مظاهرة بتركيا دعما لاحتجاجات طلاب الجامعات الأمريكية ضد الحرب بغزة    ماكرون يعرب عن استعداده لمناقشة مسألة الأسلحة النووية للدفاع عن أوروبا    ياسر سليمان: جميعًا نحمل نفس الألم والمعاناة.. وكل الشكر لمركز أبو ظبي لدعمه للرواية العربية    كم حصيلة مبادرة استيراد سيارات المصريين بالخارج؟ وزير المالية يجيب    تباين البورصات الخليجية في ختام التداولات وسط ارتفاع أسعار النفط    كنائس كفر الشيخ تحتفل بأحد السعف | صور    مذكرة لرئيس الوزراء لوقف «المهازل الدرامية» التي تحاك ضد المُعلمين    بوريل: الأوروبيون لن يذهبوا للموت من أجل دونباس لكن عليهم دعم كييف    وزير الخارجية يشارك بمائدة مستديرة حول اضطرابات التجارة وسلاسل الإمداد بالشرق الأوسط    «جورجييفا»: العالم لم ينجح في تشارك منافع النمو مع المناطق الأكثر احتياجاً    انطلاق مباراة المقاولون العرب وسموحة بالدوري    سامسون أكينيولا يضيف الهدف الثاني للزمالك في شباك دريمز الغاني    التشكيل الرسمي للمقاولون العرب وسموحة في مباراة الليلة    المئات يشيعون جثمان ضحية زوجها بكفر الزيات وانهيار أطفالها.. صور    حزب الوفد: نرفض أي عدوان إسرائيلي على رفح الفلسطينية    وزير الصحة: إشادات عالمية بنجاح مصر في القضاء على فيروس سي    "الرعاية الصحية" تشارك بورشة العمل التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية    أرخص 40 جنيها عن السوق.. صرف الرنجة على بطاقة التموين بسعر مخفض    أغلى 5 فساتين ارتدتها فنانات على الشاشة.. إطلالة ياسمين عبد العزيز تخطت 125 ألف جنيه    بحضور محافظ مطروح.. قصور الثقافة تختتم ملتقى "أهل مصر" للفتيات    «أبو الهول» شاهد على زواج أثرياء العالم.. 4 حفلات أسطورية في حضن الأهرامات    التشكيل الرسمي ل مباراة نابولي ضد روما في الدوري الإيطالي    «بحوث القوات المسلحة» توقع بروتوكولًا مع «المراكز والمعاهد والهيئات البحثية بالتعليم العالي»    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بمستشفى أبوكبير    تحرير 78 محضرا في حملة للمرافق لضبط شوارع مدينة الأقصر    إنجاز جديد.. الجودو المصري يفرض سيطرته على أفريقيا    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    عاجل| البيت الأبيض: إسرائيل طمأنت واشنطن بأنها لن تدخل رفح الفلسطينية حتى يتسنى لنا طرح رؤانا ومخاوفنا    نشرة في دقيقة | الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية عقب افتتاحه مركز الحوسبة السحابية الحكومية    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    رضا حجازي: زيادة الإقبال على مدارس التعليم الفني بمجاميع أكبر من العام    الإعدام لعامل قتل شابا من ذوي الاحتياجات الخاصة بواسطة كمبروسر هواء    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    مساعد وزير الصحة: انخفاض نسب اكتشاف الحالات المتأخرة بسرطان الكبد إلى 14%    تأجيل محاكمة المتهمين في عملية استبدال أحد أحراز قضية    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 18886وظيفة معلم مساعد بوزارة التربية والتعليم    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    الأرصاد الجوية تعلن حالة الطقس المتوقعة اليوم وحتى الجمعة 3 مايو 2024    أعاني التقطيع في الصلاة ولا أعرف كم عليا لأقضيه فما الحكم؟.. اجبرها بهذا الأمر    أفضل أوقات الصلاة على النبي وصيغتها لتفريج الكرب.. 