ارتفاع أسعار النفط وسط توقعات بإعادة ملء الاحتياطي الإستراتيجي الأمريكي    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    «الأرصاد» تكشف موعد انتهاء رياح الخماسين.. احذر مخاطرها    عاجل.. تعطيل الدراسة بالسعودية وعمان وتحذيرات بالإمارات واليمن بسبب الطقس    أول ظهور ل أحمد السقا وزوجته مها الصغير بعد شائعة انفصالهما    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    طريقة عمل الآيس كريم بالبسكويت والموز.. «خلي أولادك يفرحوا»    جامعة إيرانية تقدم منح دراسية لطلاب وأساتذة جامعات أمريكا وأوروبا المطرودين بسبب الاحتجاجات    بشرى سارة لجماهير الزمالك بشأن نجم الفريق    ملف رياضة مصراوي.. فوز الأهلي.. قائمة الزمالك.. وتصريحات كولر    حسن مصطفى: كولر يظلم بعض لاعبي الأهلي لحساب آخرين..والإسماعيلي يعاني من نقص الخبرات    وفاة الفنانة حسنة البشارية عن عمر ناهز ال 74 عاما    مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني يواصل تصدره التريند بعد عرض الحلقة ال 3 و4    الصليبي يبعد نجم برشلونة عن الملاعب حتى 2025    بعد تثبيت الفائدة بالفيدرالى الأمريكي..سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن الخميس 2 مايو 2024    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    سعر الموز والخوخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 2 مايو 2024    مُهلة جديدة لسيارات المصريين بالخارج.. ما هي الفئات المستحقة؟    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا بعد اقتحام منزله في مخيم الجلزون شمال رام الله    واشنطن: العقوبات الأمريكية الجديدة ضد روسيا تهدف إلى تقويض إنتاج الطاقة لديها    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    احذر الغرامة.. آخر موعد لسداد فاتورة أبريل 2024 للتليفون الأرضي    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    بشروط ميسرة.. دون اعتماد جهة عملك ودون تحويل راتبك استلم تمويلك فورى    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    "ديربي إنجليزي والزمالك".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    هل يستحق ربيعة الطرد؟.. حكم دولي يفجر مفاجأة بشأن صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    صندوق مكافحة الإدمان: 14 % من دراما 2024 عرضت أضرار التعاطي وأثره على الفرد والمجتمع    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2 مايو في محافظات مصر    ترابط بين اللغتين البلوشية والعربية.. ندوة حول «جسر الخطاب الحضاري والحوار الفكري»    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    اشتري بسرعة .. مفاجأة في أسعار الحديد    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    مفاجأة | عقوبة قاسية لتجار الذهب في السوق    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    أول تعليق من الصحة على كارثة "أسترازينيكا"    لبنان.. الطيران الإسرائيلي يشن غارتين بالصواريخ على أطراف بلدة شبعا    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    حي الدقي ينظم قافلة طبية لأهالي مساكن روضة السودان وصرف العلاج بالمجان    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    مسؤول أمريكي: قد يبدأ الرصيف البحري الجمعة المقبلة العمل لنقل المساعدات لغزة    القوات الأوكرانية تصد 89 هجومًا روسيًا خلال ال24 ساعة الماضية    الوطنية للتدريب في ضيافة القومي للطفولة والأمومة    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    ميدو: جوميز مرحب ببقاء هذا اللاعب مع الزمالك في الموسم المقبل    حمالات تموينية للرقابة على الأسواق وضبط المخالفين بالإسكندرية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    وزير الأوقاف: تحية إعزاز وتقدير لعمال مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل وأسرار عملية تجنيد 'CIA' ل'زعيم داعش'

تعود جذور الفكر السلفي الجهادي إلي أول خلاف حدث في فجر الإسلام، بين الإمام علي بن أبي طالب 'رضي الله عنه'، ومعاوية بن أبي سفيان في أعقاب قضية التحكيم بينهما، الذي أفضي إلي إنهاء عهد الخلافة ليحل بدلاً منه عصر التوريث.
منذ هذا الوقت ظهر ما سُمِْي بفكر 'الخوارج'، حيث انطلق هذا الفكر من رؤية سياسية مغايرة ومعارضة لمبدأ التحكيم من الأساس، وكان من رأيهم 'أن التحكيم سيقود إلي نهاية عهد الخلافة'، مما دعاهم إلي رفض حكم معاوية بن أبي سفيان وتكفير الإمام علي بن أبي طالب هو ومَنْ أيدوه في فكرة التحكيم من الأئمة والدعاة.
غير أن هذا الفكر وجد له أنصاراً في كل مكان وزمان منذ هذا الوقت، حيث اعتُبر ابن تيمية '661728م' عماد هذا الفكر المتطرف، وأصبحت فتاواه بمثابة الأساس الفقهي لجماعات التطرف والعنف الأصولي في العديد من البلدان العربية والإسلامية.
ويُنظَر إلي تنظيم 'داعش' في العراق وسوريا باعتباره من أكثر هذه التنظيمات تشدداً وتطرفاً، بما في ذلك تنظيم 'القاعدة' الذي خرج منه أبو مصعب الزرقاوي الذي يُعَدُّ بمثابة الأب الشرعي لتنظيم 'داعش'.
لقد سعي الخوارج والأمويون وغيرهما، إلي استخدام كافة أساليب القهر والترهيب وارتكاب المجازر الجماعية، إما بهدف توطيد أركان حكمهم أو فرض ثقافتهم العقائدية بحد السيف، وكل ذلك كان يجري تحت راية القتال في سبيل الله وشريعته.
إن الملاحَظ في كل هذه الحروب والمواجهات هو استدعاء نصوص الدين والأحاديث النبوية وتوظيفها وفقاً للحسابات السياسية، وهو نفس ما ينطبق علي تنظيم 'داعش' الذي أضاف علي ذلك استدعاء رواية نهاية العالم بخروج المسيح عليه السلام وكذلك معركة 'هرمجدون'، بالضبط كما حدث مع جهيمان العتيبي الذي هاجم الحرم المكي في نوفمبر1979، بادعاء أنه 'المهدي المنتظر'.
هكذا قدَّم 'أبوبكر البغدادي' نفسه في صورة 'المخلِّص' الذي سيحرر العالم بسيفه، مستنداً في ذلك إلي روايات تاريخية ودينية متعددة، فباسم الشريعة الإلهية أقام المذابح والمجازر واستخدم أساليب السحل والعبودية، وباسم الحرب علي المرتدين امتدت أنهار الدماء من تكريت والموصل بالعراق إلي الرقة وحلب وإدلب وحمص في سوريا. وإذا كانت 'داعش' قد أشهرت سلاح 'الشريعة الإلهية' بزعم أن السماء منحتهم التصريح المطلق لشن حرب مقدسة ضد من تسميهم الكفرة والمرتدين، فإن الثقافة التي أصبحت سائدة بين عناصر هذا التنظيم هي ثقافة الدم والانتقام بلا حدود.لقد قامت 'داعش' بنشر واستغلال صورة لطفل من بوليفيا بعين واحدة، وراحوا يروِّجون في محاولة لتجنيد المزيد من الشباب بأن هذا الطفل هو 'المسيخ الدجال' الذي يأتي في آخر الزمان.
