د. حامد الجمل: الثورة المضادة وراء إضراب الشرطة والقضاة د. فوزية عبد الستار: المطالب الفئوية تجاوزت الخط الاحمر هل مؤسسات الدولة بدأت تدخل في النفق المظلم وتسلك طريق الانهيار؟. هذا السؤال يفرض نفسه بقوة علي الساحة السياسية حاليا في مصر بعد ان ارتفعت حدة المطالب الفئوية وقام اصحابها برفع سقف مطالبهم بشكل يتعارض مع الامكانيات المتاحة..وما يزيد من سخونة السؤال المطروح هو ان هذه المطالب التي عبر عنها اصحابها في صورة اضرابات واعتصامات مفتوحة بدأت تأخذ منحني خطيرا للغاية وهو الاضرار بمصالح المواطنين والضغط علي المسئولين لتنفيذها ..وقد لمسنا ذلك جميعا بعد اعتصام امناء الشرطة امام مقر وزارة الداخلية ..وكذلك قيام المحامين باغلاق المحاكم اعتراضا علي مشروع السلطة القضائية ..ويظل السؤال قائما هل بدأت مؤسسات الدولة تنهار ؟. بداية يؤكد اللواء عبد المنعم كاطو الخبير الاستراتيجي أن هناك اياد خفية لها أجندات خاصة تسعي الي افشال الدولة وعدم نجاح ثورتها والوقوف ضد اهدافها، موضحا ان هذه الايادي الخفية تريد ان تعطي انطباعا عاما لكل دول المنطقة بأن الدولة التي يقوم شعبها بثورة يكون مصيرها في النهاية هو فشلها وسقوط مؤسساتها، وهذا النموذج يحدث حاليا وبشكل فج في مصر . ويربط اللواء كاطو بين اعتصامات امناء الشرطة امام مقر وزارة الداخلية واعتصامات المحامين الذين قاموا باغلاق المحاكم في كافة ربوع مصر وبين الانتخابات البرلمانية القادمة، قائلا: اعتقد ان هناك بعض الفئات ليست من مصلحتها اجراء الانتخابات القادمة، وهؤلاء الاشخاص معروفون ولابد ان يتم محاسبتهم بصورة عاجلة، ويتمثل هؤلاء الاشخاص في بعض المنتمين الي الاحزاب التي نسيت نفسها وأهملت بناء كوادرها ولا تريد لانتخابات مجلسي الشعب والشوري القادمة ان تنجح، وكذلك بعض من قفزوا علي الثورة والذين سيتم القاؤهم في مذبلة التاريخ عقب الانتخابات، وبالتالي يحاولون حاليا تعطيل الانتخابات حتي يكون لهم وضعا علي الساحة السياسية، ويضاف ايضا الي هذه العناصر بعض الاتجاهات الايدولوجية سواء كانت دينية او خلاف ذلك والتي تحاول ان تكتسب صفة التواجد علي الساحة السياسية. ويضيف اللواء كاطو بأنه لكي تتحقق مصالح هذه الفئات التي تمتلك اجندات خاصة فإنهم يعملون حاليا علي افشال هذه الانتخابات، واول خطوات تحقيق اهدافهم هي العمل علي انهيار المؤسسة الامنية ونشر حالة من الفوضي العامة في البلاد، وقد لمسنا ذلك في اعتضام امناء الشرطة امام وزارة الداخلية في هذا التوقيت الحرج والتحريض علي رفع سقف مطالبهم، وكذلك ايضا لمسنا اعتصام المحامين امام المحاكم وتعطيلهم للحياة النيابية في مصر ومصالح المواطنين، وبالطبع فان السعي لسقوط هاتين المؤسستين وهما الشرطة والقضاء يعد عاملا مهما لعدم اجراء الانتخابات القادمة ونشر الذعر والخوف في الشارع المصري في ظل غياب التواجد الامني وعدم وجود عدالة تحمي هذا التواجد. ويري اللواء كاطو بان الحل لانقاذ مؤسسات الدولة من السقوط والانهيار هو الضرب بيد من حديد للفئات الخارجة عن القانون لحسم المشكلات، فأمناء الشرطة الذين تظاهروا ضد الامن لا يصلحوا ان يكونوا حراسا علي امن 80 مليون مصري، وكذلك المحامون الذين اغلقوا المحاكم بالمخالفة للقانون وعطلوا مصالح المواطنين ليسوا مؤتمنين علي قضايا الشعب وبالتالي يجب اتخاذ اجراءات حاسمة . ثورة مضادة ومن جانبه يقول المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الاسبق بان اعتصام امناء الشرطة امام وزارة الداخلية والمحامين امام المحاكم يعتبر امر غير دستوري وغير قانوني ويؤدي الي تعطيل العدالة، فهؤلاء الفئات التي اعتصمت مؤخرا قد اضروا كثيرا بمصالح البلاد العليا، فبعد اعتصام أمناء الشرطة وجدنا عدة محاولات لهروب المساجين من اقسام ومديريات الشرطة، وبعد اعتصام المحامين تم تعطيل مصالح الكثير من المواطنين من اصحاب الدعاوي القانونية والمصالح داخل المحاكم،وبالتالي اعتصام هاتين الفئتين امرا غير مسبوق ويمثل خطرا جسيما علي الامن العام في هذه المرحلة الهامة التي تشهدها مصر. ويؤكد رئيس مجلس الدولة الاسبق أن الفئات التي اعتصمت لها الحرية الكاملة في المطالبة بحقوقهم المشروعة، ولكن طريقة التعبير عن هذه المطالب كانت خاطئة، فالمحامون اعترضوا علي قانون السلطة القضائية، والاعتراض ليس في محله اطلاقا، فمشروع قانون السلطة