من الجميل أن تظهر المذيعة المحجبة على شاشات قنوات التلفزيون المصرية الرسمية وقد يلحق بها المذيع الملتحي "...الذي تتوافر فيه المواصفات والمقومات المهنية..." حسب ما قاله وزير الإعلام المصري في مقابلة نشرتها الأهرام يوم 10 أكتوبر. هكذا نتجاوز المعايير المزدوجة فلا ننتقد فرنسا مثلاً إذا منعت ارتداء النقاب أو الحجاب بقوة القانون ونمنعه نحن من غير قانون وإذا كان الهدف هو احترام حرية الاعتقاد والتعبير عنها بما لا يسيء إلى أي شخص آخر والمجتمع بشكل عام فهذه الخطوة تعد سابقة تستحق التقدير والثناء ولكن هناك خلطًا كاملاً بين الحجاب واللحية ومفهوم صناعة المذيع أصلاً... ما لم يقله الوزير هو أن المشكلة الكبرى ليست في السماح للمذيعة المحجبة أو المذيع الملتحى فى الظهور على الشاشة بل فى اختيار المذيع والمذيعة لأن هذا الاختيار هو أحد الأسباب الرئيسية لضعف الإعلام المصري خصوصًا الرسمي بشكل كبير جدًا... (الرسمي الذي نتمنى أن ينتهي في مصر الديمقراطية!) عمومًا إن معظم مذيعات ومذيعين تلك القنوات لا يصلحون أصلاً للعمل في هذه المهنة، فكثيرون منهم لا يملكون الموهبة ولا الثقافة ولا الكارزيما ولا اللغة ولا حتى المظهرالعام... ومن يصلح منهم لم يتلق تدريبًا مهنيًا لائقًا! إن الإعلام في مصر كارثة حقيقية والمذيعون في مقدمة أسباب تخلف مصر إعلاميًا...! أولاً هناك معايير لاختيار المذيع والمذيعة في أي مكان مهني محترم في العالم كله كما أن المذيع ليس وظيفة بل حرفة يتقنها أناس ولا تصلح لآخرين! ليس كافيًا أن تتخرج من كلية الإعلام (قسم الإذاعة والتليفزيون!) لكي تكون مذيعًا محترفًا ناهيك عن أن كليات الإعلام لا تؤهل والتعليم بشكل عام متخلف وباستثناء عدد قليل من الموهبين يقود مصر مجموعة من النصابين والجهلة حاملي الشهادات! كثير من المذيعين والمذيعات في مصر للأسف يقلدون بعض النماذج السيئة في مصر وخارجها والبعض الآخر لا يفهم أسلوب إجراء مقابلة صحفية على الهواء فيقاطع دون سبب وإذا قاطع الضيف يقاطعه بسؤال متحيز يعتقد أنه مهني. هناك فارق أن تلعب دور "الشيطان" بشكل موضوعي عندما لا يكون الطرف الآخر ممثلاً وأن تطرح أسئلة مثل: لماذا لا تعترف جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ببعض الأخطاء ثم يتم التوافق والتراضي بين الجميع...؟ فهل هذا السؤال مهني موضوعي أم متحيز؟...! هذا السؤال في الواقع أثار جدلاً على قناة دريم قبل أيام ورغم أن الضيوف الذين يحملون لقب "شخصية عامة" عليهم تحمل الانتقاد بل هو من واجباتهم لكن هناك أصولاً ومبادئ في طرح هذه الأسئلة وهذا ما يغيب عن صحفيين كثيرين في مصر... الاتهامات مرفوضة كما القذف والقدح والتشهير وهناك قوانين تحكم هذه المعايير... لكن يجب في البداية أن يكون هناك حد أدنى لمهنة الصحافة في مصر...! المذيع في مصر لا يقاطع دون سبب وحسب بل يتخذ موقفًا ويتبنى وجهة نظر وأحيانًا يخاطب الجمهور متمنيًا راجيًا راغبًا... باحثًا عن تعاطف الجمهور بأي ثمن ومنصبًا نفسه متحدثًا باسم الشعب أحيانا كثيرة...الخ الخ! أحيانا أشعر أن المذيع خطيب جمعة بشكل مختلف وضررهم يكون أكبر من نفعهم ضررلأنهم يؤثرون فى الرأي العام بشكل سيئ بينما يجب عليهم أن يكونوا نموذجًا مهنيًا للسلطة الرابعة!... لحرية الإعلام ضوابط مهنية وأخلاقية فلا يجب الخلط بين تكميم الأفواه والمساعدة على نشر التفاهات...! ما حدث على قناة دريم واحدة من أحداث متكررة في مصر وستتكرر لسوء فهم العلاقة المهنية بين الصحفي والمسؤول أو الضيف بشكل عام ولا ننسى أن خطأ الضيف في اتهامه غير المبرر غطى على عدم مهنية المقاطعة وطريقة طرح الأسئلة ومعالجة الموقف بشكل عام...! إلى متى نظل نرجو ونتمنى ونسأل ونطالب المسؤولين بأن يوقفوا المهزلة الإعلامية التي تجعل صورة مصر سيئة جدًا ولا تليق بمكانتها التاريخية ولا الحضارية...إن ثقافة ال "شو" التي تبحث عن الإثارة والشهرة لا ترقى بالشعب بل تساهم في صنع إنسان جاهل متردد مشوش سهل انقياده وهي صفات لا تليق بمصر الحضارة والإبداع...!