'أوباما' تأكد من خطورة 'داعش' بعد أن خرجت عن السيطرة وأرسل 'كيري' للشرق الأوسط لبناء تحالف دولي لمقاومة التنظيم
لقد نشرت مواقع أمريكية عديدة قصة هذا الطفل الذي وُلد مشوهاً لأسباب جينية وصحية مختلفة، إلا أن 'داعش' راحت تبث الذعر بين الشباب وتطالبهم بسرعة اللحاق بقطار الآخرة قبل فوات الأوان.
ويقوم التنظيم بالترويج لحلم الخلافة علي أوسع نطاق إعلامي، محاولاًَ بذلك إعادة إنتاج التاريخ بأحداثه ووقائعه، بل حتي عندما أصدر صحيفة 'دابق' فقد كان يهدف إلي نسبتها لمعركة 'مرج دابق'، التي انتصر فيها السلطان سليم الأول علي قنصوة الغوري بالقرب من حلب وبموجبها فُتحت الشام.
لقد استطاع 'داعش' استقطاب الشباب والنساء من أصحاب نزعات العنف والتطرف ليكونوا فاعلين أصليين في لعبة الدم والموت التي باتت تجذب البعض من الساخطين والمرضي النفسيين والباحثين عن العيش داخل مجتمعات تمنحهم الحق في الخروج عن المألوف والسعي إلي بناء عالم آخر مختلف عن صورة الحياة التي عاشوها في مجتمعاتهم.
إن مثال الضابط السابق بالشرطة 'أحمد الدروي' الذي كان مرشحاً لعضوية البرلمان المصري، هو خير دليل علي هذا النمط من السلوك النشاز الذي يدفع هؤلاء إلي المضي قُدماً نحو طريق العنف والدم بلا هوادة.
لقد فشل 'الدروي' في الحصول علي عضوية البرلمان المصري عام 0102، رغم الأموال الضخمة التي قام بصرفها علي دعايته الانتخابية، ثم اكتشف في وقت لاحق أنه مصاب بمرض صداع مزمن أدي إلي مضاعفات صحية خطيرة، فسافر إلي أمريكا لإجراء عملية جراحية ومنها إلي تركيا، ثم إلي سوريا حيث تولي منصب القائد العسكري لجماعة جند الخلافة الإرهابية باللاذقية. وبعدها بفترة من الوقت بايع 'الدروي' أبوبكر البغدادي وانضم إلي 'داعش'، وقُتل في عملية انتحارية، بعد أن عيَّنه البغدادي قائداً عسكرياً للتنظيم في تكريت. وعندما نشر 'أبومصعب المصري' القيادي في تنظيم 'داعش' خبر مقتل الدروي في شهر أكتوبر الماضي، كانت الصدمة كبيرة لكل من عرفوه، ولم يظن أحد منهم ولو للحظة أن هذا الرجل 'الهادئ الصامت دائماً' يمكن أن يتحول إلي مشروع 'انتحاري وإرهابي' يقتل بلا رحمة ودون وازع من دين أو ضمير. إن نفس الظاهرة تمتد أيضاً إلي النساء الغربيات اللاتي يتدفقن إلي ساحة القتال ويعلنَّ انضمامهن ل'داعش'، رغم كافة الظروف القمعية التي تعانيها النساء في دولة 'داعش'.
جاءت 'داعش' لتشكل عنوان هذا الحلم، فقد وُلدت في ظروف غامضة، ونجحت فجأة في اقتطاع مساحة من الأرض من جغرافية سوريا والعراق بطريقة وسرعة أثارت الشكوك، وطرحت علامات الاستفهام، فقد نجحت بمقتضي ذلك في تأسيس ما أسمته 'الدولة الإسلامية في العراق'، ثم تطور المشروع إلي 'الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام'، ثم إلي 'الدولة الإسلامية'، ومُنحت البيعة من عناصر التنظيم لأبي بكر البغدادي خليفة 'للمسلمين'!! إن نشأة 'داعش' وتطورها السريع وامتلاكها لآليات الحرب المتقدمة، كانت ولا تزال محل جدل شديد، ومثار اهتمام كبير لدي أجهزة الاستخبارات، التي أدركت أن صناعة هذا التنظيم مرتبطة بأجندات إقليمية ودولية.
لقد كانت تركيا من أولي الدول التي أشير إليها باعتبارها الدولة الحاضنة للتنظيم، التي وفرت كافة أنواع الدعم اللوجيستي، ودربت عناصره وفتحت الطريق أمام مرور آلاف الأجانب للانضمام إلي التنظيم في سوريا والعراق. لقد كان من أهداف تركيا التي وقفت وراء دعمها واحتضانها لهذا التنظيم هو تحقيق الحلم بعودة النفوذ التركي إلي المنطقة مجدداً بعد الفشل الكبير الذي منيت به السياسة التركية في سوريا ومصر علي وجه التحديد.وإلي جانب تركيا فإن 'إسرائيل' والولايات المتحدة وقطر أطراف لديها أجنداتها السياسية التي لا تخفي علي أحد من وراء صناعة هذا التنظيم، وامتداد نفوذه الواسع في المنطقة، ذلك أن للدول الثلاث مصلحة مباشرة في إسقاط نظام الأسد وتفتيت الكيانات الوطنية لحساب مشروع الشرق الأوسط الجديد.
أما إيران، التي أدركت أن 'داعش' يشكل خطراً علي نفوذها ومصالحها، فقد تحركت بحذر شديد ولم تبد رداً فورياً علي الرسالة التي بعث بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي المرشد العام الإيراني علي خامئني يطالبه فيها بضرورة التدخل العسكري المباشر علي الأرض العراقية لمواجهة 'داعش'. يبقي الحديث إذن عن هذا التناقض في الموقف الأمريكي، فبالرغم من أن كافة المؤشرات لا تستبعد وجود دور أمريكي فاعل في نشأة تنظيم 'داعش' كما هو الحال سابقاً مع 'القاعدة' فإن الحيرة تكتنف المرء أمام هذا الحشد الذي سعت الولايات المتحدة إلي تكوينه تحت شعار 'التحالف الدولي لمواجهة إرهاب داعش'. إن الأمر يعود في تقديري إلي نتائج هذا الاجتماع المهم والخطير الذي عقدته ما سمي 'الخلوة الدبلوماسية الأمريكية' في شهر يونيو 2014، التي أصدر الرئيس أوباما قراراً بتشكيلها لبحث الإجابة عن السؤال الأكثر إلحاحاً: 'كيف تتعامل أمريكا مع الوضع الجديد في الشرق الأوسط في ضوء نمو حركات التطرف والإرهاب وفي مقدمتها داعش؟'. لقد جري تشكيل الخلوة الأمريكية برئاسة وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق 'كوندليزا رايس' وضمت وزراء الخارجية السابقين 'جيمس بيكر، مادلين أولبرايت، هيلاري كلينتون، كولن باول' وأيضاً وزير الخارجية الحالي جون كيري وعدداً من مستشاري الأمن القومي والمخابرات الأمريكية السابقين، في حين تولت سوزان رايس مستشارة الأمن القومي متابعة أعمال هذه اللجنة.
