بعد ساعات قليلة من انتهاء أحمد داود أوغول رئيس الوزراء التركي المكلف بتشكيل حكومة ائتلافية من الجولة الأولي من المشاورات مع الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من يونيو الماضي هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرجوع مرة أخري لإرادة الشعب وإجراء انتخابات مبكرة في حال فشل تشكيل الحكومة الائتلافية. وتشير تصريحات أردوغان، التي جاءت عقب صلاة العيد يوم /الجمعة/ الماضي ويراها بعض المحللين مؤشرا قويا علي رغبته للعودة مرة أخري للشعب بعد استطلاعات الرأي التي تؤكد تزايد شعبية حزبه 5% مما سيمكنه من تشكيل حكومة منفردا، إلي أن جولة المفاوضات الأولي فشلت في إحراز أي تقدم علي سبيل تشكيل حكومة وحدة وطنية وأن هناك عقبات جمة تقف في طريق تشكيلها. وبحسب النتائج الرسمية للانتخابات العامة التي شهدتها تركيا في 7 يونيو الماضي، لم يتمكن أي حزب من تحقيق أغلبية لتشكيل الحكومة بمفرده، حيث فاز حزب 'العدالة والتنمية' 'محافظ' ب 258 مقعدا من أصل 550، عدد مقاعد البرلمان، فيما حصد 'حزب الشعب الجمهوري 'اشتراكي ديمقراطي '132 مقعدا، وحزب الحركة القومية 'يمين' 80 مقعدا، وحزب الشعوب الديمقراطي 'مناصر للقضية الكردية' 80 مقعدا. وقد استهل أوغلو، مفاوضات تشكيل الحكومة الائتلافية، الأسبوع الماضي بدأها، بلقاء زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، بينما التقي الثلاثاء مع رئيس حزب الحركة القومية، دولت باهتشلي، والأربعاء مع الرئيسين المشاركين لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرطاش، وفيجن يوكسك داغ. وعقب هذه المفاوضات قام أوغلو، بالاتصال هاتفيا بجميع رؤساء حزبه في الولايات التركية المختلفة وأعطاهم تعليمات بضرورة الاستعداد للانتخابات في أي وقت. وجاءت هذه التصريحات بمناسبة عيد الفطر المبارك، كما أطلع أوغلو منهم علي المعلومات حول الفعاليات والزيارات التي أجروها في العيد. وأعلم داوود أوغلو رؤساء حزبه في الولايات عن قيامهم بمباحثاتهم مع الأحزاب لبحث سبل تشكيل حكومة ائتلافية، وأنهم سيواصلون المباحثات حتي النهاية'. لكنه لفت علي ضرورة استعداد رؤساء حزبه للانتخابات المبكرة وكأنها من الممكن أن تقام في أية لحظة. تحسبا في حال فشل مساعي تشكيل الحكومة، وداعيا إياهم لمواصلة العمل خلال هذه الفترة والالتقاء بالناخبين في الولايات التركية علي الدوام في هذه المرحلة. وكانت الأحزاب التركية المعارضة قد وضعت شروطا رأها 'العدالة والتنمية' 'شبه تعجيزية' للمشاركة في حكومة ائتلافية حيث وضع 'الحركة القومية' ثلاثة شروط في مقدمتها إلغاء عملية السلام مع الأكراد، بينما صاغ 'الشعب الجمهوري' 14 مبدأ ينبغي علي العدالة والتنمية القبول بها إن أراد الائتلاف الحكومي معه، من بينها 'إعادة الرئيس أردوغان إلي الإطار الدستوري وهي شروط يبدو أن العدالة والتنمية لن يقبل بها مطلقا. وبعد الانتهاء من الجولة الأولي قال زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي' إننا نفضل التوجه إلي انتخابات مبكرة، بدلا من دعم حكومة أقلية'. واعتبر أن دعم حكومة أقلية، سيعني دعما لحزب 'العدالة والتنمية'. كما جدد باهتشلي، موقف حزبه بخصوص موضوع الحكومة الائتلافية، لافتا إلي أنهم لا يرغبون في المشاركة فيها، بل لعب دور المعارضة الرئيسية. وأعرب باهتشلي