الدنيا مقلوبة على حكم محكمة جنايات المنيا الصادر ضد أكثر من ألف متهم ما بين الاعدام والمؤبد والإحالة إلى المفتى، وعلى رأس المحالين محمد بديع مرشد الجماعة، وبالمناسبة فإن بديع ليس المرشد الوحيد الذى يواجه الاعدام فقد سبقه حسن الهضيبى المرشد الثانى بعد حسن البنا وتم تخفيف الحكم عليه إلى الأشغال الشاقة المؤبدة وبديع هو الرأس المدبر والمخطط لجرائم الإرهاب التى وقعت بعد ثورة 30 يونية ومتهم فى عشرات القضايا ويحاكم فى بعضها حاليًا. المنزعجون من الحكم فى الداخل والخارج بنوا رأيهم على كثرة عدد المتهمين وهو بالفعل رقم غير مسبوق فى مصر والعالم، لكنه فى تقديرى دليل على استقلال القضاء المصرى الذى لا يستجيب لأى تأثيرات سياسية كما زعم عبدالله جول الرئيس التركى عندما وصفه بأنه حكم سياسى، كلام جول وغيره مرفوض لأنه لو كان حكمًا سياسيًا أى أن القاضى تلقى تعليمات من السلطة الحاكمة لإصداره لكان من الأفضل تأجيله هذه الأيام فى ظل الحراك السياسى لانتخاب رئيس الجمهورية وموجة العنف الإرهابى التى يشهدها الشارع المصرى والتقارب الجديد بين مصر وأمريكا الذى أسفر عن الافراج عن صفقة الأباتشى. لكن محكمة جنايات المنيا اتخذت قرارها بإحالة أوراق حوالى 528 متهمًا إلى فضيلة المفتى للحصول على الرأى الشرعى فى اعدامهم وحددت جلسة 28 إبريل موعد النطق بالحكم وقامت الدنيا وقعدت فى مصر والخارج أيضًا، ولم تهتز المحكمة وأصدرت حكمها فى القضية باعدام 37 متهمًا وقضت على 490 بالمؤبد وفى القضية الثانية بإحالة 683 إلى المفتى بينهم مرشد الجماعة. الأمن القومى المصرى مهدد من جماعة الإخوان الإرهابية فلماذا يلومنا العالم عندما ندافع عنه، ألم يقل رود أولاند رئيس وزراء بريطانيا: إذا كان الأمن القومى لفرنسا على المحك فلا تسألونى عن حقوق الإنسان، فأى حقوق لمئات الناس اقتحموا مركز شرطة مطاى بالمنيا، وأشعلوا فيه النيران، ونهبوا الأسلحة، ومزقوا جسد نائب المأمور العقيد مصطفى العطار بالأسلحة الحادة، وعندما تم نقله بين الحياة والموت إلى المستشفى، رفض الطبيب الإخوانى إسعافه، ومنع عنه المحاليل والدم، وضربه باسطوانة الاكسجين، وقال للإرهابيين إنه مازال على قيد الحياة، فأجهزوا عليه ومثلوا بجثته. الجريمة جماعية وصدر الحكم جماعيًا، الإخوان لو طالوا الشعب المصرى كله لقتلوه، ذهب الشاطر والكتاتنى إلى «السيسى» عندما كان وزيرًا للدفاع لتحريضه ضد الشعب وعندما رفض وأعلن انحياز القوات المسلحة للشعب لأنها جزء منه، قالا له إذن اتركنا مننا للشعب!! قاضى محكمة جنايات المنيا المستشار سعيد يوسف صبرى لايستحق الهجوم الذى تعرض له لدرجة التشكيك فى قواه العقلية من جانب الإخوان، فقد صدر الحكم بإجماع آراء هيئة المحكمة المكونة من ثلاثة قضاة، ولو اعترض قاض واحد على حكم الاعدام لتبدل بحكم آخر. لقد اتخذت المحكمة قرارها بعد أن استقر فى وجدانها ومن واقع الأوراق ومرافعة النيابة ارتكاب المتهمين للجرائم التى قادتهم إلى هذه الأحكام؛ وهى أحكام قابلة للطعن، ويلزم القانون النائب العام بالطعن على أحكام الاعدام حتى لو امتنع المحكوم عليهم فى استخدام حقهم بالطعن أمام المحكمة وبالفعل طعن النائب العام على جميع الأحكام التى صدرت بالاعدام ضد المتهمين، وإذا رأت محكمة النقض أن الأحكام صائبة تقضى بتأييدها وإذا اكتشفت أن بها عوارًا تقضى بإلغاء الأحكام وتحيل القضية إلى دائرة جديدة.القضاء المصرى سيظل شامخا لتحقيق العدالة الناجزة دون الاخلال بالضمانات القانونية والقضائية، والهجوم الذى تتعرض له مصر لن يؤثر فى ثقة القضاء المصرى بنفسه، لأن هذا الهجوم هدفه مصالح خاصة وليس بكاء على حقوق الانسان المصرى. لماذا لم ينزعج أحد من حمامات الدم التى يرتكبها الإرهابيون كل يوم فى مصر، لماذا لم ينزعج أحد للتمثيل بجثث ضباط الشرطة الذين قتل منهم المئات،لماذا لم ينزعج أحد لأعمال التخريب والدمار التى يرتكبها طلاب الإخوان فى الجامعات، لماذا لم ينزعج أحد لأعمال النهب لممتلكات الدولة. من حق أسر المحكوم عليهم أن يصابوا بالهلع، وتتمرغ نساؤهم فى التراب أمام المحكمة ويتحدثون عن العدل والدين، لكن أين كانوا عندما ارتكب المتهمون جرائم يرفض الكافر ارتكابها، وهى منع العلاج عن جريح مريض، وتركه يموت من الألم، أين كانوا من الهلع والفزع والترويع الذى مارسه الجناة، أين كانوا من حرق الكنائس واعلان تحويل المنيا إلى إمارة إسلامية، أين كانوا من الإرهاب الذى يهدد كيان الدولة المصرية ويسعى لاسقاطها. هل كانوا يسخرون من حزن أسرة الشهيد العطار. كما سخر مرشد الجماعة محمد بديع عندما علم بقرار إحالته إلى المفتى فقال: حضروا لى البدلة الحمرا. لا تستعجل يا بديع حتلبسها إذا حكم القضاء وانتظر عقاب السماء.