الرئيس السيسي: «لو عندنا مياه تكفي زراعة 100 مليون فدان كنا زرعناهم»    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا من نظيره الأمريكي    القباج تتوجه إلى البحرين للمشاركة في مبادرة العيش باستقلالية والمعرض العربي للأسر المنتجة    يعرف الفراعنة جيدا.. من هو حكم مباراة مصر وبوركينا فاسو في تصفيات كأس العالم؟    نصائح لطلاب الثانوية العامة.. «إزاي تحل أسئلة الاختيار من متعدد؟»    تموين المنيا: ضبط 95 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    السكك الحديد: تشغيل قطارات نوم وأخرى مكيفة للإسكندرية ومرسى مطروح خلال فصل الصيف    مرسيدس تتخلى عن خطة إنتاج سلسلة موديلات تقتصر على السيارات الكهربائية اعتبارا من 2028    جامعة بني سويف التكنولوجية تفوز بجائزة التميز في تكنولوجيا البيئة والطاقة الخضراء    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    تقديم معهد معاوني الأمن 2024.. الشروط ورابط التقديم    " فاينانشيال تايمز": آمال بايدن الانتخابية تتراجع مع ارتفاع الأسعار والتضخم مرة أخرى    روسيا: مقتل15 شخصا على الأقل في هجوم على مجمع سكني في بيلجورود    وزيرة خارجية جنوب إفريقيا: نطمح في وقف إطلاق نار دائم بغزة    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي الخامس عشر    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    وزير التعليم يستقبل الأمين العام للمدرسة الرقمية (تفاصيل)    إحالة المتهم بقتل جاره بالأميرية إلى محكمة الجنايات    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    مدحت العدل: ليس مطلوب من محمد هنيدي أن يقدم أعمالاً ناجحة    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    وزير الإسكان يُصدر قراراً بحركة تكليفات جديدة وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن    برعاية الرئيس.. مصر تستضيف الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية لأول مرة    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    مد فترة التقديم على وظائف المدارس التطبيقية الدولية حتى 20 مايو الجاري    عبدالرزاق يفتتح أعمال الجلسة العامة للشيوخ لمناقشة السياسات المالية والضريبية    الرئيس السيسي يوجه بتعديل اسم محطة "الحمام" لتحلية المياه    الرئيس السيسي عن تطوير مسجدي السيدة زينب والحسين: بيت ربنا ما يتعملش إلا صح    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    عودة أنشطة حديقة الفنون بمناسبة بدء الإجازة الصيفية    مصر تُبلغ "رسالة" لوسطاء مفاوضات غزة.. مصدر رفيع المستوى يكشفها    ريال مدريد يستعد لدورتموند.. وأتلتيكو يأمل في حسم بطاقة دوري الأبطال    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي 15 بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة    بالفيديو.. لماذا حج سيدنا النبي مرة واحدة؟.. أمين الفتوى يجيب    السيسي: تطوير الطرق هدفه تعظيم الاستفادة من الأراضي الصالحة للزراعة    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    "صدر المنصورة" تحصد المركز الأول ضمن فعاليات مؤتمر جميعة الأمراض الصدرية    وكيل تعليم الشرقية: لا شكاوى من امتحانات الفصل الدراسي الثاني لمراحل النقل    موقف السولية وعبد القادر من المشاركة في نهائي إفريقيا    دعبس: لا خلاف بين فيوتشر وتامر مصطفى.. وجنش من ركائز الفريق الرئيسية    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    قبل جلساته لمناقشة "قانون العمل".. ماذا تعرف عن المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي بشأن العمل؟    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    للسيدات.. تعرفي على أعراض سرطان المبيض    الترسانة يواجه ديروط لحسم بطاقة التأهل الأخيرة لترقي الممتاز    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفي بكري يكتب: الجيش رفض الوقوع في فخ بورسعيد

قال الاعلامي مصطفي بكري في الحلقات التي يكتبها لبوابة الوطن انه مع تصاعد موجة الغضب داخل أوساط ضباط وجنود الشرطة، يزداد الموقف صعوبة أمام مؤسسة الرئاسة، فالإضرابات تتسع، واليوم 'السبت' هو يوم حاسم في تاريخ البلاد، كل الخيارات مفتوحة، وردود الأفعال قد لا تقتصر علي بورسعيد وحدها حال تأييد الحكم بإعدام المتهمين بارتكاب مذبحة بورسعيد، بل قد تتسع موجات التظاهر وأعمال العنف في العديد من المناطق الأخري، وربما لا يقتصر الأمر فقط علي المحتجين لهذا السبب أو غيره، بل إن الألتراس الأهلاوي يتوعد بفوضي عارمة، ما لم تأتِ الأحكام الأخري خاصة في مواجهة رجال الشرطة المتهمين في الحادث، بما يمكن أن يشفي غليلهم!!