عن اعتقاده، بأن حزبه سيزيد من نسبة أصواته، إذا توجهت البلاد إلي انتخابات مبكرة، في حال الفشل في تشكيل حكومة ائتلافية، وأن 'الشعب سيقول: هناك حاجة لحزب الحركة القومية. نريد أن نوصله إلي الحكم'. ويبدو أن هذا لم يكن هذا موقف حزب 'الحركة القومية' وحده بل يتفق معه حزب 'الشعوب الديمقراطي' 'الكردي' حسبما صرح وزير التجارة والجمارك التركي نور الدين جانيكلي الذي أكد أن حزبي 'الشعوب الديمقراطي' والحركة القومية يواصلان استراتيجيتهما للبقاء خارج الحكومة الائتلافية والتي أعلنا عنها منذ ظهور نتائج الانتخابات. وأضاف أن حزبي الحركة القومية والشعوب الديمقراطي، يفضل كل منهما العمل كحزب معارض، والانتظار لحين تبلور نتائج التفاوض بين حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري. وأشار جانيكلي إلي أنه في حال عدم حدوث مفاجأة غير اعتيادي فإنه يبدو أن أحزاب المعارضة ستظل خارج صورة تشكيل الائتلاف. لكنه قال إن الأبواب لم تغلق تماما مع حزب الحركة القومية، إلا أن إمكانية تشكيل ائتلاف معه قد انخفضت بدرجة كبيرة'، مضيفا أن تشكيل حكومة مع حزب 'الشعب الجمهوري' هو الخيار الوحيد المتبقي. ويرغب رئيس الوزراء التركي زعيم حزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو في إنهاء عملية التفاوض من أجل تشكيل ائتلاف بنجاح، حسبما صرح الوزير، مشيرا إلي أن 'المفاوضات مع الشعب الجمهوري يجب أن تستمر'. ويعضد من هذه التصريحات ما أعلنه نائب رئيس الوزراء التركي يالتشين أق دوغان الذي قال: إن موقف حزب الشعب الجمهوري 'ثاني أكبر حزب في البرلمان' في مشاورات تشكيل الحكومة الإئتلافية يعد الأكثر وضوحا. وتعد هذه التصريحات شعاع أمل من وجهة نظر أعضاء حزب 'العدالة والتنمية' من أجل تشكيل حكومة ائتلافية بين 'العدالة والتنمية' 'والشعب الجمهوري' وهو ما بدا في صمت المسؤولين من حزب الشعب الجمهوري في إعلان موقفهم من الرفض أو الموافقة علي مشاركتهم في حكومة ائتلافية. وبعد انتهاء جولة المفاوضات الأولي ألمح أوغلو إلي وجود توافق أولي في المحادثات حول تشكيل ائتلاف حكومي كبير بمشاركة حزب الشعب الجمهوري 'العلماني'. مؤكدا أن المحادثات بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، تحقق تقدما. وقال : 'نحن الآن في مرحلة أكثر تقدما مع حزب 'الشعب الجمهوري'. وبما أننا اتفقنا علي المنهج، ستسير العملية قدما مع حزب الشعب الجمهوري'. وفي حال فشل العدالة والتنمية في تشكيل حكومة ائتلافية خلال المدة القانونية فإنه من الصعوبة بمكان أن تستطيع أحزاب المعارضة الثلاث الأخري تشكيل حكومة، وذلك لتعارض وجهات النظر بين تلك الأحزاب حول القضايا التركية المختلفة بالإضافة إلي التناقض الظاهر حول برامج هذه الأحزاب والعديد من الملفات. وفي ظل هذا الغموض والجمود في مواقف الأحزاب التركية وفي ظل عدم وجود مؤشرات تدل علي 'حسن نية' علي إمكانية تشكيل حكومة ائتلافية خلال المدة القانونية الممنوحة للعدالة والتنمية وهي 45 يوما منذ تكليف رئيس الحكومة، بدأت الأحزاب تجهز نفسها لاستحقاق 'الانتخابات المبكرة' من خلال إجراء استطلاعات رأي وإعادة تقييم للنتائج السابقة، لا سيما أن أعضاء البرلمان الجدد ال550 لم يقوموا بعد بنقل سكنهم إلي العاصمة أنقرة في ظل استشعارهم أن مكوثهم فيها لن يطول في حال إجراء الانتخابات المبكرة.