مع تصاعد موجة الغضب داخل أوساط ضباط وجنود الشرطة، يزداد الموقف صعوبة أمام مؤسسة الرئاسة، فالإضرابات تتسع، واليوم «السبت» هو يوم حاسم فى تاريخ البلاد، كل الخيارات مفتوحة، وردود الأفعال قد لا تقتصر على بورسعيد وحدها حال تأييد الحكم بإعدام المتهمين بارتكاب مذبحة بورسعيد، بل قد تتسع موجات التظاهر وأعمال العنف فى العديد من المناطق الأخرى، وربما لا يقتصر الأمر فقط على المحتجين لهذا السبب أو غيره، بل إن الألتراس الأهلاوى يتوعد بفوضى عارمة، ما لم تأتِ الأحكام الأخرى خاصة فى مواجهة رجال الشرطة المتهمين فى الحادث، بما يمكن أن يشفى غليلهم!! لقد عرض وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ومعه العديد من قيادات الشرطة الموقف على الرئيس مرسى صباح الأربعاء الماضى، على الوجه التالى: - إن وزارة الداخلية تتوقع تصاعد أعمال العنف والاضطرابات وقطع الطرق والاعتداء على المؤسسات فى مناطق مختلفة من البلاد فى أعقاب صدور الحكم النهائى فى قضية مذبحة بورسعيد، وأن ذلك قد يمثل نقطة تحول فى مسار الاضطرابات التى تشهدها البلاد منذ شهر نوفمبر الماضى. - إن هناك تصعيداً من قبل بعض ضباط وجنود الشرطة، الرافضين لمواجهة المظاهرات والمعترضين على عدم تسليحهم وسقوط ضحايا من بين صفوفهم، وأن الوزارة تتوقع رفض الكثيرين منهم مواجهة أعمال العنف والاضطرابات المتوقع أن تشهدها البلاد. - إن لدى الوزارة معلومات تشير إلى أن هناك نوايا لدى بعض ضباط وأفراد الشرطة بإغلاق أقسام الشرطة خلال الساعات المقبلة اعتراضاً على ما يجرى ولممارسة الضغط بهدف إقالة وزير الداخلية. - إنه أمام هذه الأوضاع التى تعيشها البلاد والتصعيد المتوقع، يتوجب نزول الجيش إلى مناطق الاضطرابات لحماية المؤسسات ومساعدة الشرطة فى التصدى لأعمال العنف المتوقعة. وقد أبلغ وزير الداخلية، الرئيس مرسى بقراره بعزل مدير أمن بورسعيد، اللواء محسن راضى، من موقعه بسبب رفضه تنفيذ تعليمات الوزير، وأيضاً بسبب تطاوله ومطالبة الوزير بتغيير سياساته التى أدت إلى تفاقم الأوضاع فى البلاد ومطالبته بحل سياسى للأزمة بعيداً عن الحلول الأمنية والصدامية، وقال إنه قرر تعيين اللواء سيد جاد الحق بدلاً منه. كانت تعليمات الرئيس واضحة، يجب التصدى للمحرضين والمتظاهرين والحيلولة دون انتشار الاضطرابات وأعمال العنف فى البلاد، كما طالب الوزير بالحوار مع ضباط وأفراد الشرطة المضربين، لإقناعهم بالعودة إلى ممارسة عملهم وحماية أمن البلاد. إن السؤال الذى يطرح نفسه، ماذا عن موقف الجيش المصرى فى حال تدهور الأوضاع، وانتشار أعمال الشغب اليوم؟! فى هذا الإطار، درست القيادة العسكرية الوضع بكافة أبعاده وخلصت إلى عدة سيناريوهات: - السيناريو الأول: إنه فى حال تدهور الأوضاع، يمكن للجيش المصرى أن ينزل إلى المناطق المشتعلة بهدف حماية المنشآت العامة، ولكن دون التورط فى أى مواجهة مع جمهور الغاضبين والمتظاهرين، ولن تسمح القيادة بجر الجيش إلى مواجهة ظل يتفاداها منذ نزوله إلى الميدان فى 28 يناير 2011، ولذلك اعترض وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى على سحب رجال الشرطة من بورسعيد وتولى الجيش هذه المهمة لسببين اثنين: - الأول: إن تولى الجيش وحده مهمة حفظ الأمن فى بورسعيد دون وجود حلول سياسية لأسباب الأزمات التى تشهدها المحافظة، يعنى أن الجيش سيجد نفسه فى صدام مع المتظاهرين أو بعض المعتدين على المؤسسات العامة، وهذا يعنى دخول الجيش إلى «الفخ» الذى حاول تفاديه طيلة الفترة الماضية، وبذلك يمكن أن ينجر إلى مواجهات عنيفة يدفع الجيش ثمنها، ويتحقق بذلك هدف القوى التى سعت إلى توريط الجيش فى هذا المستنقع فى أوقات سابقة. - الثانى: إن رفض الجيش حماية المؤسسات والمنشآت العامة دون مواجهة حال انفراده بمهمة حفظ الأمن، يفتح الطريق أمام اتهامات متوقعة، ستوجه سهامها إلى وزير الدفاع، باعتبار أنه تراخى عن القيام بمسئوليته فى حماية المنشآت العامة فى غيبة الشرطة، مما يعطى مبرراً لاتخاذ قرار بعزله من موقعه، وهى الفرصة التى تنتظرها جماعة الإخوان، والتى ترى أن الخطر الأكبر الذى يهدد حكمها الآن هو الجيش المصرى، الذى لن يسكت طويلاً حال استمرار تدهور الأوضاع فى البلاد. من هنا كان قرار المؤسسة العسكرية برفض تحمل الجيش وحده مسئولية الأمن فى بورسعيد، فى ظل غياب الشرطة، وهو الموقف الذى سبق أن عبر عنه أعضاء المجلس العسكرى خلال اجتماعهم بالرئيس مرسى، فى فبراير الماضى، عندما أبلغوه أن الجيش لن يتورط أبداً فى الصدام مع المتظاهرين. إذن، الجيش المصرى أمام اختبار جديد غداً، فهل يظل على موقفه حتى يعلن أنه لن يسمح بسقوط الدولة وانتشار الفوضى، بينما الأوضاع تزداد تدهوراً إلى درجة تهدد كيان المجتمع بأسره، أم أنه قد يتحرك لإنقاذ البلاد من خطر أصبح يتصدر المشهد، فيشعل الحرائق، وينشر الفوضى، ويحدث الانهيار الكبير، الذى وصل إلى حد إغلاق بعض أقسام الشرطة، ورفض تنفيذ الأوامر، واختطاف السياح، وانهيار الأوضاع الاقتصادية وحرق المؤسسات وإغلاق المصانع؟ لقد رفعت جماعة الإخوان المسلمين تقريراً إلى الرئيس عن أسس التعامل مع انتشار الفوضى المتوقع حدوثها على نطاق واسع، وكانت النقطة الأبرز فى ذلك، هى المطالبة بإصدار الأحكام العرفية فى مناطق الأحداث، واستخدام كافة الأساليب لمواجهة الانهيارات المتوقعة وما يرافقها من أعمال عنف دامية. مستشارو الرئيس أكدوا أن إعلان الأحكام العرفية هو الخيار المر، غير أنه لن يحل الأزمة وتداعياتها، فالشارع المصرى لم يعد يعبأ بأى عقوبات أو إجراءات، ولم يعد يرضخ للتهديدات، وأن إعلان هذه الأحكام ممكن أن يلقى معارضة شعبية ودولية واسعة، قد تتسبب فى خلق المزيد من الأزمات مع الولاياتالمتحدة وغيرها من بلدان الغرب على وجه التحديد. وأكد بعض المقربين إلى الرئيس أن هناك أيضاً مخاوف من عدم التزام الشرطة أو الجيش بتنفيذ الأحكام العرفية والالتزام بها، خاصة فى ظل حالة الاحتقان التى تسود قطاعات الشرطة من جراء ممارسات النظام ورفض الاستمرار فى المواجهة أو استخدام العنف ضد المتظاهرين، مما يرجح أن تلقى الأحكام العرفية هنا، نفس المصير الذى لقيته قرارات حظر التجول وإعلان حالة الطوارئ فى محافظات القنال. وهكذا يجد الرئيس نفسه فى موقف صعب، فالأحوال تتردى، والأمن لم يعد له وجود، والمخاطر تزحف، والعصيان المدنى ينتشر، وحرق المؤسسات مستمر، وإضرابات الشرطة تتزايد، والجيش اتخذ قراراً بعدم الصدام. من هنا سيكون أمام الرئيس أحد خيارين: - الأول: إما إصدار قرار لقيادة الجيش بالنزول إلى الشارع لحماية النظام والحيلولة دون انتشار خطر الفوضى، حتى ولو عارضت قيادته ذلك. - الثانى: إصدار قرارات سياسية وإصلاحية كبيرة قد تهدئ من اشتعال الشارع وتعيد الأمن والاستقرار إلى البلاد. الخيار الأول ليس سهلاً، فالجيش المصرى يدرك خطورة نزوله إلى الشارع بقرار من رئيس الجمهورية، الذى يتحمل هو نفسه مسئولية تردى الأوضاع وتفاقمها بسبب عناده وإصراره على أخونة الدولة وتجاوز الدستور والقانون، ومن ثم فهو سيكون بالتبعية مطلوباً منه الصدام مع المتظاهرين، وهنا ستزداد الأزمة تعقيداً، وقد يفضى الأمر إلى فرض الجيش لشروطه التى لا أحد يعرف حدودها حتى الآن، خاصة أن نزول الجيش فى ظل الحالة السياسية السائدة وبقرار من الرئيس مرسى يعنى أنه يدخل الجيش فى صدام أكيد مع الشعب المصرى بكافة فئاته المختلفة، ومن ثم فهو يدرك معنى الخطر المحدق بهذا القرار داخلياً ودولياً. لقد قدم أعضاء بالكونجرس الأمريكى مشروع قانون جديداً للرئيس أوباما فى 4 مارس الماضى، يطالب الإدارة الأمريكية بعدم إرسال أسلحة ومعونات عسكرية إلى مصر، إلا بعد إلزام الجيش المصرى بعدم استخدامها فى مواجهة المتظاهرين. ويقضى مشروع القانون الذى حمل رقم «87» بوضع شروط معينة للموافقة على استئناف إرسال الشحنات العسكرية إلى الجيش المصرى، ومنها اعتماد الرئيس الأمريكى أن مصر دولة مستقرة سياسياً وإلزامها بإنهاء استخدام الأسلحة ضد الشعب المصرى، والتأكيد على أن مصر لا تزال شريكاً وحليفاً استراتيجياً لأمريكا مع التأكيد مجدداً على احترامها الكامل للاتفاقات الموقعة مع إسرائيل. وطالب الأعضاء بتعليق شحنة الطائرات الأمريكيةالجديدة «إف 16» ودبابات «إم 1» وجميع المعدات العسكرية التى جرى الاتفاق مع مصر على إرسالها فى أوقات سابقة. لقد ذكرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تعليقاً على هذا المشروع المقدم للكونجرس بالقول: «إن مشرعى القوانين الأمريكيين يشعرون بالقلق إزاء عدم الاستقرار السياسى فى مصر، والذى يأتى بالتزامن مع أزمة الميزانية الأمريكية، مما دفع أعضاء بالكونجرس إلى القول بأن سياسة تقديم 1٫3 مليار دولار سنوياً من المساعدات الأمريكية إلى مصر تحتاج إلى مراجعة بالجملة. من هنا يمكن القول إن القيادة العسكرية المصرية تدرك تماماً أن توريطها فى أى صدام مقبل، لن تكون تداعياته مقصورة فقط على الجيش وعلاقته بالشعب، وإنما أيضاً سيكون الجيش هدفاً لقوى خارجية تسعى إلى تفكيكه والقضاء عليه، باعتباره الجيش الوحيد الذى لا يزال صامداً فى المنطقة. ولا تتوقع قيادة الجيش أن يتراجع الرئيس مرسى عن عناده السياسى، وأن يبحث عن حل سريع للأزمة الراهنة فى البلاد، وأنه سيظل يصم آذانه عن الأصوات التى تناشده، وسيعمل