لقد عرض وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ومعه العديد من قيادات الشرطة الموقف علي الرئيس مرسي صباح الأربعاء الماضي، علي الوجه التالي:
- إن وزارة الداخلية تتوقع تصاعد أعمال العنف والاضطرابات وقطع الطرق والاعتداء علي المؤسسات في مناطق مختلفة من البلاد في أعقاب صدور الحكم النهائي في قضية مذبحة بورسعيد، وأن ذلك قد يمثل نقطة تحول في مسار الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ شهر نوفمبر الماضي.
- إن هناك تصعيداً من قبل بعض ضباط وجنود الشرطة، الرافضين لمواجهة المظاهرات والمعترضين علي عدم تسليحهم وسقوط ضحايا من بين صفوفهم، وأن الوزارة تتوقع رفض الكثيرين منهم مواجهة أعمال العنف والاضطرابات المتوقع أن تشهدها البلاد.
السيسي
- إن لدي الوزارة معلومات تشير إلي أن هناك نوايا لدي بعض ضباط وأفراد الشرطة بإغلاق أقسام الشرطة خلال الساعات المقبلة اعتراضاً علي ما يجري ولممارسة الضغط بهدف إقالة وزير الداخلية.
- إنه أمام هذه الأوضاع التي تعيشها البلاد والتصعيد المتوقع، يتوجب نزول الجيش إلي مناطق الاضطرابات لحماية المؤسسات ومساعدة الشرطة في التصدي لأعمال العنف المتوقعة.
وقد أبلغ وزير الداخلية، الرئيس مرسي بقراره بعزل مدير أمن بورسعيد، اللواء محسن راضي، من موقعه بسبب رفضه تنفيذ تعليمات الوزير، وأيضاً بسبب تطاوله ومطالبة الوزير بتغيير سياساته التي أدت إلي تفاقم الأوضاع في البلاد ومطالبته بحل سياسي للأزمة بعيداً عن الحلول الأمنية والصدامية، وقال إنه قرر تعيين اللواء سيد جاد الحق بدلاً منه.
الإخوان يدرسون الموقف.. ومخاوف من الإقدام علي عزل الفريق أول السيسي
كانت تعليمات الرئيس واضحة، يجب التصدي للمحرضين والمتظاهرين والحيلولة دون انتشار الاضطرابات وأعمال العنف في البلاد، كما طالب الوزير بالحوار مع ضباط وأفراد الشرطة المضربين، لإقناعهم بالعودة إلي ممارسة عملهم وحماية أمن البلاد.
إن السؤال الذي يطرح نفسه، ماذا عن موقف الجيش المصري في حال تدهور الأوضاع، وانتشار أعمال الشغب اليوم؟!
في هذا الإطار، درست القيادة العسكرية الوضع بكافة أبعاده وخلصت إلي عدة سيناريوهات:
- السيناريو الأول: إنه في حال تدهور الأوضاع، يمكن للجيش المصري أن ينزل إلي المناطق المشتعلة بهدف حماية المنشآت العامة، ولكن دون التورط في أي مواجهة مع جمهور الغاضبين والمتظاهرين، ولن تسمح القيادة بجر الجيش إلي مواجهة ظل يتفاداها منذ نزوله إلي الميدان في 28 يناير 2011، ولذلك اعترض وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي علي سحب رجال الشرطة من بورسعيد وتولي الجيش هذه المهمة لسببين اثنين:
- الأول: إن تولي الجيش وحده مهمة حفظ الأمن في بورسعيد دون وجود حلول سياسية لأسباب الأزمات التي تشهدها المحافظة، يعني أن الجيش سيجد نفسه في صدام مع المتظاهرين أو بعض المعتدين علي المؤسسات العامة، وهذا يعني دخول الجيش إلي 'الفخ' الذي حاول تفاديه طيلة الفترة الماضية، وبذلك يمكن أن ينجر إلي مواجهات عنيفة يدفع الجيش ثمنها، ويتحقق بذلك هدف القوي التي سعت إلي توريط الجيش في هذا المستنقع في أوقات سابقة.
