استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    حقيقة انفصال أحمد السقا ومها الصغير.. بوست على الفيسبوك أثار الجدل    ننشر نتيجة انتخابات نادى القضاة بالمنيا.. «عبد الجابر» رئيسا    حالة خوف وقلق في مدينة رفح الفلسطينية مع تهديد الجيش الإسرائيلي.. تفاصيل    دينا فؤاد : تكريم الرئيس السيسي "أجمل لحظات حياتي"    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    2.4 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي: شرائح قرض مصر في هذه المواعيد    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    بعد التخفيضات.. تعرف على أرخص سيارة تقدمها جيتور في مصر    عز يسجل مفاجأة.. سعر الحديد والأسمنت اليوم السبت 27 إبريل في المصانع والأسواق    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    الصين تستضيف حماس وفتح لعقد محادثات مصالحة    هجوم صاروخي حوثي على ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    الأهلي ضد الترجي.. موعد نهائي دوري أبطال إفريقيا    الأهلي يساعد الترجي وصن داونز في التأهل لكأس العالم للأندية 2025    "في الدوري".. موعد مباراة الأهلي المقبلة بعد الفوز على مازيمبي    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    كولر : جماهير الأهلي تفوق الوصف.. محمد الشناوي سينضم للتدريبات الإثنين    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يعزز رقمه الإفريقي.. ويعادل رقمًا قياسيًّا لريال مدريد    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    نظر محاكمة 14 متهما في قضية "خلية المرج".. السبت    اليوم.. مرتضى منصور أمام المحكمة بسبب عمرو أديب    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    بالصور.. رفع المخلفات والقمامة بعدد من شوارع العمرانية    حريق يلتهم شقة بالإسكندرية وإصابة سكانها بحالة اختناق (صور)    الأمن العام يضبط المتهم بقتل مزارع في أسيوط    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    أحمد عبدالقادر: نعرف الترجي ويعرفنا.. وأتمنى أن يكون نهائي مميز    حمزة عبد الكريم أفضل لاعب في بطولة شمال أفريقيا الودية    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    طريقة عمل كريب فاهيتا فراخ زي المحلات.. خطوات بسيطة ومذاق شهي    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفي بكري يكشف من وراء سفر المتهمين الأجانب في قضية التمويل الأجنبي؟!
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 10 - 06 - 2015

ضغوط أمريكية شديدة.. والسفيرة 'آن باترسون' تخفي المتهمين في مبني السفارة لماذا قرر القضاء السماح بسفر المتهمين؟ ولماذا تنحي المستشار محمد شكري؟
تفاصيل اللقاء بين المشير طنطاوي والمستشار عبد المعز إبراهيم بحضور سامي عنان وممدوح شاهين
ازدواجية الإخوان في السر والعلن.. وجون ماكين يكشف دورهم!!
فايزة أبو النجا في شهادتها: لقد أرادوا إسقاط الدولة بعد أن فشلوا في 25 يناير
السفيرة الأمريكية تبعث بخطاب إلي قاضي التحقيق.. ووزير العدل يحذر
في الحلقة الرابعة من كتاب 'لغز المشير' الذي سيصدر قريبًا عن الدار المصرية اللبنانية يكشف الكاتب الصحفي مصطفي بكري حقائق قضية ترحيل المتهمين في قضية التمويل الأجنبي إلي خارج البلاد في عملية خاطفة أحدثت صدمة لدي الجميع..
ويرصد الكاتب وقائع اللقاء والحوار الذي جري بين المشير حسين طنطاوي والمستشار عبد المعز أحمد إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة يوم 28 فبراير 2012، بحضور الفريق سامي عنان رئيس الأركان واللواء ممدوح شاهين.
ويتضمن هذا الفصل حقيقة موقف الإخوان والدور المزدوج لهم والذي كشفه السيناتور الأمريكي جون ماكين الذي التقي محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة وسعد الكتاتني أمين عام الحزب في هذا الوقت.
كانت الأجواء في مصر محتقنة، الشارع غاضب، حتي حلفاء المشير كانوا يتساءلون في حسرة: ماذا جري؟!
كان المشهد مؤلمًا علي الجميع، تسعة عشر أمريكيًا وأجنبيًا يغادرون القاهرة في الثالث من مارس 2012، علي متن طائرة أمريكية خاصة، منذ ساعات كانوا مطلوبين للعدالة، علي ذمة ما سُمِّي بقضية التمويل الأجنبي..
ترددت شائعات كثيرة، أحاديث عن الضغوط والتهديدات، بل والتواطؤ، امتد الحديث إلي ضغوط قيل إنها مورست علي القضاء المصري لإلغاء قرار منع المتهمين من السفر..