وبعد عدة جلسات أصدرت اللجنة توصياتها، التي كان لها أثر كبير في تحرك الإدارة الأمريكية والسعي نحو تشكيل التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب.
لقد تناولت 'الخلوة' ثلاثة عناوين مهمة هي:
1- التغيير في مصر وسقوط حكم الإخوان.
2- الوضع في سوريا والعراق في ضوء التطورات الجديدة.
3- إيران النووية.
وجاءت توصيات 'الخلوة' حول العناوين الثلاثة علي قدر كبير من الأهمية، وأهم ما فيها أنها تضمنت المطالبة بمراجعة أخطاء السياسة الأمريكية التي وقعت فيها إدارتا بوش الابن وأوباما في إدارة هذه الملفات.
وبعيداً عن الملفين المصري والإيراني، فقد تضمنت توصيات 'الخلوة' بشأن سوريا والعراق انتقادات حادة للسياسة الأمريكية في التعامل مع هذا الشأن، ومن بينها القول حرفياً: 'لقد أثبتت سياستنا في الفترة القصيرة الماضية أننا لم نكن علي علم ودراية بكل تحركات قوي التغيير في المنطقة، فما يحدث في العراق الآن كنا ننظر له علي أنه من فعل مجموعات إرهابية تابعة للقاعدة، وتناسينا طيلة الفترة الماضية أن تنظيم القاعدة الذي عمل في العراق أصبح من الصعب اجتثاثه، لأن عوامل كثيرة ساعدت علي نمو هذا التنظيم وخلق بيئة حاضنة له في صفوف الشعب العراقي تحميه وتمده بالدعم بل وتتحالف معه'. وقال التقرير: 'لقد تعامينا عن واقع العراق، ونظرنا للنظام القائم هناك علي أنه نظام حليف ويعمل وفق أجندتنا، وهذا ما كان ينفيه الواقع، فتأثير إيران في المعادلة العراقية أصبح أكثر من دورنا وتأثيرنا هناك. لقد أهملنا طيلة الفترة الماضية شرائح واسعة من الشعب العراقي وقواه التي ساعدتنا وتحالفت معنا في إسقاط نظام صدام حسين وتناسيناها، ودعمنا نظاماً مارس القهر والاستبداد علي هذه الشرائح والقوي، فلم يكن أمامها في النهاية وبعد أن سُدَّت كل الأبواب في وجه مطالبها سوي التحالف مع القاعدة حتي ولو كان هذا التحالف شيطانياً. لقد أضعنا عدة فرص تاريخية لبناء نظام ديمقراطي في العراق، بل علي العكس من ذلك دعمنا الاستبداد والتطرف وتوافقنا عن قصد أو بغير قصد مع الأجندة الإيرانية في العراق'. وقال التقرير: 'إن هذا سيكون له ثمن كبير بالنسبة لأمريكا، فلن نكون قادرين علي إعادة توحيد وحشد الشعب العراقي ضد الإرهاب مرة أخري، ولهذا يجب علينا أن نعيد النظر في كل سياساتنا باتجاه العراق، وأن نعترف بأن سياساتنا هناك كانت فاشلة، وأنها ستكون سبباً في تقسيمه'.
أما بالنسبة للموضوع السوري فقد قال التقرير: 'لقد كان هناك إقرار بفشل السياسة الأمريكية في سوريا لأنها ارتكزت علي آراء وتصورات بعض الحلفاء في المنطقة، واقتنعت الإدارة الأمريكية بها دون أن تدرس الواقع السوري جيداً'. وقال التقرير: 'إن هذه السياسة لم تعتمد علي الرؤية الأمريكية الخالصة، بل كانت تتأثر بالدول المحيطة بسوريا خصوصاً تركيا وإسرائيل وبعض دول الخليج، فتعاملت الولايات المتحدة مع الواقع السوري علي أنه في حكم المنتهي حتماً، والمسألة مجرد وقت، وأن هناك وضعاً سورياً جديداً سيخلف هذا النظام علي الأرض قريباً'!! وقال التقرير: 'لقد ردد الرئيس أوباما خلال عام تصريحات صحفية لا حصر لها تشير إلي أن نظام بشار الأسد قد أصبحت أيامه معدودة، مع أن كل الدلائل كانت تشير إلي عكس ذلك، مما كان له بالغ الأثر في هز مصداقية الولايات المتحدة أمام الرأي العام'. وقال التقرير: 'من الآن علينا أن نقرر، من هو الأكثر خطورة، هل هو نظام بشار الأسد أم نظام أيمن الظواهري والقاعدة وداعش والنصرة؟'. وقال التقرير كذلك: 'إن ما يحدث في سوريا والعراق يهدد أولاً الأردن، الذي ستحيط به عناصر الإرهاب و'داعش' تحديداً من محورين أساسيين، وسيكون من الصعب علي الأردن الصمود والمواجهة إذا لم نُعِدْ تقييم سياساتنا هناك. أما إسرائيل فستكون مضطرة للتدخل بنفسها وبدون قرار أمريكي، لأن وجودها سيصبح مهدداً في حال إجراء أي تغيير في الأردن. كما أن آبار النفط في دول الخليج ستسقط كاملة في يد هؤلاء الإرهابيين إذا ما تمكنوا من الوصول إليها في دول الخليج، مما ستترتب عليه آثار خطيرة في العالم بأسره'.
وبعد أن اطلع الرئيس أوباما علي هذا التقرير ودراسة الواقع الجديد في ضوء الانتصارات المفاجئة التي حققها مقاتلو 'داعش'، أصدر تعليماته لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالقيام بجولة في المنطقة في النصف الأخير من شهر يونيو 2014، لم يستطع فيها إقناع الأطراف المعنية ببناء تحالف دولي لمواجهة الإرهاب، إلا أنه ومع تصاعد الأوضاع عاد مرة أخري إلي المنطقة، وتمكن من إقناع الرافضين وتم عقد مؤتمر جدة في 12 سبتمبر 2014.
إن التساؤلات التي تطرح نفسها حول نشأة تنظيم 'داعش' ومساراته وأهدافه الحقيقية وتحالفاته المختلفة، ومواقف الأطراف الدولية والإقليمية منه سوف تبقي ولفترة طويلة مثار حوار وجدل بين المحللين والمعنيين، بل والرأي العام أيضاً.
من هنا يأتي هذا الكتاب الذي حاولتُ من خلاله الإجابة عن بعض التساؤلات المطروحة في الشارع، من خلال قراءة الواقع بأبعاده المختلفة، سعياً إلي فك طلاسم الكثير من علامات الاستفهام.
الحلقة الأولي:
من 'الزرقاوي' إلي 'البغدادي'!!
وُلد إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي، المشهور إعلامياً وشعبياً باسم 'أبوبكر البغدادي'، في مدينة سامراء العراقية عام 1971، وترجع أصوله إلي منطقة ديالي شرق العراق، وهو ينتمي إلي عشيرة السامرائي، إلا أنه عاش طفولته في سامراء التي توصف بأنها معقل السنة في شمال بغداد.
الجيش الأمريكي أعلن في 2006 أن أبو حمزة المهاجر أصبح زعيماً للقاعدة وفي نفس الوقت أعلنت السلطات المصرية وجوده داخل سجن طرة
قضي البغدادي سنواته الأولي في بغداد، ودرس في الجامعة وحصل علي الماجستير والدكتوراه من الجامعة الإسلامية بالأعظمية، ثم تزوج بعد أن أنهي الدكتوراه في عام 2000، وبعد أقل من عام وُلد ابنه الأول.
