التفسيرات الساذجة بأن تنظيم داعش يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت ضربات الحليف الروسي الأوربي وبأيدي الجيش السوري الديمقراطي في منطقة الباغوز بالحدود السورية.. تفسيرات لا افهم كيف ابتلعها.. كأنها تؤمن بأن اختفاء الوحش الداعشي براياته السوداء من فوق الأرض يعني انتهاء وجوده بالضربات العسكرية وسوف يسكن التاريخ.. وتنسي وتتغافل عن جهل أو عن عمد بأن داعش براياته السوداء وشعاراته فكرة يروج لها ليل نهار في كثير من مناهجنا الدراسية وبرامجنا الإعلامية وفي خطبنا فوق المنابر وفي أحاديثنا المعتادة.. وكأن ساستنا ومثقفينا العرب لا يجلسون أمام الكاميرات وبكل ثقل ظل مازالوا يرددون ويتلون علينا أن داعش صناعة أمريكية أوروبية وكأنهم بذلك يروجون لاكتشاف جديد يزيح عنا ثقل الإحساس بالجريمة التي ترتكب كل يوم وتملأ عقول صغارنا قبل كبارنا. وكأننا لا نتنفس الأفكار الداعشية في كل ما حولنا حتي سدت مسام تفكيرنا وكرهنا الدنيا واستعذبنا عذاب القبر.. وكأن محاولات تجديد الخطاب الديني لا تلقي عنادا وآذانا غير مصغية وإصرارا علي المضي قدما بتلك الأفكار وكأنها منجاة له من عذاب السعير وهي الجحيم نفسه وتقذف بمجندين جدد يسممون حياتنا.. وكأننا لا نتهم كل مفكر حقيقي ونضعه في خانة الكفر وانه صنيعة الغرب ويحارب ديننا.. ونتعامي أن داعش يلملم نفسه من البقعة العربية الملتهبة ليتجسد في مكمن آخر بولاية خراسان الأفغانية وأن آلافا من المقاتلين الداعشيين يعبرون بالفعل إلي هناك تحت سمع وبصر القوات الأجنبية المتحاربة في سوريا كما قد عبروا إلي حدود الدول الإسلامية التي كانت تشكل جزءا من الاتحاد السوفيتي المنحل.. ولاحظ معي العديد من الهجمات الداعشية الأخيرة والعنيفة في أفغانستان التي كانت حكرا علي طالبان..! وليس مثيرا ولا غريبا أن هناك من لا يزال يبايع الخليفة الداعشي أبوبكر البغدادي في أربع دول آسيوية منها ماليزيا ودول بالجوار مثل أندونيسيا.. وننسي في الوقت نفسه الخطر الكامن في الذئاب المنفردة فدعوات داعش خصوصا عبر الوسائل الإلكترونية اثرت حتي علي العرب المقيمين في دول أوربية الذين لم ينضموا رسميا للوحش الأسود الداعشي.. ورأينا كيف يتم استخدام السيف والخنجر والسيارات في عمليات دهس المشاة وهو ما نفذ أكثر من مرة في فرنسا وانجلترا.. الذئاب المنفردة أشباح تعيش وسط المجتمعات تحمل أفكارا معادية للعالم والإنسانية باسم الدين. فهل من نيّة حقيقية في الانتهاء من »داعش»، خصوصا انّ كلّ من له علاقة بالسياسة والعلم العسكري من قريب أو بعيد، يدرك تماما انّه لا يمكن هزيمة هذا التنظيم المتوحش لأنه قائم علي فكرة تداعب خيال الملايين ممن يعيشون تحت سماء تذكي فيهم روح المظلومية ويدعمها فكر ديني مريض يريد عودة ماضٍ كل الظروف لا تؤدي لعودته سوي أمنيات لا تجد ما يدعمها في عصر قائم علي العلم والفكر والحرية.. كارثة تحيق بنا لو ابتلعنا فكرة ان الوحش الأسود يلفظ أنفاسه الأخيرة.