لم يكن الحديث عن التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني والنشطاء جديدًا، كان الحديث يتردد في كل مكان، وكان النشطاء وملاك هذه الجمعيات يتباهون بالتمويل الذي يتقاضونه، إحدي هؤلاء كانت تردد دومًا القول بأن: هذه أموالنا التي حصلوا عليها من مصر عندما استعمروا البلاد لسنوات طوال، ولذلك نحن نستردها بطريقتنا.. لم تقل إن هذه الأموال كانت تذهب إلي جيوبهم مقابل التجارة بعِرض الوطن وأمنه القومي.
قبيل تفجير هذه القضية الصاخبة بتعليمات مباشرة من المشير، كانت مصر قد دخلت في لعبة شد الحبل مع الولايات المتحدة ودول غربية عديدة حول مدي مشروعيتها في تمويل هذه المنظمات التي كانت تقوم بدور هو أقرب إلي 'التجسس'!!
كانت البداية معروفة، منذ عام 2004 وأمريكا تقتطع جزءًا من المعونة وتقدمه إلي منظمات المجتمع المدني، الحقوقية والسياسية، كان ذلك مخالفًا لاتفاقية المساعدات الأمريكية المقدمة إلي مصر منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978.
محاورات ومناورات، مضي بوش وجاء أوباما، لم يتوقف التمويل الأجنبي، عادت ريمة لعادتها القديمة، بلغت قيمة التمويل المقدم طيلة السنوات العشر التي سبقت ثورة يناير للمنظمات حوالي 60 مليون دولار، اقتُطعت من قيمة المعونة الأمريكية المقدمة إلي مصر.
بعد انطلاق ثورة الخامس والعشرين من يناير، أصبح الحديث عن التمويل الأجنبي تتردد أصداؤه في كل مكان، هذه المرة دخلت قطر علي الخط بكل قوة، في غمرة الأزمة والاحتقان والغضب من ممارسات نظام مبارك، سخر الجمهور مما يتردد، كل من يحاول طرح الأمر يُتهم بأنه من ذيول النظام السابق.
***
بعد سقوط نظام مبارك بأسبوع واحد.. في شهر فبراير 2011 بدأت الملامح تظهر، هناك حادثة غريبة ترددت بقوة، لم أصدقها، ولكن عندما التقيت شهودها وهم أحياء أكدوا صدقها، بعد أن كنت قد استمعت إليها من أحدهم.
في هذا الشهر، كانت مصر تموج بالحركات الثورية، شباب وأحزاب، ائتلافات وتنظيمات، الكل يريد أن يحصل علي نصيبه من الكعكة.
لقد فوجئ 'الفريق' جلال هريدي -المشرف علي جمعية إسكان قدامي ضباط الصاعقة- باتصال هاتفي من رئيس الجمعية، يطلب منه الحضور إلي مقر الجمعية لأمر مهم وعاجل.
وصل 'الفريق' جلال هريدي -لم يكن قد حصل علي هذه الرتبة في هذا الوقت- إلي مقر الجمعية، كان في الانتظار هناك شخصان غريبان، ليسا من أعضائها، عرَّفا نفسيهما، كان الأول ناشطًا سياسيًا اصبح رئيسا لحزب سياسي مناؤي ولا تزال أقاويل التمويل تتردد عنه حتي هذا الوقت، وكان الآخر أيضًا ناشطًا سياسيًا أصبح عضوًا بالبرلمان وكان مقربًا من الدكتور محمد البرادعي قبل ان يتركه..
استمع 'الفريق' جلال هريدي إلي مطلبهما.. لقد طلبا الاستفسار عما إذا كانت جمعية الإسكان مستعدة أن تقبل تحويل مبالغ مالية كبيرة قادمة من الخارج علي حسابها، ثم تقوم الجمعية بتسليم المبالغ إليهما مقابل عمولة تحصل عليها من هذا المبلغ الكبير.
سأل الفريق جلال هريدي: ولماذا لا تحوَّل المبالغ إلي حسابكما إذا كانت مشروعة؟!، كان السؤال صادمًا لهما، ثم استكمل حديثه بالقول: 'يؤسفني أن أسمع هذا الكلام منكما، لأن هذه أموال مشبوهة ويبدو أنكما اخترتما العنوان الخطأ.
لم يجد الناشطان من خيار أمامهما، سوي الانسحاب يجرَّان أذيال الخيبة، وهو أمر أثار مخاوف الحاضرين علي مستقبل مصر، فقد كان الناشطان من الذين يتصدرون المشهد الثوري في هذا الوقت.
كانت المخابرات الحربية والمخابرات العامة تتابعان في هذا الوقت عملية الاختراق الأجنبي للعديد من المنظمات والنشطاء، خاصة بعد إصرار واشنطن علي فتح مكاتب لثلاث من المنظمات الحقوقية الأمريكية، هي: المعهد الجمهوري الدولي الأمريكي، والمعهد الديمقراطي الوطني الأمريكي، ومنظمة بيت الحرية الأمريكي، وغيرها.
