لماذا تعمد الإخوان الادعاء كذبًا بأن دعاة التظاهر يسعون إلي حرق مقراتهم وتهديد البلاد بالفوضي؟! حالة من 'الذعر' سيطرت علي 'الجماعة' فراحت تستنفر كافة القوي لمساندتها والإساءة للمتظاهرين!! البعض صدق 'الكذبة' وراح يعلن حشد قواه وكوادره لحماية مقار الإخوان من عدو ثبت أنه وهمي وغير موجود!! مطلوب تحقيق عاجل لمعرفة من الذي 'استأجر' البلطجية الذين اعتدوا علي المتظاهرين بالإسكندرية!! ما جري 'بروفة' أولية .. وعلي الإخوان أن يراجعوا أنفسهم ويعرفوا أن مصر ليست 'عزبة' لهم أو لغيرهم!! بقلم: مصطفي بكري انقلبت الدنيا رأسًا علي عقب، بلاغات، وبيانات، اتهامات بلا سند أو دليل، حملة تشويه متعمدة، استخدمت فيها كافة وسائل الإعلام والانترنت، تخويف وترهيب، قوي عديدة تعلن التحالف، وأحزاب ومرشحون رئاسيون أعلنوا عن تطوعهم بتقديم فرق لحراسة المقرات والمنشآت. كانت الاتهامات قد وصلت إلي الآفاق، اضحت حديث الشارع، ظن الناس أنهم أمام فوضي عارمة، وأن جيوشًا من البلطجية قد جري إعدادها لاسقاط الدولة واسقاط الرئيس. كان النائب محمد أبو حامد عضو مجلس الشعب السابق قد تولي الدعوة لما أسماه بثورة '24 أغسطس'، قرأت الخبر في الصحف شأني شأن الآخرين، لم يتشاور معي أحد، ولم أكن طرفًا في الأمر، فجأة وجدت اسمي مقرونًا مع محمد أبو حامد وتوفيق عكاشة في الدعوة. لم أكن أبدًا ضد التظاهر السلمي وحق المواطنين في التعبير عن آرائهم، لكنني فجأة قرأت واستمعت إلي اتهامات علي ألسنة قيادات من الإخوان بأنني من دعاة هذه 'الثورة' ومتهم أيضًا بالتحريض علي حرق مقرات جماعة الإخوان المسلمين. سئلت من أكثر من وسيلة إعلامية، فقلت لا أحد ضد الشرعية ولا أحد يريد إسقاط الرئيس بهذه الطريقة ولكني لم أدع، وإن كنت من المؤيدين للمطالب المشروعة التي تعلن رفض أخونة الدولة ورفض إلغاء الإعلان الدستوري المكمل ورفض تغيير هوية الدولة المصرية والمطالبة بتقنين الوضع القانوني لجماعة الإخوان المسلمين. عدد من شباب المنصة الوطنيين الشرفاء التقوا معي كانت أهدافهم واضحة، أكدوا أنهم ليسوا دعاة للتخريب وأنهم كانوا عرضة لهجمات منظمة من الإخوان وأن مطالبهم عادلة وأنهم حريصون علي أمن مصر واستقرارها وأنهم لا يستهدفون الانقضاض علي الشرعية، وليس من بين مطالبهم إسقاط الرئيس إلا عبر صندوق الانتخابات. لقد فوجئوا بتشويه مواقفهم والنيل منهم وتصويرهم علي أنهم ليسوا سوي مجموعة من الفلول، تحركهم أياد تعبث في الخفاء، بل إن اللجان الالكترونية للإخوان راحت تسبهم في شرفهم، وعرضهم ووصل حد التطاول إلي قناة '25' التي يمتلكها الإخوان وكذلك صحيفتهم الحرية والعدالة. أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، راحوا يصرخون ويهللون في كل مكان، الحقونا، الفلول سوف يحرقون مقارنا، لقد استأجروا البلطجية، وحرضوا الأقباط، بهدف اسقاط حكمنا .. حملة مغرضة من الادعاءات والأكاذيب، مع