لقد بدأ حياته رباً لأسرة بسيطة، وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003، لم يُظهر البغدادي في البداية أي عداء للغزاة الجدد، إلا أن حدثاً ما شكَّل متغيراً في موقفه من الأحداث التي كانت تشهدها العراق في هذا الوقت.
لقد وقع خلاف بينه وبين صاحب المسجد المحلي، الذي كان هو أيضاً صاحب المنزل الذي يعيش فيه البغدادي، بعد أن طلب صاحب المسجد من أبوبكر البغدادي الانضمام إلي الحزب الإسلامي في العراق، إلا أن البغدادي كان يري أن الأحزاب تمثل دنساً وتحدياً لحكم الله وشريعته، فرفض الانضمام، وقد حدثت المشادة العنيفة بين الطرفين التي وصلت إلي حد التشابك بالأيدي وفقاً لروايات بعض مَنْ عاصروا هذه الأحداث.
ويصف أحمد الدباش، قائد 'الجيش الإسلامي' الذي قاتلت قواته جنباً إلي جنب مع 'داعش': 'بأن البغدادي كان شخصاً هادئاً يمضي وقته وحيداً أثناء ملازمته له في الجامعة الإسلامية'.
كان والده الشيخ عواد من وجهاء عشيرة 'البويدري' التي قيل إن أصولها تعود إلي 'قريش'، وقد ظهر كقطب للسلفية الجهادية ومن أبرز شيوخها في محافظَتْي ديالي وسامراء.
لقد بدأ أبوبكر البغدادي نشاطه الديني من جامع أحمد بن حنبل، ثم قام بتأسيس خلايا جهادية صغيرة ارتكبت عدداً من العمليات الإرهابية، ثم أنشأ تنظيماً أسماه 'جيش أهل السنة والجماعة'. لقد جري اعتقاله في أحد السجون الأمريكية بالعراق يطلق عليه معسكر 'بوكا'، وقيل إنه تم تجنيده خلال فترة السجن ليلعب دوراً مهماً في أوساط الجماعات الإرهابية المتشددة فيما بعد.وبحلول عام 2005كان أبوبكر البغدادي قد انتقل إلي بلدة القائم، حيث قام بإصدار أحكام بالإعدام علي الكثير من المواطنين المحليين، وشارك في تنفيذها بنفسه، بعد أن سقطت هذه المنطقة في قبضة هذه الجماعات المتطرفة. وتقول إحدي وثائق وزارة الدفاع الأمريكية: 'إن أبودعاء وهذه كنيته كان يعمد إلي الترهيب والتعذيب وقتل المدنيين في مدينة 'القائم' علي الحدود الغربية للعراق مع سوريا، وكان يقوم بخطف أفراد وعائلات بأكملها، يحاكمهم ويعدمهم علناً'.
لقد ثارت في العراق تساؤلات كثيرة في هذا الوقت حول حقيقة العلاقة بين أبوبكر البغدادي وأجهزة الاستخبارات الأمريكية التي كانت موجودة علي أرض العراق، غير أن الشهادة التي أدلي بها 'دوارد سندون'، الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي، كشفت عن أن أبوبكر البغدادي تم تدريبه من قِبل ال'سي.آي.إيه' عندما كان معتقلاً في عام 2004، حتي أصبح موظفاً في وكالة الاستخبارات الأمريكية، وتلقي تدريبات خاصة جنباً إلي جنب مع عناصر أخري من نفس التنظيم. ويقول 'سندون'، الهارب إلي روسيا: إن أمريكا وبريطانيا وإسرائيل تعاونت معاً لخلق منظمة مسلحة قادرة علي جذب المتطرفين من مختلف دول العالم إلي الالتقاء في مكان واحد، حول استراتيجية يُطلَق عليها 'عش الدبابير' من أجل حماية إسرائيل وخلق تنظيم 'سني' متطرف ومعادٍ لجميع الجهات الأخري بالمنطقة. وكان يُنظر لهذا العمل، كما يري 'سندون'، علي 'أنه الحل الوحيد لحماية إسرائيل وخلق عدو خارج حدودها يستطيع مهاجمة الدول العربية المعادية لإسرائيل'!! وهو ما يفسر عدم وجود أي خطة لدي 'داعش' للعداء أو القتال مع إسرائيل.
كان أبومصعب الزرقاوي، أو 'أحمد فاضل نزال الخلايلة' المولود بمدينة الزرقاء الأردنية، يُعَدُّ واحداً من أكثر الشخصيات التي أثرت في فكر ومسيرة أبوبكر البغدادي. وفي عام 1989 سافر أحمد الخلايلة إلي أفغانستان، حيث شارك في القتال ضد قوات الاتحاد السوفيتي، وأمضي هناك ثلاث سنوات، وهناك أطلق علي نفسه اسم أبومصعب الزرقاوي. حيث كان قد انضم إلي جماعة 'التوحيد والهجرة' السلفية المتطرفة، وتتلمذ علي يد زعيمها أبومحمد المقدسي.
وعندما عاد إلي الأردن عام 1993، بعد أن قررت الجماعة الإرهابية نقل التجربة إليها، كان جهاز المخابرات العامة الأردنية يتابع خطواته وسعيه إلي بناء التنظيم والتحضير للقيام بعمليات عنف واسعة ضد منشآت أردنية وأجنبية في البلاد، ونجح في هذا الوقت في تأسيس أول تنظيم جهادي سلفي في الأردن عُرف إعلاميًّا باسم 'بيعة الإمام'، أو 'تيار الموحدين' وكان من أهدافه: تكفير النظام الحاكم، والكفر بالمشاركة السياسية كوسيلة من وسائل التغيير، فتم القبض عليه وتقديمه للمحاكمة عام 4991 حيث صدر ضده حكم بالسجن خمسة عشر عاماً، وصدرت أحكام أخري ضد بعض المتطرفين الذين أُلقي القبض عليهم معه ومنهم أبومحمد المقدسي، وعصام البرقاوي وسميح زيدان وأبوقتيبة المجالي.
وداخل السجن حدثت خلافات في سبل المواجهة مع الأنظمة الحاكمة بين محمد المقدسي وأبومصعب الزرقاوي، حيث كان الزرقاوي يرفض أية محاولات للتغيير السلمي، وكان يري أن الحل في العنف المسلح ومحاربة مَنْ كان يسميهم بالكفرة والمرتدين. كان 'الزرقاوي' يعلن أن برنامجه هو المجموع المفصل في قول النبي صلي الله عليه وسلم: 'بُعثت بالسيف بين يدي الساعة حتي يُعبد الله وحده'، ويقول: 'لا نؤمن بالسياسة علي الطريقة المعهودة عند بعض الجماعات ذات التوجه الحزبي التي ترفع الإسلام شعاراً لها، ثم تراها داخلة في البرلمانات وتشارك الطغاة في إشغال المناصب التي تحتكم لغير شرع الله، كما أن المشاريع السياسية لبعض الجماعات فيها متاهات مريرة ومخالفات كثيرة، ولهم تطبيقات منحرفة بعيدة كل البعد عن الدين'. وبعد قضائه عدة سنوات في السجون، كان 'الزرقاوي' واحداً ممن شملهم قرار العضو الصادر من العاهل الأردني الملك حسين فتم الإفراج عنه، ليغادر بعدها إلي منطقة 'بيشاور' علي الحدود بين باكستان وأفغانسان حيث تولي في عام 2000 الإشراف علي معسكر لتدريب 'القاعدة'.