10 مواطن لا تغفل عنها    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    قرار جديد من القضاء بشأن 11 متهماً في واقعة "طالبة العريش" نيرة صلاح    جدول امتحانات التيرم الثاني 2024 لصفوف النقل والشهادة الإعدادية (القاهرة)    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال؟.. "الإفتاء" تُجيب    ضبط 4.5 طن فسيخ وملوحة مجهولة المصدر بالقليوبية    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    غدًا.. تطوير أسطول النقل البحري وصناعة السفن على مائدة لجان الشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    سعر الدولار الأحد 28 أبريل 2024 في البنوك    تصفح هذه المواقع آثم.. أول تعليق من الأزهر على جريمة الDark Web    حسام البدري: أنا أفضل من موسيماني وفايلر.. وكيروش فشل مع مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريو لم يحدث
ماذا لو تنحي المجلس العسكري عن السلطة في المرحلة الانتقالية؟! '1'

قال المشير: أنتم تتابعون الدعوات التي تنطلق منذ فترة تطلب من المجلس العسكري تسليم السلطة والعودة إلي الثكنات، وتتابعون أيضًا الحملات الإعلامية التي لا تستهدف شخصي أو أشخاصكم فحسب، ولكنها تستهدف بالأساس المؤسسة العسكرية وقواتنا المسلحة، أعرف أن ما يجري تنفيذه هو مخطط يستهدف إسقاط الدولة وتعرفون بالقطع أن هذه المجموعة المعروفة أهدافها لا تريد اصلاح خطأ ما أو تعترض علي قرارات بعينها، وإنما هم يريدون بالأساس تعمد الإساءة للقوات المسلحة، بقصد إحداث حالة من الانهيار تعقبها فوضي عارمة في البلاد، وهذا هو عين المراد.
لقد حاولوا أكثر من مرة الصدام مع القوات المسلحة وهم يدفعون ببعض الشباب للاعتداء علي رجالنا وإهانتهم بقصد استفزازنا للرد عليهم، واطلاق الرصاص في مواجهتهم، وهذا هو ما يريدونه، وأنا شخصيًا تعرفون موقفي منذ اليوم الأول للثورة، لقد كانت تعليماتي لكم لن نطلق الرصاص علي المتظاهرين، وسوف نحمي الثورة حتي تنتصر، وهو الأمر الذي قطع الطريق علي الكبير والصغير لمحاولة دفع الجيش إلي الصدام مع الجماهير.
وقال المشير: لقد صبرنا أكثر من ثمانية أشهر، ونحن نتعرض للاستفزاز وهي خطة مرسومة، تريد شل يد المجلس الأعلي عن أي قرارات، وفي نفس الوقت هم يريدون ضرب هذه المؤسسة وإثارة الفتنة بداخلها، والمستفيد الوحيد من وراء كل ذلك هو إسرائيل وأعداء الوطن ولذلك طلبت عقد هذا الاجتماع لأطلب رأيكم في قرار هام وخطير يقضي بعودة الجيش إلي ثكناته وتسليم السلطة إلي مجلس انتقالي.
وتحدث الفريق سامي عنان قائلاً: أنا شخصيًا أؤيد السيد المشير فيما طرحه، لقد تحملنا الكثير من الإهانات والتطاول، لقد راحوا يسيئون إلي القوات المسلحة، ويشككون في دورها التاريخي في حماية الثورة وحماية المتظاهرين، أعرف أنهم يمثلون قلة، وأعرف أن هناك جهات تحرك من خلف ستار، ولكني أري بضرورة أن ننأي بأنفسنا، ونسلم البلاد لمجلس انتقالي تتفق عليه الجماعة الوطنية وشباب الثورة.
انني علي ثقة من أن البلاد سوف تجتاز هذه المرحلة العصيبة، وربما يكون نقل السلطة إلي مجلس انتقالي هو الحل في هذه الفترة، حتي نفوت الفرصة علي المتربصين الذين يريدون الوقيعة بين الجيش والشعب، خاصة أنكم تعرفون جميعًا أننا لا نبغي مطمعًا، ولا نريد سلطة، لقد كان أقصي أمانينا هو أن نسلم الحكم إلي سلطة مدنية منتخبة، ولكن يبدو أن الأمور تتأزم وتتصاعد، مما يوجب علينا اتخاذ هذا القرار الصعب حفاظًا علي أمن البلاد واستقرارها، ووقف المحرضين عند حدهم، وانهاء المظاهرات ومحاولات الاحتكاك التي يقومون بها، كل أسبوع.
