أثارت تغريدة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على تويتر والمتعلقة بمصير الإرهابيين الأجانب فى سوريا مخاوف الدول الغربية بسبب مطالبة ترامب لتلك الدول باستعادة مقاتليهم الذين تم أسرهم فى سوريا وإحالتهم للمحاكمة، وبخاصة أن الحرب ضد داعش قد أوشكت على نهايتها، كما حذر ترامب الدول الغربية فى حالة تخليها عن مسئولياتها بخصوص هؤلاء فان المقاتلين الأجانب ولأسباب متعددة يمكن أن يهربوا أو يطلق صراحهم وعندها يمكن أن يشكلوا تهديد أمنيا خطيرا داخل بلدان أوربا، يأتى ذلك بعد إعلان ترامب مؤخرا بانسحاب قوات بلاده من سوريا الأمر الذى سيضع أوربا فى مأزق خطير بسبب تفاوت ردود فعل دولها واختلاف نواياها مابين مؤيد ومعارض تجاه عودة الإرهابيين وأسرهم، ولا ندرى كيف ستتعامل أوربا مع معضلة عودة المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى داعش ناهيك عن انتشار الكثير من الخلايا النائمة والذئاب المنفردة وما تشكله من خطر على تلك الدول؟ هذا ويعتقد أن أكثر من 41 ألف شخص من 80 بلدا قد انضموا للتنظيم فى العراقوسوريا بين إبريل عام 2013 ويونيو 2018 يرفض كثير من الدول استقبالهم، إذ يشكل مصير هؤلاء المقاتلين والإرهابيين الغربيين الآن نقطة خلاف وتباين من الناحية السياسية والأمنية والشعبية فى أوروبا وغيرها من دول التحالف، ولهذا فان الجدال بشأن مصيرهم يؤرق حكومات وبرلمانات أوربا حول فكرة تقبل عودتهم ومحاكمتهم، ولما سيشكلونه من تهديد امنى، وحول الكثير من الإشكالات القانونية المرتبطة بنسائهم وأطفالهم وفكرة تقبلهم اجتماعيا، إذ يبلغ عدد المقاتلين المسجونين فى معسكرات قوات الشعوب الديمقراطية شمال وشرق سوريا فقط حوالى 800 إرهابى، ويبلغ عدد النساء 700 امرأة ومعهم أكثر من 1500 طفل الأمر الذى يزيد من تلك الأزمة تعقيدا، وردا على تغريدة الرئيس ترامب فقد أعلنت فرنسا يوم الاثنين الماضى الموافق 18 من شهر فبراير الجاري 2019 رفضها استعادة مقاتليها وزوجاتهم من سوريا، كما سبق وأعلن وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لو دريان باعتبارهم أعداء الأمة الذين يجب أن يحاكموا فى أماكن جرائمهم، وبرغم تشدد الموقف الفرنسى فقد أعلنت فرنسا عن إمكانية العودة على أساس مبدأ دراسة كل حالة للقصر على حدة، وفى السويد أعلنت وزارة خارجيتها مؤخرا أنها تدرس إمكانية عودة مواطنيها الذين قاتلوا فى سوريا إلى جانب تنظيم داعش، وفى ألمانيا فقد أعلنت وزارة الداخلية يوم الأحد الماضى بإمكانية عودة مقاتليها ومحاكمتهم وفقا لقرارات مجلس الأمن الصادرة عام 2016 بخصوص هذا الشأن وبما يسمح به الدستور الألمانى وقوانين الاتحاد الأوربى، كما أعلنت بلجيكا عن عدم السماح المباشر بعودة مقاتليها من الإرهابيين من سوريا وفى نفس الوقت بعرضها للذين سيسمح لهم بالدخول من العائدين من الاعتقال وبخاصة المشتبه فى تورطهم فى عمليات تجنيد وغسيل وعزلهم عن باقى المساجين، وفى الدنمارك يضم برنامج التعامل مع العائدين بتوفير مرشد وإمكانية الحصول على وظائف وتعليم وسكن واستشارة نفسية ورعاية صحية، أما بريطانيا فتعد من أكثر الدول المتشددة فى هذا التوجه، حيث رفضت مؤخرًا عودة إحدى الهاربات إلى سوريا التى تصر على دخول بلادها للخضوع للمحاكمة فى بريطانيا. وفى ظل رفض بريطانيا والكثير من الدول الأوربية وغيرها عودة مواطنيها من جبهات القتال مقابل رفض الأكراد بقائهم فى المخيمات شمالى سوريا تخوفا من وقوع هجوم من جانب القوات التركية ضد الأكراد وإمكانية هروب المقاتلين، تشكل مسألة مصير هؤلاء الإرهابيين الأجانب معضلة أوربية ودولية، إذ تثير فكرة تقبل عودتهم ومحاكمتهم داخل بلدانهم قلقا وجدلا واسعا فى عدد من البلدان الأوربية وبخاصة حول من يدعم محاكمتهم فى مناطق وجودهم وبين من يرفض عودتهم وإسقاط الجنسية عنهم، ومن جانب إنسانى آخر يتعلق بالذين يطالبون بالنظر إلى الظروف الصعبة لهذه الأسر وأطفالها، يحدث هذا الجدل الأوربى المشغول بواقعه الأمنى المذرى حول قضايا الهجرة واللاجئين والإرهاب بعيدا عن غياب دور الدولة السورية وسيادتها على أراضيها وعدم قدرتها فى الوقت الحالى بالقصاص العادل من هؤلاء بسبب أزمتها الحالية وانشغالها فى الحرب على الإرهاب من جهة وعلى مخططات إسرائيل وأمريكا والغرب ضدها من جهة أخري، ناهيك عن التدخل التركى السفر فى الشأن السوري، مع انشغال القيادة والحكومة السورية بأوليات تلك المرحلة ومن أمور كثيرة أدت إلى عدم تمكن السلطات السورية من استخدام حقها القانونى للقيام بمحاكمة هؤلاء بسبب ما اقترفوه من جرائم على أراضيها وبما خلفوه من دمار وقتل وتهجير وخراب نحو بلد كان آمنا، فهل يحاكم الغرب إرهابيوه على ذلك؟