دخل 'الزرقاوي' العراق بشكل غير شرعي بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، والتحق بمعسكر تدريب في شمال العراق مع جماعة 'أنصار الإسلام'، ثم شارك بعد ذلك في تأسيس تنظيم 'التوحيد والجهاد في بلاد الرافدين' وفي أكتوبر عام 2004 بايع 'الزرقاوي' أسامة بن لادن وبعدها بدأ في تأسيس تنظيم 'القاعدة في بلاد الرافدين'. ومنذ هذا الوقت بدأ 'الزرقاوي' يظهر في العديد من التسجيلات يعلن مسئوليته عن الهجمات والتفجيرات التي كان يقوم بها في مناطق مختلفة من العراق.
وفي العام 2004، ذبح أبومصعب الزرقاوي أحد الرهائن الأمريكيين في العراق ويدعي 'يوجين أرمسترونج'، وذلك بجزِّ عنقه بسكين في فيديو مصور قامت جماعة التوحيد والجهاد بنشره علي الإنترنت.
وقد رصدت الولايات المتحدة مبلغ 10 ملايين دولار لمن يدلي بأية معلومات تقود إلي اعتقاله، ومن العراق أرسل 'الزرقاوي' خلايا مسلحة تقوم بعمليات نوعية في الأردن، ونجم عن ذلك ما سُمِّي بتفجيرات عمان 2005، التي استهدفت ثلاثة فنادق رئيسية، ومثلت أكبر تحدٍّ للمملكة. سعي أبومصعب الزرقاوي إلي جمع فصائل التنظيمات الجهادية المتصارعة في إطار إعلان ما سُمِّي ب'مجلس شوري المجاهدين' في العراق الذي تم الإعلان عنه في 15 يناير 2006، وفي هذا الوقت تم اختيار أبوعمر البغدادي أميراً للمجلس الذي ضم كلاًّ من تنظيمات قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، وجيش الطائفة المنصورة، وسرايا أنصار التوحيد، وسرايا الجهاد الإسلامي، وسرايا بلاد الرافدين، وسرايا الغرباء، إضافة إلي كتائب الأهوال وجيش أهل السنة والجماعة.. في صباح 7 يونيو 2006، أعلن رئيس الحكومة العراقية في هذا الوقت نوري المالكي عن مقتل أبومصعب الزرقاوي زعيم تنظيم 'القاعدة في بلاد الرافدين'، وفي هذا الوقت تم انتخاب أوحمزة المهاجر، الملقب ب'أبوأيوب المصري' أميراً للتنظيم في منتصف أكتوبر 2006.
أبوحمزة المهاجر
لم يأتِ اختيار أبوحمزة المهاجر أو 'أبوأيوب المصري' من فراغ، فالرجل له تاريخ إرهابي طويل يؤهله لقيادة التنظيم. وفي الخامس عشر من شهر يونيو 2006، أعلن الجنرال ويليام كالدويل، المتحدث باسم الجيش الأمريكي في العراق في مؤتمر صحفي أن أبوأيوب المصري هو في الحقيقة 'أبوحمزة المهاجر'، وأنه أصبح زعيماً لتنظيم القاعدة في العراق بعد مقتل 'أبومصعب الزرقاوي'، وعرض الجنرال 'كالدويل' صورة لزعيم 'القاعدة' الجديد، وقال 'إن الجيش الأمريكي يلاحق هذا الرجل، وإنه تم رصد خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلي القبض عليه'. في هذا الوقت وعقب نشر صورة 'أبوأيوب المصري' أعلنت مصادر أمنية مصرية أن صاحب هذه الصورة هو الإخواني السابق والقيادي في جماعة الجهاد 'محمد فؤاد حسن السيد هزاع، الشهير بالشيخ شريف هزاع'.
وكان من المثير للاهتمام أن تعلن الجهات الأمنية أن 'هزاع' لا يزال نزيلاً في سجن استقبال طرة منذ سبع سنوات ولم يخرج من السجن أصلاً حتي يذهب إلي العراق، وأن المعلومات الخاصة به تقول إنه من مواليد شبين الكوم بمحافظة المنوفية، وإنه مسجون برقم قيد 4512 وفصيلة دمه 'B' ويحمل بطاقة أحوال مدنية رقم 3716 المنوفية وصادرة بتاريخ 26 مايو 1990.
وقد أشارت المصادر الأمنية إلي أن محمد فؤاد حسن السيد هزاع، الشهير بشريف هزاع، كان عضواً في تنظيم 'الإخوان' ثم انتقل إلي التيار السلفي وبعدها انضم إلي التنظيمات الجهادية التي التقي بعدد من قياداتها في أفغانستان، ثم عاد إلي مصر حتي تم القبض عليه في أغسطس 1999، وتم توجيه الاتهام إليه بالانضمام إلي تنظيم 'العائدين من ألبانيا' وتم تقديمه للمحاكمة العسكرية، حيث قضت المحكمة ببراءته، فصدر قرار باعتقاله، وظل يتنقل بين السجون المصرية إلي أن استقر به الحال في سجن استقبال طرة. بعد نشر خبر مقتله في العراق، ملحقاً بصورته الحقيقية، أرسلت زوجته 'أم بلال' بياناً مكتوباً إلي الصحافة ووسائل الإعلام أبدت فيه دهشتها من الأنباء التي تقول إن زوجها قد قُتل في العراق، وأكدت أنه لا يزال في سجنه وأنه لا صحة للأنباء التي تقول إنه قُتل في العراق وقد كان يقود تنظيماً إرهابياً في العراق.
تركيا وفرت كافة أنواع الدعم للتنظيم الإرهابي بهدف استعادة نفوذها في المنطقة بعد فشل سياستها الخارجية في مصر وسوريا
وقال 'أم بلال' في البيان المنسوب إليها، إن زوجها يعاني انسداداً في شرايين القلب وارتفاعاً في ضغط الدم والتهاباً في الغضاريف بالعمود الفقري، وهو لا يستطيع الحركة، وحالته حرجة للغاية.
غير أن المفاجأة الخطيرة جاءت من اليمن، جاءت علي لسان الزوجة اليمنية 'حسناء.ع.ح' التي اكتشفت أن زوجها 'أبوأيوب المصري' يحمل جواز سفر باسم محمد فؤاد حسن السيد هزاع، بالرغم من أنه تزوجها في صنعاء عام 1998 بجواز سفر يحمل اسم 'يوسف حداد لبيب'.
إن الأغرب من كل ذلك أنه ليس محمد هزاع ولا يوسف لبيب، ولكن اتضح أن اسمه الحقيقي هو عبد المنعم عزالدين علي البدوي من مواليد محافظة سوهاج في صعيد مصر عام 1968، وقد تدرج في المواقع القيادية في تنظيم الجهاد، ثم انضم إلي تنظيم القاعدة في اليمن وأصبح من قيادات التنظيم في العراق، ثم أميراً لمجلس شوري التنظيم، وتم اختياره خليفة لأبي مصعب الزرقاوي بالإجماع في يوليو 2006.
