في الإيمان المسيحي، يمثل يوم ميلاد المسيح ميلاد الصلة الأروع وبزوغ صلة المحبة مع مصدر الحياة، فالله بالميلاد والتجسد البتولي لم يعد مجرد فكرة نظرية أو مجرد حالة نادرة ومثال روحي يحكي عنه، أو حتي حالة إعجاز كونية يتم تداول بيان تفاصيلها وتختفي بعد حين كأي حدث عابر.. في الإيمان المسيحي، وعبر حدث الميلاد يتأكد المسيحي أنه قد علم وتأكد أنه بات علي يقين بلقاء الإله بشكل حسي ومادي عبر الناسوت وفعل الروح القدس، وعليه يكون إيمانه قد تدعم بيقين والتزام عتيد بقصة الميلاد ورسالته للإنسانية.. في الإيمان المسيحي، أن درب الحب السمائي والأرضي بفعل حدث الميلاد المجيد هو الدرب الأوحد لتجاوز مشاعر الاغتراب الذاتية ومع كل البشر والأهم مع الخالق العظيم، بعد أن تأكد للمسيحي أن الله يحبه في حالته الإنسانية، فلا قطيعة بعد ميلاده بينه وذاته، وبينه والآخرين، وبينه والراعي الصالح الخالق العادل المحب السلام.. وعليه أنشدت الملائكة لمولده »الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَي الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ».. لقد تمَّت ولادة السيِّد المسيح في المذود بعيدًا عن الأنظار، لم يسمع عنها الملوك والعظماء، ولا أدركها الكهنة ورؤساء الكهنة وجماعات الكتبة والفريسيين والناموسيِّين والصدِّوقيِّين. هكذا استقبلت الأرض المولود العظيم في صمتٍ رهيبٍ، لكن لم يكن ممكنًا للسماء أن تصمت، فقد جاء ملاك الرب إلي جماعة من الرعاة الساهرين الأمناء في عملهم، وربَّما كانوا في بساطة قلوبهم منشغلين بخلاصهم، جاءهم ووقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم »فخافوا خوفًا عظيمًا. فقال لهم الملاك: لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرحٍ عظيمٍ يكون لجميع الشعب. إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلِّص هو المسيح الرب. وهذه لكم العلامة تجدون طفلا مقمَّطًا مُضجعًا في مذود». في يوم مولدكم يا طفلِ المغارة، نتضرع إليك أن تظللنا بخيمة الحب والسلام، بل وتنصبها في قلوبِنا فيَنفُضَ منها غُبارَ الخطايا التي عِشناها في أزمنة الغربة.. إمنحنا يا طفل المغارة المزيد من مشاعر المحبَّة والأُلفة والتكاتف وأن يبقي سورًا مَنيعًا في وجهِ ما نعيشه من تفكَّكٍ روحيٍّ وأخلاقيّ.. ولمصرنا في عهدها الجديد منحة السلام وعطايا الخير.