يجب أن تعلم عزيزي الثوري إن أكاديمية التغيير التي تم إنشائها بلندن عام 2006 بعد توصيات مؤتمر الدوحة، برعاية أمريكية – قطرية، وتبنت علوم التغيير لجين شارب ومشروع النهضه للتنظيم الدولي للإخوان، وقد رفعت شعار تحرر الشعوب من العبودية، لم تكن إلا محاولة لأعادة أنتاج نفس الشعارات التي تم استخدامها في الثورات العربية في الفتره من 1906وحتي 1917 حينما اقنعوا الشعوب العربية والإسلامية التي كانت تحت حكم الخلافة العثمانية 'الإسلامية' أنهم تحت حكم نظام شمولي ومتسلط ويجب التحرر والتخلص من العبودية التي يعيشونها تحت حكم لا يطبق شرع الله. و تعود اصول هذه الثورات حينما عقد اليهود مؤتمرهم الصهيوني الأول في 'باسل' بسويسرا عام 1897 م، برئاسة ثيودور هرتزل، رئيس الجمعية الصهيونية، حيث اتفقوا علي تأسيس وطن قومي لهم يكون مقرًا لأبناء عقيدتهم، وأصر هرتزل علي أن تكون فلسطين هي الوطن القومي لهم، فنشأت فكرة الصهيونية، وقد زار السلطان عبد الحميد الثاني، بصحبة الحاخام 'موسي ليفي' و'عمانيول قره صو'، رئيس الجالية اليهودية في سلانيك، وقدَّموا له الإغراءات المتمثلة في إقراض الخزينة العثمانية أموالاً طائلة مع تقديم هدية خاصة للسلطان مقدارها خمسة ملايين ليرة ذهبية، وتحالف سياسي يُوقفون بموجبه حملات الدعاية السيئة التي ذاعت ضده في صحف أوروبا وأمريكا. لكن السلطان رفض بشدة وطردهم من مجلسه وقال: 'إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبا فلن أقبل، إن أرض فلسطين ليست ملكي إنما هي ملك الأمة الإسلامية، وما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يباع، وربما إذا تفتت إمبراطوريتي يوما، يمكنكم أن تحصلوا علي فلسطين دون مقابل'، ثم أصدر أمرًا بمنع هجرة اليهود إلي فلسطين. لذا قرروا الإطاحة به وإبعاده عن الحكم، ولعب يهود الدونمة دورًا رئيسًا في إشعال نار الفتن ضد السلطان لسنوات، إلي أن دبرت جماعة الاتحاد والترقي انقلابًا علي السلطان عبد الحميد الثاني عام 1908، تحت شعار'حرية وعدالة ومساواة '، حتي تمت إزاحته عن الحكم عام 1909، بعد أن دخل عليه وفد من كل هؤلاء الخونة مدججين بالأسلحة، وقيل له: 'إننا جئنا لعزلك من الحكم'، وكان رد السلطان عبد الحميد الثاني له: 'بل جئتم لخلعي من الحكم'، كما ذكر السلطان عبد الحميد في مذكراته. ومن هنا نتفهم وصم الرئيس الأسبق مبارك ب'المخلوع' بعد تنحيه عن حكم مصر، علي خلفية أحداث 25 يناير. كان لسياسة التتريك الدور الأساسي في اشتعال الثورة العربية الكبري في يونيو عام 1916 حيث استطاعت جماعة الطورانية التي خلعت السلطان عبد الحميد الثاني من الحكم، من الوصول إلي السلطة بقيادة 'مصطفي كمال أتاتورك' الذي اقيمت ضده الثورة العربية الكبري 1917 بقيادة حاكم مكه الشريف حسين الذي وضع يده في يد الإنجليز لتفكيك الأمبراطورية العثمانية، حيث ولدت شرارة ثورة تقوم علي تطلعات القومية العربية والرغبة في بناء دولة عربية ناهضة، تنقل العرب من عصر الانحطاط والتخلف إلي الارتقاء الحضاري، وارسلت قوات التحالف لورانس العرب لمساعدة الشريف حسين وقادة الجمعيات العربية في سوريا والعراق وأنتهت الثورة بتقسيم الامبراطورية الإسلامية بموجب أتفاقية سايكس بيكو. والمدهش أيضًا في الأمر، حينما دخلت بريطانيا إلي القدس، كان علي رأس الوفد المستقبِل لهم هو إمام المسجد الأقصي، الذي قدّم للجنرال اللنبي هدية عبارة عن سيف من الذهب الخالص وشكره علي مساعدتهم في تحرير بلادهم من العبودية، وبعد عام كانت رسالة آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917، إلي اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد، التي أشار فيها إلي تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، تلك الرسالة التي عرفت باسم 'وعد بلفور'. لورانس العرب، والذي تمت إعادة إنتاج دوره مجددا في ثوب جديد، مع قيام ثورات الربيع العربي، التي بدأت في 2010، تجسد في شخص الفرنسي برناند هنري ليفي، لورانس العرب الجديد الذي تجده بميدان التحرير في قلب القاهرة مع ثوار مصر، وتجده داخل غرفة العمليات في ليبيا يدرس مع قيادات المعارضة المسلحة، خطط الهجوم علي طرابلس، وتجده في سوريا وهو يسير مع قيادات جيش النصرة في المناطق السورية المحتلة. والأكثر دهشة، أن الشعوب العربية خلال ثورات الربيع العربي، التي بدأت عام 2010، رفعت نفس الشعارات التي استخدمتها الثورات العربية الكبري 'حرية وعدالة ومساواة'، وتبنت نفس فكرة 'التحرر من العبودية' ورفع الثوار في ميادين الربيع العربي نفس أعلام دولهم وقت أن كانت تحت الاحتلالين البريطاني والفرنسي. وهذا ما نجحت أكاديمية التغيير في إعادة إنتاجه، وبصورة مذهلة، فكل هذه الشعارات والأفكار التي تبنتها الثورات العربية الكبري، والتي أدت إلي تقسيم المنطقة العربية باتفاقية سايكس بيكو، وإعلان قيام فلسطين دولة بديلة لليهود بوعد بلفور، هي ذاتها الشعارات والأفكار التي صدّرتها أكاديمية التغيير إلي الشعوب العربية مجدداً، ولكن هذه المرة لتقسيم المنطقة العربية باستخدام القوات الناعمة لجحافل شارب وآكرمان، نحو زعزعة الاستقرار ثم الفوضي المنظمة ليأتي بعدها دور الطابور الخامس في إفشال الدولة، ومن ثم يأتي الاحتلال المدني، كبديل للتدخل العسكري، كما حدث في كل البلدان التي طالتها ثورات الربيع العربي أخيرًا بوصول التنظيم الدولي للإخوان المسلمين إلي سدة الحكم بها، فيمتد قوس الأزمات لعرّاب استخدام البطاقة الإسلامية الجيوسياسي بريجينسكي، وتبدأ الشعوب العربية في حروب أهلية ما بين الطوائف العرقية والقبلية، ليأتي دور التدخل الأجنبي لفض مناطق النزاع، وتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد، تمامًا مثلما حدث في ليبيا وسوريا.