الموقف الإعلامي إما داعم ومناصر، وإما معارض ناقد، وكلا الموقفين صحيح ومقبول بل ومطلوب، ما دام الهدف واحدًا وهو إرادة الصالح العام، والرغبة في تلافي الأخطاء. فأين يقع الإعلام الإخواني من هذين الموقفين؟ الواقع أن الموقف الإعلامي الإخواني والرسالة الإعلامية، قد أصبحا بعد ثورة الثلاثين من يونيو، مفعمين بروح انتقامية واضحة، فلا تكاد تسمع أو تري في كل الأشكال الإعلامية المقدمة علي المنابر الإعلامية الإخوانية إلا ضجيج معاول الهدم وإرادة الخراب الشامل والدمار العاجل لمصر وأهلها بسبب السلطة الضائعة التي استردها الشعب المصري بعد أن أدرك أنه أساء الاختيار بتولية الإخوان سلطة حكم مصر. وقد كان من الممكن أن ينتقل الإخوان، بعد فقدهم السلطة، إلي مقاعد المعارضة البناءة، وانتظار دورهم من جديد في سلسلة تداول السلطة بعد التعلم من أخطاء الماضي والإفادة من دروسها، ولكنهم انقلبوا علي وجوههم فخسروا السلطة، وحكم مصر، ورصيد التعاطف الشعبي الذي كانوا يحظون به عندما كانوا معارضين ويدفعون ثمن معارضتهم، ودائمًا ما كان القضاء ينصفهم عندما كان يري الحق في جانبهم. كان من الممكن البناء علي كل ذلك والبدء بداية جديدة ولكنهم أبو إلا الانتحار واستنزاف آخر قطرة من الصدق والمصداقية والتوازن.. وخاصة في خطابهم الإعلامي الذي يبث علي شاشات الفضائيات المأجورة.. فبدت شجاعتهم زائفة وهم يسبون ويتطاولون علي كل أحد وكل شيء في بلادهم، وكأنهم لن يعودوا إليها أبدًا.. وبدا خطابهم الإعلامي نموذجًا للفشل لأنه تجسيد للروح الانتقامية التي تتمني لمصر السقوط في بحر من الضياع والفوضي وسادت خطابهم الإعلامي لغة بذيئة ساقطة لا تكف عن الغمز واللمز والطعن والإيحاءات القبيحة والكذب والمبالغات الكفرية التي تجافي أولي بديهيات العقل والمنطق السليم. ولنضرب لذلك مثلاً لما ندعيه: في فضائية مصر الآن التي تبث من تركيا استضاف محمد ناصر علي الزميل صابر مشهد الذي اختار أن يتحدث عن الجيش المصري.. قائلاً: هل تظن أن الجيش المصري جيش مثل باقي الجيوش؟! إن الاسم العلمي للجيش المصري هو أنه ميليشيات عسكرية منظمة منذ عصر محمد علي وحتي الآن.. وسأل الضيف المذيع: لماذا لم ينتصر الجيش المصري والجيوش العربية في أي معركة خاضوها؟ وكأن المذيع لم يرد التورط في هذا الجهل الحاقد والمغالطة الفجة والكذب المركب فقد بلغ الضيق حدًا لا يطاق من السفاهة والنفاق، فقال له: اسأل أنت ورد علي نفسك وأنا أسمعك.. اعرض وجهة نظرك.. فرد الضيف علي نفسه لأن الجيش المصري وكل الجيوش العربية تفرغت بموجب اتفاق مع أمريكا لقمع شعوبها.. أما مسألة حماية الحدود والدفاع عن الأوطان من أي عدوان خارجي فهي مهمة أمريكا.. هكذا'!!' ولست أدري من يخاطب الإعلام الإخواني.. فهل حقًا لم ينتصر الجيش المصري في أي معركة خاضها؟ هكذا بتعميم كاسح! إن هذا البرنامج بمذيعه وضيفه ومحتواه إنما يخاطب شريحة معينة، وطائفة مخصوصة، ويقينًا لا يخاطب الجمهور العام المتنوع إنه لا يخاطب غير الموتورين من جماعة الإخوان، بغرض الحشد والتعبئة والتأليب ضد الدولة ومؤسساتها وإن كانت الوسائل هي الكذب والمغالطة والطائفية والتصيد والنزعة الانتقامية الهدمية الشمشونية التي لا تقبل بأقل من هدم المعبد أو الدولة علي رؤوس جميع من فيها.. هل عرفتم لماذا يفشل الخطاب الإعلامي الإخواني؟!