وقد نجا أبوحمزة المهاجر أو 'أبوأيوب المصري' من محاولة لقتله، حيث تمكنت القوات الأمريكية والعراقية من قتل الشخص الذي كان مرافقاً ل'أبوحمزة المهاجر' وتمكن من الهرب، في حين تم اعتقال زوجته اليمنية 'حسناء'، وبعدها انتقل إلي الفلوجة لفترة قصيرة ثم إلي منطقة 'زوبع' في 'أبوغريب'.
بعد إعلان قيام 'الدولة الإسلامية في بلاد العراق' تحت رئاسة 'أبوعمر البغدادي'، تم اختيار أبوحمزة المهاجر وزيراً للحرب ونائباً أول لرئيس دولة العراق الإسلامية، بعد أن سبق له أن أعلن مبايعته لعمر البغدادي، زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، ليحدث بذلك اندماج كامل بين تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين مع التنظيم الذي يقوده أبوعمر البغدادي تحت اسم 'الدولة الإسلامية في العراق'. وقد استطاع عمر البغدادي أن يعيد بناء قواعد التنظيم وأن ينشر دعوته في العديد من مناطق العراق المختلفة، وقد ارتكب في هذا الوقت مجازر إرهابية بشعة ضد معارضيه وفي مناطق أخري متعددة في العراق.
في عام 2007 انتقل أبوحمزة المهاجر 'أبوأيوب المصري' إلي منطقة الثرثار الصحراوية التي تقع علي مسافة لا تزيد علي عشرة كيلومترات من تكريت، وظل يتنقل في أكثر من منزل إلي أن رصدته المخابرات الأمريكية وكان يختبئ في أحد المنازل مع 'أبوعمر البغدادي' فقامت بشن عملية مشتركة مع القوات العراقية يوم الاثنين 10 أبريل 2010، وبعد اشتباكات عنيفة واستدعاء للطائرات تم قصف المنزل، وأسفرت المعركة عن مقتل 'أبوعمر البغدادي' زعيم 'الدولة الإسلامية في العراق' ومعه أبوحمزة المهاجر 'أبوأيوب المصري'، وبعد عرض صورهما صدر بيان من الجيش الأمريكي قال فيه: 'إن مقتل هذين الإرهابيين قد يشكل ضربة قاصمة للقاعدة في العراق'.
في هذا الوقت قامت السلطات العراقية باعتقال 'حسناء اليمنية' زوجة أبوحمزة المهاجر، وأولاده الثلاثة 'محمد ومريم وفاطمة'، ثم أفرجت عن الأبناء، إلا أن الحكومة رفضت الإفراج عن 'حسناء' اليمنية، إلا بعد تدخل الخارجية اليمنية والعديد من المنظمات الحقوقية، بعد أن أثبتت أن 'حسناء' لم تكن تعرف حتي مجرد الاسم الحقيقي للرجل الذي تزوجها بوثائق مزورة وأنجبت منه أطفالاً نسبتهم إلي أب يعيش باسم وهمي. لقد قُتل أبوحمزة المهاجر ولكن ظل سره مثار علامات استفهام في هذا الوقت، كيف تحول عبد المنعم بدوي إلي يوسف حداد لبيب المدرس في صنعاء ثم إلي محمد فؤاد حسن السيد هزاع الشهير بالشيخ يوسف هزاع وتنقل بين عدة دول بهذا الاسم، ليصل به الأمر بعد ذلك إلي قيادة تنظيم القاعدة في العراق تحت اسم أبوحمزة المهاجر 'أبوأيوب المصري'، !
لقد جاءت الإجابة علي لسان 'إبراهيم محمد صالح البناء' القيادي البارز بتنظيم القاعدة في اليمن، الذي كشف الحقيقة كاملة في التحقيقات التي أجرتها معه السلطات اليمنية في يوم الأربعاء 25 أغسطس 2010 في أعقاب القبض عليه مباشرة.
لقد اعترف إبراهيم صالح بأنه استقبل عبد المنعم بدوي في اليمن، بعد أن وصل إليها هارباً من مصر بجواز سفر باسم 'يوسف حداد لبيب'، وكان مسئولاً عن تدريبه، وهو من رشحه لقيادة تنظيم القاعدة في العراق بحكم قربه من الرجل الثاني في التنظيم العالمي أيمن الظواهري في هذا الوقت.
وقد تولي عبد المنعم البدوي بعد ذلك تدريب الوافدين، واشترك مع إبراهيم البناء في تأسيس جناح مخابرات الجماعة، وقال 'البناء' في التحقيقات 'إنه استطاع مع عبد المنعم بدوي أن يعدا جيشاً قوياً، خاصة فصيل المخابرات الذي ظل يقود إلي أن تولي قيادة التنظيم فالعراق خلفاً لأبومصعب الزرقاوي.
وعندما سأله المحقق عن عبد المنعم بدوي وهل هو أبوأيوب المصري قائد تنظيم القاعدة في العراق، قال إبراهيم البنَّاء: نعم اسمه الأصلي كان عبد المنعم عزالدين علي البدوي وكنيته الحقيقية أبوالدرداء، وقبل أن يسافر إلي أفغانستان عام 2000+ قمت بتزوير جواز سفر له باسم 'أبوأيوب المصري' الحقيقي.. وقد انتحل عبد المنعم اسمه وكنيته أيضاً.
وقال: 'في عام 6991 عندما تكاسل أحمد النجار عن قيادة الجماعة، ولم يحقق النتائج المرجوة، قام أيمن الظواهري بإقصائه وأمر بترحيله إلي 'تيرانا في ألبانيا' وأقام بمنطقة 'روبابرزول'، وأسند قيادة التنظيم لي، ووقتها أعددت له جواز سفر باسم أحمد رجب محمد فودة وسافر ومعه عدد من الشباب، وقمت أيضاً بتزوير جوازات سفرهم وانضموا جميعاً إلي الجماعة في ألبانيا.
سأله المحقق.. وماذا فعلت بعد أن توليت قيادة الجماعة في اليمن؟
فأجاب: 'اتحدنا أنا وعبد المنعم وأسسنا الجماعة علي نهج منظم جدًّا، وبدأنا في التغلغل بين القبائل في اليمن، وكوَّنا شبكة علاقات لا بأس بها بمشايخ القبائل البدوية، خاصة الحوثيين، وكنا نبيع لهم السلاح ونستعين بهم في تدبير المأوي لأفراد الجماعة، ثم التنظيم حتي وقت قريب، وأيضاً تمكَّنَّا من ضم عدد كبير جدًّا من أبناء القبائل اليمنية والمجاهدين الهاربين من سلطات الأمن'.
