مع قرب انتهاء الحرب على تنظيم «داعش»، ظهرت على السطح مسألة مصير أسرى المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم الإرهابي، وفيما تطالب الولاياتالمتحدة وأكراد سوريا بعودتهم إلى بلادهم تمهيدًا لمحاكمتهم، تصر الدول الأوروبية على عدم جاهزيتها لاستقبالهم. يرى مراقبون أن الخلاف «الأمريكي- الأوروبي» يحمل في جوهره بعدا سياسيا يتعلق بإدارة الأزمة السورية، خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قواته البالغة ألفي جندي من سوريا، ومحاولة واشنطن دفع الحلفاء الأوروبيين إلى ملء الفراغ في سوريا. الرئيس الأمريكي هدد بإطلاق سراح المئات من مقاتلي التنظيم ما لم تقدمهم الدول الأوروبية، خاصة «بريطانيا وألمانيا وفرنسا» المحاكمة، وحث مؤخرا الثلاثي الأوروبي على استعادة أكثر من 800 من مواطنيهم المقاتلين في صفوف التنظيم والمعتقلين لدى أكراد سوريا. الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية حامد المسلمي يرى أن «تصريحات ترامب تنم عن رجل مسؤول، يعي جيدا تبعات ما يقول»، معتبرًا أن «تقديم المقاتلين الأجانب إلى محاكمات عادلة من شأنه أن يشجع المزيد منهم على تسليم أنفسهم». في المقابل، يرى الباحث في العلاقات الدولية، جلال سلمي، أن تصريحات ترامب تحمل «استفزارا للدول الأوربية، لإيصال رسالة مفادها أن أمريكا تحارب من أجل أوروبا، وعليهم أن يتحملوا العبء، بملء الفراغ الأمريكي بعد تنفيذ قرار الانسحاب». تصريحات ترامب قوبلت بحالة من الفتور في أوروبا، وقالت وزيرة العدل الفرنسية، نيكول بيلوبيه، الاثنين، إن بلادها لن تتخذ أي إجراء في الوقت الحالي بناء على دعوات ترامب للحلفاء أوروبيين لاستعادة المقاتلي في صفوف التنظيم الإرهابي في سوريا». «سلمي» يقول ل«المصري اليوم» إن «القانون الدولي هو الحكم، الدول الأوروبية ليس لديها ما تعترض عليه، والقانون ينص على ضرورة إعادة هؤلاء المقاتلين إلى دولهم»، وتتزامن دعوات «ترامب» مع عملية «سوريا الديمقراطية» الأخيرة ضد داعش. مدير مركز جدار للدراسات، تستخدم داعش كأداة لإدارة الأزمة السورية». «دياب» يرى أن الاستيلاء على أراضي داعش لا يعني القضاء عليه نهائيًا، محذرًا من أن التنظيم ما زال يملك القدرة على المناورة والتنقل بين الحدود العراقية والسورية، مشيرا إلى أن «المرحلة المقبلة ستشهد حرب عصابات بدلا من الاستيلاء على الأرض». يتفق معه الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، حامد المسلمي، محذرا من خطورة ظاهرة «الذئاب المنفردة»، وتعني القيام بعمليات منفردة، مشيرا إلى أن هذا النوع من الإرهاب غير تنظيمي ويصعب القضاء عليه، لذا يجب مكافحة التنظيم بالفكر وبسلاح الاقتصاد.