- الثاني: إن رفض الجيش حماية المؤسسات والمنشآت العامة دون مواجهة حال انفراده بمهمة حفظ الأمن، يفتح الطريق أمام اتهامات متوقعة، ستوجه سهامها إلي وزير الدفاع، باعتبار أنه تراخي عن القيام بمسئوليته في حماية المنشآت العامة في غيبة الشرطة، مما يعطي مبرراً لاتخاذ قرار بعزله من موقعه، وهي الفرصة التي تنتظرها جماعة الإخوان، والتي تري أن الخطر الأكبر الذي يهدد حكمها الآن هو الجيش المصري، الذي لن يسكت طويلاً حال استمرار تدهور الأوضاع في البلاد.
من هنا كان قرار المؤسسة العسكرية برفض تحمل الجيش وحده مسئولية الأمن في بورسعيد، في ظل غياب الشرطة، وهو الموقف الذي سبق أن عبر عنه أعضاء المجلس العسكري خلال اجتماعهم بالرئيس مرسي، في فبراير الماضي، عندما أبلغوه أن الجيش لن يتورط أبداً في الصدام مع المتظاهرين.
إذن، الجيش المصري أمام اختبار جديد غداً، فهل يظل علي موقفه حتي يعلن أنه لن يسمح بسقوط الدولة وانتشار الفوضي، بينما الأوضاع تزداد تدهوراً إلي درجة تهدد كيان المجتمع بأسره، أم أنه قد يتحرك لإنقاذ البلاد من خطر أصبح يتصدر المشهد، فيشعل الحرائق، وينشر الفوضي، ويحدث الانهيار الكبير، الذي وصل إلي حد إغلاق بعض أقسام الشرطة، ورفض تنفيذ الأوامر، واختطاف السياح، وانهيار الأوضاع الاقتصادية وحرق المؤسسات وإغلاق المصانع؟
لقد رفعت جماعة الإخوان المسلمين تقريراً إلي الرئيس عن أسس التعامل مع انتشار الفوضي المتوقع حدوثها علي نطاق واسع، وكانت النقطة الأبرز في ذلك، هي المطالبة بإصدار الأحكام العرفية في مناطق الأحداث، واستخدام كافة الأساليب لمواجهة الانهيارات المتوقعة وما يرافقها من أعمال عنف دامية.
مستشارو الرئيس أكدوا أن إعلان الأحكام العرفية هو الخيار المر، غير أنه لن يحل الأزمة وتداعياتها، فالشارع المصري لم يعد يعبأ بأي عقوبات أو إجراءات، ولم يعد يرضخ للتهديدات، وأن إعلان هذه الأحكام ممكن أن يلقي معارضة شعبية ودولية واسعة، قد تتسبب في خلق المزيد من الأزمات مع الولايات المتحدة وغيرها من بلدان الغرب علي وجه التحديد.
واشنطن تدرس الموقف.. والخبراء الأمريكيون يتحدثون عن تحرك عسكري وشيك لإنقاذ البلاد
وأكد بعض المقربين إلي الرئيس أن هناك أيضاً مخاوف من عدم التزام الشرطة أو الجيش بتنفيذ الأحكام العرفية والالتزام بها، خاصة في ظل حالة الاحتقان التي تسود قطاعات الشرطة من جراء ممارسات النظام ورفض الاستمرار في المواجهة أو استخدام العنف ضد المتظاهرين، مما يرجح أن تلقي الأحكام العرفية هنا، نفس المصير الذي لقيته قرارات حظر التجول وإعلان حالة الطوارئ في محافظات القنال.
