«لا ترقص على أنغام عدوك» قول مأثور أتذكره دوماً كلما استرجعت تاريخ العرب منذ الحرب العالمية الأولى حتى يومنا هذا، جلست مع نفسى أتذكر ما هى الدوافع القوية التى أدت إلى اندلاع الثورة العربية الكبرى؟ كان هناك جفاء وخلافات حادة بين الشريف حسين أمير مكة والخلافة العثمانية وكان يحلم هو وأولاده فيصل وعبدالله وعلى بإقامة دولة عربية كبرى، فاستغلت بريطانيا هذا الحلم وقامت بإرسال ضابط الاستخبارات البريطانية توماس إدوارد لورانس الذى اشتهر باسم لورانس العرب للشريف حسين ليحثه على الثورة ضد الحكم العثمانى من أجل تحقيق حلمه، وأن بريطانيا العظمى ستقوم بتوفير كافة الضمانات من النواحى المادية والأسلحة وكل الأمور اللازمة لمواجهة العثمانيين، وليس على العرب فقط سوى إعلان الثورة وتوفير القوات لمواجهة الجيش العثمانى، وثار العرب وانتفضوا فى الحجاز وقاموا بتدمير خط سكة قطار الحجاز ومنعوا وصول الدعم العثمانى للحجاز، وقاموا بطرد الجيش العثمانى من مكة والمدينة والطائف وجدة وينبع وكبدوهم خسائر فادحة، وتقدمت القوات العربية بقيادة لورانس والملك فيصل نجل الشريف حسين ودخلوا دمشق وعلى الجانب الآخر قام إدموند ألنبى باحتلال فلسطين وقام أيضاً بطرد العثمانيين منها.. وفى الوقت الذى كان ينتظر العرب فيه إقامة الدولة العربية الكبرى فوجئوا باتفاقية سايكس بيكو التى قسمت أملاك الدولة العثمانية بين إنجلترا وفرنسا، وكانت الفاجعة الأكبر هى هجرة اليهود إلى فلسطين بناء على وعد بلفور، وبعد أن ظن العرب أنهم حاربوا من أجل إعلاء القومية العربية أدركوا أنهم حاربوا من أجل وعد كاذب، فإذا بهم يقعون تحت نيران الاحتلال الإنجليزى الفرنسى، وأن نتيجة ثورتهم العربية ما هو إلا إنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين وأن اليهود استخدموهم واستغلوا حلمهم لإنشاء وطن لهم. ويقول التاريخ إن الملك فيصل مات مسموماً فى سويسرا واختزل حلم مملكتهم فى دولة الأردن، تلك هى النتائج المخزية للثورة العربية الكبرى. واليوم وبعد ثورتنا المجيدة ثورة يناير التى تعد إحدى ثورات الربيع العربى، التى راح ضحيتها خيرة شباب ورجال مصر، أخشى أن تأتى نتائج هذه الثورات مشابهة للثورة السابقة فكلما تذكرت لورانس العرب على الفور أتذكر برنارد ليفى الصهيونى خاصة بعد أن رأيت صورته الشهيرة مع القيادى الإخوانى سعد الحسينى. يتملكنى الرعب أن يقوم هذا الصهيونى باستغلال نفور وغضب الشعوب العربية ضد حكامهم المستبدين وحلمهم بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية وإقامة دول مدنية حديثة متقدمة، ويفعل مثلما فعل لورانس مع الشريف حسين. فقد اختطف حلمنا نحن شباب مصر من قبل تيار يقال إنه إسلامى، ولكنهم ليسوا سوى تجار للدين يروجون لفكرة الخلافة الإسلامية فى مواجهة فكرة القومية العربية، وكأننا اشتقنا لفكرة الخلافة العثمانية التى ثار العرب ضدها من قبل.. هل نحن ندور فى حلقة مفرغة مرة باسم القومية ومرة أخرى باسم الخلافة؟ وفى النهاية لا نحصد إلا النتائج المريرة. والآن بعد أن ترعرعت وازدهرت إسرائيل وأيضاً بعد تصريحات قيادات الإخوان عن حفاظهم على أمن دولة إسرائيل، وأنه لا مساس باتفاقية كامب ديفيد، وخطاب الدكتور مرسى لشيمون بيريز، أخشى أن تكون إسرائيل تستعد الآن لتحقيق حلم دولتهم من النيل للفرات بأيدينا نحن العرب ونمكن لهم دولتهم المأمولة.. ينتابنى الرعب أن تكون ثورتنا كانت من أجل تحقيق حلم اليهود، وأننا كافحنا وحاربنا من أجل وعود كاذبة، لهذا أصرخ وأقول: أرجوكم لا ترقصوا على أنغام عدوكم وليتنا نتعلم من التاريخ.