في مارس الفائت أصدرت المحكمة التي تنظر قضية أحداث الاضطرابات، والحرق، والقتل التي وقعت في منطقة 'طماي' بالمنيا إبان فض اعتصامي رابعة والنهضة حكمها 'الفريد' بإحالة أوراق 528 متهما من مؤيدي الإخوان 'بينهم 379 هاربا' لفضيلة المفتي، ومنذ أيام صدقت المحكمة علي رأي المفتي بإعدام 37 فقط من المحكوم عليهم، بينما قررت السجن المؤبد للباقين. كما أحالت نفس المحكمة برئاسة المستشار- سعيد يوسف صبري، أوراق 682 متهما إلي المفتي منهم محمد بديع مرشد الإخوان في قضية أخري مشابهة بالمنيا أيضا، ولكن بمنطقة 'العدوة' وبعد كل حكم في القضيتين كانت تموج الأوساط السياسية، والدبلوماسية، والحقوقية في زوايا الأرض البيضاوية، بتصريحات هادرة تحمل اللوم إلي القاهرة، من أصحاب القلوب العامرة بالرحمة والحنان تجاه أي مخلوق كان، سواء بشر أو حيوان، لا سيما لو من بني الإخوان، رافضين شاجبين منددين بتلك الأحكام، وعلي رأسها الإعدام.. ياسلام سلم ياسلام. من الذي يشكي ويتكلم، بل يبكي ويتألم!! الولاياتالمتحدة المذعورة، ودول الغرب المعذورة، ومعهم إسرئيل المقهورة، أم جماعة الإخوان المحظورة؟! ولماذا وعلي ماذا!! حكم قضائي يتسق مع الدستور والقانون، أصدرته في وضح النهار محكمة بكامل هيئتها علي مواطنين آثمين لدولة مستقلة ذات سيادة، وبحيثيات معلنة مبنية علي دلائل بينة، مستخلصة من تحقيقات واستنتاجات، وأسئلة وردود، وصور، وشهود، وبعد الرجوع للجهة الدينية الرسمية المقيدة بشرع الله في آرائها وفتاواها. أليس من العيب أن نتناول بالنقد المريب حكم القضاء المهيب، سواء من بعيد أو قريب، وخصوصا لو من حد غريب؟! ياأمريكا، وياغرب، وياإسرائيل: إللي بيته من إزاز مايحدفش الناس بالطوب.. آه والله. أين كنتم يوم حكم بالإعدام الفوري علي 'تشاوشيسكو' وزوجته من محكمة صورية، مصورة ومذاعة في جميع شاشات الدنيا؟؟! أين كنتم يوم حكم بالإعدام 'السبايسي' علي 'صدام حسين' والصادر عن محكمة 'دليفري' تشكلت هيئتها بناء علي 'منيو' من اختياركم، في 2006 صبيحة أول أيام عيد الأضحي؟؟! ومن قبل ذلك، أين كنتم يوم حكم بالإعدام 'المسخرة' علي 'عمر المختار'.. وغيرها من إعدامات مسرحية أنتجتموها بأموال الشعوب عبر تاريخكم المشين، ولعبتم فيها دور البطل الأسطوري المغوار، الذي يبذل نفسه فداء عن الكوكب وما فيه ومن عليه، والحالم بالحق والخير والجمال.. عيني ياعيني ع الجمال. وبالمرة بقي، أين كنتم يوم اعتقل 'الرئيس السادات' أكثر من 1530 مصريا من أعلام الفكر والأدب والصحافة، وقيادات المعارضة السياسية، ورجال الدين ورموزه، استخسر فيهم حتي المحاكمة وانفرد بالقرار مستندا إلي المادة 74 من الدستور آنذاك، ناهيك من التحفظ علي أموال، وحل جمعيات مشهرة بقانون، وإلغاء تراخيص بعض الصحف.. دعكم من كل هذا ياأمريكا، وياغرب، وياإسرائيل.. ماذا عن 'الإعدامات' الصادرة منكم بأحكام لا تقبل نقضا أو إبراما علي شخصيات من مختلف الجنسيات، نفذتموها بعدالتكم الملاكي بطريق القتل والإغتيالات؟! ألم 'تعدموا' 'أسامة بن لادن'؟! رأيتم أنه إرهابي، يتزعم تنظيما إرهابيا، ويروع العالم والآمنين من أهل العالم، لذا فهو يستحق القصاص منه بالخلاص منه.. ونفذتم العقوبة علي رؤوس الأشهاد. ألم 'تعدموا' 'معمرالقذافي' بأسلحتكم وجواسيسكم، علي يد المعارضين الموالين لكم لأنه تمادي في تجاوز كل الخطوط الحمراء في عرفكم. 