وهكذا يجد الرئيس نفسه في موقف صعب، فالأحوال تتردي، والأمن لم يعد له وجود، والمخاطر تزحف، والعصيان المدني ينتشر، وحرق المؤسسات مستمر، وإضرابات الشرطة تتزايد، والجيش اتخذ قراراً بعدم الصدام.
من هنا سيكون أمام الرئيس أحد خيارين:
- الأول: إما إصدار قرار لقيادة الجيش بالنزول إلي الشارع لحماية النظام والحيلولة دون انتشار خطر الفوضي، حتي ولو عارضت قيادته ذلك.
- الثاني: إصدار قرارات سياسية وإصلاحية كبيرة قد تهدئ من اشتعال الشارع وتعيد الأمن والاستقرار إلي البلاد.
الخيار الأول ليس سهلاً، فالجيش المصري يدرك خطورة نزوله إلي الشارع بقرار من رئيس الجمهورية، الذي يتحمل هو نفسه مسئولية تردي الأوضاع وتفاقمها بسبب عناده وإصراره علي أخونة الدولة وتجاوز الدستور والقانون، ومن ثم فهو سيكون بالتبعية مطلوباً منه الصدام مع المتظاهرين، وهنا ستزداد الأزمة تعقيداً، وقد يفضي الأمر إلي فرض الجيش لشروطه التي لا أحد يعرف حدودها حتي الآن، خاصة أن نزول الجيش في ظل الحالة السياسية السائدة وبقرار من الرئيس مرسي يعني أنه يدخل الجيش في صدام أكيد مع الشعب المصري بكافة فئاته المختلفة، ومن ثم فهو يدرك معني الخطر المحدق بهذا القرار داخلياً ودولياً.
لقد قدم أعضاء بالكونجرس الأمريكي مشروع قانون جديداً للرئيس أوباما في 4 مارس الماضي، يطالب الإدارة الأمريكية بعدم إرسال أسلحة ومعونات عسكرية إلي مصر، إلا بعد إلزام الجيش المصري بعدم استخدامها في مواجهة المتظاهرين.
ويقضي مشروع القانون الذي حمل رقم '87' بوضع شروط معينة للموافقة علي استئناف إرسال الشحنات العسكرية إلي الجيش المصري، ومنها اعتماد الرئيس الأمريكي أن مصر دولة مستقرة سياسياً وإلزامها بإنهاء استخدام الأسلحة ضد الشعب المصري، والتأكيد علي أن مصر لا تزال شريكاً وحليفاً استراتيجياً لأمريكا مع التأكيد مجدداً علي احترامها الكامل للاتفاقات الموقعة مع إسرائيل.
وطالب الأعضاء بتعليق شحنة الطائرات الأمريكية الجديدة 'إف 16' ودبابات 'إم 1' وجميع المعدات العسكرية التي جري الاتفاق مع مصر علي إرسالها في أوقات سابقة.
لقد ذكرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تعليقاً علي هذا المشروع المقدم للكونجرس بالقول: 'إن مشرعي القوانين الأمريكيين يشعرون بالقلق إزاء عدم الاستقرار السياسي في مصر، والذي يأتي بالتزامن مع أزمة الميزانية الأمريكية، مما دفع أعضاء بالكونجرس إلي القول بأن سياسة تقديم 1٫3 مليار دولار سنوياً من المساعدات الأمريكية إلي مصر تحتاج إلي مراجعة بالجملة.
من هنا يمكن القول إن القيادة العسكرية المصرية تدرك تماماً أن توريطها في أي صدام مقبل، لن تكون تداعياته مقصورة فقط علي الجيش وعلاقته بالشعب، وإنما أيضاً سيكون الجيش هدفاً لقوي خارجية تسعي إلي تفكيكه والقضاء عليه، باعتباره الجيش الوحيد الذي لا يزال صامداً في المنطقة.