وكشف إبراهيم البنَّاء أن عبد المنعم غادر اليمن ومعه محمد الظواهري، واستقرا في أفغانستان قبل أن يغادرا إلي العراق، وقال: 'إن عبد المنعم هو المرجع المعلوماتي عن التنظيم وإن أسامة بن لادن وأيمن الظواهري كانا يستقيان معلوماتهما من عبد المنعم بدوي ومحمد الظواهري، وإن عبد المنعم كان مديراً للفصيل المخابراتي لجميع فروع التنظيم في العالم، وإنه لهذا السبب رشحه ودعمه لدي أيمن الظواهري لتولي قيادة التنظيم خلفاً للزرقاوي.
بعد الإعلان رسميًّا عن مقتل أبوعمر البغدادي، تم في 16 مايو 2010 توجيه الدعوة علي الفور إلي مجلس شوري الدولة الإسلامية في العراق لانتخاب قيادة جديدة، فجري انتخاب 'أبوبكر البغدادي' عضو مجلس شوري التنظيم أميراً والناصر لدين الله سليمان وزيراً للحرب.
لقد كانت مهمة أبوبكر البغدادي قبل أن يتولي موقعه الجديد هي تسهيل انضمام العناصر الإرهابية المتطرفة إلي التنظيم، خاصة العناصر المقبلة من سوريا والمملكة العربية السعودية.
وكان 'البغدادي' يتولي بنفسه الإشراف علي عمليات خطف الأفراد والمجموعات المخالفة لأفكار التنظيم، وكان يُخضعهم للمحاكمة أمام 'المحكمة الإسلامية' أو 'المحكمة الشرعية' التي كانت في أغلب الأحيان تُصدر أحكامها بالإعدام فيأمر 'البغدادي' بتنفيذها علناً، لبث الخوف بين المواطنين.
وبعد أن سطع نجمه في عام 2010 وقام بعمليات إرهابية كان لها تأثيرها الكبير علي الأرض في العراق، لفت الأنظار وأصبح يُنظر إليه علي أنه يشكل خطراً كبيراً علي الأوضاع.
في نهاية عام 2011، كانت حركات التمرد ضد الرئيس السوري بشار الأسد قد بدأت تشهد تطوراً غير مسبوق، وبدا أن المؤامرة تهدف إلي إسقاط النظام وإسقاط الدولة السورية وتقسيمها إلي دويلات طائفية وعرقية.
في هذا الوقت كانت ما سُمِّيت 'الثورة السورية' قد حظيت باهتمام واسع في أوساط مقاتلي 'الدولة الإسلامية في العراق'، وبدأت أعداد من السوريين تهرب في الخفاء وتمضي إلي سوريا للانضمام لحركات التمرد.
كان العقيد حجي بكر وهو من ضباط الجيش العراقي في زمن صدام حسين هو اليد اليمني لأبوبكر البغدادي في هذا الوقت وقبل أن يلقي مصرعه في يناير 2014 في سوريا.
لقد نصح 'أبوبلال' وهذه هي كنيته 'أبوبكر البغدادي' بأن يتخذ إجراءات حاسمة تحول دون تسرب المقاتلين الواحد تلو الآخر إلي سوريا، مما يهدد استمرار 'الدولة الإسلامية في العراق' بكامل قوتها.
وقد أصدر أبوبكر البغدادي في هذا الوقت قراراً يقضي بأن أي شخص يغادر إلي سوريا يُعتبر منشقاً وخارجاً علي نظام الدولة.
ومع تزايد حدة العنف في سوريا، ازداد الغليان داخل مقاتلي 'الدولة الإسلامية في العراق'، فنصح العقيد حجي بكر أمير الدولة 'أبوبكر البغدادي' بأن يلجأ إلي فكرة تشكيل مجموعة من غير العراقيين تشارك في الحرب ضد نظام بشار الأسد.
وقد تم اختيار 'محمد الجولاني'، أحد كبار مساعدي 'أبوبكر البغدادي'، ليتولي قيادة هذه المجموعة، خاصة أنه سوري الجنسية.
وبالفعل سافر محمد الجولاني إلي سوريا وبدأ تشكيل 'جبهة النصرة لأهل الشام' بستة أفراد من المقاتلين، ثم بدأ الكثيرون ينضمون إليها مع بداية الإعلان، وقد أثار ذلك قلق 'أبوبكر البغدادي'، خاصة بعد أن راح اسم 'محمد الجولاني' يزاحم اسمه، وبدأ المقاتلون من السعودية وليبيا وتونس والجزائر والمغرب واليمن والخليج يتدفقون للانضمام إلي صفوف الجبهة.
في هذا الوقت قدَّم العقيد حجي بكر نصيحة أخري إلي 'أبوبكر البغدادي' طالبه فيها بوضع حد لتسرب المقاتلين إلي داخل الحدود السورية والانضمام إلي 'جبهة النصرة'، وقبل أن يُصدر البغدادي قراره بحل 'جبهة النصرة' وإعلان قيام 'الدولة الإسلامية في العراق والشام' بثلاثة أسابيع، بعث بالعقيد حجي بكر إلي سوريا للبدء في تشكيل فصيل مناوئ لتوجهات ومواقف 'محمد الجولاني' يكون مستعداً لمواجهته حال رفضه الانصياع لتعليمات 'أبوبكر البغدادي'.
وقد نجح العقيد حجي بكر، خلال أيام معدودة، في جذب قادة تحت سلطتهم نحو قرابة ألف مقاتل وأخبرهم سرًّا بوقت إعلان حل 'جبهة النصرة' حتي يكونوا مستعدين للمواجهة. وأبلغ العقيد حجي بكر بقية قادة جبهة النصرة بوجود الأمير أبوبكر البغدادي في سوريا حتي يهيئهم لتقبُّل قرار الحل والمبايعة.
وفي التاسع من أبريل 2013 بثَّت شبكة 'شموخ الإسلام' رسالة صوتية من 'أبوبكر البغدادي' يعلن فيها دمج 'جبهة النصرة' مع 'دولة العراق الإسلامية في العراق والشام' تحت اسم 'داعش'.
كان الخبر صادماً لمحمد الجولاني أمير 'جبهة النصرة' والمقربين منه، فثاروا وأعربوا عن غضبتهم ورفضهم لهذا القرار الذي قيل إن 'البغدادي' اتخذه دون التشاور معهم.
كانت مدينة الرقة السورية قد سقطت منذ فترة تحت حكم العديد من الفصائل السورية المسلحة، حيث وجودت علي أرضها 'جبهة النصرة' و'حركة أحرار الشام الإسلامية' وفصائل أخري.
وبعد الإعلان عن الدولة الإسلامية بايع القسم الأكبر من 'جبهة النصرة' أبوبكر البغدادي، وشكلوا علي الفور النواة الأساسية لتنظيم 'داعش' في هذه المنطقة، ومع بداية شهر يوليو 2013 بدأ التنظيم بمواجهات عسكرية مع بقية الفصائل وسعي إلي تفكيكها والقضاء عليها.
وفي الأول من أغسطس 2013، استطاع التنظيم أن ينتصر علي 'لواء أحفاد الرسول' في معركة استمرت 13 يوماً، وبتاريخ 13 أغسطس، نجح التنظيم في تفجير سيارة مفخخة داخل مقر اللواء أدت إلي مقتل وإصابة العشرات، مما دفع العديد من التنظيمات الأخري إلي الهجرة والانسحاب من الرقة، التي سيطر عليها تنظيم 'داعش' وفرض سطوته عليها واتخذها عاصمة للدولة الإسلامية بعد أن طهَّرها تماماً من جميع القوي الأخري في 12 يناير 2014.
