تجيء الأعياد في الإسلام بعد الانتهاء من أداء فرائض أساسية كالصيام والحج, فالعيد بعد صيام شهر رمضان يأتي وقد تم شحن الجانب الروحي في الإنسان المسلم حتي رمضان القادم. وبالنسبة لعيد الأضحي فانه يأتي أيضا بعد اداء مناسك الحج بما يشتمل عليه من عظات أخلاقية في علاقة أبي الأنبياء إبراهيم عندما يري في منامه أنه مأمور بذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام وهو خطب كبير علي النفس البشرية و,يكون الرد من الابن بقوله يا أبت أفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فهذه رسالة لكل الأسر والابناء والبنات ليتعلموا كيف تكون طاعة الوالدين فيما يطلبانه منهم هكذا تقول الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر.. وتضيف.. وكذلك ما يترتب علي طاعة الوالدين منه صلة الأرحام وقيمة الأم العظيمة هاجر المرأة المصرية التي ننتمي إليها جميعا والتي أوصي صلي الله عليه وسلم بأهل مصر خيرا لأن لنا فيها صهرا ونسبا فهاجر والتي هي أم إسماعيل أبوالعرب امرأة من محافظة المنيا تركها ووليدها في هذا الوادي الخالي من الزرع والماء والحياة ويكون اكرام الله لها بتفجير المياه وهي تلهث بحثا عن أسباب الحياة لوليدها الصغير إسماعيل وفي ذلك المعاني النفسية الرائعة التي جعلت من أم إسماعيل رمزا للنماء والعطاء والخير العظيم حتي أن هذه النعم التي اعطاها الاله لها صارت منسكا يتقرب الحجاج به إلي الله. فضلا عن أنها كانت بمثابة بعث للهمم واتعاظ بالقيم وتحريك لما ركد في نفوسنا من أخلاق رائعة وقيم عليا تنشط في النفوس ذكري جليلة تنعكس علي واقعنا الاجتماعي وتدفعنا للتواصل حتي لو كانت هناك جفوة فتكون الأعياد فرصة لصلة الأرحام فالأعياد جاءت لتكون يقظة للضمير وفرحة في الحياة وتذكرا للقيم وتنشيطا للإرادة. وطالبت د.آمنة نصير كل من يقدم علي الأضحية والاحتفال بالعيد بأن يتذكر وأسرته هذا المعني وأن يكون مبعثا أفضل لشعبنا في هذه المرحلة وان تتواري الانانية المرضية في هذه المرحلة والتي ملأت البلاد ونود أن نعطي لبلدنا حق العطاء حتي نأخذ طريق التقدم والنماء والخير. ومن جانبه أوضح الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر أن الأعياد جاءت للبهجة وتحقيقا للسرور وزيادة في السعادة وجلبا لمزيد من الخير وللتواصل بين الناس والأقربون أولي بذلك كله بدءا من الأسرة التي يوسع فيها الأب علي أولاده وزوجته وتحتفل فيها الأم بكل طريق يزين البيت في العيون وتضع في جنباته معالم من الاحساس بأن اليوم مختلف رحمة منها بأولادها الصغار وبهجة من الصغار تنعكس علي أعينها فإذا يجتهدان من جديد حتي يعود العيد وكلمة العيد مشتقة من العود فهو يدل علي أنه يتجدد والنفس في حاجة لهذا التجدد والذي يكشف عنها كثيرا مما تعاني ويجدد فيها الأمل بصدق التهاني وخالص الود والرغبة والمتبادلة في الاسعاد والإنسان بطبيعته في أشد الحاجة إلي مثل هذه الفسحة كما عبر عنها المصطفي صلي الله عليه وسلم حين دخل عليه أبوبكر وعنده جاريتان تغنيان فلما أراد أن يمنعهما قال له صلي الله عليه وسلم: دعهما حتي يعلم اليهود أن في ديننا فسحة وهذه الفسحة مشروعة وأحكام الشريعة غايتها الوصول في النهاية لاسعاد الإنسان. ويقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر: العيد في الإسلام القصد منه أن تعود أيام البهجة مجددا كل عام فلا يخلو عيد من مسرة حتي وان نزلت بنا الأحزان, ومن أهداف العيد ان يكبر الله المؤمنون علي ما هداهم, وان تنشرح الصدور برغم الأوجاع إلي حركة الحياة, وان يتزاور الناس وان يتراحموا, وان يزداد فرح الصغير وتوقير الكبير بالعطف والحنان والتهنئة والزيارة. وأن يعلم الناس مسلمين وغير مسلمين ان في دين الله اتساعا والعيد من الاتساع في الدين حيث التوسعة علي الناس والفقراء والمرح وغيره. أما ما ينبغي علي الناس أن يفعلوه في العيد فهو أن يمرحوا ويفرحوا ويلبسوا الجديد ويغتسلوا والمرح المباح لا الخارج عن الشرع, ان يضحي القادر منهم وان يجدوا في العيد فرصة للتسامح والعفو وصلة الأرحام والعطف علي المساكين. كما شرع العيد لاشاعة البهجة وتذكير الناس يفضل الله عليهم في العيدين حيث هداهم إلي الصوم وإلي حج البيت والأضاحي. ويقول الدكتور سعدالدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: ان الأعياد تجديد لإيمان الأمة والأخلاقيات التي يعتز بها المسلم ويظهر ذلك في تكبيرة الحج فان هذا تأكيد لما يؤمن به من عقائد في الله سبحانه وتعالي ورسله, وما يذبحه من أضحية اقتداء لما حدث مع سيدنا إسماعيل عليه السلام. والأضحية لها أهدافها فهي وسيلة من وسائل إسعاد الأسرة والأصدقاء والجيران حتي ولو كانوا غير مسلمين. وتجديد الإيمان بالله سبحانه وتعالي عن طريق صلاة العيد وتقديم الأضحية وصلة الأرحام وهو ما يجب أن يفعله المسلم فلابد أن يقبل علي الله سبحانه وتعالي بالطاعة وأن يحسن الوصل بعباد الله مسلمين وغير مسلمين وتجديد الحياة بادخال الفرح والسرور علي الأسرة.