الخبراء : حرية التظاهر السلمي يجب أن تتوقف عند حدود الإضرار بمصالح الآخرين »هوجة« خرجت عن المألوف والمطلوب ترويضها حتي لا تذهب بالبلاد إلي الجحيم الاضرابات .. خرجت عن المألوف .. اصبحت تهدد حياة المواطنين، وتعطل مصالحهم، وباتت الخطر الاكبر علي المجتمع، فإضراب سائقي القطارات عن العمل لمطالبتهم ببعض المطالب الفئوية، تسبب في توقف سير القطارات علي مستوي الجمهورية لمدة تجاوزت 6 ساعات، مما عطل مصالح المواطنين وألحق بهم ضررا بالغا، كما ان تهديد المعلمين بانهم سيقومون بالاضراب عن العمل مع بداية العام الدراسي الجديد، وانهم لن يدخلوا الفصول في اول ايام الدراسة الا بعدان تتحقق مطالبهم، يجعلنا ندق نقاوس الخطر من هذه الاضرابات التي قد تضر بالامن القومي، وتساهم في نشر الفوضي والبلبلة في البلاد .. الخبراء اكدوا ان المسئولين تعاملوا مع هذه المطالب الفئوية بسياسة " الايدي المرتعشة " وتجاهلوا اصحابها حتي " فاض بهم الكيل " .. وطالبوا المسئولين ب " النزول " الي هؤلاء واعطائهم وعودا حقيقية بتنفيذ مطالبهم، ووضع برنامج زمني واضح ومحدد لامتصاص غضبهم، حتي لا تصبح تلك الاضرابات الخطر الاكبر علي الاقتصاد الوطني، فحسب تقديرات خبراء الاقتصاد فان الخسائر التي لحقت بالاقتصاد منذ قيام الثورة حتي الان اكثر من 37 مليار جنيه بسبب المظاهرات الفئوية والاضرابات مطالب مشروعة ولكن.. في البداية يقول الدكتور محمد النجار الخبير الاقتصادي ان هذه المطالب هي بالفعل مشروعة، لكن استمرار الوقفات الاحتجاجية بالتوازي مع استمرار التجاهل قد يفقدها شرعيتها، وتتغلف بغلاف غير قانوني، خاصة ان هناك اصابع خفية تلعب وسط تلك الوقفات لنشر الفوضي والبلطجة في البلاد، لذلك يجب ايجاد حلول عاجلة لكل هذه الفئويات كل في مجاله، حتي لا تصبح هوجة خاصة بعد ان خرجت بعض هذه المظاهرات عن المألوف واصبحت تدعو الي التنكيت اكثر منه الي التبكيت، فشاهدنا طلاب الثانوية العامة يعتصمون تنديدا بصعوبة الامتحانات، ورأينا " مضيفات " شركات الطيران يدعون الي تحسين اجورهن، ثم فؤجئنا بتجار " الفراخ " يقطعون الكورنيش امام ماسبيرو للمطالبة بإلغاء قرار حظر تداول الطيور الحية.. وأخيرا اضراب سائقي القطارات ثم تهديدات المعلمين بالاضراب في بداية العام الدراسي .. موضحا أن الثورات لها طبيعتها المختلفة، وانعكاساتها علي الاقتصاد لا يمكن قياسها بالظروف الطبيعية، لأن الثورة أساسا هي عملية اختلال للتوازنات القائمةومن ثم فإن نتائج الثورات في المدي القصير تكون عبارة عن خسائر جمة للاقتصاد، وارتباك في حركة السوق، متمثلة في توقف الإنتاج، ووقف تدفق الاستثمارات الأجنبية، واختلال الجانب الأمني في النقل والتشغيل، وتخوف رجال الأعمال من المناخ السائد المعادي لهم. ويتوقع أستاذ الاقتصاد أن يشهد الاقتصاد المصري قفزة هائلة في الفترة القليلة القادمة، بعد استقرار الأوضاع الأمنية، واستكمال أهداف الثورة، ورفع الروح المعنوية للشعب بمحاكمة رموز الفساد في السياسة وعالم المال، وبعد عودة حركة الإنتاج لطبيعتها. ويحدد عدة شروط للوصول لتلك النتيجة أبرزها أن يدرك العاملون بتلك المصانع أنهم سيحصلون علي أجور مرضية، وتضييق الفجوة بين الحدين الأدني والأقصي في المؤسسات، بما يشيع مناخا من العدالة. الحس الوطني أما الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة فيستنكر اضرابات المطالب الفئوية التي تعطل حركة الانتاج، حيث أن أصحاب هذه المطالب مع الاعتراف بمشروعية مطالبهم، ووجاهة طرحهم، إلا أنهم يجب أن يتحلوا بقدر أكبر من الحس الوطني، ويقطعون الطريق علي طيور الظلام التي تعبث بالثورة وأهدافها النبيلة، فلابد من عودة العمال إلي مصانعهم وتدوير عجلة الانتاج من جديد لاعادة النشاط التصديري الذي يكاد يكون توقف تماما في الفترة الماضية، بعد أن كان يجلب لمصر 19 مليار دولار سنويا، فمن يعوض تلك الخسائر، خاصة في ظل عودة 1.5 مليون مصري من ليبيا، وجاءوا ليبحثوا عن فرصة عمل بدلا مما كان يحدث سابقا عندما كان هؤلاء يدخلون 1.1 مليار دولار سنويا! ويوضح