كانت مصر قلقة من دور هذه المنظمات، كانت تتابعها عن كثب، وترصد تواصلها مع العديد من نشطاء المظاهرات والمنظمات الحقوقية المصرية في هذا الوقت.
كانت تعليمات المشير طنطاوي إلي الأجهزة المعنية تقضي بضرورة متابعة دور هذه المنظمات في عملية التمويل لمخطط الفوضي وإسقاط الدولة.
في شهر مايو 2011، تم الإعلان عن تفاصيل جلسة لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي التي شهدت إدلاء السفيرة الأمريكية 'آن باترسون' المرشحة كسفيرة للولايات المتحدة في مصر بشهادتها أمام اللجنة.
لقد أكدت 'باترسون' أثناء جلسة الاستماع أن الولايات المتحدة قدمت في الفترة من فبراير 2011 إلي مايو 2011 مبلغًا يزيد علي 40 مليون دولار لدعم الديمقراطية في مصر، وأن هناك 600 منظمة مصرية تقدمت بطلبات للحصول علي منح مالية أمريكية.
في هذا الوقت عقد مجلس الوزراء برئاسة د.عصام شرف اجتماعًا غاية في الأهمية قرر خلاله تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول قضية التمويل الأجنبي لهذه المنظمات برئاسة وزير العدل محمد عبد العزيز الجندي وعضوية عدد من الوزراء والمسئولين، كان أبرزهم د.فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، كان ذلك في يونية 2011.
لقد باشرت اللجنة أعمالها من خلال مخاطبة الجهات المعنية وتلقت المعلومات والأدلة حول مصادر التمويل وآليات صرفه والدور السياسي لهذا التمويل في عمليات الفوضي والمليونيات التي شهدتها البلاد في هذا الوقت.
بعد التحقيقات والمعلومات التي توصلت إليها اللجنة، رأت أنه من الضروري عدم قصر إجراء التحقيق علي التمويل الأمريكي فقط، بل يجب أن يمتد ليشمل جميع أنواع التمويل الأجنبي والأغراض التي صُرفت فيه.
توصلت اللجنة بعد عدة أشهر إلي معلومات ودلائل في منتهي الخطورة، تم اتخاذ قرار بإحالة جميع هذه المستندات إلي النيابة العامة التي طلبت من وزير العدل انتداب قاضٍ للتحقيق في هذه القضية الخطيرة واستجواب المتورطين فيها.
بالفعل طلب وزير العدل من محكمة استئناف القاهرة انتداب قاضيين للتحقيق وصدر القرار بندب كل من المستشارين سامح أبوزيد وأشرف العشماوي.
في هذا الوقت قالت د.فايزة أبوالنجا: إن لجنة تقصي الحقائق توصلت إلي أن مجموع ما تم صرفُه من هذه المنظمات علي النشطاء ومنظمات المجتمع المدني ذات الطابع السياسي والحقوقي بلغ نحو مليار ومائتي مليون جنيه صُرفت جميعُها في أعمال وأفعال مشبوهة.
وقد باشر قضاة التحقيق أعمالهم، استمعوا إلي نحو 50 شاهدًا وبعدها تم البدء في استجواب المتهمين الذين تلقوا تمويلًا خارج القانون.
لقد توصل قضاة التحقيق في هذا الوقت إلي أن عدد المنظمات المصرية التي تلقت هذا التمويل بلغ نحو 400 منظمة بخلاف النشطاء.
مع نهاية شهر أكتوبر 2011 قام فريق من محققي النيابة العامة بتفتيش 17 مقرًا لمنظمات مجتمع مدني مصرية وأجنبية من بينها المركز العربي لاستقلال القضاء الذي يترأسه الناشط السياسي ناصر أمين ومقرات المعهدين الجمهوري والديمقراطي الأمريكي وغيرهما، وقد عُثر في أحدها علي خريطة تقسيم مصر إلي أربع دويلات، كما عُثر علي أسماء العديد من المنظمات والنشطاء الذين تلقوا دعمًا من هذه المنظمات المرتبطة بأجهزة الاستخبارات الأمريكية، وكذلك الحال مستندات هامة عن 67 موقعًا للقوات المسلحة في السويس وتحركات وتمركزات الوحدات العسكرية.
لقد أبدت واشنطن انزعاجَها الشديد من حملات التفتيش والتوقيف وطلبت من الحكومة المصرية وقف ما أسمته ب'إرهاب المجتمع المدني'، وسط تلميحات بوقف مساعداتها للحكومة المصرية، بينما قامت الخارجية الألمانية باستدعاء السفير المصري في أمريكا وسلمته احتجاجًا رسميًا علي الإجراءات التي اتخذتها جهات التحقيق المصرية، وطالبت 'كاثرين آشتون' 'مفوضة الاتحاد الأوربي، في هذا الوقت' بوقف عمليات المداهمة، معتبرة أنها لا تشجع المناخ السلمي المطلوب للانتقال الديمقراطي.
قامت د.فايزة أبوالنجا بالرد علي هذه الحملات، وقالت: إن حملات التفتيش تمت استنادًا إلي قرارات صادرة من جهات التحقيق القضائية ولا علاقة للحكومة المصرية بها، وهو الموقف نفسه الذي أكده وزير الخارجية في هذا الوقت محمد كامل عمرو.
أما جماعة الإخوان المسلمين فقد كان موقفها مريبًا، إذ أعرب د.محمد سعد الكتاتني 'الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، عضو مكتب الإرشاد' عن رفض حزبه الطريقة التي تم التعامل بها مع منظمات المجتمع المدني وغلق بعضها.
وقال الكتاتني: 'إن النظام السابق نظام مبارك لم يقم باقتحام المنظمات وغلقها بالشكل الذي نراه الآن والذي كنا نتوقع ألا يحدث أبدًا بعد ثورة 25 يناير، خاصة أن هذه المنظمات تتلقي التمويل الخارجي منذ فترة طويلة'.
وطالب الكتاتني الحكومة والمجلس العسكري بمراعاة ما أسماه ب'الشفافية' في كشف المعلومات الخاصة بهذه المنظمات بحيث يكون الرأي العام علي اطلاع بمجريات الأمور الخاصة بتلك القضية.
لقد كشفت التحقيقات التي أسفرت عن إحالة 43 متهمًا لمحكمة الجنايات من بينهم 19 أمريكيًا عن أن هذه الأموال المقدمة تم اقتطاعُها من المبالغ المخصصة من قيمة المعونة والمساعدات الأمريكية لمصر.
وكشفت د.فايزة أبوالنجا في شهادتها أمام جهات التحقيق التي استمرت لنحو 6 ساعات خلال شهر أكتوبر من عام 2011، 'أن أحداث ثورة 25 يناير كانت مفاجأة للولايات المتحدة وخرجت عن سيطرتها حيث تحولت إلي ثورة للشعب المصري بأكمله وعندها قررت الولايات المتحدة تجنيد كل ما لديها من إمكانات وأدوات لاحتواء الموقف وتوجيهه في الاتجاه الذي يحقق مصالح أمريكا وإسرائيل معًا'.
قالت د.فايزة أبوالنجا: 'إن كل الشواهد كانت تدل علي رغبة واضحة وإصرار علي إجهاض أي فرصة لكي تنهض مصر كدولة حديثة ديمقراطية ذات اقتصاد قوي، حيث سيمثل ذلك أكبر تهديد للمصالح الإسرائيلية والأمريكية ليس في مصر وحدها وإنما في المنطقة ككل'.
وذكرت أن ثورة 25 يناير خلقت الفرصة المواتية للنهضة المصرية لتبوُّء مصر مكانتها، إلا أن السبيل لإجهاض هذه الفرصة كان عن طريق خلق حالة من الفوضي وبحيث تتمكن القوي المناهضة لمصر إقليميًا ودوليًا من إعادة ترتيب أوراقها في التعامل مع التطورات في مصر بعد ثورة يناير.
وقالت د.فايزة أبوالنجا في التحقيقات: 'إن الهدف الأمريكي للتمويل المباشر للمنظمات خلال الفترة من 2005 2010 كان يقتصر علي مضايقة النظام السابق والضغط عليه بدرجة محسوبة لا تصل إلي حد إسقاطه، حيث كان الوضع في علاقة الولايات المتحدة وإسرائيل بالنظام السابق مثاليًا وبالتالي لم يكن أي منهما يرغب في إسقاطه'.
وقالت د.فايزة أبوالنجا 'إن أمريكا وإسرائيل يتعذر عليهما القيام بخلق حالة الفوضي والعمل علي استمرارها في مصر بشكل مباشر، ومن ثم استخدمت التمويل المباشر للمنظمات، خاصة الأمريكي منها، كوسائل لتنفيذ تلك الأهداف، مشيرة إلي إصرار الجانب الأمريكي علي تقديم التمويل المباشر لمنظمات المجتمع المدني المصرية والأمريكية العاملة علي الأراضي المصرية.
لقد تضمنت التحقيقات التي أجراها قاضيا التحقيق سامح أبوزيد وأشرف العشماوي اتهام 43 مصريًا وأجنبيًا في هذه القضية علي رأسهم صموئيل آدم لحود، المدير الإقليمي للمعهد الجمهوري الأمريكي لدي مصر، ونجل وزير النقل الأمريكي، ووجهت إليه وإلي الآخرين اتهامات بتأسيس منظمات بدون ترخيص وتلقي الأموال من جهات أجنبية لتنفيذ أهداف معادية لمصر.. وتقرر منعهم من السفر وإحالتهم إلي محكمة جنايات القاهرة.