أحد أعضاء المجلس: أدرك أن هناك استفزازًا متعمدًا وأعرف أن المشير تحمل الكثير، وأعضاء المجلس التزموا الصمت، ولكن ما يخيفني هو ماذا بعد تسليم السلطة لمجلس انتقالي؟ أنتم تعرفون مؤامرات الداخل والخارج ضد الوطن وضد الثورة لم تتوقف، ان خوفي هو من دخول البلاد إلي المجهول، فأنتم تعرفون ان الخلافات سوف تتزايد حدتها حول أعضاء المجلس الانتقالي وهويتهم، وقد لا نجد الاستقرار المأمول، بل سنجد تناحرًا بين الجميع.
المشير: الحقيقة ان ما تقوله هو صحيح في المجمل، ولكن ألست معي أن الجو السائد في البلاد والشائعات والأكاذيب التي تتردد تنال من هيبة القوات المسلحة وتضعنا وكأننا طرف في الصراع علي السلطة، وهذا غير صحيح، لقد قمنا بمهمتنا علي الوجه الأكمل، لم يكن لنا غرض أو هوي سوي مصلحة هذا الوطن، وقفنا من الجميع علي مسافة واحدة، لم ننحز لاتجاه علي حساب آخر، رغم كافة الادعاءات الكاذبة التي تحدثت عن وجود تحالف بيننا وبين الإخوان المسلمين، انني أطلب منكم جميعًا اتخاذ القرار الصحيح والمناسب بتسليم السلطة لمجلس انتقالي.
الفريق سامي عنان: أنا شخصيًا مقتنع بما تقول ولكن دعني أتساءل سيادة المشير: إلي من يجري تسليم السلطة في البلاد؟، وهنا تحدث عن المجلس الانتقالي كيف سيجري الاتفاق عليه، أي التيارات سينضم، من سيتولي رئاسته؟!
المشير: هذه كلها أسئلة مطروحة عليكم جميعًا، انكم أصحاب القرار، مهمتنا نحن هي حماية أمن البلاد واستقرارها، لقد كنا نهدف إلي إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وتسليم الحكم إلي سلطة مدنية منتخبة، ولكن يبدو أن هناك من لا يثق في تلك الوعود، ويسعي إلي اشعالها حربًا ضد المجلس العسكري ولذلك اتخذنا هذا القرار.
'وبعد شرح واف قام به المشير وافق المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي تسليم السلطة إلي مجلس انتقالي مكون من ستة أفراد مدنيين'.
'2'
ائتلافات الشباب تدعو إلي اجتماع عاجل حضر اللقاء حوالي 180 ائتلافًا، كل يريد أن يكون له نصيبه في المجلس الانتقالي، الأصوات تعلو، والاتهامات تلقي جزافًا، أنت لست معنا، أنت عميل للمجلس العسكري، أنت تعاونت مع النظام البائد، أنت تمول من الخارج، أنت لم تكن معنا في التحرير...إلخ.
حملات علي الفيس بوك تنطلق، هجوم مكثف يتعمد الإساءة لبعض القيادات الشابة، حرب تشتعل بين رفاق الثورة، هوة الاختلاف تتسع وتتعمق!!
أحزاب سياسية وقوي تقليدية تتحدث هي الأخري عن نصيبها في المجلس الانتقالي، وتؤكد أنها لن تظل صامتة أمام محاولة استئثار قوي بعينها بالمجلس، وتهدد بالدعوة إلي مليونية في ميدان التحرير احتجاجًا علي محاولة خطف المجلس الانتقالي والاستئثار به لصالح قوي سياسية بعينها.
وافق الجميع علي تشكيل لجنة للحكماء لترشيح عدد من القيادات المقبولة شعبيًا لعضوية هذا المجلس، طرحت اللجنة عشرين اسمًا، لم يجر الاتفاق علي أي منها، اضطرت اللجنة إلي ترشيح عشرين آخرين، استمر الجدل لأكثر من شهرين والبلد في انتظار ولادة المجلس الانتقالي، وفي النهاية جري الاتفاق علي إجراء الانتخابات علي القائمة بأسرها.
تم تشكيل لجنة لإدارة الانتخابات، تدفقت إلي الساحة قوي جديدة وائتلافات متعددة، حتي وصل مجموعها إلي أكثر من 500 حزب وائتلاف خلال أيام قليلة، كان الكل يتطلع إلي اقتسام الكعكة، غير أن الانتخابات حسمت الأمر.