أن الشباب لم يكن يهدف إلا إسماع صوته والإعلان عن مطالبه ورفضه للإحراءات التي تستهدف أخونة الدولة وسيطرة تيار سياسي واحد علي شئون البلاد. لقد تابعت الاجتماعات المستمرة لمكتب الارشاد واللجان الإدارية بمختلف المحافظات والإجراءات الأمنية التي لم تحدث والتي اتخذتها الأجهزة الأمنية في كافة البلاد واندهشت من الاجتماعات التي أجراها الرئيس مع ممثلي الكنائس وقادة الأجهزة الأمنية وظننت أن البلاد مقبلة علي كارثة لا محالة. جاء يوم الرابع والعشرين من أغسطس، واحتشد عشرات الآلاف بجوار قصر الاتحادية، وتعمد العديد من وسائل الإعلام، خاصة الحكومية منها التقليل من شأنهم، وراحوا يسخفون من الأهداف المعلنة ويستضيفون من يتعمد الإساءة إليهم، وكأنهم ليسوا مصريين، ولا حق لهم في التظاهر السلمي أو التعبير عن آرائهم. لقد تعاملت غالبية وسائل الإعلام معهم، بنفس الطريقة التي كان يتعامل بها النظام السابق مع المظاهرات الرافضة لسياساته. وقبيل أن ينتهي المساء كانت الصحف الحكومية تتحدث عن الفشل الذريع والنهاية المؤلمة، وطالبوا باختفاء دعاتها من المسرح السياسي نهائيًا، لأنهم فشلوا في حشد الملايين، وحملوهم مسئولية تضخيم الأمر، رغم براءاتهم من ذلك. كثيرون قالوا لقد اعطيتم الإخوان فرصة لمزيد من الاستئثار والإقصاء والسيطرة علي مجمل مفاصل الدولة، ونسي هؤلاء أن هناك ملايين ترفض أخونة الدولة، وليس معني عدم خروجها أنها قد ارتكنت وارتضت بسياسة الأمر الواقع. ربما تسببت الفردية والارتباك في الدعوة وحملات التخويف والترهيب في عدم خروج هذه الملايين لتعبر عن رأيها بشكل سلمي، ولكن ليس معني ذلك أن هؤلاء قد استسلموا أو أنهم قد قبلوا بسياسة د.محمد مرسي بنسبة 99.5٪ كما قال أحد قيادات الجماعة. صحيح ان هناك قطاعًا كبيرًا يري ضرورة إعطاء الفرصة للرئيس لانجاز برنامج المائة يوم علي الأقل، وصحيح أن هناك من تأثر بالحملة الإعلامية التي اشارت إلي احتمال حدوث فوضي في البلاد نتيجة الدعوة للتظاهرات، وصحيح أن هناك من اعترض علي بعض المقولات التي ترددت من أن الهدف هو اسقاط الرئيس مرسي باعتباره رئيسا منتخبا، ولكن كل ذلك لا يعني أن الشارع المصري قد انحاز لنهج الاخوان ورفض المطالب الأخري المبررة والمشروعة. إن ما شهدته الساحة السياسية خلال الأيام الماضية من تظاهرات أيا كان حجمها، يجب أن يؤخذ كجرس انذار يجب أن يدفع القيادة السياسية إلي مراجعة الكثير من الأمور والقرارات والتوقف عن أخونة الدولة وتغيير مفاصلها تدريجيا وغيرها من المطالب المعلنة. إن المشهد الأكثر خطورة الذي يجب أن تعيه جماعة الاخوان وأن يعيه الرئيس شخصيا هو حالة الغضب التي اعترت العديد من الأحزاب والقوي السياسية والمنظمات المدنية والتي راحت ترص صفوفها في تكتلات قوية ومؤهلة لقيادة الحركة الوطنية وقيادة الشارع في الفترة القادمة وتحديدا في الانتخابات المحلية والبرلمانية. ولا