بمناسبة الاحتفال بيوم الرقص العالمي، الذي يوافق التاسع والعشرين من أبريل سنويا، قالت دراسة تاريخية صادرة عن مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، إن قدماء المصريين عرفوا الاستعراضات الراقصة وأقاموا مدارس لتعليم فنون الرقص قبل آلاف السنين. وأشارت الدراسة إلي أن المعابد والمعالم الأثرية لملوك مصر القديمة تحتوي علي عشرات الشواهد التاريخية في أبيدوس والأقصر وإدفو، التي تؤكد أن المصريين القدماء عرفوا الاستعراضات الراقصة، وأنشأوا مدارس لتعليم الرقص تابعة للمعابد، وأن الرقص عند قدماء المصريين كان يوظف دراميا، 'وهو أمر سبقت به مصر دول العالم في هذا المجال'. وتقول الأثرية المصرية مني فتحي كبيرة المفتشين بمعابد الكرنك الفرعونية الشهيرة في الأقصر، إن مصر عرفت عبر تاريخها كثيرا من الفنون واللعبات الراقصة، ومن أهم هذه الألعاب هي لعبة أو رقصة العصا أو التحطيب، وهي لعبة من قتالية تحولت إلي استعراضية في الأعوام الماضية، وأصبحت تقام لها مهرجانات خاصة تجمع عشرات اللاعبين المحترفين من جميع المحافظات بوجود محكمين أو شيوخ اللعبة، وهذه اللعبة الراقصة مستمدة من الأصول الفرعونية القديمة. وأضافت أن الفراعنة صوروا هذه اللعبة علي جدران معابدهم وكانوا يهتمون بتعليمها للجنود.. ويختلف نسبيا شكل وخطوات اللعب الآن عن السابق، كما أن العصا المستخدمة في اللعب في عصور الفراعنة، والتي وجد نقوش لها علي جدران معابد الأقصر تتكون غالبا من نبات البردي المعجون الذي لا يؤذي الخصم أو المنافس، أو يؤدي إلي الموت كما يحدث الآن. ولرقصة العصا - أو لعبة التحطيب - ارتباط وثيق برياضة الفروسية علي وجه التحديد، إذ تقوم علي التقاء فارس بفارس مما يجعلها تقترب أيضا في مظهرها العام من عوالم المنافسات الرياضية. وتمثل الرياضة مصدرا أول لعناصر هذه القصة وعاملا فاعلا في طريق نشأتها، ويحتاج الراقص أو لاعب العصا إلي قوة الرد، وسرعة المبادرة عند النزول إلي حلقة التحطيب التي تتكون من فرقة للمزمار ولاعبين يمسك كل منهما بعصا، بجانب المتفرجين والعوال الذي يدير الحلقة. وداخل حلقة التحطيب تجد المكر والمغامرة والعزة والخداع والبطولة في آن واحد.. ورغم أن التحطيب هي رقصة تروح عن النفس وتبهج الروح، إلا أنها تؤدي إلي الموت أيضا فإذا ما غاب الراقص عن مراقبة منافسة لجزء من الثانية أثناء الرقص داخل الحلقة لفاجأه الآخر بضربة عصا في أي جزء من جسده. والمهارة هنا لمن يسدد ضربات منافسة، ويبادر بضربات راقصة متوالية وأطرف ما في ضربات رقصة العصا - أو لعبة التحطيب - أنها ضربات ذات وقع راقص. وتعتبر موالد الأولياء والأقطاب الصوفيين بالأقصر مكانا رائجا لهذه اللعبة وكما ينتظر المجاذيب حلقات الذكر في هذه الموالد، ينتظر لاعبو التحطيب ومحبو اللعبة الذين يحضرون من محافظات بعيدة هذه الموالد حتي يشبعوا رغباتهم من اللعبة التي خصصت لها ساحات معينة منذ عشرات الأعوام ولم تبدل حتي الآن وأصبحت معروفة لدي العامة. وتقول الباحثة المصرية نجلاء عبد العال الصادق، إن المصريين القدماء عرفوا إلي جانب فنون الرقص نوعين من الدراما هما: الحفلات الطقسية، والدراما الدينية. وأضافت أن الحفلات الطقسية كانت يقيمها الكهنة في المعابد كما أن الدراما المصرية قد ظهرت قبل الدراما اليونانية بنحو ثلاثة آلاف سنة، وأنها بدت أكثر منها نضجا. وأشارت إلي أن الخلفية التاريخية لظهور المسرح في مصر القديمة المصرية كان في معبد أوزوريس، وأن أحداث أول عمل مسرحي في مصر الفرعونية كان يقوم حول مقتل وعودة اوزيريس إلي الحياة. يذكر أن يوم الرقص العالمي يجري الاحتفال به منذ عام 1982 باقتراح من مجلس الرقص العالمي، الذي يعد منظمة تعمل تحت مظلة منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة 'اليونسكو' لجميع أنواع الرقص.