جري الاتفاق علي إجراء الانتخابات تحت الاشراف القضائي، جنبًا إلي جنب مع إشراف لجنة الحكماء بنفسها علي ضمان نزاهة الانتخابات .. جري تحديد موعد للانتخابات خلال شهر، تقدم 400 شخص للترشيح لاختيار ستة أعضاء من بينهم، راح كل منهم يقدم برنامجه وتصوراته.
بعد مضي الشهر تقريبًا حل موعد الانتخابات، احتدمت المنافسة منذ الصباح، صدرت بيانات من النقابات ومنظمات المجتمع المدني وهيئات وجمعيات تعلن جميعها عدم اعترافها بالمجلس الانتقالي الذي سيجري انتخابه لأنها استبعدت من المشاركة.
شائعات تتردد عن أموال قدمت من مرشحين لبعض الأحزاب والقوي المشاركة، وهناك من يتوعد بمليونية في حال تجاهل انتخابه لعضوية المجلس الانتقالي.
أعلنت النتيجة بنزاهة شهد بها الجميع، غير أن ذلك لم يعجب بعض القوي، ثارت ورفضت النتيجة، وطالبت بإعادة الانتخابات بحضور مراقبين دوليين، لقد جري التشكيك في الجميع بلا استثناء.
أكدت اللجنة المشرفة أن الانتخابات جرت في أجواء من الحرية والنزاهة، غير أن ذلك لم يقنع بعض الاتجاهات التي دعت علي الفور إلي مليونية بميدان التحرير تحمل شعار 'ضد التزوير'.
تم الاتفاق علي إعادة الانتخابات مرة أخري بحضور ممثلين من كافة الاتجاهات المشاركة، تم فرز الصناديق وأعلنت النتائج التي أكدت حصول ستة من المرشحين علي أعلي الأصوات، ثارت بعض الفصائل المشاركة واتهمت الفائزين، بأنهم اشتروا الأصوات بالأموال، وأنهم من فلول النظام السابق، وكانوا علي علاقة وثيقة به، وقرروا الدعوة إلي مليونية 'ابعدوا الفلول عن المجلس الانتقالي'!!
مضي الآن نحو ثلاثة أشهر، علي قرار المجلس العسكري بتسليم السلطة لمجلس انتقالي من المدنيين، تعطلت أحوال البلاد، تفاقمت الصراعات، تراجعت البورصة وفقدت عشرات المليارات، زادت حدة الانفلات الأمني، جري تأجيل الانتخابات البرلمانية إلي وقت لاحق، تراجعت أهداف الثورة إلي الخلف، راح السخط يعم الشارع ضد هؤلاء الذين تسببوا في هذه الأزمة.
تعالت الأصوات تطالب بعودة الجيش لانقاذ البلاد، مصدر عسكري أكد أن الجيش لن يقبل بالعودة للحكم في الفترة الانتقالية، لكنه سيبقي حارسًا لأمن البلاد في الداخل والخارج.
عم الخلاف كافة الأوساط، انطلقت مظاهرات من ميادين عدة، تطالب النخبة السياسية بالاتفاق علي تشكيل المجلس الانتقالي أو تسليم السلطة للجيش مرة أخري.
بعد طول عناء، تم الاتفاق علي أن يمارس المجلس المنتخب مهامه لحين إجراء الانتخابات الرئاسية، أيام قليلة وبدأت حملة علي 'الفيس بوك' تدعو لمليونية 'اسقاط المجلس الانتقالي'.
علقت صور أعضاء المجلس الانتقالي بميدان التحرير باعتبارهم خونة نكثوا بوعودهم التي قطعوها علي أنفسهم الأسبوع الماضي بتحقيق أهداف الثورة، طالب المتظاهرون بمحاكمة المتواطئين من أعضاء هذا المجلس، وراحوا يفتشون في دفاترهم القديمة، قبيل المساء انطلقت مظاهرة ضمت حشودًا كبيرة إلي مقر المجلس الانتقالي بمصر الجديدة حاصروا المقر وهتفوا باسقاط المجلس الانتقالي باعتباره أصبح عدوًا للثورة.
خرج إليهم رئيس المجلس حاول أن يفهمهم أنه من الثوار ويتبني مطالبهم، طلب منهم الانتظار قليلاً، فالمجلس عمره فقط أسبوع واحد، هتف المتظاهرون 'الشعب يريد اسقاط المجلس الانتقالي'، رفعوا في مواجهته لافتات تتهمه بخيانة الثورة وأهدافها.