د. رشاد عبده أن معدل النمو هو انعكاس لحركة السوق، وتعبير عن الناتج المحلي للدولة، وبما أنه ليس هناك إنتاج فلن يكون هناك معدل للنمو، ويشرح أنه للخروج من ذلك المأزق، فلابد من استعادة الأمن لجلب الاستثمارات الأجنبية، مع سرعة حسم بعض الأمور المعلقة مثل ضبط الأجور، وتحقيق العدالة الاجتماعية التي قامت الثورة من أجلها في الشعار الشهير "كرامة.. حرية.. عدالة اجتماعية". وللخروج من مأزق المظاهرات الفئوية يؤكد الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير باكاديمية السادات ان التفاوض الحضاري، واللجوء الي الوسائل المشروعة هو الحل الامثل لامتصاص غضب هؤلاء المطالبين واعطائهم وعودا حقيقية بتنفيذ مطالبهم، فلابد من ان تكون هناك وسيلة تفاوض حضارية بين المتظاهرين واصحاب الاعمال في اي قطاع من القطاعات مشيرا إلي انه ينبغي وضع حلول وبدائل مختلفة ترضي جميع الاطراف ووضع برنامج زمني لتنفيذ مطالب المتظاهرين واجراء عملية توفيقية بين جهات الادراة والعاملين ووجود حل وسط للاستجابة لمطالبهم . وعن الحقوق المشروعة ومظالم الكثير من المظاهرات الفئوية ، اكد الدكتور محمد المحمدي استاذ الادارة انه بالفعل توجد مظاهرات فئوية لها الكثير من المطالب المشروعة، ولكنها تغلف بغلاف غير شرعي، حيث هناك من يستغلون هذه المظاهرات الفئوية، ليقوموا بنشر الفوضي والبلطجة في البلاد، لذلك يجب علي جميع العاملين ان يتخذوا في البداية الطرق الشرعية للتعبير عن مطالبهم، كما ينبغي علي الاقل تأجيلها لمدة عام واحد لحين استعادة الدولة شوكتها ونمو اقتصادها وانتخاب رئيسها ومجالسها النيابية ، وبعد ذلك الحق كل الحق لأي مظاهرة فئوية تطالب بحقوق مشروعة . وفيما يتعلق بحجم الخسائر الاقتصادية التي نتجت عن المظاهرات الفئوية التي اندلعت منذ قيام ثورة 25 يناير يقول علاء حسب الله الباحث الاقتصادي ان التقارير الاقتصادية تشير الي ان المظاهرات والاعتصامات الفئوية اضرت بشكل كبير الاقتصاد المصري وألحقت به خسائر فادحة وصلت الي 37 مليار جنيه ، واوضحت التقارير ان الاقتصاد المصري لاول مرة منذ 20 عاما يحقق نموا سالبا بلغ 4.07٪ في الوقت الذي استطاع فيه الاقتصاد المصري الوصول الي طفرات هائلة في النمو خلال الازمة الاقتصادية التي ضربت العالم في الفترة 2007 الي 2008 حيث وصلت هذه الطفرات في النمو الي 4 ٪ .. ويحذر الباحث الاقتصادي من استمرار المظاهرات الفئوية لانه حسب تأكيداته ان هذه المظاهرات لو استمرت فترة امتدت عاما ونصف العام فسوف يتعرض الاقتصاد المصري لكوارث حقيقية تكاد تصل الي عدم توافر مصادر لدخل 6.5 مليون موظف في الجهاز الحكومي للدولة !! ووصف حسب الله الحكومة الحالية بانها ذات يد مرتعشة ، فهي غير قادرة علي اتخاذ قرارات تواجه بها المظاهرات الفئوية حتي ان قانون تجريم هذه المظاهرات لم يفعل حتي الان ، ضاربا مثالا علي عدم قدرة الحكومة علي اتخاذ اي قرارات بارتفاع اسعار الحديد من 3 آلاف جنيه الي 4500 جنيه، وذلك بسبب عدم مقدرتها علي حسم مشكلة تراخيص الحديد لأربع من شركات الحديد ، وقال حسب الله ان الحكومة لو استمرت في مواجهة الازمات بأياد مرتعشة فنزيف الاقتصاد المصري سيستمر ، فحتي اللحظة الحالية ومنذ قيام الثورة بلغ اجمالي الخسائر في الاقتصاد المصري ما يتعدي 70 مليار جنيه ، فيما خسرت البورصة اكثر من 100 مليار جنيه . كوارث اقتصادية من جانبه يقول اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجي ان الاضرابات التي يقوم بها البعض الان هي اكبر خطرا علي الامن والاقتصاد، لانها تعطل مصالح المواطنين وتثير الفوضي وتنشر البلبلة وتضر بامن الوطن والمواطنين، فاصحاب المطالب الفئوية يعتقدون انهم يستطيعون ان يحققوا مطالبهم مستغلين الحالة الثورية التي اعقبت الثورة كوسيلة ضغط علي الحكومة المصرية وبالتالي بدأت ترفع من سقف المطالب وذلك بالاحتجاجات والاعتصامات والمظاهرات ولكن هذا الاعتقاد خاطيء فهم غائبون عن الوعي وعليهم ان يستشعروا تردي الاوضاع الاقتصادية في مصر وان هذه المظاهرات الفئوية لن تحل المشكلة .