دع الأيام تفعل ما تشاء .. وطب نفسا إذا حكم القضاء ، حكمة عاش بها عميد الشرطة الراحل فايز أباظة مدير مباحث الجيزة . كان نموذجا لرجل الشرطة الصالح الذي يحلم به المصريون وأشعلوا من أجله ثورة يناير . كان يقول دائما التجاوز والقسوة أسلوب الضابط الفاشل، فمهمة رجل الشرطة جمع الادلة فإذا عجز لجأ للعنف.. حدثته يوما علي المحمول بعدما لم أجده في مكتبه فجاء صوته ضاحكا كعادته وقال انا عند أمي خد كلمها.. صوت حنون ينم عن قلب مفعم بالحب وعمق الاصالة ..إزيك يابني انت زميل فايز وبتتعب زيه؟ فقلت: سلمك الله يا أمي بل صديق وحبيب نتقابل كل يوم وان اختلفت طبيعة العمل ..قالت دائما يا بني أشوفكم طيبين وأسمع عنكم كل خير وربنا يكفيكم شر مالا تطيقون شره ..آه يا دنيا كم تخدعين فتخفي عنا سهامك المسمومة ..كأنني كنت اتحدث مع أمي تماما.. حسدت فايز علي تنعمه في جنة الامومة التي حرمت منها منذ سنوات ..لم أكن أعلم ان الرجل يعيش مأساة قدرية فلديه ولد عمره 14 عاما وبنت في عامها الجامعي الاول ..بعد وفاته بيومين علمت بوفاة ابنه واعتصرني الحزن والألم . الولد خرج للدنيا معوقا وعاش سنوات عمره بلا إدراك ولم يعرف في دنياه سوي وجه أبيه الذي يحنو عليه ولا يفارقه مادام في البيت.. يطعمه ويسقيه ويمسح علي رأسه في ابتسامات حانية تبعث فيه الحياة , لم يصبر علي فراق والده أكثر من يومين .. رحل فايز وترك أما وزوجة في غرفة الانعاش بمستشفي الشرطة وبنتا لا تنقطع دموعها.. أيتها القلوب الموجوعة رحم الله فقيدكم وألهمكم الصبر فلا دائم ولا باقي غير الله.. تذكرت ماقاله الشاعر ابوذؤيب الهزلي عندما فقد أبناءه الخمسة في إحدي الغزوات فجلس يبكيهم ويقول: وإذ المنية أنشبت أظفارها.. ألفيت كل تميمة لا تنفع .. فالعين بعدهم كأن حداقها... سملت بشوك فهي عور تدمع.