يتوجب الاستهانة بهذا التيار القوي والفاعل والذي سوف يمضي إلي التوحد تحت راية واحدة وقوة فاعلة تستطيع أن تقود هذا الشارع الذي يرفض الهيمنة والسيطرة والتحكم والاستئثار، ومصادرة حريات الآخرين واقصائهم. عليهم أن يدركوا أن هناك تيارات حليفة لهم في مقدمتها حزب النور والسلفيون قد اكتوت بنارهم، بعد أن عزلوهم عن المناصب والمواقع الحكومية رغم وعودهم لهم، حتي أضحي المشهد مؤلما لهذا التيار العريض الذي تحالف بصدق ودافع بصدق، ولكنه وحد نفسه خارج كل الحسابات.. وهو نفس الأمر الذي ينطبق علي ائتلافات الثورة والعديد من الحلفاء الأخرين. إنني لا أستطيع الانحياز لمن يقولون إن الدولة قد سقطت في قبضة الاخوان وإن علينا أن ننسي مبدأ تداول السلطة لمائة عام، لأنهم سيسلمون الراية لأنفسهم الرئيس تلو الأخر، ذلك أن الشارع المصري الذي أسقط حاكمه السابق حسني مبارك قادر علي اسقاط أي حاكم آخر إذا ما حاول فرض ديكتاتوريته ويفصل القوانين التي تؤبده في الحكم أو ممارسة أشد أنواع القمع وتلفيق القضايا للمعارضين وتزوير الانتخابات والحيلولة دون فوزهم.. إذا ما خرج الرئيس أي رئيس عن الدستور وسعي إلي اختطاف الدولة، فمن المؤكد أن جيشنا الوطني المسئول عن حماية الشرعية والدستور والقانون لن يصمت ويترك البلاد عرضة لحروب أهلية للاختطاف أو الهيمنة، بل سيسعي بالقطع للحفاظ علي هوية الدولة ودستورها. إن معركة الدستور القادمة، هي واحدة من أهم المعارك السياسية التي سوف تشهدها البلاد خلال الأسابيع القادمة في حال خروج هذا الدستور عن ثوابت الجماعة الوطنية المصرية، فالشارع وقواه السياسية الحية لن يلتزموا الصمت هذه المرة، بل سيكون صوتهم عاليا ومدوياً، وأتمني أن يدرك الاخوان أن هذه المعركة لن تكون سهلة أو هينة!! إننا لسنا في معركة مع الاخوان المسلمين، فالاخوان فصيل سياسي له وجوده في الشارع ولا أحد يستطيع أن ينكر أو يتجاوز هذا الوجود ولا أن يصادر حقه الشرعي، لكننا بالقطع في معركة مع ممارسات الاخوان السياسية ومواقفهم من الحريات وأخونة الدولة. وإذا كان الاخوان يظنون أنهم قادرون علي قمع الأصوات المعارضة من خلال استخدام أسلحة الترهيب والقمع وإطلاق بعض المشايخ لتكفير المعارضين والاساءة إليهم واعتبارهم من الخوارج والفلول، فعليهم أن يراجعوا أنفسهم جيداً، وأن يدركوا أن هذه الأسلحة الفاسدة لن تجدي، وأنها سوف تزيد المعارضين معارضة. وإذا كانوا يهددون من الآن باستخدام الدولة وآلياتها لمواجهة المعارضين وتلفيق الاتهامات إليهم وتصفيتهم الواحد تلو الآخر، فنحن نؤكد لهم أن استخدام هذه الأسلحة لن يجدي نفعا، ولن يكسر قلما، ولن يقطع لساناً. بقي القول أخيراً إن مظاهرات 24 أغسطس وحرب التهديد والارهاب والبلطجة التي واجهتها أكدت أنه لا فرق بين الحزب الوطني في طبعته القديمة والحزب الوطني في طبعته الجديدة، إن لم يكن الأمر أكثر شراسة ورعباً وبلطجة..!!