القضائية مازال عبارة عن مجموعة من المقترحات ولم يتم الي تحوله لقانونب بعد، ومازال هناك وقت لفرض هذا القانون من عدمه، فمن المتعارف عليه ان المواقفة علي اي قانون تأتي بعد عرضه علي مجلس الدولة ثم مجلس الوزاراء ثم مجلس الشعب ورئيس الجمهورية للموافقة علية، وبما انه لا يوجد حاليا لا مجلس شعب ولا رئيس جمهورية فإن القانون لا يجوز العمل به او فرضه وبالتالي كانت هناك سرعة من جانب المحامين في اتخاذ القرار بالاعتصام، اما امناء الشرطة قفد تعجلوا ايضا بالمظاهرات للمطالبة بحقوقهم مع ان هناك ادوات اخري للمطالبة بذلك ومنها الالتقاء مع قيادات الوزارة ثم مهلة معينة ثم مظاهرات ثم اعتصامات مع عدم الاضرار بالامن وحماية المواطن ولكن ما حدث مخالف لذلك تماما فقد تخلي امناء الشرطة عن واجبهم في ظل الانفلات الامني ولجأوا الي الاعتصام في وقت عصيب تشهده مصر حاليا . ويضيف : ان ما يحدث حاليا هو جزء من الثورة المضادة وهذه الثورة يتشكل عناصرها من كل المستفيدين من النظام السابق سواء كانوا ينتمون بالعضوية في مجالس نيابية او محلية وينضم اليهم أصحاب المصالح الفردية والفئوية، حيث يعتقد هؤلاء ان ظروف اختلال الامن العام الذي تشهده مصر الان وظروف المرحلة الانتقالية تيح لهم الفرصة للحصول علي مطالبهم . ويطالب المستشار الجمل بانه ينبغي علي الحكومة دراسة اوضاع الفئات المعتصمة حاليا لمنع تكرار هذه الاعتصامات مرة اخري الغير المشروعة والتي تهدد البلاد بكوارث . ومن جانبه طالب اللواء محمود منصور خبير استراتيجي بضرورة تطبيق قانون الطوارئ وتفعيله علي كل الفئات التي تلجأ الي الضغط علي الدولة باعتصامات ومظاهرات تعطل المصلحة العامة والمصلحة الفردية. خراب مصر وتؤكد الدكتورة فوزية عبد الستار استاذ القانون كلية الحقوق جامعة القاهرة ان هنالك مخططا للقضاء علي الثورة وخراب مصر فالصدام المفتعل الذي يجري حاليا بين القضاة والمحامين واعتصام امناء الشرطة والذي أدي إلي توقف المحاكم وتعليق مصالح الناس قد يمنع رجال القضاء من أداء دورهم في الانتخابات القادمة إلا إذا توافرت ضمانات لتأمينهم وحمايتهم وهو أمر بالغ الصعوبة في ظل عجز وزارة الداخلية عن توفير الأمن حتي لمبني الوزارة نفسه الذي أصبح محاصرا من أمناء وأفراد الشرطة . وتضيف الدكتورة في الواقع يؤلمني ما يحدث في الشارع المصري ولا اجد له مبررا فأنني اهيب بالمواطنين من جميع الفئات ان يذكروا ان مصر مستهدفه مؤكدا ان هناك من يتربص للوطن ويدس السم بين فئات الشعب لتشتعل مصر وتتوه الثورة المصرية العظيمة ويضيع دماء الشهداء ويتربع المفسدون الطامعين في السلطة ولايريد ان تحقق الثورة اهدافها .. ومحذرة دائما ان هناك اعداء من الداخل والخارج يتربصون بمصر وتضيف ان اعداء الوطن يبذلون جهدا كبيرا لضرب مسيرة مصر مؤكدا انه يجب ان ننتبه لذلك تماما لتفادي الاضرار وتطالب المواطنيين بالتحلي بالصبر فكل المطالب ستتحقق ولكن علي المدي البعيد نسبيا وتوجه رسالة الي الشعب المصري قائلة: اذا كنتم صبرتم 30عاما عليكم الصبر فكل المطالب من الممكن تحقيقها مخطط للتفكيك ومن جانبه يؤكد المستشار صبحي عبد المجيد رئيس محكمة جنايات بورسعيد ان الدولة تتعرض لمخطط لتفكيكها من خلال محاولة اسقاط مؤسساتها فبعد الثورة هناك مؤسستان فقط هما اللذان لايزالان واقفين علي قدميهما ومتماسكين وهما القوات المسلحة والقضاء وقد لاحظنا في الفترة الاخيرة محاولات للنيل منهما حتي لاتنهار الدولة وتتهاوي وقد شاهدنا ذلك في احداث ماسبيرو التي تطاول فيها بعض ابناء الشعب علي رجال القوات المسلحة وبالنسبة للمحاكم فهناك ايضا محاولات لاسقاط هيبتها وذلك من خلال الهجوم علي منصات العدالة والتعدي علي القضاه والمستشارين واقتحام المحاكم من جانب اسر بعض المتهمين في محاولة منهم للضغط والتاثير علي سير المحاكم موضحا ان العلاقة بين المحامين والقضاة جيدة ولا تشوبها ايه شوائب وقانون السلطة القضائية ليس المقصود به النيل من المحامين ولكن هدفه الاساسي هوحماية القضاء والحفاظ علي انضباط سير المحاكمات ولان الكثير من القضاه تعرضوا خلال الفترة الاخيرة لمحاولات اعتداء من جانب بعض اسر المتهمين ومايحدث من جانب بعض المحامين يحركه بعض المرشحين لمنصب النقيب وكنوع من الدعاية الانتخابية ولكن لابد من ان يكونوا لدينا وعي وطني ولا تقود يلادنا الي الهاوية بسبب مطالب فئوية .