على الاستمرار فى سياسة تجاهل الأحداث التى تشهدها البلاد، خاصة أن لديه ثقة بأن عناصر الجماعة وميليشياتها سوف تحمى نظامه حال حدوث تطورات كبيرة فى البلاد. إذن، يبقى السؤال المطروح: إلى متى سيبقى الجيش ملتزماً بسياسة ضبط النفس؟! من المؤكد هنا أن الجيش سيجد نفسه فى ضوء التطورات الراهنة والتوقعات المستقبلية بين خيار من اثنين: 1- إما النزول إلى الشارع، وتولى إدارة الحكم لفترة محددة، يعيد فيها الأمن والاستقرار إلى البلاد، لحين إجراء انتخابات رئاسية جديدة، ويسعى خلال هذه الفترة إلى توحيد المصريين وإنقاذ البلاد من الانفلات الأمنى والانهيار الاقتصادى. وهنا حتماً سيجد الجيش: 1 - معارضة داخلية وتحديداً من جماعة الإخوان، إلا أن هذه المعارضة لن تصل إلى حد إعلان الحرب الأهلية، وإنما السعى إلى التفاهم فى أبعاد المرحلة القادمة، فالإخوان عمليون، ولديهم تكتيكات تسعى دائماً إلى تجاوز الصدام حتى فى ظل التهديدات الراهنة، خاصة أنه قد نزع منهم الآن الغطاء الشعبى على نطاق واسع. 2- سيجد موقفاً عربياً إقليمياً قد يكون مرحباً إلى حد ما بأى تغييرات تنهى حكم الجماعة التى باتت تشكل خطراً على الأنظمة العربية، تحديداً الخليجية منها وسوف تعمل هذه البلدان على دعم الاقتصاد المصرى سريعاً لضمان نجاح الفترة الانتقالية التى يمكن للجيش أن يتولى فيها حكم البلاد. 3- هناك توقع بانقسام الموقف الغربى تجاه مصر حال تولى الجيش السلطة لإنقاذ البلاد من الفوضى، ففى الوقت الذى سوف تلتزم فيه العديد من البلدان الصمت، وفى مقدمتها ألمانيا وفرنسا، وتطرح شروطاً على القادة الجدد لتسليم السلطة سريعاً، فإن هناك توقعاً بمعارضة أمريكية لفترة من الوقت، لكنها لن تصل إلى حد الصدام والعداء للقادة الجدد، بل ستسعى إلى الحصول على ضمانات فيما يتعلق باحترام اتفاقية السلام مع إسرائيل، وكذلك المصالح الأمريكية فى المنطقة. وتعزز التحليلات الأمريكية التى تكتظ بها الصحافة الأمريكية هذه الأيام من خيار نزول الجيش وإمساكه بالسلطة حال تدهور الأوضاع فى البلاد كخيار وحيد، إلا أن أياً منها لم يعكس حدود الموقف الأمريكى سلباً أو إيجاباً إلا بالحديث عن «صياح الديكة» الذى سرعان ما سينتهى، ليعود الحديث إلى المصالح المشتركة، خاصة حال نجاح القادة الجدد فى تحقيق الاستقرار فى البلاد. - أما الخيار الثانى أمام الجيش، فهو أن يقبل بالنزول إلى الشارع، شريطة أن يجمع الفرقاء للتوصل إلى حل عاجل وسريع يقضى بإجراء انتخابات رئاسية جديدة، تنهى الأزمة المشتعلة فى الشارع، وتضع القوى السياسية جميعاً أمام خياراتها الأساسية، وفى حال عدم الالتزام بهذا الخيار، يتولى الجيش مهمة إدارة البلاد لفترة انتقالية جديدة. وفى هذه الحالة، قد يقبل الإخوان بقواعد اللعبة الجديدة للمحافظة على وجودهم الشرعى، بعد فشلهم الكبير فى إدارة شئون البلاد ووضعها أمام نذر الحرب الأهلية. صحيح أن الإخوان يروجون الآن أنهم لن يبقوا صامتين أمام حدوث أى تدخل للجيش يفضى إلى عزل الرئيس، غير أن ذلك على أرض الواقع لن يكون سهلاً، حيث تشير كافة المصادر