توقفت عن العمل، لكن كل ذلك ورغم خطورته، لم يحرك ساكناً لدي السيد الرئيس، الذي قال أكثر من مرة 'إن جلده سميك'، وإن مثل هذه الأحداث لن تؤثر فيه، ولن تجبره علي الاستقالة'!!
لم يكن رجال الشرطة يفعلون ذلك، نكاية في الشعب أو تخليا عن مسئوليتهم ورسالتهم الوطنية، بل كانوا يريدون توجيه رسالة إلي الجميع، نحن مع الشعب، ولن نتركه، ونحن أيضاً ضد 'الأخونة' ومحاولة دفعنا إلي الصدام مع المتظاهرين.
كانت الرسالة واضحة ولذلك انطلقت الحرب ضدهم من الجماعات الأصولية، وفي مقدمتها جماعة الإخوان. مراد علي المتحدث باسم الحرية والعدالة، وضعهم بين أحد خيارين إما أن تطهروا أنفسكم أو تعزلوا.. هناك من اتهمهم بخيانة الشعب، وهدد وتوعد، وقال إنهم مستعدون لملء الفراغ الأمني، بديلاً عنهم.
قالوا إنهم مستعدون لتشكيل لجان شعبية تقوم بمهمة حفظ الأمن في المناطق المختلفة، استشاط الرأي العام، أدرك الكثيرون، أن الخطة بدأت تكشف عن وجهها سافراً، وأن هناك من يضع 'ميليشياته' علي أهبة الاستعداد، هناك من طالب بألا يقتصر الأمر علي مجرد نزول هذه اللجان إلي الشارع، بل يجب إنشاء إدارة خاصة لمكافحة البلطجة، وإنشاء جهاز يتبع وزارة الداخلية فنياً وإدارياً من متطوعين، تكون مهمته الأساسية المعاونة في حفظ الأمن الداخلي.
إذن هي 'الشرطة البديلة' أو ما يسمونه 'بالشرطة الشعبية' وهو مصطلح سبق طرحه أكثر من مرة، و'الشرطة البديلة' ستكون مهمتها الأساسية مزاحمة جهاز الشرطة وتجاوزه، ثم القيام بمهمة الإشراف عليه، 'وتطهيره' وإعادة هيكلته.
وهذه 'الشرطة البديلة' سوف تأخذ في النهاية وجوها متعددة، لكنها ستؤسس لجهاز شرطة هو أقرب إلي نموذج 'الحرس الثوري الإيراني'.
والذي كشف النقاب قبل ذلك، عن لقاءات واتصالات كان الهدف من ورائها 'استنساخ' ذات التجربة في مصر.
لم يكن ذلك هو الخيار الوحيد فقط، بل إن إدارة التشريع بوزارة العدل انتهت مؤخراً من إعداد مشروع لإنشاء 'شركات أمن خاصة' تكون مهمتها المعلنة حراسة المنشآت الخاصة في البلاد، ويمنح أعضاؤها الحق في 'التسلح' وقيل أيضاً إن هناك محاولات لمنح العاملين بهذه الشركات صفة الضبطية القضائية، وإن المشروع سيعرض قريباً علي مجلس الشوري لإقراره.
كان ذلك مطلب جماعة الإخوان وتحديداً بعد أن رفض وزير الداخلية السابق اللواء أحمد جمال الدين منح جماعة الإخوان رخصا جماعية للأسلحة لعدد من كوادرها بزعم حماية مقرات الإخوان.
لقد صرح صابر أبوالفتوح العضو القيادي بجماعة الإخوان والرئيس السابق للجنة القوي العاملة بمجلس الشعب 'المنحل' بأن الجماعة تبحث عن حلين بديلين لغياب الشرطة من الشارع.
العودة إلي فكرة اللجان الشعبية.
أو تكوين مجموعات بزي مدني لمواجهة الانفلات الأمني.
غير أن الجماعة في وقت سابق، وبعد تحذيرات من الجيش راحت تعلن رفضها علي استحياء لفكرة الميليشيات وتشكيل اللجان الشعبية.. إلا أن ذلك لم يلغ الفكرة وبدائلها.
لقد حذر الفريق أول عبدالفتاح السيسي في اتصال مع رئيس الدولة من خطورة تشكيل هذه اللجان، لأنها تنذر بمعارك قد تقود إلي تشكيل ميليشيات تهدد كيان الدولة وأجهزتها.
