بات ضرورياً أن تكون نظرتنا لمصر كدولة في ظل الظروف الراهنة والخطيرة نظرة موضوعية شاملة ولن تكون نظرتنا موضوعية إذا انحسرت في مباريات الحوارات السياسية أو بالاحري الانشغال بالملف السياسي سواء فيما يتعلق بالانتخابات أو إنشاء الاحزاب والجمعيات بينما يبقي الاهتمام بالملف الاقتصادي هامشيا أو نصبو إليه في مرحلة قادمة فماذا ستفعل مصر لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تفرضها الظروف المحلية حاليا وأيضاً الظروف الإقليمية والدولية؟ وهل يعي المسئولون بتلك الدولة وأيضا أصحاب الايديولوجيات والانتماءات الحزبية والمهتمون بالملف السياسي أن هناك مؤشرات كثيرة علي الصعيد الدولي ترشح دخول الاقتصاد العالمي مرحلة ركود في الفترة المقبلة سوف يتأثر بها الاقتصاد المصري سلبا في القطاعات المختلفة التي تتأثر بالاسواق العالمية كالسياحة والصادرات والاستثمار وخلافه؟ ودعونا نترك كل هذه الاسئلة ونطرح سؤالا أخيرا لعله الانفع لنا وهو: هل الظروف الاقتصادية التي نعيشها حاليا من فقر وخلافه سوف تفرز لنا مجلسي شعب وشوري يستطيعان مواجهة تلك التحديات الاقتصادية؟ إن الاجابة عن هذا السؤال الأخير من وجهة نظري هي بسيطة جداً فلا يمكن أن تفرز هذه الانتخابات في هذه الظروف الكوادر التي تحقق طموحات البلاد اقتصاديا ودليلي علي ذلك أن القوي السياسية بكل أطيافها مازالت تعمل علي وضعها القديم ولم يقدم أي من الأحزاب والقوي السياسية برنامجاً واضحاً لبيان الآليات المناسبة لتحقيق التنمية في مصر والقضاء علي الفقر واعادة توزيع الثورة وما هي المشروعات الانتاجية المقترحة !! ليس ذلك فقط بل ما هي الآليات التي سوف يتم بموجبها مواجهة نتائج الحكم السابق من فقر وترد في المنظومة التعليمية وانهيار البنية الصحية للمصريين إلي درجة أصبح فيها الموت السريع رفاهية يحلم بها المرضي !! وأيضاً ما هو الموقف من المخاطر التي تهدد حدود مصر الشرقية والجنوبية !! وإذا كان هذا هو حال الاحزاب والقوي السياسية فما بالنا والحكومة المؤقتة مازالت حائرة بين العمل بأدوات النظام السابق ومفاهيمه وبين ملامح الشرعية الثورية التي تتطلب أشخاصا ذوي صفات خاصة تجيد التعامل معها ومع هذه الظروف الحالية التي تمر بها البلاد سيما أن الشارع المصري حاليا أمام سقوط هيبة الدولة أصبح منفلتا ويسيطر عليه البلطجية، فالكل يعتبر مصر فريسة يريد النيل منها بطريقة أو بأخري !! فيجب أن تعي الحكومة الحالية أنها جاءت لتواكب ظروفا طارئة تمر بها البلاد حاليا ومن ثم لزاما عليها أن تواجه المشكلات الاقتصادية الحالية بحلول سريعة وليس عليها أن تنفذ سياسات اقتصادية تلقي بتبعاتها علي الأجيال القادمة دون رقابة من ممثلي الشعب !! فعلي الصعيد الداخلي أين الحكومة من مواجهة المشكلات التي تواجه معظم القطاعات الإنتاجية وقطاع الخدمات سيما السياحة التي تكاد تكون معدومة وما هي الآليات التي تستخدمها الحكومة أيضاً لمواجهة استمرار عزوف رؤوس الأموال المحلية والعربية والأجنبية عن ضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية أو أستكمال الاستثمارات التي بدأت قبل الثورة وتوقفت حالياً !! وفي النهاية هل يمكن للحكومة الحالية أن تشكل لجنة عليا من التكنوقراط من أصحاب العقول والخبرات الاقتصادية تكون مهمتها تصحيح مسار الاقتصاد المصري وتحقيق انجازات اقتصادية ملموسة !! وأيضا تشكيل لجنة عليا بعيداً عن أي أنتماءات حزبية أو أيديولوجية تكون مهمتها تعميق ثقافة الالتزام بالقانون واستعادة هيبة الدولة وردع المخالفين للقانون !! " فلا يمكن أن يتحقق الأمن للمواطن بعيداً عن هيبة الدولة "