إلى أن عدد كوادر الجماعة لا يزيد على 850 ألفاً من الأعضاء، يقودهم 150 من القيادات الأساسية صاحبة الحل والعقد فى شئون التنظيم والإرشاد. لقد كتب دانييل نيزمان، مسئول الشرق الأوسط بمؤسسة «ماكس سيكيورتى» الاستخباراتية الأمريكية، مقالاً فى صحيفة «وول ستريت جورنال»، رسم فيه ملامح وتوقعات المرحلة المقبلة بقوله: «إن تحدى قادة المجلس العسكرى ربما يمهد لعودة مصر إلى الحكم العسكرى». وقال المحلل الأمريكى: «إن شائعات تعاطف السيسى مع الإخوان هى أمر غير منطقى، فأولى خطوات السيسى الناجحة كانت عبارة عن تراجع تكتيكى وانسحاب للجيش من السياسة وسعيه لاسترداد الهيبة التى فقدها أثناء الفترة الانتقالية، انتظاراً لانهيار شعبية الإخوان، ولم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى دفع مرسى البلاد إلى حافة الاضطرابات بقراراته». لقد أصبح المجتمع الدولى، وأيضاً الداخلى ينتظر تطوراً مفاجئاً للأحداث فى مصر، قد يقضى إلى أحد الخيارين السابقين.. وعندما تحدث جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكية خلال زيارته الأخيرة إلى القاهرة، عن الخيار الثالث الذى يضمن الخروج من الأزمة بتنازلات مشتركة من الجانبين السلطة والمعارضة، أدرك بعد الحوارات التى أجراها والتقارير التى اطلع عليها أن الأزمة المصرية أصبحت بالغة التعقيد، وأن الجمهور الغاضب فى الشوارع لا يخضع لأى قوى سياسية محددة، وإنما هو تحرك شعبى، لعبت فيه الفئات الاجتماعية المختلفة الدور الأساسى، كما لعبت فيه الفترة التى حكم فيها الإخوان مصر دور المحرض فى إشعال الاضطرابات، لما يجعل القطيعة نهائية بين الجماهير الشعبية الرافضة وبين حكم جماعة الإخوان. وهكذا أصبح الخيار الوحيد فى ظل الحالة الراهنة وفقاً للتحليلات الأمريكية والغربية هو تدخل الجيش، وسواء حدث هذا التدخل أم لم يحدث، فسوف يتم وفق حسابات الجيش نفسه وليس حسابات المعارضة أو غيرها. لقد تعهد وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى أكثر من مرة بأن الجيش لن يسمح بسقوط الدولة وانتشار الفوضى، كما أكد ذلك رئيس الأركان، الفريق صدقى صبحى، والذى قال إن الجيش جاهز لتلبية نداء الشعب بعد ثانية واحدة، وكل ذلك، يجعل الشارع المصرى والدوائر الإقليمية والغربية تترقب الموقف، وتتابعه، وتستعد له.. أما عن جماعة الإخوان، فإنها تتابع الموقف عن كثب، تعقد الاجتماعات، تطرح الخيارات وليس أمامها سوى خيار من اثنين: - إما أن يصدر قرار بعزل الفريق أول السيسى من موقعه، وهو أمر محفوف بالمخاطر، ولن يسمح الجيش بتكرار سيناريو المشير والفريق سامى عنان، كما تعهد قبل ذلك. أما الخيار الثانى، فهو الانتظار لمتابعة الأحداث والرهان على تراجع حركة الجماهير وإشغالها بأحداث أخرى، وهو أمر لن يؤدى أيضاً إلا إلى مزيد من تفاقم المشاكل والأزمات والاضطرابات. بقى القول أخيراً.. إن مصر باتت أمام نقطة تحول خطيرة، قد تدفع البلاد إلى الفوضى التى تهدد الكيان وتشعل الحروب، وتدفع إلى العصيان المدنى الواسع فى البلاد، ومن ثم يبقى السؤال.. من ينقذ مصر؟!