وأمام حالة الجدل التي سادت الشارع المصري، أصدر النائب العام بياناً طالب فيه بتفعيل نص المادة '37' من قانون الإجراءات الجنائية الذي يعطي المواطنين الحق في الإمساك بكل من يرتكب جريمة يكون عقابها الحبس الاحتياطي، 'جنحة' كانت أو 'جناية' وتسليمه للسلطات العامة.
أحدث القرار ضجة كبيرة اعتبره البعض غطاء قانونياً للميليشيات التي وجدت صعوبة في النزول بشكل معلن، فصدر هذا البيان، ليثير فتنة كبيرة في البلاد، تنذر بفوضي شاملة، تهدد بمعارك في الشوارع، وتفتح الباب أمام نذر الحرب الأهلية.
ورغم أن مكتب النائب العام أعلن في اليوم التالي أن البيان لم يتضمن ما يشير إلي منح الضبطية القضائية للمواطنين لأن ذلك ليس من اختصاص النيابة العامة غير أن 'الطلقة' التي أطلقت أحدثت مفعولاً، ففي اليوم التالي جري القبض بواسطة هذه العناصر علي الناشطة 'مني سيد عبدالكريم' أثناء سيرها في شبرا بهدف تصفية الحسابات معها، كما جري القبض عبر عناصر الجماعة علي عدد من المتظاهرين أمام مقر الجماعة الرئيسي بالمقطم، وتجمع عدد من أعضاء الجماعة الإسلامية في أحد ميادين أسيوط، ولكن سرعان ما انصرفوا، بعد نزول الشرطة التي قالت لن تسمح لأحد بأن يقوم بدورها مهما كان الثمن!!
كان الموقف داخل أوساط الجيش عنيفاً، إذ أعلن الجيش رفضه منح الضبطية القضائية لغير المنوط بهم، وقال مصدر عسكري ل'الوطن' إن القرار ينذر بحرب أهلية، وحذر من وجود أي ميليشيات تهدد المواطنين وتعمل علي ترويعهم، وقال إن الجيش مستعد لردعهم بكل قوة، وإن هناك أجهزة سيادية تراقب الوضع الداخلي وترفع تقاريرها لوزير الدفاع أولاً بأول، وإن الجيش لن يقف موقف المتفرج من هذه الأحداث، وإذا شعر بخطر يهدد الوطن فسيقف بكل قوة للتصدي له.
لقد تم رفع تقرير للفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع تضمن تحذيراً من خطورة تشكيل هذه اللجان الشعبية بواسطة تيارات إسلامية لها أهداف سياسية، ويتحرك بعضها باتفاق مع جماعة الإخوان بالضبط كما حدث خلال حصار المحكمة الدستورية، ومدينة الإنتاج الإعلامي، وإن ذلك من شأنه أن يحدث فوضي عارمة في البلاد.
وأكد التقرير 'أن هذه اللجان الشعبية ليست سوي ميليشيات تستهدف خلق كيانات موازية تبدأ بالشرطة ثم تنتهي بالجيش، وأنه إذا سمح لها بالنزول، فسوف يكون من حق الآخرين فعل ذلك، وهو أمر قد يقود إلي إنشاء دولة 'الميليشيات' بديلاً عن الدولة الوطنية، مما يهدد بتفكيك مؤسسات الدولة وصولاً إلي إسقاطها'.[Image_2]
نفس الأمر بالنسبة لائتلافات الشرطة، فقد أعلن ائتلاف الأفراد أن الشرطة لن تسمح لأي فصيل بأن يشارك في تأمين الأقسام أو الوقوف لمجرد التأمين بالشوارع، مؤكداً أن الشرطة ستبقي موجودة وسوف تعيد السيطرة علي الشارع المصري وإظهار من يقوم بالتخريب والبلطجة وهدم المنظومة الأمنية.
وقال العميد حنفي عبدالتواب 'إن الإخوان يريدون إحلال ميليشياتهم محل الشرطة بدعوي ضعفها أو إضرابها هذه مؤامرة لن نسمح بها'.
وهكذا تتصاعد لغة الجدل في الشارع المصري، الذي أصبح علي يقين بأن هناك 'خطة ممنهجة' يجري تنفيذها علي أرض الواقع، وأن هذه الخطة تمضي تدريجياً لترسيخ واقع جديد، ينقل الناس من حالة إلي حالة، وصولاً إلي الاستسلام الكامل.