ولا تتوقع قيادة الجيش أن يتراجع الرئيس مرسي عن عناده السياسي، وأن يبحث عن حل سريع للأزمة الراهنة في البلاد، وأنه سيظل يصم آذانه عن الأصوات التي تناشده، وسيعمل علي الاستمرار في سياسة تجاهل الأحداث التي تشهدها البلاد، خاصة أن لديه ثقة بأن عناصر الجماعة وميليشياتها سوف تحمي نظامه حال حدوث تطورات كبيرة في البلاد.
الرئيس محمد مرسي
إذن، يبقي السؤال المطروح: إلي متي سيبقي الجيش ملتزماً بسياسة ضبط النفس؟!
من المؤكد هنا أن الجيش سيجد نفسه في ضوء التطورات الراهنة والتوقعات المستقبلية بين خيار من اثنين:
1- إما النزول إلي الشارع، وتولي إدارة الحكم لفترة محددة، يعيد فيها الأمن والاستقرار إلي البلاد، لحين إجراء انتخابات رئاسية جديدة، ويسعي خلال هذه الفترة إلي توحيد المصريين وإنقاذ البلاد من الانفلات الأمني والانهيار الاقتصادي.
وهنا حتماً سيجد الجيش: 1 - معارضة داخلية وتحديداً من جماعة الإخوان، إلا أن هذه المعارضة لن تصل إلي حد إعلان الحرب الأهلية، وإنما السعي إلي التفاهم في أبعاد المرحلة القادمة، فالإخوان عمليون، ولديهم تكتيكات تسعي دائماً إلي تجاوز الصدام حتي في ظل التهديدات الراهنة، خاصة أنه قد نزع منهم الآن الغطاء الشعبي علي نطاق واسع.
2- سيجد موقفاً عربياً إقليمياً قد يكون مرحباً إلي حد ما بأي تغييرات تنهي حكم الجماعة التي باتت تشكل خطراً علي الأنظمة العربية، تحديداً الخليجية منها وسوف تعمل هذه البلدان علي دعم الاقتصاد المصري سريعاً لضمان نجاح الفترة الانتقالية التي يمكن للجيش أن يتولي فيها حكم البلاد.
3- هناك توقع بانقسام الموقف الغربي تجاه مصر حال تولي الجيش السلطة لإنقاذ البلاد من الفوضي، ففي الوقت الذي سوف تلتزم فيه العديد من البلدان الصمت، وفي مقدمتها ألمانيا وفرنسا، وتطرح شروطاً علي القادة الجدد لتسليم السلطة سريعاً، فإن هناك توقعاً بمعارضة أمريكية لفترة من الوقت، لكنها لن تصل إلي حد الصدام والعداء للقادة الجدد، بل ستسعي إلي الحصول علي ضمانات فيما يتعلق باحترام اتفاقية السلام مع إسرائيل، وكذلك المصالح الأمريكية في المنطقة.
وتعزز التحليلات الأمريكية التي تكتظ بها الصحافة الأمريكية هذه الأيام من خيار نزول الجيش وإمساكه بالسلطة حال تدهور الأوضاع في البلاد كخيار وحيد، إلا أن أياً منها لم يعكس حدود الموقف الأمريكي سلباً أو إيجاباً إلا بالحديث عن 'صياح الديكة' الذي سرعان ما سينتهي، ليعود الحديث إلي المصالح المشتركة، خاصة حال نجاح القادة الجدد في تحقيق الاستقرار في البلاد.
- أما الخيار الثاني أمام الجيش، فهو أن يقبل بالنزول إلي الشارع، شريطة أن يجمع الفرقاء للتوصل إلي حل عاجل وسريع يقضي بإجراء انتخابات رئاسية جديدة، تنهي الأزمة المشتعلة في الشارع، وتضع القوي السياسية جميعاً أمام خياراتها الأساسية، وفي حال عدم الالتزام بهذا الخيار، يتولي الجيش مهمة إدارة البلاد لفترة انتقالية جديدة.
وفي هذه الحالة، قد يقبل الإخوان بقواعد اللعبة الجديدة للمحافظة علي وجودهم الشرعي، بعد فشلهم الكبير في إدارة شئون البلاد ووضعها أمام نذر الحرب الأهلية.
