جرس إنذار يدق عدة مرات.. وتهديد بالخطر شديد اللهجة يتكرر.. ولكن أصحاب القرار في هيئة مترو الأنفاق لا يريدون سماع الإنذار.. أو الاحساس بالخطر وكأن الأمر لا يعنيهم حتي شعر المواطن البسيط بأن الهرم الرابع الذي استقبله المصريون بحب وشغف بدأ رحلة "الاحتضار" السريع وهو مازال في "عز شبابه". فقد مترو الأنفاق حيويته وتدهورت حالته وبدت عليه علامات الشيخوخة المبكرة التي تجسدت في الأعطال المستمرة للقطارات وأعطال الشبكات الكهربائية والتي كان آخرها عطل الخط الأول بين طرة ودار السلام وأصيبت الحركة بالشلل التام بعد انقطاع كابل التحكم فضلاً عن عدم الالتزام بفترات التقاطر وسوء التهوية وتعطل الماكينات والأبواب وانتشار الباعة الجائلين والمتسولين الذين شوهوا المظهر الحضاري لهذا المرفق الحيوي الذي أطلق عليه المصريون يوماً "شريان الحياة الجديد" و"الهرم الرابع". "الجمهورية الأسبوعي" فتحت ملف أعطال المترو ورصدت أشهر الحوادث والأعطال علي مدار السنوات الماضية ومعاناة الركاب اليومية.. واستمعت لأراء الخبراء الذين طالبوا بإنقاذ المترو قبل أن يلحق بالسكة الحديد ونفيق علي كارثة جديدة يضيع ضحيتها الملايين. حريق : في مايو 1990 شب حريق بمحطة الكهرباء الفرعية بطرة الأسمنت المغذية للمترو وانقطع التيار الكهربي وتوقفت الحركة تماماً حتي المساء. وفي أكتوبر 1995 اصطدم قطاران في محطة طرة البلد وكادت أن تكون كارثة لولا أن تدخل القدر لإنقاذ المئات من الركاب وأصيب 16 شخصاً بإصابات مختلفة ووقع الحادث أثناء توقف القطار رقم 127 علي المحطة لحين صعود ونزول الركاب واصطدم به القطار رقم 129 القادم من الخلف من نفس الاتجاه. مهزلة : ومن المهازل المضحكة التي حدثت في فبراير 1999 فوجئ الركاب بمحطة جمال عبدالناصر بتحرك القطار تاركاً وراءه 4 عربات انفصلت عن باقي القطار مما تسبب في حدوث حالة من الفزع والرعب بين الركاب الذين فتحوا الأبواب وأسرعوا بمغادرة القطار خوفاً من القطارات القادمة من الخلف. ومع الألفية الجديدة وبالتحديد في 22 فبراير 2000 تمكنت قوات الدفاع المدني والحريق بمطافئ القاهرة من إخماد حريق شب في غرفة التهوية بمحطة المترو بالقرب من ميدان رمسيس والتي امتدت إلي مخزن البلدية التابع لمحافظة القاهرة وتبين أن السبب ماس كهربي داخل غرفة التهوية وخرجت التصريحات بتجديد الشبكة الهوائية لعدم تكرار مثل هذه الأعطال. كسر بالقضبان : وفي نهاية عام 2000 نجا خمسة آلاف راكب من الموت المحقق بعد أن كاد القطار ينقلب بهم في محطة رمسيس بسبب حدوث كسر في القضبان بطول ربع متر في اتجاه المرج حيث فوجئ السائق باختلال توازن القطار وكاد أن يدخل الاتجاه العكسي وصرح المسئولون في ذلك الوقت أن الكسر جاء في قطعة من معدن المنجنيز وأنها المرة الأولي منذ بداية التشغيل وأن السبب مجهول. وبعد سلسلة من التأخيرات والأعطال ووسط تصريحات المسئولين بعودة الانضباط فوجئنا بحادث قطار حلوان الذي اصطدم بالمصدات الخرسانية واخترق غرفة دورة المياه الرئيسية ليستقر مكانها والذي نتج عنه إصابة 43 راكباً تم نقلهم جميعاً لمستشفي حلوان العام وذلك بعد أن ترك السائق غرفة القيادة وتوجه إلي العربة الأولي المخصصة للسيدات لمطاردة بعض الصبية الذين ضايقوه وأخذوا يطرقون بابه بشدة. عطل المرج : ثم جاء بعد ذلك عطل الشبكة الهوائية عند محطتي المرج والمرج الجديدة والتي أدت لتعطل الخط بالكامل وحدوث سلسلة من الأعطال بالمحطات الأخري والتي كان سببها تلامس الشبكتين نتيحة ضغط التشغيل. وأخيراً تعطلت حركة قطارات الخط الأول وأصيبت بالشلل التام إثر احتراق أحد كابلات التحكم بمحطة دار السلام وتدخلت أجهزة الحماية لفصل الكهرباء ثم انقطعت الشبكة الهوائية وتم تشغيل الخط منفرداً مع انتظامه علي باقي الخط لحين إصلاح الأعطال والتي استمرت حوالي 5 ساعات مما تسبب في تكدس المحطات والأرصفة بالركاب واضطرار البعض للنزول من القطارات والسير علي القضبان للوصول لأقرب محطة والخروج للشارع لأخذ مواصلة أخري. د.عبدالرحمن الهواري الأستاذ بكلية الهندسة جامعة القاهرة أن هناك وحدات متحركة تعمل منذ بداية إنشاء المترو لم يتم تجديدها أو تطويرها حتي الآن خاصة مع إمكانيات المترو المحدودة وعدم وجود التمويل المناسب لإجراء عمليات الصيانة والتجديد.. الأمر الذي ساهم في زيادة أعطال القطارات والشبكات والماكينات والأبواب وغيرها. أوضح لابد من أن تكون هناك نظرة سريعة لعمل تجديدات شاملة للخط الأول وإجراء الصيانات اللازمة لجميع الوحدات المتحركة والسكك والشبكات والمرافق العامة.