قرر المكتب الفني لمحكمة استئناف القاهرة إحالة القضية إلي دائرة المستشار محمد شكري، خاصة أنها كانت الدائرة الوحيدة التي تعمل خلال شهر فبراير 2012، وذلك لنظر الطعن علي قرار قاضي التحقيق بمنع المتهمين من السفر.
وعملًا بالمادتين 166، 167 من قانون الإجراءات الجنائية كان يجب الفصل في الشق المستعجل من القضية في خلال ثمانٍ وأربعين ساعة من تقديم التظلمات.
قام المكتب الفني للمحكمة بتحديد جلسة 26 فبراير 2012، إلا أن المستشار محمد شكري أجَّل نظر القضية بكاملها لجلسة 26 أبريل 2012، قامت الدنيا ولم تقعد، احتشد المحامون المدافعون عن المتهمين أمام مكتب رئيس محكمة استئناف القاهرة وقدموا مذكرة قالوا فيها: إن الدائرة بذلك خالفت نص المادتين 166، 167من قانون الإجراءات الجنائية ورفعوا الأمر إلي رئيس محكمة استئناف القاهرة.
أجري المستشار عبد المعز أحمد إبراهيم رئيس محكمة الاستئناف في هذا الوقت، اتصالًا تليفونيًا مع المستشار محمد شكري وأبلغه بأن قرار التأجيل فيه مخالفة لقانون الإجراءات وأنه أصدر تعليماته بنظر القضية في جلسة تُعقد في يوم 28 فبراير بعد أن قدم المحامون الموكلون عن المتهمين طلبات يتضررون فيها من مخالفة القانون وضرورة الفصل في الشق المستعجل من قرار المنع.
عاود المستشار عبد المعز أحمد إبراهيم الاتصال برئيس الدائرة المستشار محمد شكري وأبلغه بوجود حشد من المحامين أمام مكتبه، فكانت الإجابة التي أبلغها المستشار محمد شكري أن الدائرة كلها تستشعر الحرج وقررت التنحي.
وبالفعل تم نظر الأمر، وعملًا بقانون الإجراءات الجنائية تم قبول التنحي وإعادة القضية إلي المكتب الفني لرئيس محكمة الاستئناف، الذي أحالها إلي دائرة أخري برئاسة المستشار مجدي عبد الباري وعضوية المستشارين ممدوح طمبوشة وحسام الطماوي رؤساء الاستئناف للفصل في الشق المستعجل فقط أي النظر في مدي قانونية قرار منع المتهمين من السفر.
في هذا الوقت طلب المستشار عبد المعز أحمد إبراهيم مقابلة المشير طنطاوي، لأمر عاجل ومهم، لقد جري اللقاء في صباح ذات اليوم، وحضره إلي جانب المشير كل من الفريق سامي عنان رئيس الأركان واللواء ممدوح شاهين مسئول الشئون الدستورية والقانونية بالمجلس الأعلي للقوات المسلحة.
في هذا اللقاء تحدث المستشار عبد المعز أحمد إبراهيم عن قضية التمويل الأجنبي، وأكد أن القضاء المصري هو قضاء مستقل، وأن الحملة التي تستهدف النيل من القضاء تلقي استياءً كبيرًا في جميع الأوساط.. وأن قضية التمويل الأجنبي شأنها شأن غيرها من القضايا، وأن الحملة لا تقتصر علي مواقف دول الغرب فقط، وإنما امتدت إلي مصر أيضًا..
قال المشير طنطاوي: نحن نعتز بقضائنا، ورغم جميع الضغوط التي تمارس والتهديد بمنع قطع الغيار وزيارة رئيس الأركان الأمريكي وغيرهم، إلا أننا نعتز بقضائنا ونرفض أي تدخل في شئونه، ولا نسمح لأنفسنا أبدًا بأي مواقف مناقضة لقناعاتنا. وأضاف المشير: المجلس العسكري أخذ علي نفسه عهدًا بعدم التدخل أبدًا في شئون القضاء، والأحداث السابقة التي عاشتها مصر تؤكد ذلك.
لقد استمر الاجتماع لفترة من الوقت، خرج بعدها المستشار عبد المعز أحمد إبراهيم من الاجتماع إلي مكتبه بدار القضاء العالي، وكان علي ثقة بأن أحدًا لن يستطيع أن يملي علي القاضي، وأن ثقته ازدادت بعد هذا اللقاء مع المشير وبعض أعضاء المجلس العسكري.
كان المحامون عن المتهمين ينتظرون عقد الجلسة والقرار الذي يمكن أن يصدر عنها، بدأت الأنباء تتردد في كل مكان، وصلت معلومات لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي أكدت أن الأزمة في طريقها إلي الحل.