'أعدمتم' 'سميرة موسي' أول عالمة ذرة مصرية في أغسطس 1952 بأمريكا عقب زيارتها لمفاعل نووي أمريكي. 'أعدمتم' عالم الذرة المصري الدكتور 'يحيي المشد' بتهشيم رأسه، داخل غرفته بفندق ميريديان باريس في يونيه 1980 بسبب اتفاقه مع صدام حسين علي العمل في البرنامج النووي، واعترفت كل من أمريكا وإسرائيل ضمن فيلم وثائقي باغتياله. 'أعدمتم' عالم الذرة الدكتور 'سمير نجيب' ذلك الشاب المصري الفائز من خلال مسابقة دولية بوظيفة أستاذ مساعد بجامعة ديترويت الأمريكية، والذي حازت أبحاثه علي إعجاب كافة الأوساط العلمية، بينما أثارت قلق الصهاينة، وما أن أعلن رغبته المحمومة في العودة إلي مصر عقب هزيمة 67 للعمل لبلاده، حتي قررتم اغتياله، بدهسه داخل سيارته في الطريق العام بواسطة إحدي الشاحنات الضخمة. أما عالم الذرة المصري الدكتور 'نبيل القليني' صاحب الأبحاث الفذة، فقد خرج من منزله في براج عاصمة تشيكوسلوفاكيا صباح الاثنين 27 يناير 1975 ولكنه لم يعد حتي الآن. 'أعدمتم '217' إنسانا' كانوا علي متن الطائرة المنكوبة التابعة لمصر للطيران في الرحلة 990 الشهيرة العائدة من نيويورك للقاهرة، لمجرد وجود وفد عسكري مصري 'هام' يتكون من 33 فردا ضمن الركاب، و3 خبراء ذرة مصريين، بالإضافة إلي 7 مصريين يعملون كخبراء في أبحاث النفط. وطبعا جمال حمدان المفكر الأبرز في علم الجغرافيا صاحب الكتاب المرجع شخصية مصر- دراسة في عبقرية المكان، والذي 'أعدمتموه' داخل منزله في أبريل 1993 للحصول علي مؤلفاته التي تفضح التركيبة الصهيونية ومخططاتها، والتي كان علي وشك الانتهاء منها ومن ثم نشرها. ياأمريكا، وياغرب، وياإسرائيل، كم من شعوب بأكملها 'أعدمتموها' بعدلكم البغيض، وقسطاسكم المهيض، النابع من منطقكم المريض، تتعاملون مع الأمم وكأنها قبائل من الهنود الحمر الواجب إبادتهم كي تحيوا أنتم سالمين غانمين، معززين مكرمين، وعلينا أن نبقي لكم شاكرين مهللين.. أو علي الأقل نعدم ونحن صامتون. وأنتم ياجماعة الإخوان المحظورين، المحسورين، المتحسرين.. ولسنا عليكم بآسفين، ألم 'تعدموا' أحمد ماهر باشا، والقاضي أحمد الخازندار، ومحمود فهمي النقراشي باشا، بل والمهندس 'سيد فايز' عضو جماعتكم لاعتراضه علي قتل النقراشي، ألم 'تعدموا' الدكتور فرج فودة والشيخ محمد حسين الذهبي والرئيس السادات؟، ألم تحاولوا إعدام الزعيم جمال عبد الناصر، والأستاذ نجيب محفوظ. تلك 'الإعدامات' وكثير غيرها مما يستعصي علي الحصر في الماضي والحاضر، سواء كانت بأياديكم أو بتحريضاتكم، أو بفتاواكم أو بإيحاءاتكم، هي التي تحاكمون عليها اليوم وغدا، ولكن علي ايدي قضاة أقسموا أمام الله أن يطبقوا عدله بحكمة وطول أناة، وليس بأيدي قتلة محترفين كانوا أم مضللين، يطبقون العدل الذي يخدمهم، همج يمارسون سفك الدماء، وكأنه تضرع إلي الله. هؤلاء الإخوان ومن يدعمونهم في الداخل، ومن يتقاسمون معهم الأنصبة، ويتبادلون معهم الأدوار في أمريكا وفي الغرب وفي إسرائيل، أيصح لأمثال تلك الكائنات أن تنتقد أحكام القضاء وتصرخ مستغيثة بمن يجيرها من الظلم. عن أي ظلم يتحدث الظلمة، جالبو الغمة، السالكون في طريق الظلمة، المجتنبون لأبسط قواعد النزاهة والوجاهة، فكلهم، مجتمعين أو منفردين، يستحقون عن جدارة لقب شياطين العدالة. [email protected]