ربما يكون الإقبال الكبير للمصريين بالخارج علي التصويت في الانتخابات الرئاسية بشرة خير لما سيحدث في الداخل مع بدء الاقتراع يوم الاثنين القادم. أقول بشرة خير لأن أهم شيء في الانتخابات أيا كانت رئاسية أو برلمانية.. الخ هي نسبة المشاركة التي تعد من أهم مقاييس تقدم الدول وتحضر الأمم. حق الترشح وحق التصويت أحد حقوق الإنسان السياسية فإذا كنا نطالب دائما بحماية واحترام حقوق الإنسان فكيف نهدر بأيدينا حقنا في التصويت لاختيار من يمثلنا علي مختلف المستويات. ولا ننسي أن الأدلاء بالصوت أمانة يجب أن نحرص عليها ونؤديها بما يرضي ضمائرنا.. لا أذكر أنني تخلفت مرة واحدة عن الإدلاء بصوتي في أي انتخابات.. أحرص دائما علي المشاركة لأقول رأيي وأترك للصندوق أن يحسم النتيجة.. تلك هي قناعاتي التي التزم بها وسأظل أدافع عنها إلي أن يسقط القلم من يدي. ما سبق هي مبادئ عامة تحكم الانتخابات في أي دولة لكن في مصر وفي الظروف التي نمر بها وما نواجهه من مؤامرات خارجية تستهدف إسقاط الدولة وكسر شوكتها فإن الإقبال علي المشاركة في الانتخابات الرئاسية يتجاوز في معناه هذه المبادئ العامة فالقضية لم تعد إثبات تحضرنا أو التمسك بحماية حقوقنا السياسية، لكن الأهم أن ارتفاع نسبة المشاركة رسالة للعالم أن مصر لن تسقط أبداً لأننا نقف صفاً واحداً نحمي بلدنا وأمننا واستقرارنا. الحمد لله أننا لا نري لدعوات مقاطعة الانتخابات أي صدي في الشارع بعدما ارتفع الوعي السياسي لدي شعبنا وأصبح يعرف طريقه ومصلحته، لكن هناك من ينظر للانتخابات من منظور ضيق يختزل الاهتمام بالمشاركة في اختيار أحد المرشحين ليتولي رئاسة الجمهورية ومادام هذا الاختيار محسوما للرئيس السيسي في ظل عدم وجود منافسة حقيقية تشعل المعركة الانتخابية فما الداعي لتحمل عناء الذهاب إلي اللجان الانتخابية.. هؤلاء هم من يجب أن نوضح لهم أهمية ومعني الرسالة التي أشرت إليها.. الرئيس السيسي يلزمه للفوز أن يحصل علي 50٪ + 1 من الأصوات الصحيحة أيا كان عددها.. أي أيا كانت نسبة المشاركة وهذا أمر ميسور بالطبع.. لكن هل الأفضل لنا وأمام العالم أن ينتخب رئيس الجمهورية من قاعدة انتخابية واسعة لا تقل فيها نسبة المشاركة عن 60 أو 70٪ أم يأتي من قاعدة انتخابية ضيقة بنسبة مشاركة 10 أو 15٪ ؟ أن يفوز الرئيس من خلال نسبة مشاركة واسعة فهذا معناه أنه يستند إلي قاعدة شعبية قوية تدعم سياساته وبرامجه لإعادة بناء مصر وتحقيق التنمية المنشودة.. فهل نبخل عليه بهذا الدعم بعد كل ما قدمه لمصر وما حققه من إنجازات في فترة رئاسته الأولي علي مدي السنوات الأربع الماضية ؟ في أغلب الدول الديمقراطية يفوز الرؤساء بنسب تتراوح من 50 إلي 60٪ وأحيانا ما يدخلون جولة إعادة.. إذن ليس عيبا أن يحصل الرئيس علي 60٪ من أصوات 70 أو 80٪ من الناخبين فهذا أفضل كثيراً من أن يفوز بنسبة 95٪ ولا تتجاوز نسبة المشاركة 10 أو 15٪.. ليتنا نستوعب هذا المعني. أملي كبير أن يستوعب الناخبون المعني والمدلول الحقيقي للإقبال علي المشاركة في الانتخابات وأن يتوافدوا علي صناديق الاقتراع ليقولوا للعالم »نحن هنا.. نحمي بلدنا وأمننا واستقرارنا ونقف خلف قائدنا ندعمه ونؤيده».. ولعل ما رأيناه من إقبال علي التصويت في الخارج بشرة خير كما ذكرت. في الانتخابات الرئاسية عام 2012 كانت نسبة المشاركة 49٪ وفي انتخابات 2014 بلغت 42٪ فهل نأمل أن نتجاوز نسبة ال 50٪ هذه المرة لنحقق رقماً غير مسبوق منذ ثورة يوليو 1952. لنجعل من يوم الانتخابات عيداً نفرح فيه بتوحدنا ويذهب فيه كل أب وأم مع أولادهم للإدلاء بأصواتهم في مشهد حضاري جميل.. الشباب يتعلمون الالتزام والأطفال يتدربون علي المشاركة مستقبلا. أتمني من كل من يقتنع بوجهة نظري ألا يلتزم الصمت ويكتفي بأن يذهب وحده للتصويت بل عليه خلال الأيام والساعات القليلة القادمة أن يتحرك بين أهله وأصدقائه وجيرانه وخاصة بين الشباب الذين مازالوا بعيدين عن مفهوم المشاركة ليوضح لهم ما أشرت عليه ويؤكد عليهم بضرورة التصويت في الانتخابات إعمالا لحقهم الدستوري في الإدلاء برأيهم بصراحة في مشهد يبهر العالم بتحضرنا وحرصنا علي أمن واستقرار وطننا. حديثي هذا حديث من القلب لا أبغي من ورائه إلا مصلحة مصر وأتمني أن يكون قد وصل إلي قلوب كل المصريين.