وكانت السفيرة 'آن باترسون' تواصل استفزازاتها واتصالاتها بكافة الجهات المعنية، وقد تلقت تحذيرًا من وزارة الخارجية المصرية بعد قيامها بإرسال خطاب باسمها إلي المستشارين سامح أبو زيد وأشرف العشماوي قاضيي التحقيق تطالبهما بالسماح لواحد وعشرين أمريكيًا ممنوعين بالسفر إلي بلادهم.
في هذا الوقت اجتمعت الدائرة الجديدة برئاسة المستشار مجدي عبد الباري وناقشت الأمر واستندت إلي القانون والقرارات السابقة وأصدرت قرارها بإلغاء منع الأجانب المتهمين من السفر وقدرت مبلغ مليوني جنيه كفالة لكل منهم.
بمجرد صدور القرار قامت الدنيا ولم تقعد، فوجئ الرأي العام بتوارد الأنباء عن ترحيل المتهمين الأجانب، جري اتهام المشير طنطاوي والمجلس العسكري بالضغط علي القضاء لترحيل المتهمين.
سادت حالة من الاحباط الشارع المصري، وبدأت الشائعات تتردد في كل مكان عن 'الصفقة المريبة'، وقيل إن أمريكا هددت بنزول المارينز والطائرات في ساحة مبني السفارة الأمريكية لترحيل المعتصمين داخل مبني السفارة.
وامتدت الشائعات التي انتقلت إلي الفضائيات والصحافة المطبوعة ووسائل التواصل الاجتماعي إلي معلومات تقول: إن أمريكا قررت وقف المعونة العسكرية ووقف توريد قطع غيار الطائرات والدبابات.
التزم المشير الصمت ورفض المجلس العسكري أن يُصدر بيانًا يبرر فيه ما حدث، وكلما كان السؤال يوجَّه إلي أحدهم، كانت الإجابة علي لسان الجميع: 'القضاء مستقل ولا علاقة للمجلس العسكري بالقرار الصادر من المحكمة من قريب أو بعيد'!!
ولم تتوقف السهام الموجهة عند المجلس العسكري، بل امتدت إلي القضاء وتحديدًا إلي المستشار عبد المعز أحمد إبراهيم والدائرة التي أصدرت الحكم بإلغاء قرار المنع من السفر للأجانب.
تزايدت حدة الحملة الإعلامية وشراستها، وبالرغم من أن جماعة الإخوان انخرطت في الحملة ضد المجلس العسكري إلا أن واشنطن وجهت الشكر إليهم، كما أن جون ماكين فضح حقيقة دورهم.
لقد كتب جون ماكين علي صفحته في موقع التواصل الاجتماعي 'فيس بوك' يقول: 'في الأسبوع الماضي في القاهرة، كانت لنا لقاءات مع رئيس البرلمان 'سعد الكتاتني' وغيره من البرلمانيين المنتخبين حديثًا من مختلف ألوان الطيف السياسي، ومع قادة من جماعة الإخوان المسلمين، ومع المشير طنطاوي وغيره من قيادات المجلس الأعلي للقوات المسلحة، هذه الاجتماعات أعادت التأكيد لنا أن الناس من ذوي النوايا الحسنة في كل من البلدين كانوا يعملون بجد لإيجاد حل إيجابي لهذه الأزمة الأخيرة'.
وقال ماكين: 'يشجعنا الدور الذي قامت به جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الأسبوع الماضي، وكان بيانهم في 20 فبراير مهمًا في المساعدة علي حل الأزمة الأخيرة'.
وقال ماكين: 'نحن نعلم أن اجتماعاتنا الأخيرة في القاهرة مع رئيس مجلس النواب وقادة آخرين من حزب الحرية والعدالة والإخوان المسلمين وأعضاء البرلمان من مختلف ألوان الطيف السياسي مثل: 'محمد أنور السادات' أن البرلمان يدرس تشريعات جديدة لضمان حقوق المنظمات غير الحكومية في مصر، ونحن نؤيد بقوة هذه الجهود ونأمل أن تسفر عن بيئة جديدة من الحرية والحماية لجماعات المجتمع المدني في مصر'.
لم تقتصر الحملة علي الإعلام وبعض القوي والأحزاب السياسية والجماهيرية، بل امتدت إلي بعض القضاة أنفسهم الذين شككوا في الحكم.
كما أن هناك من راح يتعامل مع ما جري بمنطق 'الصفقة' التي بمقتضاها -كما يدَّعون- أجبر المجلس العسكري المستشار عبد المعز أحمد إبراهيم علي إحالة القضية من دائرة المستشار محمد شكري إلي دائرة المستشار مجدي عبد الباري، رغم أن الكل كان يعرف أن المستشار محمد شكري تنحي لدواعي الحرج، كما أنه أجَّل نظر القضية إلي شهر أبريل بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية.
