احتفل أمس اخواننا المسيحيون بعيد الميلاد المجيد.. ويجيء هذا الاحتفال بطعم ومذاق جديد ومختلف عن الأعوام السابقة خاصة انه جاء بعد ثورة 52 يناير. واعتقادي ان الاحتقان الذي كان يسود العلاقة بين بعض المسيحيين والمسلمين قد زال بقدر كبير بعد الثورة وقد ظهر ذلك جليا منذ أيامها الأولي حينما شاهدنا جميعا وقوف الأخوة المسيحيين حول المسلمين لوقايتهم أثناء أداء صلاة الجمعة في ميدان التحرير.. ثم وقوف المسلمين حول المسيحيين أثناء أداء طقوسهم الدينية يوم الأحد التالي.. شيء رائع ولا شك ان هذا قد ترك أثرا طيبا لثورة 52 يناير يتضح منه نقاوة وطهارة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين الحقة.. ويذكرني ذلك بفترة الطفولة والشباب حيث كان والد زوجتي فيما بعد يقطن في فيلا بضواحي القاهرة وكان يجاوره من الناحيتين أسرة مسيحية وأخري يهودية وكنت أشاهد أثناء زيارتي لهم كيف كانت العلاقة بينهم جميعا. لقد كانت علاقة جيدة طيبة للغاية بين الكبار والصغار علي حد سواء.. وكان هذا الشأن يحدث بين جميع الأسر في مصر ولم يكن للدين دخل في تحديد العلاقة بين البشر فالدين لله والوطن للجميع.. وقد عاصرت أحداثا طيبة تدل علي مدي احترام الجيرة بين الأسر الثلاث فهم يتبادلون التهاني في المناسبات والأعياد سواء الاجتماعية أو الدينية ويتزاورون ومع الأيام كانت زياراتي لهم متكررة خاصة بعد ارتباطي بخطوبة زوجتي.. وشاهدت بنفسي كيف كانت تعيش الأسر كمجتمع واحد لا يفرق بينهم الدين اطلاقا والكل يحترم عادات وتقاليد الآخر عن صدق وليس عن رياء.. وحينما تزوجت قطنت في أحد أحياء القاهرة وكان يقطن معنا في نفس المنزل أسرة مسيحية متقاربة في السن مع أسرتي وكانت العلاقة بيننا يسودها الود والاحترام ولا دخل لأحد بدين الآخر وتعمقت العلاقة الاجتماعية وأصبحت هي الأساس المتين بين الأسرتين.. وكانت لدي الأسرة المسيحية ابنة في سن بناتي وكانوا أصدقاء لدرجة ان بعض من أصحابهن اعتقدن بأحد المصايف كان شيئا طبيعيا ان تذهب معنا ابنتهم.. وكنا جميعا سعداء بهذا واستمر الحال إلي ان كبرن وتخرجن في الجامعة وتزوجن جميعا فاستمرت العلاقة طيبة بينهم كأخوات وبينهم وأبنائهم حتي الان.. ومع الزمن كنت أقدم في العديد من الأماكن ومعي زملاء وأصدقاء أعزاء للغاية من المسلمين والمسيحيين وتزداد أواصر المحبة مع الأيام وينضم كل فترة أصدقاء فضلاء جدد أعتز بهم وتجدنا نتبادل التهاني في المناسبات والأعياد ومن خلال مقالي هذا أرسل إليهم جميعا التهنئة بعيد الميلاد المجيد متمنيا لهم السعادة والهناء والصحة والعافية.. وانني حقا أتعجب من المتشددين الذين يتحدثون بلغة غير لائقة أو المطالبة بمطالب غير مقبولة حيال بعض الطوائف.. والحمد لله ان جاءت ثورة 52 يناير ليغلق هذا الملف المزيف ويظل شعار الدين لله والوطن للجميع هو شعار كل المصريين.. حمي الله مصر وأبناءها من الفتن وشر التعصب الأعمي.