الأقصر ذ حجاج سلامة وأحمد فنجان: تمثل الألعاب الشعبية في مدينة الأقصر التاريخية بصعيد مصر أحد أهم عناصر الموروث الشعبي وجزءا مهما من تاريخ وذاكرة ووجدان هذه المدينة الضاربة في القدم فهي نتاج تاريخي للتكوين الثقافي وانعكاس للبيئة المحيطة منذ آلاف السنين وحتي الألفية الثالثة .. وتختلف أشكال ونوع الألعاب الشعبية في الأقصر عن اي مكان أخر حتي ان تشابهت المسميات مما يجعل هذه الألعاب محورا لكثير من الأبحاث والدراسات التي أكدت دور المكان في التأثير علي طبيعة هذه الألعاب مما يعطي مدلولا علي ان المكان يسهم بشكل كبير في تكوين الشخصية من جميع النواحي النفسية والجسدية. وعلي مدار تاريخها الممتد لآلاف السنين من التاريخ عرفت الأقصر وبقية مدن وقري صعيد مصر أيضا أنواعا عديدة من الألعاب الشعبية التي تختلف من حيث الشكل والمضمون وطريقة الأداء وتمارس من قبل الكبار و الصغار علي حد سواء . وأهم هذه الألعاب هي لعبة أو رقصة العصا أو التحطيب وهي لعبة من قتالية تحولت الي استعراضية في الأعوام الماضية وأصبحت تقام لها مهرجانات خاصة تجمع عشرات اللاعبين المحترفين من جميع المحافظات بوجود محكمين او شيوخ اللعبة وهذه اللعبة مستمدة من الأصول الفرعونية القديمة ، وقد صور الفراعنة هذه اللعبة علي جدران معابدهم وكانوا يهتمون بتعليمها للجنود ويختلف نسبيا شكل وخطوات اللعب الان عما سبق، كما أن العصا المستخدمة في اللعب في عصور الفراعنة والتي وجدت نقوش لها علي جدران معابد الأقصر تتكون غالبا من نبات البردي المعجون الذي لا يؤذي الخصم او المنافس او يؤدي الي الموت كما يحدث الآن. ولرقصة العصا ذ أو لعبة التحطيب ذ ارتباط وثيق برياضة الفروسية علي وجه التحديد إذ تقوم علي التقاء فارس بفارس مما يجعلها تقترب أيضا في مظهرها العام من عوالم المنافسات الرياضية. إذ تمثل الرياضة مصدرا أول لعناصر هذه القصة و عاملا فاعلا في طريق نشأتها ويحتاج الراقص أو لاعب العصا إلي قوة الرد و سرعة المبادرة عند النزول إلي حلقة التحطيب التي تتكون من فرقة للمزمار و لاعبين يمسك كل منهما بعصا . بجانب المتفرجين والعوال الذي يدير الحلقة .. و داخل حلقة التحطيب تجد المكر و المغامرة و العزة و الخداع و البطولة في آن واحد . و بالرغم من أن التحطيب هي رقصة تروح عن النفس و تبهج الروح .. إلا أنها تؤدي إلي الموت ذ أيضا ذ فإذا ما غاب الراقص عن مراقبة منافسه لجزء من الثانية أثناء الرقص داخل الحلقة لفاجأه الأخر بضربة عصا في أي جزء من جسده. و المهارة هنا لمن يسد ضربات منافسة و يبادر بضربات راقصة متوالية و أطرف ما في ضربات رقصة العصا أو لعبة التحطيب أنها ضربات ذات وقع راقص. وتعتبر موالد الأولياء والأقطاب الصوفيين بالأقصر مكانا راجئا لهذه اللعبة وكما ينتظر المجاذيب حلقات الذكر في هذه الموالد ينتظر لاعبو التحطيب ومحبو اللعبة الذين يفدون من محافظات بعيدة هذه الموالد حتي يشبعوا رغباتهم من هذه اللعبة التي خصصت لها أماكن معينة (ساحات ) منذ عشرات الأعوام ولم تبدل حتي الان وأصبحت معروفة لدي العامة. من ضمن الألعاب أيضا لعبة السيجة وهي لعبة فرعونية يلعبها المثقفون والمتدينون في الأقصر. وهي تحتفظ باسمها القديم الي الان ولا ريب اذ وجدت رجالاً قد بلغوا من العمر ارذله يجمعون الحصي والتراب المستخدم في اللعبة ويجلسون علي قارعة الطريق ليلعبوا هذه اللعبة التاريخية التي تنتشر في قري ونجوع الأقصر بشكل كبير حتي في أوساط المثقفين او المتدينين وهذه اللعبة التي تلعب بأكثر من طريقة ولها عدة أشكال فهناك السيجة السداسية والسباعية وهي الأصعب ولا يلعبها إلا شيوخ اللعبة ويصادف في بعض الأحيان ان تستمر اللعبه دون إعلان فوز احد المنافسين الي عدة أيام بسبب دهاء بعض اللاعبين الذين يرفضون الاستسلام ويتعاملون بحنكة شديدة مع المنافس تجعله يعجز عن تحقيق الانتصار فيما يشبه مناقشات الشطرنج وهو ما يشبع رغبة المتفرجين الذين يجلسون في حلقة دائرية حول اللاعبين ويشجع غالبيتهم اللاعب الأضعف حتي يصبح للعبة مذاق خاص.