رفع المتظاهرون شعار 'الشعب والشرطة إيد واحدة' أمام قصر الاتحادية فتمت إقالة أحمد جمال الدين
ويراهن الإخوان علي أن هذه المظاهرات والتحركات والاحتجاجات التي يعج بها الشارع المصري، سرعان ما ستهدأ، بعد حالة من الإنهاك وأن ذلك من شأنه أن يدفع الناس للقبول بسياسة الأمر الواقع فتنتهي الأزمة ويعود الشارع المصري إلي 'سباته' من جديد، ويقبل بالأخونة ويمضي بحثاً عن لقمة عيشه.. غير أن الأمر ليس مقصوراً فقط علي هذه الاحتجاجات أو تلك الاعتصامات.
هناك مخطط 'إفلاس' الدولة في المقابل، يمضي علي قدم وساق، الرئيس غير مكترث، عندما جاء جون كيري إلي القاهرة مؤخراً حذر من إفلاس الدولة أما صحيفة 'الإيكونوميست' البريطانية فقد أكدت أن مصر لن تستطع الصمود اقتصادياً لأكثر من شهرين أو ثلاثة، الكل يتحدث عن الخطر القادم، بعد تراجع الاحتياطي النقدي الاستراتيجي، وتأزم الأوضاع، إلا الرئيس، 'جلده سميك'!!
يأتي ذلك في وقت تتراجع فيه الآمال بحصول مصر علي قرض صندوق النقد الدولي، الذي جمد القرض البالغ نحو 4٫8 مليار دولار اعتراضا منه علي برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي، وهو نفس الأمر الذي ينطبق علي العديد من البلدان الأخري بما فيها قطر التي قالت إنه 'لا مساعدات لمصر في الوقت الراهن'.
هكذا تمضي الأوضاع نحو مزيد من الاضطرابات، تردٍ للأحوال الاقتصادية واستمرار لحدة الخلافات بين القوي المجتمعية، وبين تيار الإخوان والعديد من مؤسسات الدولة الوطنية التي تحاول الحفاظ علي استقلاليتها، مما يهدد بسيناريوهات الانفلات الشامل، واندلاع ثورة الجياع، التي بدأت نذرها بعمليات السرقة بالإكراه، وقطع الطرق، والاستيلاء علي أموال الرواتب التي تنقلها شركات الأموال من البنوك، والتهجم علي المنازل وفرض الإتاوات.
لقد تراجعت مصر أمنياً بشكل أصبح يثير القلق، ليس فقط للمستثمرين والسياح، بل للمصريين أيضاً، حيث راح عشرات الألوف يتنقلون بين العديد من عواصم العالم بحثاً عن ملاذ آمن، وخوفاً من تطورات خطيرة قد تشهدها البلاد قريباً، إما بفعل الصراع السياسي أو الصراع الاجتماعي في البلاد.
الجيش المصري لا يزال متحفزاً يتابع الأوضاع يراقب التطورات، هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق تحدث عن صراع محتمل بين جماعة الإخوان والجيش، قد يفضي إلي شيء جديد، الجيش يقول إنه مع الشعب ولن يسمح بانهيار الدولة وسقوطها، والإخوان لديهم أجندة كاملة ويرون أنهم في سباق مع الزمن، يريدون استباق الجيش في نزولهم وحلفائهم إلي الشارع وتشكيل ما يسمي باللجان الشعبية.
أما الجيش من جانبه فهو يسعي جاهداً إلي إعادة الشرطة لممارسة دورها ومساعدتها، لأنه يدرك أن انهيارها وسقوطها يفتح الطريق أمام سيناريو 'محاولة خلخلة الجيش والنفاذ إليه'.
الفريق أول السيسي يعطي إشارات بين الحين والآخر، موجهة إلي الشعب والقوي التي تظن أن بإمكانها اختراق الجيش، الكلام واضح ومحدد وهو يتفق مع رسالة الجيش ودوره الوطني.. خيارنا مع الشعب ولن نقبل بسقوط الدولة وانتشار الفوضي.
الأزمة موجودة بين الجيش والإخوان، إطلاق الشائعات لم يكن اعتباطاً والتربص بوزير الدفاع أمر ليس من صنع الخيال، لكن الإخوان ينتظرون اللحظة المناسبة، وساعتها سوف يأخذ الصراع صورة جديدة، ومختلفة، قد تقلب الأوضاع رأساً علي عقب!!
لقد تابعت الدوائر السياسية والجماهيرية بالداخل والخارج دور الجيش في مدن القناة وتحديداً في بورسعيد، وأدركوا حجم الشعبية الكاسحة التي دفعت أهالي بورسعيد إلي وقف مظاهراتهم، بعد تولي الجيش المسئولية الكاملة، رغم تأييد الأحكام الصادرة بإعدام 21 من أبنائهم من محكمة جنايات بورسعيد.