في هذا الوقت أكدت وزارة الطيران أنه تم السماح للطائرة الأمريكية التي أقلت المتهمين باعتبارها طائرة حكومية مدنية، وقد تم أخذ موافقات كافة الجهات المعنية، ولم يتم إخطار المجلس العسكري، لأن التعليمات التي كانت لدي الوزارة في هذا الوقت هي أن يتم إخطار المجلس العسكري فقط عن أي طائرات خاصة إقلاعًا وهبوطًا.
كان وزير الطيران حسين مسعود قد أكد أمام جلسة مجلس الشعب التي ناقشت هذه القضية في شهر مارس 2012 أنه بعد هبوط الطائرة تبين أنها طائرة حكومية تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية وانها قد حصلت علي تصريح دخول المجال الجوي والهبوط علي هذا الأساس في نحو الساعة 2.30 ظهر يوم التاسع والعشرين من فبراير 2012.
وقال الوزير عندما تبين أن الطائرة ستنقل أفرادًا مدنيين عاديين وليسوا رسميين، تم فرض عقوبة مالية عليها ومنع طاقمها من الخروج من الطائرة والنزول علي الأرض.
وهكذا يتضح أن الطائرة الأمريكية قد هبطت في مطار القاهرة بتصديق دبلوماسي وأن هبوطها جاء بعد صدور قرار المحكمة الصادر في 28 فبراير 2012 والطائرة لم تصل إلا بعد أن قامت الجهات الرسمية بإبلاغ قرار المحكمة إلي الجهات الأمريكية المعنية بعد صدور الحكم وليس قبله كما حاول البعض أن يروج لذلك، لقد وصلت الطائرة في الثانية والنصف من ظهر يوم الأربعاء 29 فبراير وغادر المتهمون علي متنها مساء ذات اليوم.
وأمام الحملة العنيفة في وسائل الإعلام والشارع المصري اضطر المستشار مجدي عبد الباري إلي إصدار بيان للرد علي ما أثير في هذا الوقت رغم أن ذلك ليس من تقاليد القضاء المصري، حيث عدَّد الأسباب القانونية التي دفعته لإصدار حكم إلغاء قرار المنع من السفر للأجانب المتهمين في قضية التمويل الأجنبي.
أول هذه الأسباب هو أحقية هذه الدائرة في نظر أي طلبات تعرض عليها طبقًا لقرار الجمعية العمومية، بالإضافة للعمل بالمكتب الفني لمحكمة استئناف القاهرة.
وقد أكد البيان تفاصيل ما جري وأسباب قرار تنحي الدائرة السابقة عن نظر القضية وقرار الإحالة إلي الدائرة الجديدة.
وقال رئيس الدائرة إن جلسة النظر في قرار الغاء المنع من السفر التي نظرتها الدائرة الجديدة برئاسته قد عُقدت قرابة الساعة الرابعة والنصف عصر ذلك اليوم 28 فبراير 2012 عقب ورود القضية من مأمورية شمال القاهرة بالعباسية، وتبين أن الدائرة المتنحية هي التي عجَّلت نظر الطلب من جلسة الأربعاء 29 فبراير 2012 إلي جلسة الثلاثاء 28 فبراير 2012.
وأكد أن مرافعة محامي المتهمين الأجانب استمرت لنحو ساعتين تقريبًا، وأنصبَّت المرافعة علي طلب رفع منع السفر أسوة بالمتهمين المصريين الذين لم تصدر ضدهم قرارات بالمنع من السفر، كما أن أي من المتهمين المصريين أو الأجانب ليس محبوسًا علي ذمة القضية.
وقال المستشار مجدي عبد الباري: إن الدائرة المتنحية لم تصدر قرارًا بشأن منع سفر الأجانب مع إخلاء سبيل المتهمين المصريين منذ الجلسة الأولي بالرغم من وجوب صدور قرار في طلب رفع المنع من السفر خلال ثمانٍ وأربعين ساعة، كما لم يسبق حبس أي منهم احتياطيًا أثنا فترة التحقيق.
وأكد رئيس الدائرة الجديدة بعد نظر القضية أنه استقرَّ في وجدان المحكمة منذ الوهلة الأولي لمطالعة الأوراق دون أي تأثيرات خارجية أن قرار رفع منع سفر المتهمين مقدمي الطلبات يتفق وصحيح القانون إعمالًا لأحكام المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض والقانون.
وقدَّم رئيس الدائرة للرأي العام المواد القانونية والأحكام التي صدرت من المحاكم المختلفة والتي تؤيد وقف قرار المنع من السفر للأسباب المبينة تفصيليًا.
وقد انتقد رئيس الدائرة في ختام بيانه رئيس مجلس الشعب د.محمد سعد الكتاتني ورد علي تصريحه الذي اتهم فيه بعض القضاة بالتورط في قرار رفع منع السفر عن هؤلاء المتهمين الأجانب بالقول: 'إن بيانه لا سند له من الدستور أو القانون، وكان يجب عليه قبل إصدار هذا التصريح مراجعة القانون خاصة قانون الإجراءات الجنائية ومدي مطابقة قرار رفع منع السفر لهذا القانون ولحكم المحكمة الدستورية الذي أوضح جليًا عدم دستورية منع المتهم من السفر بعد أن تقاعست السلطة التشريعية حتي الآن في إقرار هذا الإجراء وتنظيمه تشريعيًا وتخلت عن مسئوليتها في هذا الخصوص وتركته للسطة التنفيذية.