قرر الرجل الانسحاب إلي مكتبه، وراح يكتب استقالته، انضم إليه بقية الأعضاء، وخرج ليعلن الاستقالة من شرفة القصر، هتف المتظاهرون فرحًا، وطالبوا بسرعة تشكيل مجلس انتقالي جديد، دبت الخلافات مجددًا، تعطل كل شيء في البلاد عدة أشهر أخري، جدل عقيم لا يتوقف، وجوه غريبة تطل علينا من فضائيات مشبوهة هدفها الوحيد هو إثارة الفوضي في البلاد.
'3'
بعد شهور عدة من الجدل فشلت الأحزاب والقوي الثورية في اختيار مجلس انتقالي بديل، انقسمت القوي إلي مجموعات متفرقة، كل اختارت لها مجلسًا انتقاليًا، أصبح لدينا عشرة مجالس انتقالية .. كل يدعي الشرعية، وكل يدعي أنه صاحب السلطة والحكم في البلاد.
استمرت الأوضاع في تأزم شديد، تزايدت حدة الجرائم والبلطجة في البلاد، انطلقت دعاوي مشبوهة تطالب بالتقسيم، المطالب الفئوية تتسبب في تعطيل الانتاج، أحوال البلاد تتدهور سريعًا، نفاد الاحتياطي النقدي الاستراتيجي ينذر بكارثة اقتصادية في البلاد، تراجع المخزون الاستراتيجي من القمح والمواد الغذائية إلي درجة تنذر بالخطر، بوادر ثورة للجياع بدأت تطل برأسها في البلاد، الجماهير تتوقع حدوث انقلاب عسكري في أي وقت، لوضع حد للفوضي السائدة، والسياسيون لايزالون منهمكين في معركة 'المجلس الانتقالي'!!
الشارع يزداد غضبًا، يرفض الفوضي العارمة التي بدأت تتسلل إلي كل مناحي الحياة في البلاد، الناس تصرخ ولا أحد يستمع إلي صراخها، الكل منهمكون، يسعون إلي تقاسم 'التورتة'، ينسون دماء الشهداء، والحديث عن الوطن وعن الثورة وعن المصير؟!
أموال تتدفق من الخارج، صحف وفضائيات تنطق باسم هؤلاء الذين يحركون الخيوط من خلف ستار، معارك لا تريد ان تتوقف، انفلات بلا حدود، ضرب للثوابت، انتشار للفتنة الطائفية يهدد كيان الوطن، الشرطة عاجزة عن التدخل، عمليات عنف وإرهاب تتصاعد في سيناء، تهديدات إسرائيلية بالتدخل حماية للحدود، أمريكا تعطي انذارًا وراء انذار، الإعلان عن تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية إلي فترة غير محدودة، الوطن يدخل إلي النفق المظلم.
واحد من جنرالات الفضائيات يطل علينا متهمًا فلول النظام السابق بأنهم وراء ما تشهده البلاد من فوضي، مواطن بسيط يلعن الجميع، ويهدد بثورة جديدة لن تبقي ولن تذر، أم مكلومة تبكي شهيدها الذي سقط في الميدان، الآن تشعر بأن دماءه قد ذهبت هباء، بفعل الطامعين والكذابين .. تطلق صرخة قوية علي الشهيد وعلي الوطن!!
كان ذلك سيناريو تخيليًا لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في حال استمرار الفوضي، والحروب علي مؤسسات الدولة، والسعي إلي هدمها وتقويض كياناتها، واشغال الشعب بحروب جانبية بعيدًا عن أهداف ثورته المجيدة.
إن الكل يشعر بالمخاطر التي تحيق حاليًا بالبلاد، حيث السلاح الذي راح يتدفق إلي القري والكفور والحضر والمناطق المختلفة، غابة من الأسلحة تدخل إلي مصر من الغرب والجنوب، وكأن هناك مخططًا ينفذ علي أرض الواقع مستهدفًا تمزيق الوطن واجهاض الثورة .. سعي دؤوب لإثارة القلاقل والاعتداء علي المؤسسات، إصرار عنيد علي عدم تحقيق الاستقرار.
الكل يتحمل المسئولية، المجلس العسكري يتردد في الحسم واتخاذ القرار، الحكومة عاجزة، قوي الثورة المضادة تنشط وتتحرك بقوة، تعرف ماذا تريد، وتستخدم كل الآليات والإمكانات لتنفيذ المخطط!!