صحيح أن الإخوان يروجون الآن أنهم لن يبقوا صامتين أمام حدوث أي تدخل للجيش يفضي إلي عزل الرئيس، غير أن ذلك علي أرض الواقع لن يكون سهلاً، حيث تشير كافة المصادر إلي أن عدد كوادر الجماعة لا يزيد علي 850 ألفاً من الأعضاء، يقودهم 150 من القيادات الأساسية صاحبة الحل والعقد في شئون التنظيم والإرشاد.
لقد كتب دانييل نيزمان، مسئول الشرق الأوسط بمؤسسة 'ماكس سيكيورتي' الاستخباراتية الأمريكية، مقالاً في صحيفة 'وول ستريت جورنال'، رسم فيه ملامح وتوقعات المرحلة المقبلة بقوله: 'إن تحدي قادة المجلس العسكري ربما يمهد لعودة مصر إلي الحكم العسكري'.
وقال المحلل الأمريكي: 'إن شائعات تعاطف السيسي مع الإخوان هي أمر غير منطقي، فأولي خطوات السيسي الناجحة كانت عبارة عن تراجع تكتيكي وانسحاب للجيش من السياسة وسعيه لاسترداد الهيبة التي فقدها أثناء الفترة الانتقالية، انتظاراً لانهيار شعبية الإخوان، ولم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتي دفع مرسي البلاد إلي حافة الاضطرابات بقراراته'.
لقد أصبح المجتمع الدولي، وأيضاً الداخلي ينتظر تطوراً مفاجئاً للأحداث في مصر، قد يقضي إلي أحد الخيارين السابقين..
وعندما تحدث جون كيري، وزير الخارجية الأمريكية خلال زيارته الأخيرة إلي القاهرة، عن الخيار الثالث الذي يضمن الخروج من الأزمة بتنازلات مشتركة من الجانبين السلطة والمعارضة، أدرك بعد الحوارات التي أجراها والتقارير التي اطلع عليها أن الأزمة المصرية أصبحت بالغة التعقيد، وأن الجمهور الغاضب في الشوارع لا يخضع لأي قوي سياسية محددة، وإنما هو تحرك شعبي، لعبت فيه الفئات الاجتماعية المختلفة الدور الأساسي، كما لعبت فيه الفترة التي حكم فيها الإخوان مصر دور المحرض في إشعال الاضطرابات، لما يجعل القطيعة نهائية بين الجماهير الشعبية الرافضة وبين حكم جماعة الإخوان.
وهكذا أصبح الخيار الوحيد في ظل الحالة الراهنة وفقاً للتحليلات الأمريكية والغربية هو تدخل الجيش، وسواء حدث هذا التدخل أم لم يحدث، فسوف يتم وفق حسابات الجيش نفسه وليس حسابات المعارضة أو غيرها.
لقد تعهد وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي أكثر من مرة بأن الجيش لن يسمح بسقوط الدولة وانتشار الفوضي، كما أكد ذلك رئيس الأركان، الفريق صدقي صبحي، والذي قال إن الجيش جاهز لتلبية نداء الشعب بعد ثانية واحدة، وكل ذلك، يجعل الشارع المصري والدوائر الإقليمية والغربية تترقب الموقف، وتتابعه، وتستعد له..
أما عن جماعة الإخوان، فإنها تتابع الموقف عن كثب، تعقد الاجتماعات، تطرح الخيارات وليس أمامها سوي خيار من اثنين:
- إما أن يصدر قرار بعزل الفريق أول السيسي من موقعه، وهو أمر محفوف بالمخاطر، ولن يسمح الجيش بتكرار سيناريو المشير والفريق سامي عنان، كما تعهد قبل ذلك.
أما الخيار الثاني، فهو الانتظار لمتابعة الأحداث والرهان علي تراجع حركة الجماهير وإشغالها بأحداث أخري، وهو أمر لن يؤدي أيضاً إلا إلي مزيد من تفاقم المشاكل والأزمات والاضطرابات.
بقي القول أخيراً.. إن مصر باتت أمام نقطة تحول خطيرة، قد تدفع البلاد إلي الفوضي التي تهدد الكيان وتشعل الحروب، وتدفع إلي العصيان المدني الواسع في البلاد، ومن ثم يبقي السؤال.. من ينقذ مصر؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.