كان المشهد مثيراً لم يحدث أي صدام مع الجيش، بل كان البديل هو الهتاف 'الجيش والشعب إيد واحدة'، بل انشأوا مكتباً للشهر العقاري لإصدار توكيلات بتفويض الفريق أول السيسي في تولي إدارة شئون البلاد، وهو دعوة بدأت تنتشر في أنحاء البلاد من الجنوب إلي الشمال.
لقد تابع المراقبون وقائع الاحتفال بمناسبة يوم 'الشهيد' الذي أقامته القوات المسلحة في 9 مارس وكان غريباً أن يغيب رئيس الدولة عن هذا الاحتفال، بل وعن صلاة الجمعة التي حضرها الفريق أول السيسي وقادة الجيش بمناسبة هذه الذكري في مسجد آل رشدان، بينما راح الرئيس يؤدي الصلاة وحيداً في أحد مساجد التجمع الخامس بجوار منزله.. وكان في حضور شيخ الأزهر جنباً إلي جنب مع الفريق أول السيسي دلالة لا تغيب عن الأذهان.
كان المشهد لافتاً، لكنه في رأي الكثير يمثل تعبيراً عن أزمة خرجت من طي الكتمان إلي العلن، الجيش غاضب من بعض الممارسات والإهانات التي كان آخرها تصريحا صادرا من قيادي بجماعة الإخوان يتهم فيه الجيش بالمسئولية عن قتل شهداء رفح، ناهيك عن رفض الجيش محاولة دفع البلاد إلي الفوضي والانهيار.
هناك من يريد الشرطة والجيش مجرد أداة لخدمة النظام، الشرطة انتفضت ورفضت الأخونة والجيش يعرف تماماً ما دوره ورسالته، ولذلك يرفض بكل قوة محاولات وضعه في مواجهة مع الشعب، ويؤكد أن رسالته هي في حماية الدولة والحيلولة دون سقوطها، إنه عنوان يحمل الكثير من التفاصيل، التي تتكشف الواحدة تلو الأخري.
ويبدو في المقابل أن 'الجماعة' وحلفاءها سعيدون بغياب الشرطة، وهم يرونها فرصة مناسبة للانقضاض والتفتيت من الداخل، خاصة أن مخطط ما يسمي بالتطهير وإعادة الهيكل، جاهز، فقط ينتظر الخروج من درج الجماعة ليجري تنفيذه علي أرض الواقع.
وإذا تركت الشرطة كما ترك القضاء وحيداً يخوض معركة استقلاله في غيبة من رد الفعل الجماهيري الواسع، فأبشروا بانهيار قريب لمؤسسات الدولة الواحدة تلو الأخري.
لقد سقطت النخبة في وقت سابق في خطأ تاريخي برفع شعار 'يسقط حكم العسكر' وتركوا المجلس العسكري وحيدا يواجه ضغوط الإخوان مما اضطره للقبول بسياسة الأمر الواقع، والعودة إلي ثكناته قبل إنجاز الدستور، غير أن بعض أطراف هذه النخبة لم يتعلم الدرس وراحوا يسقطون في شباك الإخوان مجدداً ويطالبون بإقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، وبعدها راحوا يعلنون الندم علي موقفيهما.
لكل ذلك يبقي السؤال، هل تعلمت النخبة الدرس، وأدركت أن المستفيد الوحيد من كل ذلك هي جماعة 'الإخوان'؟
هل أدركوا أن هجوم علي الشرطة والسعي إلي التحريض عليها في هذه الفترة التاريخية الحاسمة يعني أيضاً أنهم يكررون ذات الخطأ ويخدمون هدف الإخوان وحلفائهم بإسقاط الشرطة لصالح الميليشيات بعد أن راح الإخوان يتهمونها بأنها تقود 'الثورة المضادة' ونسوا أو تناسوا أنهم أصبحوا هم عنوان 'الثورة المضادة' التي تسعي إلي إسقاط الدولة وإقصاء الجميع؟
تعلموا الدروس.. وكفوا عن التحريض والادعاءات، حافظوا علي مؤسسات الدولة لأن سقوطها يعني قيام دولة الإخوان التي لن تسمح لكم أو لغيركم بالوجود من الأساس إلا إذا كنتم خدماً وعملاء وارتضيتم الهوان والعبودية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.