لا اعتراض لي شخصيا علي اختيار الجنزوري رئيسا لحكومة الإنقاذ، بل إن اختياره في رأيي يعتبر استجابة غير مباشرة لطلب الميدان بإبعاد العسكر عن إدارة شئون الدولة، وتسليم الأمور لحكومة مدنية. من هذا المنطلق فإن اختياره- في رأيي أيضا- جاء موفقا، لأن المرحلة الراهنة لا تحتمل التجريب كما حدث مع حكومة الدكتور عصام شرف التي كانت من اختيار الميدان، وإنما تحتاج إلي رجل دولة مثل الجنزوري يفهم دهاليزها ويعرف كل صغيرة فيها. تحفظي يأتي من منطلق التخوف من أن يكون قبول الجنزوري للمهمة يأتي في إطار حرصه علي إثبات خطأ ما قيل وأثير حول المشروعات التي أطلقها شمالاً وجنوبا أيام حكومة »النصب« الوطني، فيدفعه هذا إلي إعطاء الأولوية لمشروعاته القديمة، ويوجه معاونيه للتحرك بناء علي هذا الفكر، فيختلط الحابل بالنابل وينشغل عن قضايا من المفترض أن تكون لها الأولوية في المرحلة الراهنة. أخشي أيضا أن يكون حرص الدكتور الجنزوري علي إرضاء الثوار الرافضين له سببا في أن يأتي إلينا بتوليفة حكومية غير متآلفة، قد تكون غير قادرة علي تجاوز حالة »اللخبطة« التي نمر بها!! رغم تحفظاتي فإنني أعتبر قبول الجنزوري للمهمة في هذه المرحلة الصعبة والحساسة بطولة في حد ذاته.. هذا الكلام لا ينطبق علي الجنزوري وحده ولكنه ينسحب أيضا علي أي مسئول يتحمل المسئولية في هذه الفترة الحرجة، لأن المسألة لم تعد كما كانت تهبيشا وتكويشا ولكن عبء ثقيل رفضه الكثيرون من مدعي الوطنية.. وكان الله في العون.