بعد ذلك قامت 'داعش' بإعدام الآلاف من السكان والمقاتلين، كما قام التنظيم باعتقال أكثر من 1200 من أبناء المدينة.
وبعد أن انحاز أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة إلي موقف 'جبهة النصرة' ورفض قرار أبوبكر البغدادي بضم الجبهة إلي 'الدولة الإسلامية في العراق' وإضافة اسم الشام إلي الدولة، كان رد البغدادي حاسماً وقوياً، إذ أذاع رسالة صوتية تم بثها في مايو 2013 اتهم فيها أيمن الظواهري بارتكاب مخالفات شرعية، وقال في رسالته 'إني خُيِّرت بين حكم ربي وحكم الظواهري فاخترت حكم ربي'.
وفي يونيو 2013 بثَّت مواقع التواصل الاجتماعي رسالة للظواهري طالب فيها بأن يعمل كل تنظيم في مقر نشأته، وأن يتوقف الخلاف الناشب بين التنظيمين في العراق وسوريا.
كما أصدر بياناً أذاعته قناة 'الجزيرة' في 8 نوفمبر 2013 دعا فيه إلي إلغاء قيام 'الدولة الإسلامية في العراق والشام' وقصرها علي العراق فقط، كما أكد دعمه ل'جبهة النصرة' بزعامة محمد الجولاني، وقال إن الجبهة لا تزال فرعاً لتنظيم القاعدة في سوريا، وليست فرعا للدولة الإسلامية 'داعش'.
وقد تضمن التسجيل الصوتي لأيمن الظواهري قوله: 'تُلغي دولة العراق والشام الإسلامية ويستمر العمل باسم دولة العراق الإسلامية'، كما قال: 'إن جبهة النصرة لأهل الشام تُعَدُّ فرعاً مستقلاً لجماعة قاعدة الجهاد تتبع القيادة العامة'، وقال: 'إن الولاية المكانية لدولة العراق الإسلامية هي العراق، والولاية لجبهة النصرة لأهل الشام هي سوريا'.
لقد أعلن 'الظواهري' عن غضبه الشديد وقال: 'لقد أخطأ الشيخ أبوبكر البغدادي بإعلان دولة العراق والشام الإسلامية دون أن يستأمرنا أو يستشيرنا، بل دون إخطارنا، كما أخطأ الشيخ محمد الجولاني بإعلانه رفض دولة العراق والشام الإسلامية وإظهار علاقته بالقاعدة دون أن يستأمرنا أو يستشيرنا، ودون إخطارنا'.
لقد أراد 'الظواهري' من وراء رسالته تحريض قواعد التنظيم ضد أبوبكر البغدادي، وهو أمر ترك آثاراً سلبية لدي 'البغدادي' وقيادات 'داعش'، مما دفعه إلي الرد علي بيان 'الظواهري' في اليوم نفسه، الثامن من نوفمبر 2013.
لقد قال أبوبكر البغدادي، في بيانه، متحدياً 'الظواهري': 'الدولة الإسلامية في العراق والشام باقية ولن نساوم عليها أو نتنازل عنها'.
كانت الرسالة واضحة ومختصرة ومحددة، وكان ذلك يعني نقلاً للصراع مع 'القاعدة' ومع تنظيم النصرة إلي العلن، خاصة أن 'البغدادي' سبق أن أعلن، في رسالة صوتية بُثت في أبريل من نفس العام، أن 'جبهة النصرة هي امتداد لدولة العراق الإسلامية وجزء منها'، معلناً 'إلغاء اسم دولة العراق الإسلامية وإلغاء اسم جبهة النصرة وجمعهما تحت اسم واحد هو الدولة الإسلامية في العراق والشام 'داعش''.
لقد قال 'أبوبكر البغدادي' وقتها إنه 'استشار أهل الحِلَّ والعقد في دمج التنظيمين وإنهم باركوا هذه الخطوة'، إلا أن محمد الجولاني، زعيم تنظيم النصرة، كذَّب 'البغدادي' وقال إنه 'لم يُستشر في هذا الأمر، بل إن كبار علماء النصرة لم يُبلغوا بخبر الدمج إلا عبر وسائل الإعلام'.
كان طبيعياً أن ينعكس الصراع الحاد علي قواعد التنظيم في سوريا تحديداً، مما أحدث انقساماً بين مقاتلي الجبهة علي الأرض السورية، وزاد من حدة الانقسام إعلان 'الجولاني' تجديد بيعته للظواهري، معتبراً أن بيعته السابقة ل'البغدادي' كانت بصفته ممثلاً للظواهري في العراق!!
أصر أبوبكر البغدادي علي رفض الانصياع لنصيحة 'الظواهري' وقرر تعزيز وجود 'داعش' في سوريا، فبدأت 'داعش' السورية في تصعيدحربها ضد جبهة النصرة أولاً، ثم ضد بقية فصائل المعارضة ثانياً، مما أثار قائد جبهة النصرة، الذي وصف ما تقوم به 'داعش' علي الأرض السورية بأنها أفعال إجرامية وكافرة، وقد اضطُرت 'داعش' إلي الرد علي لسان الناطق باسمها بالتهديد 'بسحق كل مَنْ يختلف معها'، وعرضت جائزة مالية لكل مَنْ 'يقطع رأس مقاتل من جبهة النصرة'.
ومع تزايد الخلافات بين التنظيمين، دعا أيمن الظواهري، في يناير 2014، إلي إقامة مجلس لحل الخلافات، استناداً إلي مبادئ الشريعة والفقه الإسلامي لتوحيد جهود الحرب ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أن أبوبكر البغدادي رفض دعوة 'الظواهري' وأصر علي المضي في طريق إقامة 'الدولة الإسلامية في العراق والشام' كما رفض طلب الظواهري والجولاني بتأجيل البت في هذا القرار إلي ما بعد سقوط نظام 'الأسد'، مما اضطر القيادة العامة لتنظيم القاعدة إلي إصدار بيان في فبراير 2014 نفت فيه أي علاقة لها بتنظيم 'داعش'، وأعلنت في بيان موقَّع باسم 'جماعة قاعدة الجهاد' بوقف العمل والتواصل مع هذا التنظيم.
وقال البيان: إن تنظيم 'داعش' ليس فرعاً من 'القاعدة' ولا تربطه بها علاقة تنظيمية، وإن التنظيم قطع علاقته مع 'داعش'، عقب عصيانه للأوامر الصادرة من زعيم التنظيم أيمن الظواهري.
ومنذ هذا الوقت أصبح الصراع مفتوحاً بين ما يسمي تنظيم الدولة الإسلامية 'داعش' وبين تنظيم القاعدة وجبهة النصرة في سوريا، ومع تزايد حدة الصراع ونجاح 'داعش' في اجتياح العديد من مواقع جبهة النصرة في سوريا، بدأت العديد من فروع 'القاعدة' في بلدان العالم العربي والإسلامي تعلن ولاءها لتنظيم 'داعش' وتبايع أبوبكر البغدادي 'خليفة للمسلمين'، حتي وصل الأمر إلي ما سمي تنظيم 'أنصار بيت المقدس' في مصر وبعض المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.