لقد ظلت الحملة في هذا الوقت تتصاعد ضد المجلس العسكري وضد المستشار عبد المعز أحمد إبراهيم الذي بلغ سن التقاعد في 30 يونية 2012 ولم يسأله أحد حتي هذا الوقت عن شيء.
وبعد تولي الإخوان الحكم أصدر المستشار أحمد أبوالمعاطي 'رئيس محكمة استئناف القاهرة' قراره بندب المستشار عاصم عبد الحميد 'الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة' لمباشرة التحقيق في هذه القضية.
وقد باشر القاضي تحقيقاته في البلاغات المقدمة وسأل كلَّ مَنْ رأي ضرورة لسؤاله، واطلع علي الأوراق كاملة ولم يجد منها دليلاً واحدًا لاستدعاء المستشار عبد المعز أحمد إبراهيم أو الدائرة التي أصدرت القرار بعد أن جاءت خالية من أدلة ثبوت أي من الجرائم أو المخالفات التي توجب السؤال.
لم يجد القاضي مبررًا واحدًا علي تواطؤ المجلس العسكري أو أي دور للمشير طنطاوي فيما سُمِّي ب'تهريب الأجانب خارج البلاد'، ولذلك أصدر قاضي التحقيق قراره بحفظ القضية إداريًا.
لقد حدث ذلك في زمن حكم الإخوان، الذين لم يجدوا دليلًا واحدًا يستدعي التحقيق مع مَنْ وُجِّهت إليهم السهام من رجال القضاء، كذلك الحال بالنسبة للمشير طنطاوي الذي حمَّلوه المسئولية الكاملة عن سفر ال 17 أجنبيًا إلي الخارج.
لقد لعب الإعلام دورًا خطيرًا في هذه القضية، كما أن الإخوان سعوا إلي صب الزيت علي النار، كانت ثقتي في المجلس العسكري كبيرة، وأنا شخصيًا شعرت بإهانة بالغة من جرّاء القرار قبل اتضاح المواقف كاملة.
وعندما قلت في هذا التوقيت 'إن مَنْ لا يستطيع أن يتحمل مسئولية حكم مصر، فليترك السلطة لغيره' غضب المشير طنطاوي، وأبلغني اللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية، في هذا الوقت أن المشير كان غاضبًا، وقال إن الأيام ستثبت حقيقة ما حدث.
وفي أول لقاء لي مع المشير طنطاوي، خلال مناقشة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور قلت له: لابد من بيان يوضح حقيقة ما جري، حتي تتبدد الشكوك، لدي الكثيرين.
قال المشير: اترك الأيام تكشف الحقائق، نحن لم نتدخل ولا يمكن أن نتدخل في شئون القضاء رغم أن الأمريكان وصل بهم الأمر إلي حد التهديد، وأثاروا حملة إعلامية معادية في كل أنحاء العالم.
لم يكن بإمكان المشير أن يعترض، خاصة أن الدلائل القانونية والحيثيات كانت فاصلة في الأمر، لقد كان بإمكانه أن يُصدر قرارًا بالعفو أو يطلب إصدار قرار يسمح لهم بالسفر لدواعي الأمن القومي للبلاد، لكنه لم يفعلها، وترك القضاء يُصدر قراره استنادًا إلي القانون والأحكام السابقة.
لقد مارست أمريكا ضغوطًا شديدة من أجل أن يسمح المشير بممارسة هذه المنظمات الأجنبية عملها مرة أخري علي أرض مصر، إلا أنه كان يقول دائمًا: 'هذا مستحيل.. لقد أغلقنا الصنبور وانتهي الأمر'.
كان المشير يدرك تمامًا، أن الهدف قد تحقق، وأن المليونيات قد تراجعت بعد وقف تدفق المال السياسي إلي جيوب النشطاء والبلطجية، لكن البعض نسي أو تناسي أن الرجل الذي أصدر تعليماته بمواجهة المنظمات الأمريكية، وما يمكن أن تجره من أزمات مع واشنطن، لا يمكن أن يتواطأ ضد القضية التي كان هو وراءها قبل الآخرين.
كان المشير يقول دومًا أعرف أن المعركة صعبة، وأن التصدي للمخطط ليس سهلاً، وسيجر المتاعب علينا جميعًا، لكن المهم هو تفويت الفرصة، وساعة أن ننجح في إغلاق صنبور المال، فحتمًا ستتراجع حدة الفوضي كثيرًا!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.