لقد قفزوا علي الثورة، دفعوا بها بعيدًا عن الطريق، اشعلوا الحروب في الداخل ومدوا أيديهم للخارج، المخطط ليس سهلاً، وإسرائيل وجدت الفرصة سانحة.
انها تريد القضاء علي المارد العربي الذي بدأ يعود علي ضفاف النيل، لابد من اشغال مصر وانهاكها، فلتدفع المليارات إلي العملاء والمرتشين، وليفتح الباب أمام الطامعين.
إذن هي الحرب، فلماذا أنتم صامتون، وإلي متي سنبقي ساكتين، ان المطلوب هو جبهة عريضة لانقاذ مصر، تتبني برنامجًا وطنيًا عنوانه 'نهوض مصر والسعي إلي تقدمها' تتفق حوله الجماعة الوطنية من كافة الاتجاهات، وتنحي خلافاتها جانبًا وتسعي إلي تحقيقه.
كلمات قصيرة
المصريون والجيش
أظهر استطلاع أجراه مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان المواطنين يثقون في المجلس العسكري بنسبة 8.89%، ثم مؤسسة القضاء بنسبة 77%، ثم شباب الثورة بنسبة 1.63%، ثم الشرطة بنسبة 3.39%.
وأشار التقرير إلي أن 1.94% من المستطلعين يثقون في تسليم المجلس العسكري لمهام السلطة إلي المدنيين.
إنني هنا أريد أن اتوقف أمام هذه النتائج للتأكيد علي عدد من الحقائق الهامة:
أولاً إن المجلس العسكري لايزال رغم كافة الحملات المسمومة يتمتع بثقة كبيرة من المصريين بلغت نسبة 9،89% وهو ما يؤكد أن الجماهير تثق في دور المجلس العسكري وأدائه خلال المرحلة الانتقالية، رغم كافة الملاحظات وهذه الثقة بالتأكيد مستندة إلي دور المجلس العسكري في حماية الثورة وتفهم مطالبها المشروعة وإجبار الرئيس السابق حسني مبارك علي التنحي عن الحكم.
ثانيًا إن ثقة 1.94% من المستطلعين في أن المجلس العسكري سوف يسلم السلطة إلي المدنيين في نهاية المرحلة الانتقالية يعزز من الرأي القائل بثقة المصريين المطلقة في الجيش المصري ومجلسه العسكري وشخص المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس، خاصة انه أعلن أكثر من مرة ان أحدًا من المجلس الأعلي لن يترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وأظن أن ذلك رد حاسم علي من يشككون في نوايا المجلس العسكري تجاه هذه القضية، ومن ثم آن لهم أن يتوقفوا عن ترديد مثل هذه الادعاءات.
ثالثًا إن تراجع نسبة الذين لديهم ثقة في الشرطة المصرية إلي 3.39% يجعلنا نطالب الجهات الشرطية بمراجعة مواقفها من الشارع المصري وتحسين أدائها في الفترة المقبلة، والنزول إلي الشارع لمواجهة أعمال البلطجة وإعادة الأمن والاستقرار إلي البلاد، فهذا هو الملاذ الوحيد لاستعادة ثقة الشعب.
رابعًا ان ارتفاع نسبة الثقة في شباب الثورة إلي 31.6% يؤكد عرفان الجماهير لدور هذا الشباب في الثورة واصراره علي اسقاط النظام البائد وتقديمه تضحيات جسامًا من أجل أن تنعم مصر بالحرية والعدالة، غير أن هذا الشباب الذي يتمتع بهذا الحجم الهائل من الثقة لايزال بعيدًا عن صناعة القرار، كما أن نصيبه في انتخابات مجلس الشعب القادمة سيكون محدودًا للغاية بفعل عوامل عديدة ومتعددة.
خامسًا أما القضاء المصري العادل والنزيه فستبقي ثقتنا فيه كبيرة حتي وان تراجعت هذه النسبة بسبب بعض الممارسات وأيضًا بسبب بعض الحملات الإعلامية والتظاهرات التي استهدفته.
قانون العزل .. لا تظلموا أحدًا!!
لا أظن أن أحدًا يقبل بالتسامح مع العناصر التي أفسدت الحياة السياسية وارتكبت جرائم وتجاوزات في حق المال العام وشاركت في تزوير الانتخابات علي مدي العقود الماضية، فالثورة قامت لوضع حد لهذا الفساد ومحاسبة مرتكبيه، ليس فقط ممن ينتمون إلي الحزب الوطني الحاكم، بل يجب أن يمتد الأمر إلي كل من تورط في هذه الجريمة من الآخرين حتي ولو كانوا محسوبين علي المعارضة!!
وأظن أن هناك فارقًا كبيرًا بين من تورط وشارك في ارتكاب هذه الجرائم، وكان طرفًا فاعلاً فيها، وبين هؤلاء المغلوب علي أمرهم، أو الذين انضموا للحزب الحاكم لمجرد قضاء مصالحهم ومصالح من يمثلونهم، والفيصل هنا هو القضاء المصري، وليس الاحكام الجزافية التي تطلق علي عواهنها.
كيف أطبق قانون العزل السياسي علي شخص بوزن النائب السابق حمدي الطحان رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب في دورته 2005 2010، وهو الذي تصدي بكل جسارة لحوادث القطارات والعبارة السلام 98 وطالب بإقالة الحكومة ووقف في البرلمان ليعلن أن هذه الحكومة تتآمر علي الشعب المصري وتسعي إلي تدمير البلاد؟.
كيف أطبق القانون علي عضو مجلس محلي قدم كل ما يستطيع تقديمه للناس وتفاني في خدمتهم، وكل جريرته انه فقط ينتمي إلي الحزب الوطني 'المنحل'؟.
هناك عناصر تورطت وارتكبت جرائم تستحق عليها الحساب والإعدام، لانها أفسدت وتآمرت وشرعت لحساب الفسدة والمفسدين، هؤلاء يجب أن يطبق عليهم قانون العزل، ولكن ذلك يجب أن يتم عن طريق القضاء وليس عن طريق الاتهامات الجماعية والمرسلة.
لقد كان د.عصام شرف رئيس الوزراء الذي رشحه ثوار التحرير رئيسًا للجنة النقل بأمانة السياسات بالحزب الوطني، وكان د.أسامة الغزالي حرب مؤسس حزب الجبهة الوطنية عضوًا بالمجلس الأعلي لأمانة السياسات فهل يطبق عليهما قانون العزل؟!
إن الأمثلة كثيرة ومتعددة، ولو فتح الباب ستكون هناك مفاجآت ربما تطال كثيرين، ولذلك يتوجب الاحتكام إلي القضاء المصري عاجلاً وسريعًا ليقول كلمته الحاسمة والفاصلة في هذا الأمر.
إن أمامنا تجربة قانون الغدر الذي طبقه عبدالناصر عام 1953 ضد من أفسدوا الحياة السياسية، وجري تشكيل لجنة غالبيتها من الضباط للتحقيق في الوقائع المقدمة، ولكن القانون لم يطبق سياسيًا سوي علي شخصين فقط. إن الثورة لا تسعي إلي 'مكارثية جديدة' لكنها تريد حسابًا يستند إلي القانون والقضاء، فالثورة قامت من أجل الحرية والعدالة والكرامة، ولم تقم من أجل الانتقام دون سند من قانون أو دون أدلة واضحة علي ارتكاب المستهدفين جرائم محددة تستوجب الحساب.
لقد أكد المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة مؤخرًا أن القضاء هو الطريق الطبيعي لتطبيق القانون علي الفاسدين، وهذا كلام منطقي، لكن السؤال متي وكيف يتم ذلك؟!
لقد كان لي شرف أن اتقدم بدعوي حل الحزب الوطني وقد حسمت المحكمة الإدارية العليا الأمر بحكم تاريخي صدر لصالح الدعوي التي أقمتها وأقامها معي آخرون بحل الحزب ومصادرة كافة مقراته، ولذلك عندما اطالب بالاستناد إلي القضاء فهذا هو العدل الطبيعي الذي يجب الاستناد إليه.
وإذا كان بعض عناصر هذا الحزب المنحل قد اجتمعوا وراحوا يهددون، فنحن نقول لهم توقفوا عن لغة التهديد والوعيد، وعليكم ان تدركوا أن صعيد مصر هو مع الثورة وليس ضدها، وأن أبناء الصعيد هم أكثر من عانوا من النظام البائد بعد أن حرموا طويلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.